تحتاج الأشجار، وخاصة المثمرة منها، إلى مساحة كبيرة للنمو، وعناية كبيرة، ما يعوق زراعتها في حدائق المنازل الصغيرة، وبالتأكيد لا يمكن زراعتها في الشرفات أو داخل المنازل، ما يمنع سكان هذه المنازل من الاستمتاع بمظهرها وبفاكهتها الطازجة. لكن الآن، ومع تطوير تقنية تقزيم الأشجار، أصبح بإمكان الجميع الاستمتاع بالأشجار القزمة المثمرة في منزله وحتى في الغُرف صغيرة المساحة، بشرط توفير الظروف المناسبة لها والعناية الجيدة بها.
الأشجار القزمة وأنواعها
النباتات والأشجار القزمة هي أنواع من النباتات أصغر حجماً من مثيلاتها كبيرة الحجم، ما يجعلها مناسبة للنمو في حدائق المنزل الصغيرة وعلى الشرفات وفي المساحات الداخلية. تتنوع بين أشجار ونباتات الزينة والأشجار المزهرة والمثمرة. يوجد منها نوعان أساسيان:
الأشجار القزمة بطبيعتها
تتميز بعض الأشجار بأنها قزمة جينياً، أي إنها قزمة بطبيعتها وبطيئة النمو، ولا يتجاوز طولها المترين والنصف، لكن هذه الأشجار لا تنمو في أنواع التربة والمناخ جميعها، ولا تقاوم الأمراض الشائعة في المناطق كافة، إضافة إلى أن نكهة ثمارها مختلفة. يوجد العديد من النباتات القزمة بطبيعتها منها الرمان القزم والصنوبريات القزمة.
الأشجار القزمة الناتجة عن التطعيم
ينتج النوع الآخر من الأشجار القزمة عبر التطعيم بين "طُعم" (فرع من نوع النبات المطلوب تقزيمه) على "أصل" وهو مجموع جذري مأخوذ من نبات آخر يتميز بالقوة وتحمل الجفاف ومقاومة الأمراض والتكيف مع التربة. تسمح خصائص الأصل بالتحكم بحجم الشجرة القزمة. يتطلب اختيار الأصل المناسب للطُعم والمناخ المحلي خبرة كبيرة، لذلك يُفضل شراء الأشجار القزمة من علامة تجارية أو مشتل متخصص.
تنمو الأشجار القزمة إلى ارتفاع يبلغ 2 متر إلى 3 أمتار بالحد الأعلى، ما يوفر وفرة من الفاكهة ذات الحجم الطبيعي دون الحاجة إلى مساحة كبيرة للنمو، وتصل إلى مرحلة النضج وتبدأ بإنتاج الثمار بسرعة أكبر من الأشجار كبيرة الحجم.
يمكن تقزيم العديد من أشجار الفاكهة بالطريقة سابقة الذكر، وأبرزها التفاح والإجاص والخوخ والتين والكرز وأنواع الحمضيات المختلفة.
اقرأ أيضاً: دليل المبتدئين لاختيار الأشجار وزراعتها والاعتناء بها
كيفية الاعتناء بأشجار الفاكهة القزمة
تحتاج الأشجار القزمة إلى الرعاية ذاتها التي تحتاج إليها الأشجار العادية، فهي تحتاج إلى ما يلي:
الضوء
تحتاج أشجار الفاكهة إلى التعرّض لأشعة الشمس خلال موسم النمو مدة 6 إلى 8 ساعات يومياً حتى تزهر وتنتج الثمار. لذا تُزرع الأشجار القزمة بعيداً عن المباني والأشجار الطويلة التي تمنع وصول أشعة الشمس إليها.
التربة
تنمو معظم أشجار الفاكهة في تربة جيدة التصريف، وذات طبيعة حمضية أو معتدلة. من أنواع التربة جيدة التصريف: التربة الطينية أو الرملية الطينية، أما إذا كانت التربة طينية ثقيلة فيجب إيجاد وسيلة لتصريف المياه، وإذا كانت التربة رملية سريعة التصريف، يُضاف السماد للمساعدة على الاحتفاظ بالرطوبة.
يُنصح عموماً بوضع طبقة من السماد أو مادة عضوية أخرى فوق التربة، وإحاطة الشجرة بطبقة من نشارة الخشب لإبعاد الأعشاب الضارة والحفاظ على الرطوبة.
الريّ
تُروى الشجرة القزمة المزروعة في الأُصص باعتدال دون إفراط، لأن الإفراط يؤدي إلى تعفن الجذور، أما المزروعة في التربة، فتُروى عند الحاجة فقط، دون ترك التربة تجف تماماً، وغالباً ما يجب ريّها مرتين في الأسبوع. عندما تنضج الأشجار المزروعة في الأصص، يُفضّل ريّها يوميّاً خلال الأشهر التي يكتمل خلالها نمو الأوراق، وفي الأيام الحارّة.
درجة الحرارة والرطوبة
تختلف احتياجات الأشجار القزمة من درجات الحرارة والرطوبة حسب صنفها. تحتاج أشجار الفاكهة إلى عدد معين من ساعات البرودة كل شتاء لإنهاء فترة سُباتها والإزهار وحمل الثمار في الربيع. فنمو التفاح يتطلب ساعات من البرودة أطول مما يحتاج إليه الدراق والخوخ، أما التين فيتحمل ساعات أقل بكثير من البرودة والرطوبة، ويُفضّل المناخ الجاف، في حين أن أشجار الحمضيات دائمة الخضرة ويمكن أن تتضرر بشدة بسبب الصقيع، ويجب تغطيتها في الشتاء إذا لم تُنقَل إلى الداخل.
اقرأ أيضاً: 6 أشجار تزرع في المناطق الحارة
السماد
قبل تسميد التربة، يُنصح بالحصول على توصيات المختصين بشأن نوع السماد المناسب لزراعة الأشجار القزمية وكميته وطريقة إضافته المناسبة للنوع المزروع. يجب الانتباه أيضاً إلى عدم وضع الأسمدة في حفرة الزراعة مباشرة قبل وضع النبات لأن ذلك يؤدي إلى حرق الجذور.
التشذيب والتقليم
يساعد التقليم على تقوية الشجرة القزمة، وإنتاج فاكهة أكثر عدداً وأكبر حجماً. يجب تقليم الأشجار مرة في العام، ويشمل ذلك إزالة الفروع الضعيفة أو النحيلة أو المريضة أو تلك التي تنمو باتجاه مركز الشجرة، وذلك للحفاظ على حجم الشجرة بالارتفاع المطلوب.
إعادة الزرع
بالنسبة للأشجار القزمة المزروعة في الأُصص، يعد تغيير الأصيص ضرورياً عندما يتجاوز حجم النباتات القزمة حجم الأصيص أو عندما تفقد التربة عناصرها المغذية. توفر هذه العملية للنباتات تربة طازجة غنية بالعناصر المغذية ومساحة إضافية لتوسع الجذور. يمكن أن يساعد الفحص المنتظم للنباتات على تحديد التوقيت المناسب لإعادة زرعها، ما يضمن استمرارها في النمو ضمن بيئتها الأصلية.
اقرأ أيضاً: ما هي أنواع النباتات المنزلية؟ وكيف يمكننا العناية بها؟
الإكثار
يمكن إكثار معظم أشجار الفاكهة بالعُقَل وليس بالبذور، باستثناء الأصناف المحمية بعلامة تجارية مسجلة، لكن غالباً لا تتمتع الشجيرات بخصائص مماثلة للأصل، مثل مقاومة الأمراض والتحكم في حجم النبات الناضج، لأن الأشجار القزمة في الأساس تُزرع على أصل من نبات مختلف يجعلها قزمة.
يجري اختيار ساق خضراء غضّة أو شبه صلبة من نمو الموسم الحالي أو السابق؛ من جزء الشجرة العلوي، ودون أزهار، وتُزال الأوراق من نصفه السفلي، ثم يُوضع في وعاء مملوء بوسط تجذير رطب ومعقم. يُسقى الساق جيداً ثم يُغطّى ببلاستيك شفاف، ويُوضَع تحت ضوء ساطع غير مباشر. عند نمو المجموع الجذري بعد نحو 4 أسابيع، يُزرع الساق في أصيص مع تربة. أفضل وقت لزراعة الأشجار القزمة وإكثارها هو أوائل الربيع أو أواخر الخريف، عندما تكون التربة مثالية.
الإزهار
تُصبح الأشجار القزمة جاهزة للإزهار بعد عامها الأول أو الثاني حسب النوع، وللإزهار يجب أن تتعرض لضوء الشمس الكامل، ولدرجة الحرارة المناسبة، بعيداً عن الحرارة الشديدة أو البرودة التي تضر بالبراعم. من المهم أيضاً الانتباه للتلقيح، إذ يوجد نمطان من التلقيح عند النباتات؛ التلقيح الذاتي والتلقيح غير الذاتي؛ فالنباتات غير ذاتية التلقيح تحتاج إلى شجرة أخرى من النوع ذاته لضمان التلقيح بينهما، بينما لا تحتاج النباتات ذاتية التلقيح إلى ذلك.
اقرأ أيضاً: الأشجار تمنحك الإحساس بالراحة حتى في الأماكن المغلقة
فوائد أشجار الفاكهة القزمة
يوجد العديد من الفوائد لأشجار الفاكهة القزمة، وإليك بعضها:
- جمع المحصول دون صعود السلالم والتعرّض لخطر السقوط.
- إمكانية زراعتها في أُصص داخل المنزل أو الحديقة.
- العناية السهلة التي لا تستغرق وقتاً طويلاً.
- عدم حاجتها إلى مساحة كبيرة للنمو.
- سهولة حمايتها خلال فصل الشتاء.
- سهولة كشف إصابتها بالأمراض.
- إمكانية نقلها من مكان إلى آخر.
- النضج والإثمار السريع.
من جهة أخرى، تتمتع الأشجار القزمة بعمر قصير، يتراوح من 15 إلى 20 عاماً فقط مقارنة بشجرة كاملة الحجم تعيش ما بين 35 و45 عاماً. علاوة على أن المحصول الناتج قليل جداً مقارنة بالشجرة الكاملة.