لماذا يُعدّ طوال القامة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان؟

4 دقيقة
لماذا يُعدّ طوال القامة أكثر عرضة للإصابة بالسرطان؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: إيناس غانم.

ملخص: يُعدّ طول القامة للنساء والرجال من العوامل التي تزيد خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطانات مثل سرطان البنكرياس والبروستاتا وسرطان الجلد وسرطان المبيض، وبالوقت ذاته قد يزيد خطر الإصابة بعدة أمراض مثل السكتة الدماغية ومرض آلزهايمر، لكن لحسن الحظ نسبة زيادة الخطر التي يرتبط بها طول القامة سواء للسرطان والأمراض الأخرى قليلة. السبب في هذا الارتباط يعود إلى زيادة عدد الخلايا عند طوال القامة والنشاط الزائد لهرمونات النمو التي تسبب انقسام الخلايا، علماً بأن السرطان يحدث نتيجة انقسام الخلايا بشكلٍ شاذ. 

يمكن الوقاية من الآثار الضارة الصحية التي قد تنتج عن طول القامة من خلال ممارسة الرياضة والالتزام بنظام غذائي صحي وتجنب التدخين.

أسباب الأمراض ومنها السرطان لا تعد ولا تحصى، وعلى الرغم من وجود جهاز مناعي بشري أثبت كفاءته على مدى مئات آلاف السنين من الوجود البشري، فهناك عوامل وراثية تؤهب للإصابة بالسرطان ومنها طول القامة، فما مدى التأثير وآليته؟ وهل يشكّل قلقاً صحيّاً مشروعاً؟ إليك الإجابة في هذا المقال.

اقرأ أيضاً: متى يصبح السرطان مهدداً للحياة؟

الأسباب المحتملة لزيادة خطر الإصابة بالسرطان بازدياد طول القامة

وجدت دراسة منشورة عام 2023 في دورية السرطان المرتبط بالغدد الصماء Endocrine-Related Cancer، زيادة في خطر الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 22% لدى النساء اللواتي يبلغ طولهن 175 سنتيمتراً أو أكثر مقارنة بالنساء اللواتي طولهن 160 سنتيمتراً أو أقل، وزيادة خطر الإصابة بسرطان البروستاتا بنسبة 20% لدى الرجال الذين يبلغ طولهم 180 سنتيمتراً أو أكثر مقارنة بالرجال الذين يبلغ طولهم 170 سنتيمتراً أو أقل، وزيادة خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 20-60% بين فئات القامة الطويلة السابقة للنساء والرجال. 

وقد بحثت دراسة منشورة عام 2019 في دورية نيتشر عن طول القامة لدى البالغين وعلاقته بخطر الإصابة بالسرطان في مجموعة مكونة من 23 مليون بالغ كوري، وقد ارتبط طول القامة بارتفاع خطر الإصابة بأنواع السرطان كلّها باستثناء سرطان المريء. 

أمّا بالنسبة للأسباب المقترحة من قبل العلماء لازدياد احتمال الإصابة بالسرطان لدى طوال القامة وفق الدراسة، فيمكن تلخيصها بما يلي:

1. زيادة عدد الخلايا: بكل بساطة، يمتلك الشخص الأطول عدداً أكبر من الخلايا؛ أي من المحتمل أن يكون لدى الشخص الطويل أمعاء غليظة أطول تحتوي على عدد أكبر من الخلايا، وبالتالي تكون فرص الإصابة بسرطان الأمعاء الغليظة مقارنة بالشخص الأقصر أكبر.

يتطور السرطان من خلال تراكم الطفرات التي تُصيب الجينات في الخلايا عند انقسامها لإعطاء خلايا جديدة، فكلما زاد عدد الخلايا، سيزيد عدد الانقسامات والاحتمال الإحصائي للإصابة بالطفرات والسرطان، إذ يكفي لخلية طافرة واحدة مصابة بالطفرة لأن تتهرب من الجهاز المناعي وتنمو بشكلٍ شاذ وتشكّل ورماً سرطانياً خبيثاً. قد يفسّر هذا المقترح سبب كون الرجال أكثر عرضة للإصابة بالسرطان من النساء كون قاماتهم أطول من النساء في المتوسط، لكن هذا لا يصح إلى حد كبير، نظراً لوجود أعضاء أخرى عند النساء مثل الثدي والمبايض.

2. بسبب النشاط الهرموني: يمكن أن يكون هرمون عامل النمو الشبيه بالإنسولين 1 (IGF-1) عاملاً مؤهباً للإصابة بالسرطان، إذ يُفرز هذا الهرمون عند الأطفال لزيادة النمو، ثم يؤدي دوراً مهماً في استمرار نمو الخلايا وانقسامها لدى البالغين لإنتاج خلايا جديدة عندما تتلف الخلايا القديمة عند التقدم في العمر. 

لكن تبين الدراسات أن ارتفاع مستويات هرمون عامل النمو الشبيه بالإنسولين 1 فوق المتوسط ​يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي أو البروستاتا. لكن هذه النتيجة لا تنطبق على أنواع السرطان جميعها.

ووفقاً للدكتور ليونارد نوني، أستاذ علم الأحياء في جامعة كاليفورنيا (ريفرسايد)، والذي قاد دراسة عن ارتباط زيادة خطر الإصابة بالسرطان مع ازدياد طول القامة منشورة عام 2018 في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم: "هناك شيء ما يحدث في وقتٍ مبكر من الحياة قد يجعل الخلايا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان وبشكلٍ عرضي ويتسبب في زيادة الطول في الوقت ذاته". 

لا يزال هناك حاجة إلى القيام بالمزيد من الدراسات التأكيدية حول الموضوع والأسباب الكامنة وراء زيادة خطر الإصابة بعدة أنواع سرطان لدى طوال القامة.

اقرأ أيضاً: ما هي أعراض سرطان البنكرياس؟

ما هي أنواع السرطان التي يزيد احتمال الإصابة بها عند طوال القامة؟ 

تشير تقارير الصندوق العالمي لبحوث السرطان إلى وجود أدلة قوية على أن الأشخاص طوال القامة لديهم فرصة أكبر للإصابة بالسرطانات التالية:

  • سرطان البنكرياس.
  • سرطان الأمعاء الغليظة.
  • سرطان بطانة الرحم.
  •  سرطان المبيض.
  • سرطان البروستات.
  • سرطان الكلى.
  • سرطان الجلد (الورم الميلانيني).
  • سرطان الثدي قبل وبعد انقطاع الطمث.

 أمراض أخرى مرتبطة بطول القامة

يرتبط طول القامة إحصائياً مع عدة حالات مرضية أخرى دون معرفة السبب المباشر، وتشمل هذه الحالات المرضية ما يلي:

  • السكري.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • السكتة الدماغية.
  • الجلطات الدموية.
  • مرض آلزهايمر.
  • طول فترة الحمل عند النساء.
  • تساقط الشعر.
  • زيادة خطورة الإصابة بضربة الشمس. 
  • آلام الظهر والوركين.

لكن الطول ليس العامل الوحيد، فهناك العوامل الغذائية ونمط الحياة والتعرض للضغوط وغيرها من المؤثرات التي قد تزيد خطر الإصابة بالأمراض أو تقي منها.

ما هي العوامل التي تحدد طول الإنسان؟ 

يرتبط الطول النهائي للبالغين بالعوامل الوراثية ووزن الولادة ومعدل النمو وسن البلوغ، فضلاً عن العوامل البيئية التي تشمل التغذية، وتعتبر فترات ذروة النمو مثل فترة الرضاعة والمراهقة مهمة بشكلٍ خاص في تحديد الطول، لأن النمو حساس بشكلٍ خاص للإمدادات الغذائية خلال هذه الأوقات، كما يعتمد النمو بشكلٍ خاص على عمل هرمونات النمو وعوامل النمو.

لكن لا يمكن القول بأن الطول هو عامل خطر للأمراض، فمن جهة هناك عوامل لا يمكن التدخل بها وتجعل الشخص طويلاً، ومن جهة أخرى هناك إيجابيات أخرى كثيرة لطول القامة منها قوة الأداء الرياضي والقدرات البدنية العالية، وتطلب العديد من الرياضات طوال القامة كأفضلية لممارستها.

اقرأ أيضاً:  كيف نُميّز سرطان الجلد عن الشامة السليمة؟

كيف يمكن تقليل خطر الإصابة بالسرطان عند طوال وطويلات القامة؟

يمكن تقليل خطر الإصابة بالسرطان عند طوال القامة من خلال اتباع النصائح التالية:

  • اتباع نظام غذائي صحي، ويُعدّ النظام الغذائي المتوسطي الغني بالحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والمأكولات البحرية والفاصوليا والمكسرات والحليب.
  • ممارسة الرياضة بانتظام على الأقل 5 دقائق في اليوم، وهذا ما يؤكده الدكتور حميد الشامسي، مؤسس ومدير خدمة طب الأورام الدوائي في مدينة برجيل الطبية في فيديو له عبر منصة إكس.

  • الحفاظ على وزن صحي.
  • عدم التعرض لأشعة الشمس فترات طويلة.
  • تجنب استهلاك الكحول.
  • تجنب التدخين.

بالإضافة لما سبق، يمكن المشاركة في برامج فحص السرطان المبكر التي تساعد على اكتشاف سرطان الثدي وعنق الرحم والأمعاء والبروستاتا في وقتٍ مبكر، ما يسهم في علاجها بنجاح.

المحتوى محمي