هل هناك علاقة بين ارتفاع معدل سكر الدم والكوليسترول والإصابة بداء ألزهايمر؟

4 دقائق
هل هناك علاقة بين ارتفاع معدل سكر الدم والكوليسترول والإصابة بداء ألزهايمر؟
حقوق الصورة: شترستوك.

يعلم الكثيرون منّا أن ارتفاع الكوليسترول يلعب دوراً كأحد عوامل الخطر الرئيسية التي تزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، إلّا أن الأبحاث والدراسات الحديثة تقول إن مضاعفات ارتفاعه تمتد تأثيراتها إلى أكبر من ذلك، حيث أن ارتفاع مستويات الكوليسترول والسكر في الدم قد ترفع بالمقابل من احتمال الإصابة بداء ألزهايمر في سن مبكرة.

في الآونة الأخيرة، قام باحثون من جامعة بوسطن الأميركية بدراسة العلاقة بين داء ألزهايمر ومستويات السكر والكوليسترول. يعتبر داء ألزهايمر خامس سبب رئيسي للوفاة بين الأميركيين ذوي 65 عاماً أو أكثر، ونظراً لأنه لا توجد طرق مثبتة لمنع أو إبطاء التدهور المعرفي الناجم بعد تشخيص ألزهايمر، بحث علماء جامعة بوسطن في الأسباب القابلة للعلاج أملاً منهم في إيجاد رابط يقلل من حدوث هذا الداء بشكل رئيسي.

ما هو داء ألزهايمر؟ 

داء ألزهايمر هو اضطراب عصبي تدريجي يتسبب في ضمور القشرة العصبية للدماغ وموت خلاياها العصبية. الأسباب الدقيقة لحدوثه ليست مفهومة تماماً، إذ يحدث فشل في عمل بروتينات الدماغ ما يؤثر على وظيفة الخلايا العصبية، ويؤدي إلى إحداث تلف دائم في هذه الخلايا فتفقد الاتصال بعضها بعضاً وتموت في النهاية.

يتسبب ألزهايمر بحدوث تدهور تدريجي ومستمر في التفكير المنطقي والمهارات السلوكية والاجتماعية، الأمر الذي يعيق قدرة الشخص على الحياة بشكل مستقل. تشمل العلامات المبكرة لهذا الداء نسيان الأحداث أو المحادثات الأخيرة، ومع تقدم المرض، يصاب الشخص بضعف شديد في الذاكرة حتّى يفقد القدرة على القيام بالمهام اليومية.

اقرأ أيضاً: كل ما تود معرفته عن مرض ألزهايمر

من المهم فهم الآلية المرضية لداء ألزهايمر لفهم كيفية حدوث أعراضه وتطورها. يوجد نوعين من البروتينات التي تلعب دوراً في حدوثه وهي:

  1. بيتا أميلويد: وهي أجزاء من بروتينات شحمية أكبر، تمتلك هذه البروتينات عندما تجتمع معاً تأثيراً ساماً على الخلايا العصبية وتعطل الاتصال بين الخلايا، كما تشكل هذه التجمعات رواسب أكبر تسمى لويحات الأميلويد والتي تعتبر حطاماً خلوياً معيقاً للنقل العصبي.
  2. بروتينات تاو: في الحالة الطبيعية، تلعب هذه البروتينات دوراً في نظام الدعم والنقل الداخلي للمواد المغذية للخلايا العصبية، ولكن في داء ألزهايمر، تغير بروتينات تاو من شكلها وتنظم نفسها على شكل هياكل تسمى التشابك الليفي العصبي، إذ تعطل هذه التشابكات السامة نظام النقل الداخلي العصبي.

علاج داء ألزهايمر

قد تحسن الأدوية بشكل مؤقت أو تبطئ من تطور الأعراض، إلّا أنه لا يوجد علاج يشفي من داء ألزهايمر أو يغير تقدم المرض في الدماغ. ويعتقد العلماء أن هذا الداء ليس موروثاً فحسب، بل قد يكون ناجماً عن نمط حياة معين ويتعلق بمجموعة من العوامل البيئية التي تؤثر على الدماغ بمرور الوقت.

اقرأ أيضاً: ألزهايمر وباركنسون: جسيمات نانوية لعلاج إصابات الدماغ

ما هي بيانات المشاركين بالدراسة التي تم تحليلها؟

قام الباحثون بتجميع بيانات 4932 فرداً، كان متوسط ​​عمر المشاركين 37 عاماً عندما شاركوا بالدراسة، وخضع كلٌ منهم إلى 9 اختبارات كل 4 سنوات حتى وصلوا لسن الـ 70 عاماً.

قام الباحثون في كل اختبار من الاختبارات السنوية بقياس:

  • مستويات السكر في الدم.
  • مستوى الليبوبروتين مرتفع الكثافة (HDL) والذي يُسمى بالكوليسترول الجيد.
  • مستوى الليبوبروتين منخفض الكثافة (LDL) والذي يُسمى بالكوليسترول السيئ.
  • مستوى الشحوم الثلاثية.
  • مؤشر كتلة الجسم (BMI).
  • ضغط الدم الانقباضي والانبساطي.
  • عدد السجائر التي يتم تدخينها في اليوم.
  • تقييم معرفي: وذلك بدءاً من الاختبار الثاني لتتبع وجود أي تدهور معرفي.

من خلال المتابعة وبعد تحليل البيانات، وجد الباحثون أن انخفاض نسبة الكوليسترول الجيد وارتفاع مستويات الشحوم الثلاثية ومستويات السكر في الدم في سن الـ 35 عاماً كانت مرتبطة بحدوث داء ألزهايمر في وقت لاحق من الحياة، إذ تم إيجاد علاقة عكسية بين خطر الإصابة وانخفاض مستويات الكوليسترول الجيد، كما ظهر في الاختبارات الأول والثاني والسادس والسابع.

ارتفع أيضاً معدل الإصابة بداء ألزهايمر عند الأشخاص ذوي المستويات المرتفعة من الدهون الثلاثية، بغض النظر عن علاج ارتفاع الشحوم بالأدوية أم لا، كما أظهر الاختبار الأول والثاني والخامس والسادس والسابع.

وفي نفس الوقت، ارتبط ارتفاع نسبة السكر في الدم بشكل كبير بتطوير ألزهايمر في كل الاختبارات المُقاسة. وبالمقابل، لم يجد الباحثون أي ارتباط بين ارتفاع نسب الإصابة والكوليسترول السيئ أو مؤشر كتلة الجسم أو التدخين أو ضغط الدم في أي فحص.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة تربط بين نمط الحياة وانخفاض معدلات الإصابة بالخرف بين سكان الأمازون الأصليين؟

تفسير ارتباط ارتفاع السكر وانخفاض الكوليسترول السيء بداء ألزهايمر

أوضحت "أليسون ريس"، أستاذة في الطب الفيزيائي في جامعة نيويورك وعضو المجلس الاستشاري الطبي والعلمي وفحص الذاكرة التابع لمؤسسة ألزهايمر الأميركية، في بيان لها حول بنية الدماغ وآلية عمله: "الكوليسترول أحد مكونات الدماغ الرئيسية، فالدماغ مملوء بالكوليسترول إضافةً إلى أنه يحتاجه بنسب معينة لتطوير الخلايا العصبية وتعزيز آلية عملها".

تم تفسير النتائج بحسب "كزايولينغ تشانغ"، أستاذة في الإحصاء الحيوي في كلية الطب بجامعة بوسطن وأحد مؤلفي الدراسة، بأن بعض النتائج الإيجابية قد تعزى إلى تدفق الدم الجيد، حيث إن تحسين تدفق الدم إلى الدماغ الناجم عن خفض عوامل خطر الأمراض الوعائية كالسكر والكوليسترول، قد يحسن الاستقلاب ويساعد على طرح السموم بشكل أكبر. كما أوضحت أن الكوليسترول الجيد يمكن أن يزيد النقل وبالتالي يقلل من تراكم لويحات بيتا أميلويد المميزة لداء ألزهايمر.

وكانت إجابة الطبيبة تشانغ عندما سُئلت عن العلاقة بين ألزهايمر ومستويات السكر: "نحن نعلم أن الدماغ يعتمد على السكر للحصول على الطاقة، ولكن السكر الزائد في الدماغ يمكن أن يخضع لتفاعلات كيميائية تجعله ضاراً ومسبباً للالتهابات، الأمر الذي يؤدي لحدوث التهاب عصبي مزمن"، وأضافت: "هناك مشكلة أخرى تتعلق بارتفاع نسبة السكر وهي أنه يحفز إفراز الإنسولين، الأمر الذي يؤدي إلى تذبذب شديد في مستويات السكر في الدماغ، وهو أمر سيء للغاية بالنسبة للخلايا العصبية".

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للتقنية مساعدة مرضى ألزهايمر؟

أوصت الباحثتان بأن الإجراءات الوقائية على المدى الطويل تعتبر الحل الأفضل للوقاية من الإصابة بداء ألزهايمر وذلك من خلال مراقبة نسبة سكر الدم والشحوم الثلاثية للحفاظ على مستويات الكوليسترول الجيد والشحوم الثلاثية والجلوكوز الصحية. كما أوصتا بالتقليل من السكر من خلال الحد من الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية، ورفع مستويات الكوليسترول الجيد من خلال ممارسة الرياضة بانتظام.

المحتوى محمي