على الأغلب أنك قد سمعت عن فوائد العسل، فهو من أقدم الأطعمة الطبيعية وأكثرها فائدة للإنسان، حيث استُخِدم على مر العصور بصفته غذاءً ودواءً. لكن قد تواظب على تناوله دون أن تلمس فوائده الصحية، فهل تأكدت من أن العسل الذي تتناوله أصلي وليس مغشوشاً؟
مع ازدياد الطلب على العسل، انتشرت ظاهرة الغش فيه على نحو مُقلق، ما يهدد صحة المستهلكين ويضر المنتجين. يُعرف غش العسل بأنه التلاعب بتركيبه الطبيعي عن طريق إضافة مواد غريبة، أو استبدال بعض مكوناته الأساسية مثل السكر أو شراب الغلوكوز أو شراب الذرة عالي الفركتوز، ما يؤدي إلى انخفاض جودته وقيمته الغذائية.
في هذا المقال، نستعرض خصائص العسل الأصلي، وأضرار العسل المغشوش، بالإضافة إلى الطرق المختلفة، سواء المنزلية أو المعملية، للكشف عن غش العسل، ونصائح لشراء عسل أصلي.
ما هي فوائد العسل الأصلي وخصائصه المميزة؟
يزخر العسل الأصلي بالعديد من الفوائد، فهو يحتوي على سكريات طبيعية تمدُّ الجسم بالطاقة. ويعمل مضاداً للأكسدة يحمي خلايا الجسم من التلف، ويُعدّ مضاداً طبيعياً للبكتيريا والالتهابات حيث يساعد على علاج الجروح والحروق. ويمكن استخدامه في تسكين السعال بفاعلية، وتخفيف أعراض نزلات البرد والإنفلونزا والحساسية. وبحسب دراسة نشرتها دورية (Frontiers in Aging Neuroscience)، يمكن أن يساعد العسل على تعزيز الذاكرة والوظائف المعرفية، فضلاً عن أنه قد يحسّن جودة النوم.
يتميز العسل الأصلي بمجموعة من الخصائص التي تُميّزه عن العسل المغشوش، منها:
- القوام واللزوجة: يكون العسل الأصلي كثيفاً ولزجاً، ويتحرك ببطء عند إمالته. فضلاً عن أنه يميلُ إلى التبلور مع مرور الوقت، وهي علامة على جودته.
- الرائحة والنكهة: يتميز العسل الأصلي برائحة زهرية مميزة وطعم حلو، يختلف حسب مصدر الرحيق.
- اللون: يتراوح لون العسل الأصلي من الشفاف إلى الداكن، حسب مصدر الرحيق، ويكون اللون متجانساً وخالياً من أي شوائب.
اقرأ أيضاً: ما هي أفضل أنواع العسل؟ وكيف يمكن التمييز بينها؟
كيف يتم غش العسل؟ وما هي أضرار العسل المغشوش؟
يعاني العديد من الدول العربية مشكلات غش العسل. فعلى سبيل المثال، يُعدّ العسل اليمني من أفضل أنواع العسل بسبب جودته العالية وفوائده الطبية، ما يجعله هدفاً للغش، حيث تُباع منتجات مغشوشة على أنها عسل يمني أصلي، ما يضر بسمعة المنتج المحلي في الأسواق العالمية. علاوة على ذلك، تنتشر في مصر ممارسات غش العسل بإضافة السكر والماء. على الجانب الآخر، تعاني الإمارات العربية المتحدة والسعودية ارتفاع نسبة العسل المغشوش الذي يتم استيراده أو خلطه بالعسل المحلي.
إذ يمكن أن يلجأ بعض أصحاب المناحل إلى استخدام طرق غير سليمة بهدف زيادة كمية العسل المنتجة وتقليل التكلفة، ما يقلل فوائد العسل ويؤدي إلى العديد من المخاطر الصحية. وتشمل أكثر الطرق شيوعاً في غش العسل:
- إضافة السكريات الصناعية: مثل شراب الذرة عالي الفركتوز، والسكر المكرر، وشراب الغلوكوز، والسكروز، وشراب الأرز، وشراب قصب السكر.
- تغذية النحل بشراب السكر: قد يلجأ أصحاب بعض المناحل إلى تغذية النحل بمحاليل سكرية بدلاً من رحيق الأزهار، لزيادة إنتاج العسل بسرعة، ما يقلل جودته.
- التخفيف بالماء: لتقليل اللزوجة وزيادة الكمية.
- التجفيف السريع: لتسريع عملية الإنتاج، ما يؤثّر في جودة العسل.
- إضافة مواد مالئة: مثل الدقيق أو النشا.
- الغش في النوع: إذ قد يبيع بعض التجار عسلاً من نوع رديء على أنه من نوع فاخر، مثل بيع عسل عادي على أنه عسل سدر، أو خلط عسل فاخر بعسل منخفض السعر أو مستورد وبيعه على أنه محلي.
- التلاعب بالملصقات: كتابة معلومات خاطئة عن مصدر العسل أو نوعه.
يمكن أن يُسبب تناول العسل المغشوش العديد من الأضرار الصحية، منها:
- ارتفاع مستوى السكر في الدم: يحتوي العسل المغشوش على سكريات صناعية تسبب ارتفاعاً سريعاً في مستوى سكر الدم، ما يمثّل خطورة بصفة خاصة على مرضى السكري.
- فقدان الفوائد الصحية: يفتقر العسل المغشوش إلى الخصائص العلاجية الموجودة في العسل الأصلي، مثل الخصائص المضادة للبكتيريا والمضادة للأكسدة.
- التسمم الغذائي: قد يحتوي العسل المغشوش على ملوثات أو مواد ضارة تسبب التسمم الغذائي.
- الحساسية: قد تسبب بعض المواد المضافة إلى العسل المغشوش حساسية لدى بعض الأشخاص.
من جانبه، يحذّر مدير وحدة البحث والتطوير والابتكار والمشرف على أبحاث النحل بجامعة الملك سعود، أحمد آل خـازم الغامدي، من أن تفاقم مشكلة غش العسل قد تقضي على مهنة تربية النحل وإنتاج العسل، مشيراً إلى أنه ثالث منتج غذائي يتم غشه عالمياً بعد الحليب وزيت الزيتون.
اقرأ أيضاً: العسل أو السكر البني أو السكر الأبيض: أي من هذه الخيارات الأفضل لصحتك؟
كيف يمكن اكتشاف العسل المغشوش؟
لا يوجد اختبار واحد يمكنه كشف أنواع غش العسل كافة. ومع ذلك، يمكن أن تسهم الطرق المنزلية التالية في تمييز العسل المغشوش من الأصلي:
- اختبار الماء: ضع ملعقة من العسل في كوب ماء، يترسب العسل الأصلي في القاع دون ذوبان سريع، بينما يذوب العسل المغشوش بسرعة.
- اختبار اللهب/الحرارة: اغمس عوداً قطنياً في العسل ثم أشعله. سوف يحترق العسل الأصلي، بينما لن يحترق العسل المغشوش الذي يحتوي على ماء. ويمكن وضع وعاء من العسل في الميكروويف وتسخينه مدة دقيقة، فإذا تكرمل فهو عسل حقيقي، أما إذا استمر في الغليان وتكوين فقاعات فهو عسل مغشوش.
- اختبار الخل: أضف بضع قطرات من الخل إلى العسل المخفف بالماء. إذا ظهرت رغوة فذلك يدل على وجود مواد مضافة إلى العسل.
- اختبار التشرب: ضع قطرات من العسل على منديل ورقي. لا يتشرب المنديل العسل الأصلي بسهولة، بينما يتشرب العسل المغشوش بسرعة؛ ما يدل على تخفيفه بالماء.
- اختبار السيولة: ضع نقطة من العسل على سطح أحد أظافر اليد. إذا سال العسل فهو مغشوش، وإذا التصق فهو طبيعي.
- اختبار التذوق: تذوق ملعقة صغيرة من العسل في فمك وابتلعها. إذا استمر الطعم الحلو أكثر من 15-20 ثانية، فمن المحتمل أن يكون العسل مغشوشاً.
- اختبار الماء المقطر: أذب كمية من العسل في 5 أضعاف كميتها من الماء المقطر، واترك المحلول حتى اليوم التالي. إذا ترسبت مواد غريبة في القاع، فالعسل مغشوش. أما إذا كان المحلول رائقاً، فذلك يعني أن العسل أصلي.
- اختبار الكحول: أذب العسل في كحول مخفف بنسبة 55%، واترك الخليط حتى اليوم التالي. إذا وجدت رواسب دقيقة في قاع الإناء، فالعسل مغشوش.
- اختبار الكشف عن الغش بالدبس أو العسل الأسود: أمِل عبوة العسل على جانبها. إذا ترسبت مواد على جدار العبوة، فمن المحتمل أن يكون النحل قد تمت تغذيته بالدبس أو أن العسل مخلوط به.
الطرق المعملية لكشف غش العسل
على الرغم من ذلك، لا تُعدّ الطرق المنزلية دقيقة على نحو كامل، وقد لا تكشف أنواع الغش كافة. لذلك، يُفضل إجراء التحاليل المعملية للتأكد من جودة العسل بصفة قاطعة. ومع أنه قد يصعب اكتشاف منتجات العسل المغشوش، خاصة أن خصائص العسل تختلف على نحو كبير بحسب مصادر الرحيق ومواسم الحصاد والمكان الجغرافي، لكن يوجد العديد من الطرق المعملية التي يمكن أن تسهم في اكتشاف العسل المغشوش:
- التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء والرامان (IR): يحدد هذا التحليل التركيب الكيميائي للعسل، ويكشف وجود السكريات المضافة.
- الكروماتوغرافيا الغازية (GC) والسائلة (LC): تكشف هذه الطريقة السكريات المضافة، وتحلل المركبات الطيارة وشبه الطيارة.
- قياس نسب النظائر المستقرة: يحدد هذا المقياس مصدر السكريات، ويكشف الغش بالسكريات النباتية.
- الرنين المغناطيسي النووي (NMR): والذي يحدد نوع الغش بدقة عالية.
- التصوير الحراري التفاضلي (DSC): يكشف الغش من خلال تحليل التغيرات الحرارية.
- الفحص بالمجهر الإلكتروني: يكشف وجود جسيمات غريبة أو مواد مضافة.
اقرأ أيضاً: نصائح عملية لكشف المواد المزيفة من الذهب وصولاً إلى العسل
كيف يمكن التأكد من شراء عسل أصلي؟
قد تساعدك النصائح الإضافية التالية على ضمان شراء عسل أصلي:
- اشترِ من مصادر موثوقة: مثل النحالين المحليين أو المتاجر ذات السمعة الطيبة.
- اقرأ الملصق بعناية: تحقق من مصدر العسل ونوعه ومكوناته.
- تحقق من السعر: فالعسل الأصلي أغلى من العسل المغشوش عادة.
- ابحث عن شهادات الجودة: مثل شهادات فحص جودة العسل، وشهادات ISO.