الزئبق السام منتشر أكثر مما كان يعتقد العلماء

2 دقيقة
الزئبق السام منتشر أكثر مما كان يعتقد العلماء
اكتشف الباحثون أنه حتى المناطق القاحلة يمكن أن تحتوي على مستويات أعلى من الزئبق مما كان يعتقد العلماء سابقاً.

يعتمد علماء البيئة في الكثير من الأحيان على البيانات الصحية حول الأسماك والطيور لقياس التلوث بالزئبق في منطقة ما. لكن هذا النوع من التحليلات يمكن أن يكون مكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً، كما أنه لا يشمل العديد من النظم البيئية الصحراوية. مع ذلك، يوجد نوع واحد على الأقل من الحشرات يمكن العثور عليه بسهولة في أي موطن يحتوي على كمية من الماء ولو كانت قليلة، وهو اليعسوب. يعيد الباحثون الآن النظر في آلية تحرك الزئبق داخل البيئات المختلفة، وذلك بعد الاستعانة بالمتطوعين لجمع يرقات هذه الحشرات في 750 موقعاً في 150 متنزهاً وطنياً.

شرح فريق عمل تابع لوكالة المسح الجيولوجي الأميركية وإدارة المنتزهات الوطنية ونادي جبال أبالاتشي ما يمكن تعلّمه من هذا الكنز الثمين والرائج من المعلومات البيئية، وذلك في دراسة نشرتها مجلة العلوم البيئية والتكنولوجيا (Environmental Science & Technology) بتاريخ 16 يوليو/تموز 2024 دعا الفريق أولاً المواطنين للإسهام في مشروع زئبق اليعاسيب (Dragonfly Mercury). بعد ذلك بوقت قصير، زار المتطوعون المهتمون بالحشرات مصادر المياه في عشرات المتنزهات الوطنية لجمع يرقات اليعاسيب. أرسل المتطوعون بعد ذلك اليرقات إلى خبراء مثل العالِمة في وكالة المسح الجيولوجي الأميركية والمؤلفة الرئيسية للدراسة الجديدة، سارة جانسن، التي استخدمت أداة حديثة مصممة للكشف عن مجموعة متنوعة من الملوثات الزئبقية.

اقرأ أيضاً: لماذا يصنف الزئبق معدناً؟

العثور على الملوثات الزئبقية

جرى جمع عيّنات يرقات اليعاسيب ضمن مشروع زئبق اليعاسيب. شارك العديد من إدارات المتنزهات الوطنية والمناطق المحمية الأخرى، مثل الغابات الوطنية ومحميات الأحياء البرية والأراضي القبلية، في جمع العيّنات الخاصة بالمشروع. المصدر: وكالة المسح الجيولوجي الأميركية

قالت جانسن في بيان صحفي مرافق للدراسة: "تمكّنا باستخدام التكنولوجيا المتطورة والعمل مع المشاركين العوام من الكشف عن نتائج مذهلة من شأنها أن تغيّر آليات تتبّع الزئبق وإدارته على مستوى العالم".

تزدهر اليعاسيب في مناطق أكثر جفافاً بكثير من تلك التي تزدهر فيها أغلبية الأسماك والطيور، التي يستخدمها الباحثون تقليداً لتتبع الزئبق لأنها تخزّنه. جمع يرقات هذه الحشرات أسهل بكثير، كما أنها وفيرة وتحليلها أقل تكلفة. لهذا السبب، توفّر دراسة هذه الحشرات بالفعل رؤى ثاقبة جديدة حول الزئبق السام.

وفقاً للدراسة الجديدة، ينتقل الزئبق عبر البيئة المحيطة به. يلتصق الزئبق الغازي عادة بأوراق النباتات والأشجار في الأماكن الأكثر رطوبة وتلك التي تحتوي على عدد أكبر من الأشجار، في حين يصل الزئبق إلى المناطق الأكثر جفافاً بفعل الأمطار والثلوج ذات المستويات الأخفض. في الحالتين، ينتقل هذا المعدن السام إلى أعلى السلسلة الغذائية وتتركّز أغلبية كميته في الحيوانات الكبيرة في نهاية المطاف، ومنها البشر. يمكن أن يؤثّر التعرض لهذا المعدن في نمو الدماغ، خاصة في سن مبكرة، فضلاً عن أنه يضر بالصحة الإنجابية لدى البالغين.

اقرأ أيضاً: التكنولوجيا الحديثة تساعد العلماء على حل ألغاز سموم الأفاعي وتصميم أدوية فعّالة

مستويات الزئبق في البيئات المختلفة مفاجئة

لسوء الحظ، تعدّل المعلومات الجديدة الفرضيات السابقة التي وضعها العلماء حول مستويات الزئبق في الصحراء. وفقاً للإعلان المرافق للدراسة، احتوت يرقات اليعاسيب المُجمّعة في هذه المناطق الجافة على "مستويات عالية على نحو مفاجئ" من الزئبق. افترض العديد من علماء البيئة قبل التحليل الجديد أن الأراضي القاحلة تحتوي على مستويات منخفضة الخطورة نسبياً من هذا المعدن.

كتب العالم في قسم الهواء النظيف والطاقة في وكالة حماية البيئة الأميركية، ريتشارد هويبر، في بيان منشور بتاريخ 16 يوليو/تموز 2024 إن الدراسة "تعمّق فهم العلماء للآلية التي يصل وفقها الزئبق من الغلاف الجوي إلى النظم البيئية المختلفة"، كما أنها تزوّد وكالات إدارة الموارد بمعلومات جديدة لتعزيز كفاءة استراتيجيات التتبّع المستقبلية.