الرمال الشمعية: طريقة مبتكرة لزراعة المحاصيل في الصحراء

2 دقائق
الرمال الشمعية: طريقة مبتكرة لزراعة المحاصيل في الصحراء
حقوق الصورة: شترستوك.

أوجد فريق من الباحثين من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) رمالاً مبتكرة تساعد في زراعة المحاصيل في التربة الرملية الصحراوية، وتقلل حاجتها لكميات كبيرة من مياه الري، والتي يتبخر معظمها عادةً بفعل درجات الحرارة العالية.

معاناة المناطق الصحراوية مع مياه الري

تواجه العديد من بلدان المناطق الصحراوية القاحلة مثل المملكة العربية السعودية مشكلات خطيرة تتعلق بالأمن المائي، حيث تتسبب درجات الحرارة المرتفعة والرياح الجافة بتسريع تبخر المياه من التربة وزيادة النتح من النباتات، وبالتالي تزداد الحاجة إلى المياه للحفاظ على درجة الحرارة المثالية وامتصاص العناصر الغذائية. 

لتجاوز هذه المشكلة، يزيد المزارعون كمية المياه التي يروون فيها حقولهم، لتلبية احتياجات محاصيلهم المتزايدة من الماء بسبب التبخر، في بلد يعاني في الأساس من شح في موارد المياه العذبة، وتُروى محاصيله من المياه الجوفية القليلة.

يقول "كينيدي أودكونيرو"، باحث ما بعد الدكتوراه في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في فريق "هيمانشو ميشرا": "مع استخدام أكثر من 70% من موارد المياه العذبة في البلاد للزراعة، فإن طبقات المياه الجوفية التي توفر 90% من مياه الري يتم استنفادها بشكل لا رجعة فيه". 

من الحلول الأخرى لتقليل كمية مياه الري في البلدان القاحلة، استخدام الأغطية البلاستيكية للحد من التبخر، ولكن ينتهي الأمر بأغطية البلاستيك في مقالب القمامة، وهذا حل غير مستدام، ولا يتوافق مع سياسات المملكة التي تسعى لتصبح "السعودية الخضراء".

ساند إكس: الرمال المقاومة لتبخر المياه

إن الحلول غير المستدامة دفعت هيمانشو ميشرا وزملاؤه عام 2016 إلى تطوير رمالٍ شديدة المقاومة للماء تسمى "ساند إكس" (SandX)، وهي مادة مستوحاة من المواد الحيوية الطبيعية، تتكون من حبيبات الرمل أو التربة الرملية المغطاة بطبقة نانوية من شمع البارافين. إن اجتماع خشونة الرمال مع الشمع الطبيعي غير النفوذ خلق سطحاً شديد المقاومة للماء. 

أجرى فريق الباحثين دراسة ميدانية مدتها 4 سنوات على نباتات البندورة والقمح والشعير في غرب المملكة العربية السعودية، حيث تمت تغطية التربة الرطبة بطبقة من رمال "ساند إكس" بسمك 5-10 ميليمتراً، ما أدى إلى تقليل تبخر المياه بشكل كبير. 

يقول ميشرا: "إن ساند إكس حسّن بشكل كبير صحة النبات وحجمه وإنتاجيته في ظل الري العادي، ولكن العوامل الفيزيولوجية المحددة الكامنة وراء هذه النتائج كانت غير واضحة".

تأثير استخدام ساند إكس على نبات البندورة

ركز الفريق أبحاثه أكثر على نبات البندورة، ودرسوا تأثير "ساند إكس" عليه بشكل خاص، فقد درسوا مجموعة من نباتات البندورة المزروعة في ظروف شبيهة بالصحراء خاضعة للرقابة وفي تربة مغطاة بساند إكس، وقارنوها مع مجموعة أخرى غير مغطاة بساند إكس. شملت الدراسة تتبع استخدام المياه وحجم النبات والصحة الفيزيولوجية للجذور والبراعم والثمار في ظل الري العادي والمخفض.

في النتائج، بقيت كمية مياه التبخر والنتح كما هي في النباتات المغطاة وغير المغطاة. لكن قللت التغطية برمال ساند إكس من خسائر التبخر بنحو 80%، ما عزز النتح واستفادت النباتات من مياه الري أكثر.

من الفوائد الأخرى التي منحها استخدام ساند إكس للنباتات:

  • اتساع نسيج الجذور في النبات، وهو الوعاء الذي ينقل الرطوبة والمعادن من الجذر عبر الساق، ما يحسن امتصاص التربة للماء والمغذيات. 
  • زيادة محصول ثمار البندورة المغطاة بنحو 30% عن مثيلاتها غير المغطاة. 

من ناحية أخرى، يقدم استخدام ساند إكس حلاً مستداماً للاستهلاك المفرط للمياه.

اقرأ أيضاً: سعودي مبدع يجمع مياه الأمطار في أحواض من الصخور لاستخدامها في زراعة البن

يستمر الفريق بإجراء التجارب الميدانية على محاصيل مختلفة وأشجار محلية في المملكة العربية السعودية، وقد بدأ أيضاً في توسيع نطاق إنتاج رمال ساند إكس بعد تلقي منحة الابتكار والتنمية الاقتصادية من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. ويرى الباحثون أن هذه التقنية ستساهم في إنتاج الغذاء ومشاريع التخضير في المناطق القاحلة عبر الشرق الأوسط وما وراءه.

المحتوى محمي