عندما لا تموء القطط مطالبة بالخروج من المنزل (والعودة فوراً) أو تحضر الحيوانات نصف الميتة إلى المنزل أو تخرخر بعد فعل ذلك، فإنها لا تستمتع بأي نشاط كما تستمتع بـ "حركة العجن".
إذا كانت هذه الحركة غير مألوفة بالنسبة لك، فهي تنطوي على ضغط القطط بأكفها الأمامية بالتناوب على جسم صاحبها أو ربما قطع الأثاث وتبدو بذلك سعيدة للغاية. ما الذي يحدث في أدمغة هذه الحيوانات عندما تجري هذه الحركة؟ لنطّلع على ما يقوله العلم.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف أسباب الخدش لدى القطط
القطط العاجنة
تذكر أستاذة طب القطط في جامعة إدنبره، دانيال غَن مور، التي تربّي قطتين من نوع ماين كون اسمهما ماكدَف وبرورا، أن سلوك العجن هذا ينشأ في وقت مبكر من حياة القطط.
بعد أن تنجب الأنثى قططاً صغيرة، تقضي هذه القطط وقتها كله على طول الجانب السفلي من بطن الأم، حيث توجد الغدد الثديية. تطلق غن مور على هذه المنطقة اسم "خط الحليب"؛ إذ تقول: "يجب أن يُحفَّز خط الحليب هذا لتفرز القطط الحليب". سلوك التحفيز هذا رائج بين الثدييات، مثل العجول التي تنطح أضراع أمهاتها في أثناء الرضاعة. تحفّز القطط الصغيرة الغدد الثديية لأمهاتها بأكفها، وذلك باستخدام حركة العجن نفسها التي تجريها القطط البالغة. يؤدي تحفيز الغدد الثديية من قبل الحيوانات الصغيرة إلى زيادة إفراز أهم مادة يجب أن تحصل عليها هذه الحيوانات في هذه المرحلة المبكرة من حياتها، وهي الحليب.
وفقاً لغن مور، حركة العجن لدى القطط البالغة هي من مخلفات مرحلة الطفولة والسلوك الذي يجعلها تشعر بالرضا؛ إذ تقول: "قد تترافق حركة العجن لدى بعض القطط بجلسة مكثفة من الترويل. تبدأ القطط بفطم صغارها بعد نحو 4 أسابيع من ولادتها". تبدأ القطط خلال الشهر التالي من حياتها بتناول الأطعمة الصلبة. يسمح بعض القطط للصغار بمواصلة الرضاعة خلال هذه الفترة. وفقاً لغن مور، فإن الرضاعة بالنسبة للقطط سلوك يعزز الترابط بين الأم والصغار. تفرز القطة الأم عند الرضاعة فيروموناً يسمى "فيرومون تهدئة القطط" (feline appeasing pheromone). يحفّز هذا الفيرومون الاسترخاء لدى القطط الصغيرة ويعزز ترابطها بأمها. تساعد هذه الإشارة الكيميائية، التي أصبحت تُصنّع وتعبّأ في بعض المنتجات المخصصة للقطط، القطط الصغيرة على التوقف عن التنافس على حلمات الأم وترسخ سلوك العجن على أنه نشاط ممتع. تقول غن مور: "حركة العجن هي سلوك تهدئة. ويقابلها مص الإبهام لدى البشر".
اقرأ أيضاً: 5 ألعاب مع القطط تجعلها تحبك أكثر
سلوك العجن المفرط لدى القطط
وفقاً لغن مور، قد يشير سلوك العجن المفرط لدى بعض القطط إلى أنها فُطمت في وقت أبكر من اللازم. تقف القطة الأم وتنهي عملية الرضاعة عندما تقرر أن قططها الصغيرة نالت كفايتها من الحليب. في حين أن القطط الصغيرة قد تصرخ وتأن عندها، يدل هذا الإحباط على أن أدمغتها توقفت عن ربط سلوك العجن بالنتائج المُرضية.
تقول غن مور إن القطط التي شهدت انقطاعاً فجائياً في عملية الفطم الطبيعية تميل إلى إظهار المزيد من المشكلات السلوكية؛ إذ تشرح قائلة: "يؤدي ذلك على وجه الخصوص إلى تعلّق القطط المفرط بأصحابها لدرجة أنها تحاول الرضاعة منهم وتمسكهم وتعضّهم". لا يؤذي هذا العض القطة الأم، لكن جلد الإنسان الرقيق يمكن أن يُخترق بسهولة، ما يجبر البعض على استشارة علماء سلوكيات القطط. لا يقتصر سلوك محاكاة الرضاعة هذا على محاولة الرضاعة من البشر؛ إذ اكتشف الباحثون في دراسة أجريت على القطط السياميّة وقطط بيرمان أن الفطام المبكّر مؤشر على سلوك مص كرات الصوف.
حتى لو كان سلوك العجن مفرطاً ويؤدي إلى إفراز كميات كبيرة من اللعاب، ما يجب أن يعرفه أصحاب القطط هو أن هذا السلوك ليس مضراً بحد ذاته. توضح غن مور أن القطط تمارس هذا السلوك مع الشخص الذي تشعر بالأمان معه أو الأشخاص الذين تشعر بالأمان معهم، وتقول: "يمارس بعض القطط هذا السلوك فوق الأجسام غير الحية". تتمتع هذه الأجسام بأسطح ناعمة ذات قوام لمسي مشابه للجزء السفلي من أجسام القطط الأمهات. سلوك العجن هو نشاط شائع للغاية بين القطط، وهو يُرصد حتى في القطط الكبيرة مثل الأسود.
اقرأ أيضاً: هل يمكن استخدام الشامبو العادي في حمام القطط؟
يدرك أصحاب القطط التي تتبع هذا السلوك بالفعل أنها تستمتع به من النظر إلى تعابير وجوهها السعيدة. تؤكد غن مور ذلك؛ إذ تقول: "تشعر هذه القطط بالسعادة والاسترخاء، كما أنها تعزز ارتباطها بأصحابها. لن تتبع القطط هذا السلوك مع الأشخاص الذين لا تثق بهم".