فيرجن غالاكتيك تبدأ رحلاتها السياحية الفضائية

فيرجن غالاكتيك تبدأ رحلاتها السياحية الفضائية
فيرجن غالاكتيك/ ناسا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أخيراً، بدأت شركة فيرجن غالاكتيك (Virgin Galactic) في هذا الصيف بتسيير رحلات لنقل الزبائن إلى حافة الفضاء على متن طائرتها ذات الدفع الصاروخي، سبيس شيب تو (SpaceShipTwo). فقد انطلقت الرحلة الأولى، التي تحمل اسم “غالاكتيك 01” (Galactic 01)، في 27 يونيو/ حزيران، وتمكنت من الوصول إلى حافة الفضاء، وكان ذلك الإنجاز نتاجاً لعمل طويل استمر لمدة 20 عاماً تقريباً.

سباق سياحة الفضاء

أعلن مؤسس شركة فيرجن غالاكتيك، الملياردير ريتشارد برانسون (Richard Branson) عن دخوله مجال صناعة السياحة الفضائية لأول مرة في عام 2004، بهدف تسيير رحلات إلى الفضاء في عام 2007. تأخر المشروع بسبب ظروف غير متوقعة، ومنها حادث جوي أدى إلى وفاة أحد الطيارين في رحلة سابقة. على الرغم من أن برانسون سافر على متن الطائرة سبيس شيب تو في يوليو/ تموز 2021، لم تسيّر شركة فيرجن غالاكتيك أي رحلة تجارية حتى هذا الصيف.  

اقرأ أيضاً: هل تريد السفر إلى المريخ؟ إليك كم تستغرق الرحلة

لكن أُطلقت أولى الرحلات التجارية في هذا الصيف، إذ أصبحت الشركة مستعدة أخيراً لاستقبال أكثر من 800 زبون، ممن حجزوا دورهم ودفعوا مبالغ تتراوح بين 250,000 دولار و450,000 دولار للفرد الواحد. ربما أدى الإطلاق المتأخر للرحلات التجارية إلى فقدان فرصة الشركة في تحقيق مكانة مستدامة في سوق السياحة الفضائية، إذ يصعب تعويض هذا التأخير وتجاوز المنافسين الآخرين الذين دخلوا هذا المجال منذ فترة طويلة.

تقول محللة صناعة الفضاء ومؤسِّسة شركة أستراليتيكال (Astralytical) للاستشارات، لورا فورسيك (Laura Forczyk): “ليست لدي آمال كبيرة في استقرار شركة فيرجن غالاكتيك على المدى الطويل؛ نظراً لبطء عمليات التشغيل، ونفقات الشركة المرتفعة، بالإضافة إلى سجلها الحافل بالحوادث والمشكلات الفنية التي يمكن أن تؤثر على سمعتها فيما يتعلق بمعايير السلامة، لا أعتقد أن إيرادات الشركة ستكون كافية لتغطية النفقات؛ ما لم يحدث تغيير جوهري في طريقة عملها لتحقيق الاستدامة المالية”.

تحديات تواجهها فيرجن غالاكتيك

تأسست شركة فيرجن غالاكتيك في ظروف إيجابية ومفعمة بالأمل بتحقيق نجاح كبير في مجال الفضاء، وذلك بإسهام من مهندس الطيران بيرت روتان (Burt Rutan) وشركته سكيلد كومبوزيتس (Scaled Composites). صمم روتان وشركته طائرة فضائية شبه مدارية أُطلق عليها اسم “سبيس شيب ون” (SpaceShipOne)، تمكنت من التحليق بنجاح إلى الفضاء مرتين في غضون أسبوعين خلال عام 2004، وفازت بجائزة أنصاري إكس (Ansari X-Prize) التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار. في وقت لاحق من ذلك العام، استعان برانسون بالمهندس روتان لتطوير الطائرة الفضائية سبيس شيب تو، وبذلك تأسست شركة فيرجن غالاكتيك.

اقرأ أيضاً: كاثرين جونسون التي قادت رحلة الهبوط على القمر رياضياً

طائرة سبيس شيب تو

تتميز طائرة سبيس شيب تو بأنها ذات دفع صاروخي، على غرار طائرة سبيس شيب ون؛ إذ تُحمل هذه الطائرة على متن طائرة أخرى أكبر حجماً، تسمى “وايت نايت تو” (WhiteKnightTwo)، بحيث تنفصل الطائرة الفضائية عن الطائرة الحاملة على ارتفاع 15,000 متر تقريباً، ثم يشتعل الصاروخ ويدفعها إلى ارتفاع يزيد على 80 كيلومتراً، وهو ما يمثل عتبة الفضاء الخارجي حسب وصف حكومة الولايات المتحدة. ثم تعود الطائرة إلى الأرض، باستخدام نظام توجيه مبتكر، حيث يدور ذيل الطائرة المزدوج نحو الأعلى وباتجاه مقدمة الطائرة، باستخدام السحب الديناميكي الهوائي لإبطاء المركبة في أثناء دخولها إلى الغلاف الجوي للأرض.

ربما وضعت شركة فيرجن غالاكتيك نفسها في موقف سيئ لا تُحسد عليه عندما راهنت على تلك التكنولوجيا المبتكرة بوصفها ميزة تنافسية رئيسية لدخول سوق السياحة الفضائية. تقول فورسيك: “بسبب استخدام هذه التكنولوجيا الأقل نضجاً، واجهت الشركة مشكلات تقنية أكثر بكثير مما كانت تتوقع، بالإضافة إلى المخاوف الكبيرة التي تتعلق بالسلامة، فعلى عكس الطائرات الفضائية، تمتلك الصواريخ التقليدية تاريخاً حافلاً في إطلاق الرحلات الفضائية المأهولة وغير المأهولة على حد سواء”.

اقرأ أيضاً: أول مهمة قمرية خاصة لسبيس إكس ستحمل طاقماً مكوناً بالكامل من المدنيين

مخاوف تتعلق بالسلامة

أصبحت المخاوف المتعلقة بالسلامة محور الاهتمام بعد الحادث المأساوي الذي وقع في 31 أكتوبر/ تشرين الأول عام 2014، عندما تحطمت طائرة فضائية من طراز سبيس شيب تو تحمل اسم “في إس إس إنتربرايز” (VSS Enterprise)، خلال تحليقها فوق صحراء موهافي في الولايات المتحدة خلال مَهمة تجريبية، ما أسفر عن مقتل أحد الطيارَين اللذين كانا على متنها. بعد التحقيق في حادث تحطم الطائرة، توصل المجلس الوطني لسلامة النقل (The National Transportation Safety Board) إلى أن أحد الطيارين شغّل نظام التوجيه الجوي في وقت مبكر جداً في أثناء رحلة الاختبار، ما تسبب في تحطم الطائرة.

تشير فورسيك إلى أنه على عكس الصواريخ التقليدية، لا يمكن اختبار الطائرات الفضائية دون وجود طاقم بشري على متنها، ما يزيد من المخاطر المحتملة خلال مراحل التطوير والاختبار. ربما أدى ذلك الأمر إلى إبطاء سرعة تقدم شركة فيرجن غالاكتيك مقارنةً بالمنافسين الآخرين، مثل شركة بلو أوريجين (Blue Origin) التي تستخدم الصواريخ التقليدية والكبسولات الفضائية للسياحة. في عام 2021، تمكن مؤسس شركة بلو أوريجين، جيف بيزوس (Jeff Bezos)، من الوصول إلى الفضاء على متن صاروخ نيو شيبرد (New Shephard) الخاص بشركته، وذلك في الشهر نفسه الذي حلّق فيه برانسون إلى الفضاء على متن طائرته الفضائية، ومنذ ذلك الحين، تمكّن بيزوس من تسيير عشرات الرحلات التجارية.

تقول فورسيك: “استغل المنافسون تأخر شركة فيرجن غالاكتيك في تقديم خدماتها”.

كيف يمكن معالجة تخلف فيرجن غالاكتيك عن ركب المنافسة في مجال الرحلات الفضائية؟

مع تعثرها في بداية المنافسة، هل تستطيع شركة فيرجن غالاكتيك اللحاق بسباق السياحة الفضائية ونيل حصتها من السوق؟

ثمة مهمتان رئيسيتان يجب على الشركة تنفيذهما. تقول فورسيك: “تحتاج الشركة إلى زيادة رأس المال، وفي سبيل تحقيق ذلك، يجب أن تثبت كفاءتها في تشغيل رحلات السياحة الفضائية، وتوفير تجربة آمنة ومميزة للركاب، لذلك لا أعرف ماذا سيحدث في هذا الصيف، لكنني أعتقد أن الشركة ستواجه بعض التحديات ويجب علينا توقع حدوث مزيد من التأخيرات، لكننا نأمل أن نرى مزيداً من الرحلات الجوية إلى الفضاء”.

كما يجب على الشركة إثبات سلامة تلك الرحلات. تقول فورسيك: “يعتمد نجاح شركات السياحة الفضائية على معرفة هدف الأشخاص المستعدين للسفر على متن مركباتها، سواء لأغراض بحثية أو ترفيهية، على عكس منافسيها، لا تستطيع الشركة الاعتماد على نشاط تجاري آخر لتعويض خسائرها في حال فشل مشروع السياحة الفضائية”.

اقرأ أيضاً: إذا أردت أن تصبح سائحاً فضائياً فهناك نحو 8 شركات مستعدة لتحجز لك مقعداً على متن رحلاتها

لم تتمكن شركة فيرجن غالاكتيك، التي تأسست في عام 2004، من مواكبة التطورات التكنولوجية الحديثة التي حدثت منذ تأسيسها، وبالتالي، فإنها تحتاج إلى التحديث والتطوير لتلائم متطلبات العصر الحالي، إذ يمكن للمركبة الفضائية التي طورتها الشركة أن تنقل السياح والباحثين إلى الفضاء، لكنها غير مجهزة لنقل البضائع إلى خارج كوكب الأرض.

تعتمد شركة فيرجن غالاكتيك على مركبتها الفضائية وعلى السياح الذين يرغبون بتجربة السفر إلى الفضاء لتحقيق نجاحها، على عكس الشركات الأخرى التي تعمل على تطوير مشاريع وخدمات متنوعة، مثل شركة بلو أوريجين التي تصنع مركبة تابعة لوكالة ناسا للهبوط على سطح القمر، و شركة سبيس إكس (SpaceX) التي يملكها إيلون ماسك، والتي تطلق الأقمار الصناعية وترسل رواد الفضاء لصالح وكالة ناسا ووزارة الدفاع.