دراسة جديدة تربط بين الجاذبية الأرضية ومتلازمة القولون العصبي

4 دقائق
دراسة جديدة تربط بين الجاذبية الأرضية ومتلازمة القولون العصبي
هناك فرضيتان شائعتان حول أسباب متلازمة القولون العصبي، والآن هناك فرضية ثالثة. ديبوزيت فوتوز

ربما تكون متلازمة القولون العصبي استجابة من الجهاز الهضمي لقوى الطبيعة.

لا يوجد سبب محدد معروف لمتلازمة القولون العصبي (IBS)، ولكن أحد أخصائي الجهاز الهضمي يقول إنه حولنا في كل مكان. تفترض ورقة بحثية نُشرت في المجلة الأمريكية لأمراض الجهاز الهضمي أن قوى الجاذبية وراء هذا المرض الشائع جداً، وتقول هذه الفرضية الغريبة إن جسم الإنسان قد تطور ليتكيّف مع هذه القوة الأرضية، وعندما يفشل الجسم في إدارتها، يمكن أن تكون لذلك عواقب وخيمة على صحتنا.

يقول اختصاصي أمراض الجهاز الهضمي في مركز سيدارز سايناي الطبي في لوس أنجلوس ومؤلف الورقة البحثية الجديدة برينان شبيغل: "تشبه علاقتنا بالجاذبية إلى حد ما علاقة السمكة بالمياه، لقد طوّرت السمكة جسمها لتعيش وتزدهر في الماء على الرغم من أنها قد لا تعلم أن الماء هو الذي حفّز هذا التطور لديها. وبالمثل، في حين أننا لا نشعر بالجاذبية دائماً، إلا أنها كانت ولا تزال تؤثر باستمرار على حياتنا.

على سبيل المثال، تطور أسلافنا البشر الأوائل ليصبحوا كائنات تمشي على قدمين لحاجتهم إلى البقاء في وضع مستقيم معظم الوقت. لكن البقاء منتصباً لفترة طويلة من الزمن يؤدي إلى سحب قوى الجاذبية أعضاء أجسامنا باستمرار نحو الأرض، وبالتالي يتعين على أعضاء وأنظمة الجسم الأخرى إدارة ومقاومة هذه الجاذبية، على سبيل المثال، طوّرت أدمغة الثدييات طرائق لاستشعار ظروف الجاذبية المتغيرة".

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تشكك بفائدة تنظير القولون في تخفيض معدل الإصابة بسرطان القولون

لاحظ شبيغل تأثير الجاذبية على إحدى المرضى

يقول شبيغل إنه فكر في فرضية ارتباط الجاذبية بمتلازمة القولون العصبي أثناء زيارة أحد أفراد الأسرة المرضى في أحد مراكز الرعاية الدائمة. لاحظ شبيغل أن استلقاء المريضة في السرير معظم اليوم زاد مشكلات الجهاز الهضمي، مثل الإمساك والانتفاخ وآلام البطن، ما دفعه إلى التساؤل عما إذا كان الاستلقاء طوال الوقت يغير علاقة المرء بقوة الجاذبية. يقول شبيغل موضحاً: "لماذا لم تعد أمعاؤها تعمل إذاً كما كانت في السابق؟".

يمكن النظر إلى الجهاز الهضمي كحقيبة ثقيلة من المعدات. يحمل البشر هذه الحقيبة الثقيلة معهم طوال حياتهم، لكن شبيغل يقول إن بنية البعض أكثر ملائمة لحملها معهم من الآخرين. ولكن وفقاً لقانون نيوتن الثالث (لكل فعل في الطبيعة رد فعل مماثل ويعاكسه في الاتجاه)، وبالنظر إلى أن الجاذبية تسحب أجسادنا لأسفل، يجب أن تمتلك أجسامنا آليات "مضادة للجاذبية" لدعم الأعضاء وتثبيتها.

يأتي هذا الدعم من البنيات العضلية الهيكلية، مثل العمود الفقري والمساريقا (مجموعة من الأنسجة تُكوّن غشاءً يحيط بالأمعاء ويربطها بجدار البطن)، والتي تعمل كنظام تعليق داخلي لتثبيت الأمعاء في مكانها. علاوة على ذلك، يساعد القفص الصدري جنباً إلى جنب مع العمود الفقري في تأمين موضع الحجاب الحاجز الذي يعمل بدوره بمثابة دعامة في الأعلى لتعليق الأعضاء في تجويف البطن الرأسي. في المحصلة، تعمل هذه الهياكل معاً كرافعة تحافظ على استقرار الأعضاء الداخلية وتبقيها في مكانها.

اقرأ أيضاً: كيف يساعد تخطيط الخلايا البشرية في الكشف عن أسباب بعض الأمراض العضلية؟

تأثير فشل الآليات التي تتعامل مع الجاذبية في الجسم

لكن ماذا يحدث عندما تفشل الآليات التي تتعامل مع الجاذبية في أجسامنا؟ وفقاً للورقة البحثية، سنرى أعراضاً تشبه كثيراً الأعراض التي يعاني منها المصابون بمتلازمة القولون العصبي، أي عندما لا يتلاءم الجهاز العضلي الهيكلي مع الجاذبية، فإنه لا يستطيع مقاومة الجاذبية بشكل كامل. سيؤدي عدم التوازن بين قوى الجذب والقوى التي تعاكسها من الناحية النظرية إلى توتر في الجسم، ما يسبب تقلصات العضلات والألم لعدم القدرة على دعم محتويات البطن بشكل صحيح.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الضغط المفرط على العمود الفقري الناجم عن محاولة تثبيت الهياكل المرتخية يسبب آلاماً شديدة في الظهر. أخيراً، إذا بدأت الرافعة البطنية في الارتخاء وفقدان قوتها، فإن قوى الجاذبية تتغلب عليها وتؤدي إلى عدم استقرار الأعضاء الداخلية في مكانها، ما يدفع الجهاز الهضمي للأمام ويعطي فسحة صغيرة للطعام يتحرك فيها بحرية عبر الأنبوب الهضمي. يمكن أن تسهم كل هذه التغييرات في تفاقم أعراض متلازمة القولون العصبي.

يؤكد شبيغل أن هذه الفرضية لا تهدف إلى دحض الفرضيات الأخرى الشائعة، والتي تفيد بأن متلازمة القولون العصبي ناتجة عن تغيرات في ميكروبيوم الأمعاء أو ارتفاع مستويات السيروتونين، ولكنها توفر طريقة تربط بينها بشكل مبسط.

يقول شبيغل: "تتأثر الأمعاء بقوى الجاذبية، ويمكن أن تتشابك كثيراً وتلتوي مثل خرطوم الحديقة الملتوي الذي يصعب فيه مرور الماء. ونتيجة لذلك، يزداد نمو البكتيريا الضارة فيها، وتمتلئ بالغازات وتتسبب آلاماً بطنية شديدة".

اقرأ أيضاً: إسقاط دمى بشرية في أحواض السباحة يساعد الباحثين على فهم إصابات الغطس

رأي الباحثين الآخرين

تقول أخصائية أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى مورغان ستانلي للأطفال التابع لمركز نيويورك- بريسبيتيريان الطبي الأكاديمي، جولي خليفنر، والتي لم تشارك في الورقة البحثية: "على الرغم من أن فرضية الجاذبية أقل قبولاً من الفرضيات الشائعة الأخرى التي تشرح أسباب متلازمة القولون العصبي، إلا أنها اقترحت سابقاً لتفسير أمراض أخرى مثل التصلب الجانبي الضموري". وعلى الرغم من أنه يمكن التفكير بهذه الفرضية واتساقها نظرياً مع الأعراض السريرية لمتلازمة القولون العصبي، فإنها تبقى فرضية وتتطلب مزيداً من البحث للتحقق منها. وتضيف: "ستبقى المفاهيم المتفق عليها حالياً حول الفيزيولوجيا المرضية لمتلازمة القولون العصبي كالتغييرات في التفاعل ثنائي الاتجاه بين الدماغ والأمعاء والميكروبيوم، الأساس في تطوير العلاجات المستهدفة".

اقرأ أيضاً: كيف يؤثر اضطراب فقدان الشهية العصبي على وظائف الدماغ؟

ربما تساعد فرضية شبيغل، إن صحت، في تفسير أشياء أخرى تتعلق بمتلازمة القولون العصبي. يمكن أن يساعد فهم كيفية تأثير الجاذبية على وظائف الجسم في تفسير قدرة بعض التمارين، مثل اليوغا والتي تشي، على تخفيف أعراض الجهاز الهضمي من خلال تقوية العضلات الهيكلية وجدار البطن الأمامي، أو لماذا تتفاقم المشكلات المعوية عند البعض في الأماكن المرتفعة، أو بشكل عام، لماذا تتأثر النساء بشكل غير متناسب بمتلازمة القولون العصبي.

بالنسبة للنقطة الأخيرة، يقول شبيغل إن النساء يتمتعن بهياكل داخلية أكثر مرونة من الرجال، بما في ذلك القولون الأكثر رخاوة وطولاً، الأمر الذي يجعله أكثر عرضة لتأثير قوى الجاذبية. يأمل شبيغل في أن يأخذ الآخرون هذا الافتراض بعين الاعتبار والعمل على مساعدة ملايين الأشخاص الذين يعانون من أعراض متلازمة القولون العصبي وآلامها كل يوم.

المحتوى محمي