دراسة جديدة: الطريقة التي تتعامل بها أدمغة الذباب مع الأحداث الصادمة تساعدنا على فهم الشيخوخة

دراسة جديدة: الطريقة التي تتعامل بها أدمغة ذباب الفاكهة مع الأحداث الصادمة تؤثر على فهمنا للشيخوخة
عندما تشهد الحشرات الصغيرة حدثاً مأساوياً أو تشم رائحته، يمكن أن تتأثر على نحو بليغ. ديبوزيت فوتوز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تؤثّر فينا تجاربنا اليومية بغض النظر عما إذا كانت إيجابية أم سلبية. في النهاية، فإن بدء النهار برؤية ابتسامة من أحد أفراد أسرتك سيحسّن مزاجك بينما ستزعجك رؤية حيوان ميت وأنت في طريقك إلى العمل على سبيل المثال. ولكن اعتماداً على مدى قسوة الظروف، يمكن أن تولّد رؤية حدث ما تأثيرات قد تدوم لفترة طويلة.

كيف يؤثر التعرض لأحداث معينة في تقدمنا بالعمر؟

تساءل العلماء لسنوات ودرسوا كيف يؤثر التعرض لأحداث معينة، مثل صدمة في الطفولة أو الإجهاد، في الطريقة التي نتقدم بها في العمر، واستبدل فريق من العلماء في مجموعة من التجارب المستمرة حتى الآن البشر بذباب الفاكهة للإجابة عن هذه التساؤلات. كما تبيّن هذه التجارب، يتأثر معدّل تقدّم هذه اللافقاريات بالعمر عندما تشهد حدثاً مأساوياً أو تشم رائحة تدل على وقوع حدث مأساوي.

اكتشفت مجموعة من العلماء من جامعة ميشيغان في دراسة نُشرت عام 2019 أنه عندما رأت ذبابة الفاكهة الشائعة (أو دروسوفيلا ميلانوغاستر) ذبابة ميتة أخرى من النوع نفسه، حفّزها ذلك على إرسال إشارات منفّرة للذباب الآخر، وغيّر في كيميائية دماغها وتسبب بخفض مخزونها من الدهون ومقاومتها للجوع، كما أنه سرّع من تقدّمها في العمر.

ردود الفعل هذه ليست نادرة تماماً؛ إذ يستشهد المؤلفون بحقيقة أن بعض الأنواع من الحشرات الاجتماعية مثل النمل ينقل الجثث خارج المستعمرات. تصدر الأفيال الأصوات أيضاً وتفحص الجثث عندما ترى الأفيال الميتة، وتزداد مستويات هرمونات التوتر لدى إناث قردة البابون عندما تحزن على موتاها.

اقرأ أيضاً: هل هناك طرق أفضل لعكس الشيخوخة اليوم من الراديوم الذي كان يُعتبر إكسيراً للشباب يوماً ما؟

ماذا يحدث في دماغ ذباب الفاكهة عند رؤية مشاهد صادمة؟

توصّل فريق العلماء السابق الذكر الآن إلى فهم أعمق حول ما يحدث في دماغ الذباب الصغير عند رؤية الأفراد الميتين، ونُشرت النتائج الجديدة بتاريخ 13 يونيو/ حزيران 2023 في مجلة بلوس بايولوجي (PLOS Biology).  درس الفريق في هذه التجربة الأخيرة الدارات العصبية وعمليات إصدار الإشارات المركزية في أدمغة ذباب الفاكهة المصابة بالصدمة.

استخدم الباحثون طريقة الوسم الفلوريّ لمعرفة ما يحدث في الدماغ، ولاحظوا ازدياد نشاط ما يدعى بالجسم الإهليلجي عند رؤية الذبان للأفراد الميتين. يحتوي هذا الجزء من الدماغ على خلايا تحمل اسم محاور الخلايا العصبية الحلقية الصفيحية، وهي تزود الجسم الإهليلجي بالأعصاب وتتوسط عمليات مثل التكامل الحسي والتنسيق الحركي.

اقرأ أيضاً: بعد إبطاء عجلة الشيخوخة عند الفئران: هل سيتمكن العلماء من إعادة عقارب الساعة للوراء عند البشر؟

ثبّط الباحثون الخلايا العصبية الحلقية واحدة تلو الأخرى لاكتشاف من منها يرتبط بازدياد نشاط الجسم الإهليلجي. كشفت هذه العملية عن وجود محورين عصبيين حلقيين ضروريين للاستجابة يحتويان على مستقبل معين يرتبط بالجزيء المرسال الذي يحمل اسم السيروتونين. لاحقاً، نشّط الباحثون هذه الخلايا العصبية اصطناعياً ولاحظوا أن فترة حياة الذباب تقلصت عند تنشيطها، حتى لو لم ترَ الحشرة ذبابة ميتة من قبل.

وفقاً للباحثين، يمكن أن يساعد هذا النوع من الأبحاث على تطوير أدوية توقف عملية تقدّم البشر في العمر مؤقتاً في عالمنا المهووس بعملية الشيخوخة وكيفية الوقاية منها وإبطائها أو حتى إيقافها تماماً. ولكن حتى يتمكن العلماء من فعل ذلك، فإن العبرة من النتائج الجديدة هي أن التعامل مع الموت هو تجربة معقّدة حتى بالنسبة للمخلوقات بالغة الصغر مثل الذبان.