دراسة جديدة تكشف الحقائق وراء طقوس التضحية بالحيوانات في العصر الحديدي

2 دقيقة
دراسة جديدة تكشف الحقائق وراء طقوس التضحية بالحيوانات في العصر الحديدي
عثر العلماء على عظام الخيول التي ضحى بها البشر في فناء في موقع كاساس ديل تورونيويلو الأثري في مدينة بطليوس الإسبانية، إسبانيا. بناء تارتيسو 2.0
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اكتشف علماء الآثار أدلة نادرة على طقوس التضحية بالحيوانات في موقع كاساس ديل تورونيويلو الأثري (أو منازل تورونيويلو) في جنوب غرب إسبانيا. يعود الموقع إلى القرن الخامس قبل الميلاد، ويمنح الباحثين نظرة على الثقافة التارتيسيّة في شبه جزيرة أيبيريا. وُصفت المكتشفات في دراسة جديدة نُشرت بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في مجلة بلوس ون المفتوحة الوصول.

حضارة تارتيسوس هي حضارة قديمة استقرّت في جنوب شبه جزيرة أيبيريا من القرن التاسع إلى القرن الخامس قبل الميلاد خلال العصر الحديدي. يعتقد علماء الآثار أن الثقافة التارتيسية اتسمت بمزيج من الميزات التي تعود إلى الأيبيريين المحليين والفينيقيين الذي قدموا من بلدان الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. اتبع التارتيسيون نظام كتابة يحمل اسم “النظام التارتيسي” الذي يحتوي نحو 97 نقشاً باللغة التارتيسية.

اقرأ أيضاً: كيف يمكننا حماية الحيوانات المهددة بالانقراض بسبب تغيّر المناخ؟

طقوس التضحية بالحيوانات لدى الشعوب المتوسطية القديمة

من الصعب العثور على أدلة أثرية تشير إلى طقوس التضحية بالحيوانات في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط حيث عاش التارتيسيون. مع ذلك، وثّقت المصادر المكتوبة؛ مثل الأوديسة التي ألّفها هوميروس، طقوس التضحية بالحيوانات في منطقة البحر الأبيض المتوسط في تلك الفترة. جعلت الفجوة بين السجلات المكتوبة والأدلة الأثرية التوصل إلى فهم واضح للآليات والأنماط وراء ممارسة التضحية في هذه المنطقة صعباً بالنسبة إلى علماء الآثار.

تقول عالمة الآثار في المعهد الفالنسي للحفظ والترميم والتحقيق في إسبانيا والمؤلفة المشاركة للدراسة الجديدة، ماريا بيلار إيبورا إيريس، لبوبساي إن موقع كاساس ديل تورونيويلو مميز لأن “المباني فيه ومحتوياتها محفوظة للغاية. المحتويات في هذه الحالة هي البقايا العظمية المتراكمة التي تشير إلى نشاطات طقسية”.

درست إيريس وفريقها في الدراسة الجديدة أدلة على أحداث التضحية بالحيوانات عُثر عليها في مبنى من العصر الحديدي يعود إلى نهاية القرن الخامس قبل الميلاد. بدأت أعمال التنقيب في عام 2015؛ إذ فحص الباحثون 6,770 عظمة تعود إلى 52 حيواناً وأرّخوها. كانت أغلبية الحيوانات من الأحصنة البالغة؛ ولكن تضمنت المجموعة الماشية والخنازير وكلباً واحداً أيضاً. ظهرت على بقايا الحيوانات علامات تبين أنها دُفنت على نحو متعمّد؛ وهو دليل يشير إلى أن البشر ضحوا بها.

اقرأ أيضاً: ابتكار ثوري يساعد في الحفاظ على مستقبل الحيوانات المهددة بالانقراض

دراسة أسباب التضحية بالحيوانات

لاحظ الباحثون أيضاً أن الحيوانات دُفنت في 3 مراحل متعاقبة. كانت الهياكل العظمية مكتملة تقريباً وغير مشوهة في المرحلتين الأولى والثانية. لكن في المرحلة الثالثة، لاحظ الباحثون علامات على الهياكل العظمية جميعها باستثناء تلك التي تعود إلى الأحصنة تبين أنها عولجت لتحويلها إلى طعام. يشير ذلك إلى أن طقس التضحية هذا ترافق بتناول وجبة.

أتاح إجراء دراسة حالة مثل الدراسة الجديدة للفريق تحديد بعض التفاصيل الأساسية حول قواعد الطقوس في كاساس ديل تورونيويلو بهدف اكتشاف أسباب أحداث التضحية. تبين العلامات على العظام أن القائمين على العملية اختاروا الحيوانات البالغة للتضحية وليس الحيوانات الصغيرة. ويبيّن وجود بقايا نباتية وحيوانية محترقة أن الحرائق استُخدمت في هذه الطقوس.

يتمتّع موقع كاساس ديل تورونيويلو أيضاً ببعض الميزات الفريدة مقارنة بالمواقع الأثرية الأخرى في البحر الأبيض المتوسط، مثل احتوائه عدداً كبيراً من الخيول التي ضحى السكان بها.

تقول إيريس: “اكتُشفت بقايا الخيول نتيجة طريقة منهجية في التنقيب في إحدى مناطق هذا المبنى؛ وهي الفناء”. هذا هو الموقع الذي قُدّمت فيه التضحيات الحيوانية في الفترة التي استخدمت خلالها مجتمعات العصر الحديدي المبنى.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: أعداد الحيوانات تزداد عند عيشها بالقرب من البشر

من المرجّح أيضاً أن هذه المساحة استُخدمت على نحو متكرر على مدار عدة سنوات لتنفيذ مجموعة متنوعة من طقوس التضحية.

تفاجأ الباحثون بأنهم تمكنوا من التحقق من أن البقايا في هذا المساحة كانت محفوظة على نحو مثالي وتعكس ما يعتقدون أنه صورة دقيقة للطقوس التي جرت في هذا الموقع. وهم يأملون في إكمال الدراسة من خلال تطبيق طرائق جديدة لدراسة العينات.

تقول إيريس: “يتيح لنا علم الآثار التعلّم عن عدة جوانب من حياة المجتمعات القديمة. ونهدف إلى إجراء دراسة كاملة لهذه المجموعة من الفرسيّات من خلال تطبيق منهجيات مبتكرة مثل التصوير المقطعي المحوسب وتقنيات علم الطفيليات القديمة وتحليل النظائر لدراسة الأنظمة الغذائية وقابلية التنقّل أو الحمض النووي القديم”.