دراسة جديدة تُبيّن أن أطباء َمصر القديمة ربما حاولوا علاج السرطان

2 دقيقة
دراسة جديدة تُبيّن أن أطباء َمصر القديمة ربما حاولوا علاج السرطان
الجمجمة إي 270، التي تعود إلى الفترة بين عامي 663 و343 قبل الميلاد وتنتمي إلى امرأة يزيد عمرها على 50 عاماً.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

منذ آلاف السنين، أجرى المصريون القدماء بعض العلاجات الطبية المشابهة لبعض العلاجات التي لا يزال الأطباء يجرونها حتى اليوم. تكشف الأدلة النصية والأثرية أنهم تمكنوا من صنع الأطراف الاصطناعية وملء تجاويف الأسنان. ربما حاول المصريون القدماء أيضاً علاج سرطان الدماغ، على الرغم من أنهم فعلوا ذلك دون الاستفادة من التخدير الفعال وغيره من التقدمات الطبية الكبيرة.

محاولات المصريين القدامى لإجراء عمليات جراحية في الجمجمة

وصف فريق دولي من العلماء في دراسة نشرت بتاريخ 29 مايو/أيار 2024 في مجلة آفاق في الطب (Frontiers in Medicine) كيف اكتشف أدلة على محاولات لإجراء عمليات جراحية في جمجمتين بشريتين يبلغ عمرهما 4 آلاف عام. قالت الباحثة في جامعة توبنغن في ألمانيا والمؤلفة المشاركة للدراسة، تاتيانا تونديني، في بيان صحفي: "لاحظنا أنه على الرغم من أن المصريين القدماء استطاعوا التعامل مع كسور الجمجمة المعقدة، فإنهم كانوا يجهلون الكثير عن السرطان. أردنا أن نكتشف تأثير السرطان في الماضي ومدى انتشار هذا المرض في العصور القديمة وكيف تفاعلت المجتمعات القديمة معه".

اقرأ أيضاً: بلسم التحنيط: سرٌ جديد من أسرار الحضارة المصرية

فحص الفريق في الدراسة جمجمتين من مجموعة دَكوورث في جامعة كامبريدج. تعود العينّة الأولى التي تحمل اسم "الجمجمة والفك السفلي 236" إلى الفترة بين عامي 2687 و2345 قبل الميلاد، وهي تنتمي إلى ذكر يتراوح عمره بين 30 و35 عاماً. أما العينة الثانية التي تحمل اسم "الجمجمة إي 270" فتعود إلى الفترة بين عامي 663 و343 قبل الميلاد، وهي تنتمي إلى امرأة يزيد عمرها على 50 عاماً. احتوت العينة الأولى على آفة كبيرة تتوافق مع حدوث تلف مفرط في الأنسجة، وهي حالة تسمى تشكّل الورم. احتوت هذه الجمجمة أيضاً على نحو 30 آفة مهاجرة صغيرة ومستديرة في مختلف أنحائها.

تظهر علامات القص على العديد من الآفات النقيليّة في الجمجمة 236. حقوق الصورة: تاتيانا تونديني، ألبرت إيسيدرو، إدغارد كاماروس، 2024.

عمليات استكشاف طبية متعلقة بالسرطان

المثير للدهشة أن الباحثين اكتشفوا أيضاً علامات قص مختلفة حول هذه الآفات. يعتقد هؤلاء أن علامات القص ربما نتجت عن أداة حادة، ومن المحتمل أنها أداة معدنية. قال المتخصص في جراحة الأورام في مستشفى القلب المقدس الجامعي في إسبانيا والمؤلف المشارك للدراسة، ألبرت إيسيدرو، في بيان صحفي: "يبدو أن المصريين القدماء أجروا نوعاً من التدخل الجراحي المتعلق بوجود الخلايا السرطانية، ما يثبت أن الطب المصري القديم تضمّن تطبيق علاجات تجريبية أو إجراء عمليات استكشاف طبية متعلقة بالسرطان".

علامات قص وجدت في الجمجمة 236، ربما نتجت عن أداة حادة. حقوق الصورة: تاتيانا تونديني، ألبرت إيسيدرو، إدغارد كاماروس، 2024.

احتوت الجمجمة إي 270 على آفة كبيرة يرجّح أنها ورم سرطاني تسبب بتلف العظام. وفقاً للفريق، قد يعني ذلك أن السرطان كان مرضاً شائعاً في العصور القديمة. احتوت هذه الجمجمة أيضاً على آفات ملتئمة من إصابات رضحيّة. يبدو أن إحدى الإصابات نتجت عن حادث عنيف من مسافة قريبة استخدم المهاجم فيه سلاحاً حاداً. قد يعني وجود هذه الآفات الملتئمة أن الأنثى المصابة ربما تلقت نوعاً من العلاج ونجت بسببه. مع ذلك، فإن رؤية جرح كهذا على عينة من أنثى غير شائع؛ إذ توجد أغلبية الإصابات المرتبطة بالعنف التي اكتشفها علماء الآثار في الهياكل العظمية للذكور. تقول تونديني: "هل شاركت هذه الأنثى في أي نوع من الأنشطة الحربية؟ إذا شاركت بالفعل، فستجب علينا إعادة التفكير في دور المرأة في الماضي وكيف شاركت بنشاط في الصراعات خلال العصور القديمة".

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تتحدى الافتراضات القديمة حول أسباب السرطان

يواجه الباحثون في أثناء دراسة بقايا الهياكل العظمية مثل هذه العديد من التحديات الكبيرة التي تجعل تحديد ما حدث على نحو قاطع صعباً. أغلبية بقايا البشر التي تُكتشف غير كاملة ولا تترافق بأي معلومات عن التاريخ السريري. يمكن أن يساعد إجراء المزيد من الدراسات على عينات أخرى على كشف المزيد من الطرق التي تعاملت وفقها المجتمعات القديمة مع السرطان. قال عالم الأمراض القديمة في جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا في إسبانيا والمؤلف المشارك للدراسة، إدغارد كاماروس، في بيان صحفي: "هذا الاكتشاف هو دليل فريد على الطرق التي حاول الأطباء المصريون القدماء التعامل وفقها مع السرطان أو استكشافه منذ أكثر من 4 آلاف عام. توفّر دراستنا منظوراً جديداً استثنائياً لفهمنا لتاريخ الطب".