لماذا يجب علينا جميعاً تلقي لقاحٍ معزز بعد ظهور متغير أوميكرون؟

5 دقائق
لقاح معزز
توفر لقاحات كورونا المعززة الحماية ضد متغير أوميكرون، ولكن ماذا لو بدأت بتلقي اللقاح الآن؟ حقوق الصورة: بوبيولار ساينس.

يواصل متغير فيروس كورونا الجديد «أوميكرون» اكتساب المزيد من الزخم في الولايات المتحدة، ويمثل الآن غالبية الحالات المؤكدة على الصعيد الوطني.

يبدو أن المتغير الجديد سيكون وراء موجةٍ جديدة هذا الشتاء مع تضاعف حالات الإصابة به كل 1.5 إلى 3 أيام في المناطق التي يحدث فيها انتقال الفيروس ضمن المجتمع، الأمر الذي يزيد من أهمية الإرشادات التي توصي الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 16 عاماً وما فوق، والذين تلقوا جرعتي لقاح من فايزر أو موديرنا أو جرعة واحدة من لقاح جونسون أند جونسون، بالحصول على جرعةٍ معززة.

يعد ظهور متغير أوميكرون أمراً مقلقاً ومحبطاً لأن الوباء يقترب من عامه الثالث ولا يزال هناك الكثير لنتعلمه حول كيفية عمله. لكن هناك بيانات مشجعة تشير إلى أن الجرعات المعززة تؤمن المزيد من الحماية ضد متغير أوميكرون وفقاً للخبراء.

لماذا نحتاج إلى جرعةٍ معززة؟

في وقت سابق من هذا العام، بدأ مسؤولو الصحة العامة بالفعل في مناقشة متى قد تكون هناك حاجة لجرعات معززة لعامة السكان. 

يقول جيسون شوارتز، الأستاذ المشارك لسياسة الصحة والإدارة في كلية ييل للصحة العامة: «كان هناك قلق بالفعل من أن جرعتي اللقاح من فايزر أو موديرنا لن تكونا كافيتين لتوفير استجابة طويلة الأمد. لقد أبرز متغير أوميكرون الآن الحاجة الملحة لتقوية جهاز المناعة أكثر من أي وقتٍ مضى».

ويضيف شوارتز: «تعتبر النسخة الأخيرة من فيروس كورونا أكثر قدرةً على الانتقال من نسخة متغير دلتا. لكن لم يُعرف بعد ما إذا كان أوميكرون يسبب أيضاً مرضاً أكثر اعتدالاً كما تفترض بعض البيانات الأولية. لكننا نعلم أن الطفرات في بروتين الشوكة للمتغير الجديد تساعده على تجنب الأجسام المضادة الناتجة عن كل من العدوى السابقة والتطعيم».

ويقول كاميرون وولف، طبيب الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة ديوك: «تشير التقارير الآتية من جنوب إفريقيا وأجزاء من أوروبا والولايات المتحدة أيضاً إلى حدوث حالاتٍ اختراقية أكثر لدى الأشخاص الذين تلقوا التطعيم مع هذا المتغير الجديد مقارنةً مع المتغيرات الأخرى».

ومع ذلك، ذكرت شركة موديرنا يوم الاثنين أن جرعة معززة من لقاحها كانت كافيةً لزيادة مستويات الأجسام المضادة لأوميكرون 37 ضعفاً، بينما أعلنت شركة فايزر في ديسمبر/كانون الأول أن جرعة لقاحها المعززة تزيد الأجسام المضادة بمقدار 25 ضعفاً. يقول شوارتز: «تشير البيانات التي لدينا الآن إلى أن جرعة ثالثة ترفع فعلياً مستويات الأجسام المضادة مرة أخرى إلى المستويات الإيجابية التي رأيناها في وقت مبكر من الجائحة».

في التجارب التي اختبرت الأجسام المضادة المأخوذة من دم الأشخاص الذين تلقوا لقاحات تحوي فيروساتٍ معدلةٍ لنقل البروتينات الموجودة على سطح متغير أوميكرون، تمكنت الأجسام المضادة لمن تلقوا ثلاث جرعات من اللقاح من منع الفيروس من دخول الخلايا البشرية. يقول وولف: «كل هذا نظري، لقد تمت هذه الاختبارات في بيئةٍ مختبرية، لكن عادةً ما ترتبط هذه النتائج إيجابياً بالحماية السريرية في الواقع».

يبدو أن الأجسام المضادة والخلايا المناعية الناتجة عن لقاحات كوفيد-19 المستخدمة في الولايات المتحدة وخارجها توفر حماية كبيرة ضد المرض الشديد الذي يمكن أن يتسبب به متغير أوميكرون. ومع ذلك، فمن المرجح أن تكون جرعة معززة واحدة فقط من لقاحات الرنا المرسال قادرة على منع العدوى.

وحتى إذا كانت الأجسام المضادة التي يحفزها التطعيم غير قادرة على الارتباط بأوميكرون بقوة مثل المتغيرات السابقة، فإن الزيادة في أعداد الأجسام المضادة بعد تلقي الجرعة المعززة يجب أن تعوض ذلك. يقول وولف: «سيكون هناك المزيد من الأجسام المضادة للحماية، حتى لو لم تكن مثاليةً كما كان الحال سابقاً».

من غير المحتمل أن تكون اللقاحات المعززة قادرة على منع العدوى الاختراقية تماماً. ومع ذلك، يقول وولف مؤكداً: «حتى لو تلقيت جرعةً معززة وحصلت لديك عدوىً اختراقية، أعتقد أن الرسالة المهمة التي يجب أن يفهمها المرضى هي أن احتمال دخولهم إلى المستشفى لا يزال أقل بكثير».

اقرأ أيضاً: لماذا لم تفز لقاحات كورونا بجائزة نوبل هذا العام رغم أهميتها؟

متى يجب أن أحصل على جرعة اللقاح المعززة؟

توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن يحصل الأشخاص الذين تلقوا الجرعة الثانية من لقاح فايزر أو موديرنا قبل ستة أشهر على الأقل، والأشخاص الذين تلقوا لقاح جونسون آند جونسون قبل شهرين على الأقل، بتلقي جرعة لقاحٍ معزز، ويُفضل أن يكون لقاحاً قائماً على الرنا المرسال.

يقول وولف: «في هذه المرحلة، يجب أن يتلقى كل شخص ثلاث جرعات من اللقاح». ويذكر شوارتز أنه من المألوف إعطاء أكثر من جرعتي لقاح للوقاية من أمراضٍ أخرى.

ربما تفكر بجدية بأخذ الجرعة الثالثة المعززة بأسرع ما يمكن مع تزايد خطر متغير أوميكرون الجديد. ولكن إذا تلقيت الجرعة الثانية من اللقاح منذ بضعة أسابيع فقط، أو قد تلقيت الجرعة الأولى منذ وقتٍ قريبٍ جداً، فلا يجب أن تحصل على لقاح ثالث على الفور. يقول وولف: «أعتقد أنه يمكنك تلقي الجرعات الثلاثة في وقتٍ أسرع، ولكننا رأينا مع لقاحات أخرى أنه من الأفضل أحياناً إتاحة بعض الوقت بين التطعيمات للحصول على استجابة مناعية كاملة وقوية».

ينصح رينولد بانيتييري، مدير معهد روتجرز للطب والعلوم الانتقالية، بالانتظار للفترة الزمنية الموصى بها حالياً: «أود أن أقول إنه يجب عليك الالتزام ببرنامج اللقاح. خذ اللقاحين الأوليين إذا كان لقاح رنا مرسال، ثم خذ الجرعة المعززة بعد ستة أشهر».

قد يقوم المسؤولون الصحيون بتعديل الجدول الزمني لتلقي الجرعات في المستقبل. لكن حتى ذلك الوقت، هناك أخبار سارة للملقحين حديثاً. يقول شوارتز: «حتى لو كنت غير مؤهلٍ بعد للحصول على الجرعة المعززة، سيكون لديك مستوىً عالٍ من الأجسام المضادة بعد تلقي الجرعة الثانية من اللقاح».

ويضيف شوارتز: «يجب أن نغير في المستقبل الطريقة التي نفهم من خلالها التطعيم. يتطلب الأمر منا التفكير بشكلٍ مختلف حول مفهوم "التطعيم بالكامل"، لأنه مفهوم غامض في أحسن الأحوال، والتحدث بدلاً من ذلك عما إذا كان شخصٌ ما على اطلاع بأحدث التطعيمات مقارنةً بنصائح الصحة العامة».

لسوء الحظ، من المتوقع أن نحصل على المزيد من الجرعات المعززة ضد كوفيد-19 في المستقبل مع استمرار تحور الفيروس، خصوصاً في المناطق من العالم التي لا يزال فيها الوصول إلى اللقاحات محدوداً. يقول وولف: «لسوء الحظ، نحتاج إلى التكيف مع ظهور المزيد من المتحورات نظراً لأن الفيروس أثبت أنه قادر على التحور والتكيف بالفعل».

ويتوقع بانيتييري أنه سيتم تطعيم الجميع في الأشهر الستة المقبلة. ويضيف: «سنشهد ابتكاراً للقاحٍ معزز مخصص لمتغير أوميكرون. لقد بدأ مطورو اللقاحات العمل على تركيباتٍ محدثة مصممة خصيصاً للمتغير، على الرغم من أنه ما يزال علينا أن نرى ما إذا كانت الهيئات التنظيمية ستقرر في النهاية ما إذا كانت ضرورية».

ويقول شوارتز إنه يمكن تحديث لقاحات كوفيد-19 سنوياً لاستهداف أي متغير ينتشر في ذلك الوقت، كما هو الحال بالنسبة للقاح الإنفلونزا الموسمية.

اقرأ أيضاً: خيارات متعددة: أيّ لقاحات كورونا هو الأفضل؟

ما الذي يمكننا فعله أيضاً لحماية أنفسنا من متغير أوميكرون؟

على الرغم من أن اللقاحات تبدو أنها توفر حماية أقل ضد عدوى أوميكرون، إلا أنها ما تزال توفر الوقاية من المرض الشديد على ما يبدو، خاصة بعد تلقي جرعةٍ معززة. في الواقع، يمثل متغير أوميكرون شديد العدوى أكبر تهديد للأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم بعد، لذلك تظل الجهود المبذولة للوصول إلى هؤلاء الأشخاص في الولايات المتحدة وخارجها أمراً بالغ الأهمية.

يقول بانيتيري: «لا يزال لدينا عدد كبير من الأشخاص الذين لم يتلقوا التطعيم، لذلك سيصبحون خزاناً لمرض أكثر خطورة، سواء كان جراء متغير دلتا أو أوميكرون».

في هذه الأثناء، لا يزال من المهم للأشخاص الذين تلقوا اللقاح الاستمرار في ارتداء الكمامات والاختبار وممارسة التباعد الاجتماعي، حتى بعد الحصول على جرعة معززة. يقول وولف في هذا الصدد: «في الأوقات التي تسبق العطلات التي تشهد تجمعاً لعدد أكبر من الأشخاص، من المهم توخي الحذر والاستعداد للإلغاء إذا ظهرت عليك أعراض كوفيد-19 المحتملة، وأن تكون حريصاً بشكل خاص على ارتداء الكمامة عند السفر». ويضيف وولف: «في الأسبوع الذي يسبق حفلات عيد الميلاد، عليك الحرص أكثر للتأكد من أنك لن تكون الشخص الذي يجلب فيروس كورونا إلى المنزل».

ويشعر بانيتيري بالقلق من أنه، وحتى مع الحماية التي توفرها الجرعات المعززة من الأمراض الشديدة، فإن الأعداد الكبيرة من حالات الإصابة بمتغير أوميكرون التي ستظهر قريباً يمكن أن ترهق أنظمة الرعاية الصحية. يقول في هذا الصدد: «أعتقد أننا في وضع محبط في الوقت الحالي، وأنا أشدد على ضرورة العودة إلى ارتداء الكمامات والتزام التباعد الاجتماعي واستخدام المطهرات وتجنّب التجمعات الكبيرة ما أمكن. إنه لأمر محزن أن يحدث ذلك خلال الأعياد، لكن يتعين علينا إعادة اعتماد تلك الاستراتيجية إلى جانب اللقاحات والاستفادة من أحدث العلاجات التي تخفف احتمال المرض الشديد».

على الرغم من أهمية اللقاحات، كما يقول شوارتز، فمن المهم أن نتذكر أنها ليست سلاحنا الوحيد ضد كوفيد-19، حيث يقول: «نعرف الكثير عن الفيروس وكيفية انتشاره والتدابير التي يمكن للأفراد اتخاذها والتي قد تؤثر عليهم، ولكنها مهمة جداً لحماية أنفسهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم».

المحتوى محمي