دراسة حديثة تؤكد التأثير السلبي للكافيين فيمَن يعملون ليلاً

3 دقيقة
دراسة حديثة تؤكد التأثير السلبي للكافيين على مَن يعملون ليلاً
حقوق الصورة: shutterstock.com/Melica

هل تحتاج إلى العمل حتى وقت متأخر؟ عليك بالقهوة، هل ينبغي عليك أن تسهر الليل بأكمله لأداء أحد الواجبات؟ أيضاً تُذكَر القهوة، وماذا عن الطلاب الذين يحتاجون إلى جرعة إضافية من الطاقة للبقاء في حالة من التركيز والانتباه للسهر ليل ما قبل الاختبار؟ تُسمع النصيحة ذاتها أيضاً، فالقهوة مكانها على مقاعدهم تماماً كركيزة أساسية مثلها مثل الكتب والأقلام. ببساطة يمكننا القول إن القهوة أو أي مشروب آخر يحتوي على الكافيين ينجح في إعطائنا دفعة الطاقة التي نحتاج إليها، ولكن هل يمر ذلك مرور الكرام دون أي مضاعفات على أجسامنا؟

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: ساعات نوم أقل في الثلاثينيات تعني اضطراباً بعمل الذاكرة في الخمسينيات

ثمة أدلة حديثة تُشير إلى أن استهلاك الكافيين المزمن -وخاصةً بالنسبة لمَن يعمل ليلاً وينام نهاراً- يعرقل محاولات الحصول على قسط من النوم عندما نكون في أمس الحاجة إليه، فكيف توصلت إلى هذه الأدلة؟

دراسة تُثبت أن القهوة ليست الخيار الأفضل لمَن يعمل ليلاً

ووفقاً لدراسة ترأسها الباحث كريستوفر دريك، وهو أخصائي في طب النوم، ونُشِرت في دورية "الطب السريري للنوم" (Journal of Clinical Sleep Medicine)، تبيَن أن آثار الكافيين قد لا تكون مؤقتة وعابرة وتقتصر على الحفاظ على انتباهنا وتركيزنا في أثناء الليل وتقليل الشعور بالنعاس، وإنما له آثار تتعارض بعمق مع النوم ومع صحة الجهاز القلبي الوعائي والجهاز العصبي على المدى الطويل. 

هذا التأثير يُصبح أشد وضوحاً مع التقدم في السن، وتأتي أهمية هذه الدراسة من زيادة عدد العاملين في المناوبات الليلية والذين يحتاجون إلى إيجاد طريقة يتمكنون بها من أداء عملهم دون اللجوء دائماً للكافيين، الذي يمكن أن يكون ذا تأثير سلبي في صحتهم.

فبعد جمع البيانات ومقارنة نتائج إعطاء جرعة وهمية من الكافيين مع إعطاء 400 مليغرام من الكافيين قبل النوم مباشرة و3 و6 ساعات، وُجِد أن الكافيين ارتبط ارتباطاً وثيقاً مع زيادة تحفيز الجهاز الودي المسؤول عن اليقظة، والذي بدوره أثّر في نوعية النوم وجودته، حيث ظهرت اضطرابات دورة النوم على شكل انخفاض عدد ساعات النوم بمقدار 25-30 دقيقة، أي ازداد معدل الاستيقاظ في أثناء النوم، بالإضافة إلى التأخر بين 12-16 دقيقة عن موعد الاستيقاظ الصباحي وتراجع كفاءة وعمق النوم بنسبة 5%.

اقرأ أيضاً: هل تستطيع الفئران التعرّف على نفسها في المرآة مثل الإنسان؟ دراسة حديثة تجيب

كما للتحفيز المتكرر والزائد للجهاز الودي مجموعة من المضاعفات التي تطول صحة الجهاز القلبي الوعائي؛ كضعف في العضلة القلبية نتيجة التنبيه المستمر والعمل الإضافي، وصحة الخلايا العصبية التي تبقى يقظة ومتأهبة للعمل مدة أطول من الوقت الذي تحصل عليه لترتاح وتتعافى.

ومع ذلك، تبين أن تناول الكافيين قبل النوم بست ساعات كان ذا تأثير أضعف في جودة النوم مقارنة بالجرعة التي أُخِذت في وقتٍ قريب من النوم. فمع انخفاض نسبة الكافيين في الدم مع الوقت تتراجع تأثيراتها، ولكن هذا لا يعني أن الجرعات التي أُخِذت قبل 6 ساعات من موعد النوم لم يكن لها أي آثار تُذكر، حيث أثبتت الدراسة أن آثاراً عميقة تطول جودة النوم مقارنة بالأفراد الذين تلقّوا جرعة وهمية من الكافيين، فعند مراقبة نوم هؤلاء الأفراد، تبين أنهم لا يحصلون على نوم العالي الجودة وكان نومهم مجزّأً، على الرغم من أنهم قيّموا جودة نومهم على أنها جيدة.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تكشف أكثر أسباب الوفاة شيوعاً في عصرنا الحالي

قد لا يبدو الأمر صادماً، حيث نعلم جميعاً أن الكافيين مُنّبه ويمكنه تعطيل النوم عندما يُتناول في وقتٍ قريب جداً من وقت النوم، إلّا أن ما أشارت إليه هذه الدراسة هو أن الكافيين قد تكون له عواقب طويلة الأمد تطول صحة القلب والخلايا العصبية، حتى عند تناوله في فترة بعيدة نسبياً عن وقت النوم.

هل تنطبق هذه النتائج على الجميع؟

لا شك في أن هذه النتائج تنطبق على الجميع، ففي الوقت الذي يدّعي فيه العديد من الأفراد أن القهوة لا تؤثرّ فيهم كالآخرين وأنهم قادرون على الاستمتاع بالقهوة والنوم كالأطفال بعد ذلك، إلّا أن هذه ليست الحقيقة.

فالمشاركون في هذه الدراسة كانوا قد قيّموا جودة نومهم على أنها جيدة في الوقت الذي لم يشعروا به بأن نومهم متقطع، وصحيحٌ أن قدرة كل شخص على تحمل الكافيين واستقلابه مختلفة قليلاً عن الآخر، إلّا أن هذا لا يعني أن البعض منا يتجنب عواقبه السلبية على النوم. 

ما النصائح التي تُنقص التأثر السلبي بالكافيين حسب الدراسة؟

من خلال تطبيق مجموعة من النصائح يمكننا الحد من الآثار السلبية للكافيين في النوم والصحة، وينبغي على الأفراد ممن لا يتحملون الكافيين بشكلٍ جيد أو ممن يعملون في المناوبات الليلية مراعاة ما يلي:

  • تجنب الكافيين مدة 8 ساعات إن أمكن قبل موعد النوم، وهذا لا يعني الكافيين الموجود في القهوة أو المشروبات الأخرى فقط، بل الموجود في أدوية الصداع والشوكولاتة ومشروبات الطاقة أيضاً.
  • التقليل من استهلاك الكافيين بشكلٍ عام مع التقدم بالعمر، أي بعد سن الأربعين، إذ تبين أنه كلما تقدم الجسم في السن ازدادت تأثيرات الكافيين التي تعوق النوم.
  • استبدال مصدر الطاقة عند الشعور بالتعب خلال النهار المعتمد على القهوة بأخذ قيلولة لا تتجاوز 30 دقيقة، حتى إن القيلولة أفضل في تعزيز اليقظة والانتباه من كوب القهوة.

اقرأ أيضاً: كيف يعزز النوم الجيد صحة القلب؟

لأحلامٍ سعيدةٍ ونومٍ يُريح البدن ينبغي تجنب تناول أو استهلاك أي منتج يحتوي على الكافيين قبل النوم بعدة ساعات، حيث لا يزال من غير الواضح نسبياً إلى أي مدى يمكن لتناول الكافيين أن يؤثّر في تعطيل النوم الليلي.

المحتوى محمي