كيف تبطئ الشيخوخة بعد سن الأربعين: أطعمة خارقة وعادات صحية

ربما تكون الحرب مع الشيخوخة خاسرة، إلى حدّ اليوم على الأقل؛ فالزمن يتقدم بنا ويدفعنا بقسوة نحو الأمام شئنا أم أبينا. ومع ذلك، انظر إلى الخيارين التاليين اللذين ينتظرانك في نهاية الخمسين مثلاً: الأول هو ألّا تقوى قدماك على حملك، تتألم كلما صعدت الدرج أو هبطته، تستجدي المساعدة من أبنائك المشغولين بأطفالهم للقيام بأمور الحياة الروتينية. الخيار الثاني: أن تؤخّر كل ما سبق إلى ما بعد السبعين أو الثمانين أو ربما لا تختبر أياً منها إلّا بالحد الأدنى. نعم لا يمكننا الوقوف في وجه الزمن، لكن يمكننا مجاراته. صحتك غداً هي نتيجة قراراتك اليوم، وإليك كيف يمكنك إبطاء الشيخوخة بعد سن الأربعين، وما العادات والأطعمة التي ستساعدك على ذلك.

عادات صحية لإبطاء الشيخوخة بعد سن الأربعين

في دراسة منشورة في دورية التطورات الحالية في التغذية (Current Developments in Nutrition) لعام 2023، وشملت أكثر من 700,000 من المحاربين القدامى في الولايات المتحدة الأميركية، وجد الباحثون بقيادة شوان ماي نغوين (Xuan-Mai Nguyen) من كلية الطب في جامعة هارفارد، أن الأشخاص الذين يتبعون 8 عادات صحية في منتصف العمر يعيشون مدة أطول، إذ وجدوا أن الرجال الذين يتبنون هذه العادات في سن الأربعين يعيشون نحو 24 عاماً في المتوسط أكثر مقارنة بالرجال الذين لم يتبنوا أياً منها، في حين تعيش النساء نحو 21 عاماً.

وتشير الدراسة إلى أن اتباع هذه العادات الصحية يحدّ من الإصابة بالأمراض المزمنة، وتؤكد أن تبني هذه العادات حتى ولو كان في فترة متقدمة من الحياة، يسهم في إطالة العمر وتأخير الشيخوخة. وهذه العادات هي:

1- ممارسة الرياضة بانتظام

النشاط البدني حجر الزاوية عندما يتعلق الأمر بإبطاء الشيخوخة ومنع التدهور الصحي المرتبط بالتقدم بالعمر. فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام لا يعيشون لمدة أطول فحسب؛ بل يعيشون على نحو أفضل لسنوات أطول دون ألم أو إعاقة. وقد وُجد أن مشي 8000 خطوة أو أكثر يومياً يرتبط بانخفاض خطر الوفاة المبكرة بنسبة 51% عند الأشخاص ما بعد الأربعين.

2- اتباع نظام غذائي صحي

لإبطاء الشيخوخة، أكثِر من تناول الفاكهة والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة والدهون الصحية والبروتينات الخالية من الدهون، وقلِّل من الدهون المشبّعة والملح والسكر في أغذيتك. ومن أفضل الأطعمة عالية المحتوى بمضادات الأكسدة والدهون الصحية والماء والعناصر الغذائية الأساسية التي ستعمل على تغذية الجسم ومحاربة الشيخوخة بعد سن الأربعين نذكر: الجرجير، والفلفل الأحمر، والبابايا، والتوت البري، والبروكلي، والسبانخ، والمكسرات وخصوصاً اللوز، والأفوكادو، والبطاطا الحلوة، والرمان، والأسماك الدهنية، والطماطم، والفراولة.

3- الحصول على قسط كافٍ من النوم

وجدت إحدى الدراسات أن الأشخاص في الخمسينيات والستينيات من العمر الذين ينامون 6 ساعات أو أقل ليلاً كانوا أكثر عرضة للإصابة بالخرف في وقتٍ لاحق من حياتهم، قد يُعزى هذا لارتباط النوم غير الكافي بتراكم بروتين بيتا أميلويد المرتبط بمرض ألزهايمر. في المقابل يرتبط الحصول على نوم جيد ومتواصل (7-9 ساعات ليلاً) بتحسين الصحة الجسدية والنفسية وانخفاض معدلات مقاومة الإنسولين وأمراض القلب والأوعية الدموية والسمنة وتحسين مهارات اتخاذ القرارات.

4- تجنّب التدخين

إذا كنت مدخناً، أقلع عن التدخين لأن الإقلاع عن التدخين وفي أي عمر كان حتى ولو في الستين من شأنه أن يقلل خطر الإصابة بالسرطانات والنوبات القلبية والسكتة الدماغية وأمراض الكلى، وأن يحسِّن الدورة الدموية وحاسة التذوق والشم ويزيد القدرة على ممارسة الرياضة.

5- إدارة التوتر

يسبب التوتر المستمر زيادة مستوى هرمون الإجهاد أو الكورتيزول في الجسم مع مرور الوقت خصوصاً بعد منتصف العمر. قد تؤدي زيادة التوتر المرتبط بالعمر إلى تغييرات دائمة في الدماغ والتأثير سلباً في عمل الذاكرة واتخاذ القرارات والمزاج. لذلك، لا بُدّ من العمل على تقليل التوتر بعد سن الأربعين وزيادة الاستقرار العاطفي الذي قد يبطِئ الشيخوخة ويدعم الشيخوخة الصحية. يمكن ذلك من خلال ممارسة التأمل والنشاط البدني والمشاركة في الأنشطة التي تستمتع بها وكتابة اليوميات والتعرف على الأفكار السلبية وغير المفيدة والحد منها والتواصل مع الأصدقاء والعائلة.

6- الابتعاد عن شرب الكحول

وجد الباحثون أن علامات الشيخوخة المبكرة تظهر على مناطق معينة في أدمغة الرجال والنساء المدمنين على الكحول، بالإضافة إلى أن الأشخاص الذين يشربون الكحول لفترات طويلة يعانون من ضعف في صحة القلب. لذلك، توقف عن شرب الكحول لتحسين صحة القلب ومنع الشيخوخة المتسارعة.

7- الحفاظ على علاقات اجتماعية جيدة

إن الحفاظ على تفاعلات اجتماعية إيجابية مع الآخرين يعزز الحالة المزاجية والصحة النفسية، ما يؤثّر في طريقة التفكير والشعور والتصرف والتواصل. في الواقع، تعد إدارة العزلة الاجتماعية والوحدة والتوتر والاكتئاب من خلال الرعاية الطبية والرعاية الذاتية أمراً أساسياً للشيخوخة الصحية. لذلك، ابقَ على تواصل مع العائلة والأصدقاء شخصياً أو عبر الهاتف، والتقِ بهم كلما سنحت لك الفرصة، وتعرّف إلى أشخاص جدد أيضاً تشاركهم المهارات أو الاهتمامات.

8- تجنّب المواد الأفيونية والمخدرات

خطر المخدرات معروف للجميع. في حين ينبغي الإشارة هنا إلى أن العديد من مسكنات الألم الأفيونية توصف مع التقدم بالعمر، ومن هؤلاء الأشخاص مَن يصبح عرضةً لسوء استخدام هذه الأدوية والإدمان عليها، الأمر الذي قد يجعلهم يعانون من أفكار انتحارية.

يمكن القول إنه كلما بدأت باتباع هذه العادات الصحية أبكر كان أفضل، لكن ومع ذلك، فإن اتباع نمط الحياة الصحي هذا سواء في الأربعينيات أو حتى في الستينيات من العمر لا يزال مفيداً للصحة. ويُذكر أن اتباع اثنتين أو حتى واحدة من هذه العادات قد يحقق فوائد كبيرة للجسم. في الواقع، إن اتباع 5 عادات صحية؛ وهي: اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي للجسم، وتجنب شرب الكحول، وعدم التدخين، يُضيف إلى سنوات العمر أكثر من 10 سنوات.

في الواقع، وجد الباحثون أن لقلة النشاط البدني واستخدام المواد الأفيونية والتدخين التأثير السلبي الأكبر على عمر الفرد؛ حيث ارتبطت هذه العوامل بخطر الموت المبكر بنسب 30-45%، في حين ارتبط التوتر وشرب الكحوليات بشكلٍ مفرط وسوء التغذية وعادات النوم غير الصحية بخطر الوفاة المبكرة بنسبة 20-30%، في حين أن ترديّ العلاقات الاجتماعية الإيجابية يزيد خطر الوفاة المبكرة بنسبة 5%، كما من المحتمل أن تؤدي الصحة النفسية دوراً مهماً في متوسط العمر المتوقع؛ حيث يزيد القلق والاكتئاب من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 8%.

يمكن القول إن الحرب مع الشيخوخة ليست خاسرة غالباً إذا واجهناها بالأسلحة المناسبة؛ فنمط الحياة الذي تعيشه اليوم يحدد صحك في المستقبل، وتذكّر أن 90% من مرضى السكري و80% من مرضى أمراض القلب التاجية و70% من وفيات أمراض القلب والأوعية الدموية تُعزى إلى عادات نمط الحياة غير الصحية.