ينبغي أن نكون على دراية جيدة بالإسعافات الأولية الأساسية، سواء خدش بسيط أو إصابة تهدد الحياة، إذ لا تكون المعرفة مفيدة وحسب وإنما منقذة للحياة في بعض الحالات، ولن تعي ذلك حتى تجد نفسك في موقف حياة أو موت يقتضي أن تقوم بشيء تجاهه.
إذ يُخيل للجميع أن التعامل مع الحالات الطارئة فطري وغريزي وأننا سنؤدي حتماً دوراً بطولياً عندما نجد أنفسنا أمام موقف يتطلب منّا ذلك، ولن نقف مكتوفي الأيدي وشاحبي الوجوه. فما الإسعافات الأولية والمهارات التي ينبغي على الجميع أن يتقنها؟
اقرأ أيضاً: ما الإسعافات الأولية اللازمة في حوادث السيارات؟
ما الإسعافات الأولية الأساسية؟
الإسعافات الأولية هي الاستجابة الأولى والسريعة أمام شخص يعاني من مرض أو إصابة طفيفة أو خطيرة، والهدف منها توفير الرعاية من أجل الحفاظ على الحياة ومنع تدهور الحالة وتعزيز وتسريع التعافي. بعبارة أخرى، الإسعافات الأولية الأساسية هي التدخل الأولي في حالة طبية خطيرة قبل توفر المساعدة المهنية.
تشتمل الإسعافات الأولية الأساسية القدرة على تقييم المريض أمامنا عن طريق تطبيق قاعدة (ABC) التي تتضمن ما يلي:
- الطرق التنفسية Airways: وتتضمن تقييم إذا كان المصاب يتنفس عن طريق سماع الأصوات التنفسية من الأنف أو الفم للتأكد من أن المجرى التنفسي مفتوح وسالك.
- التنفس Breathing: تشتمل مراقبة حركات التنفس الصدرية وتقييم إذا كان المريض يعاني من بطء في التنفس أو تسرع فيه، ويُقدّر عدد حركات التنفس الطبيعية بـ 15 في الدقيقة الواحدة لدى البالغ.
- الدورة الدموية Circulation: التأكد من وجود نبض لدى المصاب ومراقبة عدد النبضات في الدقيقة الواحدة، تُقدر الطبيعية بـ 60 - 100 نبضة بالدقيقة، والتأكد من أن المريض لا ينزف.
كما تشتمل الإسعافات الأولية الأساسية على تجميع الإمدادات الأساسية كي تكون في متناول اليد، وهذا يتضمن كلاً من ميزان لقياس درجة الحرارة وجهاز قياس الضغط وضمادات وشاش ومقص ومعقم.
اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع حالات الاختناق؟ وما الإسعافات الأولية التي تُقدَّم؟
بعض الحوادث وحالات الطوارئ الشائعة
نذكر أكثر الحوادث والحالات الطارئة شيوعاً التي قد تواجه أي منّا:
- الصدمة التحسسية: وهو رد فعل تحسسي شديد مهدد للحياة قد يحدث نتيجة لسعات الحشرات أو التحسس لإحدى المواد الغذائية. يحدث فيها انخفاض شديد في الضغط وانقباض في القصبات مسببة صعوبة في التنفس، وتتطلب تقديم الأدوية المضادة للحساسية أو الستيروئيدات القشرية وريدياً، كما يعتبر قلم الأدرينالين ركناً أساسياً في التدبير.
- النزيف الشديد: وهذا لا يشتمل رؤية الدم وحسب، إذ يشتمل ذلك على النزيف الخارجي والداخلي ويتم تقييم الأخير من خلال قياس معدل النبض، حيث يشير النبض المتسارع إلى احتمال وجود نزيف داخلي.
- الاختناق: ويشمل انسداد مجرى التنفس بشكلٍ كامل أو جزئي، ويُستدل على ذلك من خلال صعوبة التنفس وغياب القدرة على الكلام أو السعال.
- الغرق: يتطلب الغرق إسعافاً من قِبل أطباء مختصين والمهم البدء بالتنفس الاصطناعي -من الفم إلى الفم- ريثما يصل الإسعاف.
- الصدمة الكهربائية: الخطوة الأهم إبعاد المصاب عن مصدر التيار إن أمكن ذلك دون تعريض نفسك للخطر وذلك بعد طلب المساعدة الطبية.
- الكسور العظمية: تتطلب الكسور العظمية تدبيراً إسعافياً، فالكسر يحتمل خطر النزف لهذا ينبغي عدم إهمال تدبيره.
- نقص أو فرط سكر الدم: حيث يتطلب ارتفاع سكر الدم التدبير السريع وحقن الإنسولين تحت الجلد بالجرعات المناسبة، كما ينبغي التعرف على أعراض نقص سكر الدم لتمييزها ولتدبيرها بإعطاء محلول سكري والأغذية التي ترفع من سكر الدم.
- التسمم: يشكّل التسمم سواء بالأدوية أو بالتعرض لنباتات سامة أو التسمم بالكحول حالات صحية مهددة للحياة، وينبغي البدء بإجراء الإنعاش القلبي الرئوي إن وُجد الشخص المتسمم فاقداً للوعي، مع ضرورة تجنب الإنعاش من الفم إلى الفم لأن الفم أو مجرى التنفس قد يكون ملوثاً بالمادة السامة.
5 إسعافات أولية يجب على الجميع تعلمها
تُركّز الدورات التعليمية للإسعافات الأولية على إتقان مهارات خمس وهي:
1. الإنعاش القلبي الرئوي
الإنعاش القلبي الرئوي ذو دور جوهري في إنقاذ الحياة عند وقوع حالات صحية معينة لا يعمل فيها القلب كما يجب، مثل السكتة القلبية أو توقف القلب، حيث يضمن الإنعاش استمرارية الدورة الدموية وأكسجة الدم للحفاظ على تروية الدماغ.
يتضمن الإنعاش القلبي الرئوي القيام بضغطات على الصدر تساعد على ضخ الدم يدوياً وتأمين التنفس الاصطناعي في فم المصاب للحفاظ على الأوكسجين في الدم، وقد يبدو الإنعاش القلبي الرئوي أمراً سهلاً، إلّا أن تعلمه يستغرق وقتاً وجهداً.
اقرأ أيضاً: ما الإسعافات الأولية التي تُقدَّم عند التعرُّض لصدمة كهربائية؟
2. مناورة هيمليك
على الرغم من وجود أوجه تشابه بين مناورة هيمليك والإنعاش القلبي الرئوي، فإنها مختلفة تماماً وتخدم غرضاً وغاية مختلفة، إذ تُطبّق مناورة هيمليك عند الاختناق الجزئي أو التام عند البالغين. وتتضمن الوقوف خلف الشخص المختنق ولف الذراعين حوله ووضع قبضتي اليدين بين السرة وأسفل القفص الصدري وتثبيتهما ومن ثَمَّ الضغط للأعلى في محاولةٍ لإزاحة الجسم الساد.
أمّا إذا كان لديك طفل صغير يختنق، فينبغي حمله ووجهه للأسفل بإحدى اليدين ودعم رقبته وفكه براحة اليد الثانية، وضربه عدة ضربات متوسطة الشدة بين لوحي الكتف، ويُستدل على خروج الجسم الأجنبي من بكاء أو سعال الطفل.
3. وقف النزيف الحاد
تحمل كل من حوادث السيارات وحوادث السقوط والرضوض واستخدام الآلات الحادة خطر حدوث النزيف. ولأن التأخر في إيقاف النزيف قد يتسبب بالإصابة بصدمة نقص حجم الدم وحتى الموت، من الضروري أن نعي كيفية التعامل مع هذه الحالة.
قبل القيام بأي شيء ينبغي الاتصال بالإسعاف، بعد ذلك يتم الضغط على مصدر النزيف إن كان ظاهراً –كالجرح أو القطوع الجدلية- باليد أو باستخدام ضمادة معقمة. مع محاولة تهدئة المريض حتى لا يرتفع الضغط الدموي الذي بدوره سيتسبب بخسارة أكبر للدم، وفي حال كان مصدر النزف أحد الأطراف فيُنصح برفع الطرف كي تقل التروية الدموية أكثر ما يمكن.
4. تدبير الصدمة
تسير الصدمة جنباً إلى جنب مع النزيف الحاد، حيث يؤدي النزيف الشديد إلى انخفاض حجم الدم الموجود ضمن الأوعية الدموية، ما يتسبب بانخفاض ضغط الدم. وبعد ذلك إذا استمر النزيف قد نواجه "صدمة نقص الحجم" التي تعتبر مهددة للحياة.
وعند الشك بحدوثها ينبغي الاتصال بالإسعاف ووضع المريض على ظهره ورفع قدميه فوق مستوى القلب، وفي حال غياب الحركات التنفسية عند المريض فينبغي البدء حالاً بالإنعاش القلبي الرئوي، والتأكد من عدم ارتداء المريض ملابس ضيقة وإزالة الحزام وفك أزرار القميص حرصاً على أن تكون المجاري الهوائية مفتوحة. مع ضرورة تسريب محلول مصلي مالح عن طريق قثطرة وريدية إن وُجد خبير مختص أو ممرض في الجوار قبل وصول الإسعاف، وذلك لرفع الضغط الدموي.
5. تقييم مرضى السكتة الدماغية
قد يكون من الصعب ملاحظة علامات السكتة الدماغية إذ قد تكون صامتة، ومع ذلك يُستدل على حدوث السكتة الدماغية من خلال ظهور أعراض مثل التدلي المفاجئ في جانب واحد من الوجه أو الجسم وحدوث الارتباك والتشويش الذهني والخدر في جانب واحد من الجسم.
اقرأ أيضاً: دليلك الشامل لتقديم الإسعافات الأولية في حالات التسمم
وعلى الرغم من أنه قد لا يكون هناك الكثير مما يمكنك فعله فيما يتعلق بالإسعافات الأولية للسكتة الدماغية، فإن إعطاء الأسبرين أو النيتروغليسيرين للمريض أثناء انتظار المساعدة يمكن أن يكون منقذاً للحياة لأنه يساعد على توسيع الأوردة ويفكك أي تجلطات دموية تعوق تدفق الدم.