المشكال: تحفة معمارية فريدة في مؤتمر عين على المستقبل في السعودية

4 دقائق
المشكال
حقوق الصورة: ستافيش.

كشفت شركة «ستافيش» في الثاني من فبراير/ شباط عن أكبر مشكال في العالم، في مؤتمر عين على المستقبل 2022 «LEAP» الذي أُقيم في المملكة العربية السعودية. ما الذي يميز هذا التصميم؟ ولماذا هو الأكبر من نوعه؟ وما هو المشكال أصلاً؟ تابع القراءة لتجد الإجابة.

أكبر مشكال في العالم

في الثاني من فبراير/ شباط 2022، كشفت شركة ستافيش (STUFISH Entertainment Architects) عن أكبر مشكال في العالم في مؤتمر عين على المستقبل 2022 (LEAP One Eye On the Stars) الذي أُقيم في المملكة العربية السعودية في الفترة الواقعة بين 1 إلى 3 فبراير 2022. شاهد زوار المؤتمر من خلاله مشاهد المناظر الطبيعية الخلابة لشبه الجزيرة العربية المحوّلة رقميّاً، ما يعكس التزام المملكة في الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة وتطويرها.

يبلغ طول المشكال 40 متراً وارتفاعه 6 أمتار وعرضه 3 أمتار، ويكون بذلك المشكال الأكبر من نوعه في العالم، وهو مصمم بمرايا سلسة وخالية من الالتواء لتحقيق بيئة داخلية واسعة ومذهلة. واستُخدمت في بلاط الأرضية والجدران مصابيح ليد LED، والتي انعكست من خلال المرايا الكبيرة التي يبلغ ارتفاعها 6 أمتار. خلق ذلك مشاهد أخذت الزوار في رحلة من قاع البحر إلى السماء والنجوم فوق شبه الجزيرة العربية.

يقول «ماسيج وورونيكي» من شركة ستافيش، إن الهدف من المشكال إيضاح: «كيف يمكن للتصميم البسيط والمدروس، عند دعمه بمادة يمكن قياسها على النحو المنشود، أن يقدم تجربة أكبر بكثير مما تم بناؤه وما هو متوقع». وأضاف: «نشعر أن هذا مثال على الكفاءة والاستدامة في الهندسة المعمارية».

يُمثّل مؤتمر LEAP منصةً عالميةً وحدثاً استثنائياً، يستضيف خبراء التقنيات المستقبلية والتقنيات المميزة الواعدة من جميع أنحاء العالم. إنه منبر للتقدم دائم التسارع واعتماد أحدث التقنيات. ويستقطب أفضل العقول البشرية في العالم؛ من الشركات التقنية الرائدة والرواد الملهمين في الشركات الناشئة العالمية، وأصحاب رأس المال الاستثماري الذين سيقدمون الوسائل اللازمة لتحقيق أحلام رواد الأعمال.

اقرأ أيضاً: العثور على حطام سفينة من القرن الثامن عشر في البحر الأحمر قبالة شواطئ السعودية

ما هو المشكال؟

المشكال
حقوق الصورة: شترستوك.

المشكال هو أداة تشبه المنظار، تعرض صوراً تختلف في كل مرة تنظر إليها عبره، بحيث لا ترى المشهد نفسه مرتين، ولا يمكن لشخصين رؤية المشهد نفسه. يتألف في أبسط حالاته من أنبوب من الورق المقوى، ذو ألوان زاهية، ومجموعة من المرايا المرتبة بزوايا معينة، وأشياء بسيطة، ويتبع قوانين علمية في عمله. يُسمى بالإنجليزية «kaleidoscope»، وهي تسمية مُشتقة من اليونانية، تعني "الشكل الجميل الذي يمكن رؤيته".

اقرأ أيضاً: إطلاق أول منصة رقمية في السعودية لإدارة ارتفاع ضغط الدم الرئوي

مكونات المشكال

يتكون المشكال بصورته البسيطة من مرآتين أو ثلاثاً، أو أسطح عاكسة، موضوعة بشكل زاوية على شكل حرف V أو مثلث. يُحيط بالمرايا أنبوب يشبه المنظار. تُوضع مجموعة من الأشياء (مثل الخرز أو الأزرار أو القطع الزجاجية) في أحد طرفي الأنبوب، ضمن ما يشبه العلبة، وهناك فتحة للعين في الطرف الآخر.

اقرأ أيضاً: ضمن مبادرة السعودية الخضراء: 250 ألف شجرة «غضا» ستُزرع في الصحراء

كيف يعمل المشكال؟ يكمن السر في الفيزياء 

المشكال
حقوق الصورة: شترستوك.

تعتمد آلية عمل المشكال على قوانين الانعكاس والتناظر، فعند النظر من فتحة المشكال، ترى انعكاسات لا نهائية لصورة الأشياء على المرايا، ممتدة على 360 درجة، ما يرسم لوحات هندسية معقدة فريدة في كل لحظة تنظر فيها عبره.

وأيضاً، كل صورة تتشكل داخله، تكون عبارة عن صورة مكررة ومتناظرة بالنسبة للصورة المجاورة لها. وكلما زادت دقة ربط المرايا أو الأسطح العاكسة معاً، زادت دقة الصور المطابقة الناتجة.

تتأثر جمالية الصور المتشكلة بعدد المرايا والزوايا المحصورة بينها. على سبيل المثال، تخلق 3 مرايا سلسلة من الانعكاسات المثلثة المعقدة. 

الأشياء الموضوعة داخل المشكال تتحرك عند هزه أو تدويره، ولا تعود وتترتب بنفس الترتيب السابق أبداً، لذلك لن ترى التصميم نفسه مرة أخرى أبداً.

اقرأ أيضاً: عمرها 4500 عام: علماء آثار يكتشفون طرقاً ومقابر قديمة على جانبيها في السعودية

قصة اختراع المشكال والتطورات التي طرأت عليه حتى الآن

حصل «ديفيد بروستر»، وهو فيزيائي اسكتلندي، على براءة اختراع المشكال في عام 1817. لكن جذور هذا الاختراع تمتد لـ 8 آلاف عام، مع اختراع المرآة، حيث تشير بعض الدلائل إلى استخدام قطع من حجر السج المصقول (زجاج بركاني) كمرايا. 

وتم تسجيل خداع بصري محتمل لساحر مصري قديم يتضمن مرآة. وبحلول القرن السابع عشر، بُنيت «قاعة المرايا» في قصر «فرساي» الفرنسي، وهي ممر مزخرف به 357 مرآة. وفي بدايات القرن التاسع عشر، تم إعداد مسرح المرايا بهدف التسلية، وبدأ العلماء يبلورون مفاهيم الضوء والبصريات.

في عام 1816، كان الدكتور «بروستر» أول من رتّب المرايا والأشياء في أنبوب ووصفه بالمشكال. ثم بدأ المصممون والفنانون بتصميم المشكال بطرق فنية وجميلة. 

وفي عام 1873، أضاف الأميركي «تشارلز بوش» العديد من التحسينات، فقد أضاف حاملاً يمكن فكه بسهولة، لسهولة النقل، وعجلة دوارة للحصول على مجموعة متنوعة من التصاميم الممكنة. كانت تصاميم بوش للمشكال على شكل أمبولات، والأمبولة عبارة عن قارورة زجاجية صغيرة محكمة الإغلاق تحتوي غالباً على سائل أو اثنين، أحدهما أكثر كثافة، أو له خصائص مختلفة، أو سائل به مادة صلبة، ما جعل التصاميم أكثر تعقيداً.

في القرن التالي، أي العشرين، انتشر المشكال بين أيدي الأطفال، وأُقيم معرض في مركز «ستراثمور هول» للفنون في «ميريلاند» في عام 1985 شمل أكثر من 100 مشهداً ونال اهتماماً كبيراً. سرعان ما تبع ذلك إنشاء جمعية «بروستر كاليدوسكوب» (Brewster (Kaleidoscope لعشاق المشكال.

اقرأ أيضاً: المشاريع السعودية تحصد الحصة الأكبر في تحدي ناسا لتطبيقات الفضاء

أنواع المشكال

المشكال
حقوق الصورة: شترستوك.

اليوم، أصبح للمشكال أنواع لا تعد ولا تحصى، وتختلف حسب الشكل الخارجي، والمواد المصنوع منها المشكال، أو الأشياء الموجودة داخله.

المادة المصنوع منها

 تختلف المواد المستخدمة في صنع جسم المشكال بشكل كبير، إذ يمكن أن يُصنع من أحد المواد العديدة شائعة الاستخدام، مثل الورق المقوى، والخشب، والمعادن مثل النحاس، والزجاج الشفاف أو الملون، والبلاستيك.

الشكل الخارجي

اختُرع المشكال بدايةً على شكل أنبوب يشبه المنظار أو التلسكوب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون له شكل البرميل، كما أن بعض أنواعه مخروطية الشكل، وبعض التصميمات لها شكل حر. 

يُحمل المشكال باليد، وتزوّد بعض الأنواع بحوامل. وعن حجمها، يتراوح من الصغير جداً ليوضع في قلادة، حتى الضخم جداً، كمشكال السعودية. قد يكون للمشكال وجهين يمكن أن ينظر عبره اثنان في وقت واحد لمشاهدة نفس التصميم من جوانب مختلفة.

الأشياء الموجودة داخله

لا يمكن حصر الأشياء التي يمكن أن تصنع المشهد الملفت الذي تراه في المشكال. فقد تكون عبارة عن قطع من الزجاج الملون، أو الخرز أو الأزرار، أو الأمبولات، أو النثار اللامع، وقد توضع فيه عناصر من الطبيعة مثل الريش أو الزهور.

من ناحية أخرى، قد لا تضع في المشكال أشياء نهائياً، بل تضع في الجهة المقابلة لفتحة العين زجاجاً شفافاً، تنظر إلى ما يحيط بك عبره، مع انعكاساته الجميلة.

إن صنع هذه التصاميم الفريدة للمشكال جاءت من وحي الخيال النابض للمصممين، وتجلى أكبر هذه التصاميم وأكثرها تطوراً بالمشكال الذي عرضته شركة ستافيش في السعودية.