المركبة بيرسيفيرنس تكتشف أدلة على حدوث تفاعلات كيميائية قديمة على سطح المريخ

المركبة بيرسيفيرنس تكتشف أدلة على حدوث تفاعلات كيميائية قديمة على سطح المريخ
المنحدر الطويل والشديد المعروف باسم الجرف، على طول الدلتا في فوهة جيزيرو المريخية، والذي يشير إليه فريق مهمة بيرسيفيرنس التابعة لوكالة ناسا باسم المنحدر أيه. وكالة ناسا/مختبر الدفع النفاث - معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا/جامعة ولاية أريزونا/شركة مالين لأنظمة علوم الفضاء.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في شهر فبراير/ شباط 2021، وصلت مركبة الجوّالة بيرسيفيرنس إلى فوهة شكّلت من قبل دلتا أحد الأنهار على كوكب المريخ، تقوم هذه المركبة التي يبلغ طولها 3 أمتار والتي تحتوي على 7 أدوات علمية باستكشاف فوهة جيزيرو ضمن مهمة تتضمن جمع العينات التي قد تساعد العلماء في تعلم المزيد عن أشكال الحياة الميكروبية القديمة التي عاشت على المريخ. مهمة بيرسيفيرنس هي أول مهمة تجمع وتخزّن الصخور والتربة المرّيخية، ستمهّد هذه المهمة الطريق لاستكشاف المريخ من قبل البشر. ولكن أولاً، علينا تعلّم المزيد عن جيولوجيا المريخ ومناخه القديم والتفاعلات الكيميائية التي تحدث فيه.

تفاعلات بين الماء والكربون

قدّمت مجموعة من العلماء من مختلف أنحاء العالم في دراسة نُشرت بتاريخ 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في مجلة ساينس أدلة على حدوث تفاعلات كيميائية قديمة بين الماء السائل ومركبات الكربون على كوكب المريخ.

قالت الزميلة في مرحلة ما بعد الدكتوراة في معهد إم آي تي إيفا لينغان شيلر (Eva Linghan Scheller)، لموقع بوبساي (PopSci، العلوم للعموم): “نعتقد أننا وجدنا هذه المركبات العضوية في هذا النوع من البيئات المائية، وهذا يمثّل الحد الذي نستطيع ضمنه توصيف ما ندعوه بقابلية إيواء الحياة”.

اقرأ أيضاً: 10 مهمات قمرية تاريخية مهّدت الطريق أمام مهمات أرتميس

استخدم الفريق أداة مسح البيئات الصالحة لإيواء الحياة باستخدام مطيافية رامان والضيائية بحثاً عن المواد العضوية والكيميائية (أو أداة شيرلوك اختصاراً) التابعة لوكالة ناسا لإجراء الدراسة الطيفية باستخدام الأشعة فوق البنفسجية والدراسة الطيفية الضيائية على 3 صخور توجد في فوهة جيزيرو. تم تصميم مطياف رامان للبحث عن علامات على وجود الماء السائل والمركبات العضوية. كشف الاختبار عن وجود علامات على حدوث هذه التفاعلات الكيميائية، والتي تمثّل بدورها أدلة على وجود البيئات المائية على سطح المريخ في الماضي. تشكّل الخليط من الكبريتات والبيركلورات الموجود في الصخور نتيجة حدوث تغييرات على الصخور بسبب التفاعل مع المحاليل الملحية على الأرجح.

تقول شيلر: “تحدثنا كثيراً في الدراسة عن تفاعل الماء السائل مع الصخور النارية. وهي أساساً عبارة عن حمم متبلورة”، وأضافت: “كان الأمر الأكثر إثارة للدهشة في دراستنا هو الطبيعة الكيميائية الغريبة للغاية لبعض المواد التي اكتشفنا أدلة على وجودها في بيئات المياه السائلة هذه، وهي عبارة عن خليط من كبريتات الصوديوم وكلوريد الصوديوم”.

اكتشف علماء وكالة ناسا لأول مرة المواد الكربونية (أو المواد العضوية) على سطح المريخ في عام 2014، لكن الاكتشاف الجديد يفسّر وجود البيركلورات (وهي مزيج من الكلور والأوكسجين) التي تشكلت كمحاليل مالحة تسرّبت عبر صخور المريخ الحمراء.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تساعد دراسة المجرات المنعزلة في فهم تاريخ الكون؟

تقول شيلر: “ما يثير الاهتمام حقاً هو أن المواد مثل هذه قابلة للذوبان بشكل كبير. وإذا تلامست بالماء السائل، فسوف تذوب”، وتضيف: “لذلك فالمرحلة الأخيرة التي تلامست بها الصخور بالماء السائل كانت آخر مرة احتوى المريخ فيها على المياه”.

لمحاولة اكتشاف متى كانت آخر فترة احتوى المريخ فيها على المياه، يجب على العلماء أن يفحصوا العينات في المختبر. ووفقاً لوكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية، يفترض أن تصل عينات الصخور المريخية إلى الأرض في عام 2033.

لماذا تم اختيار فوهة جيزيرو؟

تستكشف مركبة بيرسيفيرنس فوهة جيزيرو لأن العلماء يعتقدون أنها أفضل موقع يمكن إحضار العينات الصلبة منه. قبل نحو 3.5 مليار سنة، احتوت هذه الفوهة على دلتا مائية قديمة، أو منطقة مثلثية الشكل عند التقاء نهر قديم وبحيرة. تدرس مركبة بيرسيفيرنس الصخور الرسوبية في هذه الفوهة، والتي تشكّلت عندما تجمّعت جسيمات من مختلف الأحجام في النهر القديم. استكشفت هذه المركبة أرضية الحفرة خلال مهمتها العلمية الأولى في عام 2021، ووجدت الصخور النارية التي تتشكل في الطبقات تحت الأرضية العميقة من الحمم أو في أثناء ثوران البراكين على سطح الكوكب.

هناك أمر واحد مؤكد في المستقبل. وهو إن دراسة الصخور المريخية بهدف اكتشاف أسرار ماضي المريخ سيشغل العلماء.

تقول شيلر: “وجدت جميع المهمات المريخية المختلفة هذه المركبات الكلورية الغريبة في كل مكان على سطح المريخ”، وتضيف: “سيظهر لغز كبير سيحاول العلماء حله في العقد المقبل أو نحو ذلك”.