كيف يصل البلاستيك إلى غذاء الأجنة البشرية؟ دراسة حديثة تجيب

2 دقيقة
دراسة حديثة تُشير إلى أن البلاستيك وصل إلى الجسم البشري ووُجِد في الزغابات المشيمية
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لا شك في أن البلاستيك ليس الصديق الأفضل للبيئة، وإنما هو حمل ثقيل على عاتقها لأنه يحتاج إلى سنين كي يتحلل. وحديثاً تبين أن جزيئات البلاستيك الدقيقة التي تقل عن 5 ملم قد وجدت طريقها لتستقر في جسم البشر، إذ وجدت دراسة حديثة نُشِرت في دورية “علوم السموم” (Toxicological Sciences) تحت عنوان “القياس الكمي وتحديد تراكم المواد البلاستيكية الدقيقة في عينات المشيمة البشرية باستخدام تحليل كروماتوغرافيا الغاز الحراري وقياس الطيف الكتلي”، أن البلاستيك في أثناء تحلله يتحول إلى جزيئات دقيقة للغاية قادرة على أن تصل إلى الإنسان عن طريق الغذاء.  

اقرأ أيضاً: هل تُفّرق البدانة بين الذكر والأنثى؟ بحث جديد يشير إلى أن للجنس والعمر دوراً في زيارة الوزن

حيث استخدم هذا البحث الذي أجراه ماركوس غارسيا، وهو باحث في العلوم الصيدلانية الدوائية في مركز العلوم الصحية بجامعة نيو مكسيكو، تقنيات مبتكرة لقياس وتحديد المواد البلاستيكية الدقيقة في عينات أنسجة المشيمة، ما يوفّر رؤى قيمة حول الآثار المحتملة على صحة الأم والجنين.

الزغابات المشيمية البشرية تحتوي على جزيئات بلاستيكية دقيقة

المشيمة البشرية هي الغشاء الذي يحمي ويغذّي الجنين في أثناء حياته في رحم الأم، وفي آخر الدراسات التي أجريت عليها والتي تضمنت فحص 62 عينة لزغابات مشيمية من إناث أنجبن أطفالاً سليمين، تبين أن العينات جميعها تحتوي على ما بين “3 و60 جزيء” من البلاستيك الدقيق بمتوسط “20 جزيء” لكل عينة.

وتحقق من ذلك من خلال استخراج مواد صلبة من عينات أنسجة المشيمة، ومن ثَمَّ إخضاع العينات للتصبن والطرد المركزي الفائق لعزل جزيئات البلاستيك الدقيقة. بعد ذلك، استخدم الفريق مقياس الطيف الكتلي للتحلل الحراري للغاز وهي تقنية تحليلية حديثة، لتحديد وتقدير المواد البلاستيكية الدقيقة.

كمعيار آخر، استُخدِم الفحص المجهري الفلوري والعد الآلي للجسيمات في البداية لتحليل عينات أنسجة المشيمة، والذي يكشف عن وجود جزيئات وألياف أكبر من 1 ميكرون. وحُدِدت أنواع مختلفة من البلاستيك في العينات مثل البولي إيثيلين والبولي بروبيلين والبولي فينيل كلورايد والبولي إيثيلين تريفثالات والبولي أميد والبولي أكريليك. 

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تُثبت مخاطر صحية مرتبطة بالأطعمة الجاهزة لاحتوائها على جزيئات بلاستيكية

وعند تتبع مصادر الجزيئات البلاستيكية تبين أنها تعود إلى منتجات استخدمتها الإناث في حياتهن اليومية، مثل مستحضرات التجميل والملابس والأواني البلاستيكية والأكياس والأغطية. ويعتقد الباحثون أن هذه الجزيئات الدقيقة وصلت إلى المشيمة عن طريق الجهاز الهضمي أو الجهاز التنفسي أو الجلد وانتقلت عبر مجرى الدم إلى الجنين.

لوصول البلاستيك إلى الجسم البشري عواقب كارثية

هذه النتائج تُثير قلقاً بشأن تأثير البلاستيك الدقيق في صحة الأم والجنين، خاصة أن المشيمة هي الوسيط الأساسي والوحيد لنقل المواد المغذية والأوكسجين والهرمونات والمواد المضادة للالتهابات والمواد المناعية إلى الجنين. وبما يتعلق بمضاعفات وجود هذه الجزيئات البلاستيكية، فالدراسات حول ذلك ما زالت غير كافية لتعميم النتائج بشكلٍ مؤكد وما زالت قيد التحقيق.

ولكن بصورة مبدئية يُمكن للبلاستيك أن يُسبب التهاباً وتلفاً وزيادةً في الإجهاد التأكسدي الخلوي في أنسجة الزغابات المشيمية، وتغييراً في الحمض النووي لخلاياها، ما يزيد بدوره من خطر حدوث السرطان. ومن جهة أخرى، مع الاضطراب في عمل المشيمة سيزداد حدوث الإجهاض والولادة المبكرة والتشوهات الخلقية. ولأن المشيمة تؤدي دوراً حاسماً في دعم نمو الجنين وحمايته من المواد الضارة، فإن وجود اللدائن الدقيقة في المشيمة يمكن أن تكون له آثار على نمو الجنين وتطوره.

لهذا السبب ينصح الباحثون والأطباء باتخاذ إجراءات للحد من التعرض لجزيئات البلاستيك الدقيقة هذه، وتطبيق سياسات استخدام المنتجات الطبيعية القابلة للتحلل ولإعادة التدوير من قِبل الجميع والحوامل بشكلٍ خاص، بالإضافة إلى ضرورة تجنب المواد البلاستيكية القابلة للاستخدام مرة واحدة والحرص على تناول الطعام العضوي والمحلي والموسمي.

اقرأ أيضاً: المواد البلاستيكية الدقيقة ترفع خطر الإصابة بمرض باركنسون

بالمقابل، يؤكد الباحثون ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لتقييم مخاطر جزيئات البلاستيك الدقيق على الحمل والنمو الجنيني والصحة العامة، نظراً للأهمية الصحية البالغة لذلك؛ إذ إن قضية وجود البلاستيك في حياتنا اليومية لا تقتصر على كونه مشكلة بيئية وحسب، وإنما مشكلة صحية تتطلب الاهتمام والتوعية والحل.