ممارسة الرياضة مفيدة حتى في منتصف العمر وفقاً لدراسة جديدة

3 دقيقة
كيف تمارس الرياضة في الجو البارد دون أن تخشى الإصابة بالزكام؟
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

في ​عام 2020، صنّفت منظمة الصحة العالمية (WHO) الخمول البدني بأنه رابع مسبب رئيسي للوفاة في العالم بعد ارتفاع ضغط الدم والتدخين وارتفاع سكر الدم، وبالنسبة لمن هم في منتصف العمر ويعانون متلازمة التمثيل الغذائي، فإن مكافحة الخمول البدني وتطوير عادات التمرين المنتظم والحفاظ عليها ليس بالأمر السهل. 

لتحديد العوامل التي تعزز اكتساب عادات التمرين المنتظم للبالغين في منتصف العمر، وتلك التي تعوقها، أجرى باحثون في جامعة تسوكوبا اليابانية تحليلاً لبيانات عمال يابانيين في منتصف العمر باستخدام تقنيات التعلم الآلي، وإليك ما توصلوا إليه.

مسار الدراسة

في عام 2008 وضعت وزارة الصحة والعمل والرفاهية اليابانية نظاماً صحياً لمساعدة الأشخاص المصابين بمتلازمة التمثيل الغذائي أو المعرضين لخطر الإصابة بها. يتضمن النظام الفحوص الصحية المنتظمة، وتقديم نصائح نمط حياة مصمم خصيصاً لمساعدة الأفراد المصابين بمتلازمة التمثيل الغذائي على تبني عادات صحية، بما في ذلك ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.

ومع ذلك، ثمّة معلومات محدودة حول عوامل نمط الحياة التي تساعد الأفراد اليابانيين على تطوير عادات التمرين. لذلك، هدفت هذه الدراسة إلى تحديد هذه العوامل باستخدام تقنيات التعلم الآلي لتحليل بيانات العمال اليابانيين الذين خضعوا للنظام الصحي.

حلل الباحثون بيانات من العمال في منتصف العمر، والذين تلقوا إرشادات صحية محددة بين عامي 2017 و2018، واستخدموا تقنيات التعلم الآلي لاستكشاف العوامل المرتبطة باكتساب عادات التمرين وتقييم أهمية كل عامل.

كشفت نتائج الدراسة التي نشرتها دورية تقارير الطب الوقائي (Preventive Medicine Reports) عن العديد من العوامل الرئيسية التي تؤثر على نحو إيجابي في اكتساب عادات التمرين، وأهمها:

  • الوجود في المرحلة العليا من (مراحل التغيرات في سلوك نمط الحياة)، وهو نموذج للتغيير المتعمّد، يتكون من 6 مراحل يمر بها الفرد حتى يغير عادته أو سلوكه (مثل الإقلاع عن التدخين)، حيث كان العمال الذين كانوا في مراحل أعلى من هذا النموذج أكثر عرضة لتطوير عادات التمرين والحفاظ عليها.
  • المستوى العالي من النشاط البدني، حيث كان العمال المنخرطون بالفعل في نشاط بدني منتظم أكثر عرضة لمواصلة وحتى زيادة عادات التمرين الخاصة بهم.
  • مستوى الكوليسترول عالي الكثافة (HDL) الذي يوجد ضمن المجال الصحي والطبيعي.

وعلى العكس من ذلك، وجد أن استهلاك الكحول اليومي بما يزيد على 60 غراماً له تأثير سلبي على اكتساب عادات التمرين. وهذا يشير إلى أن تقليل تناول الكحول يمكن أن يكون خطوة مهمة في تعزيز أنماط الحياة الصحية بين العمال في منتصف العمر.

اقرأ أيضاً: العامل الصامت: الخمول البدني يتسبب في 8% من الأمراض والوفيات

ما هي متلازمة التمثيل الغذائي؟ 

متلازمة التمثيل الغذائي، هي مجموعة من الاضطرابات الأيضية التي تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض السكري من النوع الثاني.

لتعيين الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي، لا بدّ من تحقيق ثلاثة على الأقل من المعايير التالية:

  • السمنة والوزن الزائد في منطقة البطن.
  • ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية.
  • انخفاض مستويات الكوليسترول الجيد (HDL).
  • ارتفاع مستويات السكر في الدم، سواء كان ذلك بسبب مقاومة الإنسولين أو مرض السكري.
  • ارتفاع ضغط الدم. 

اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري؟

ما أهمية النشاط البدني للمصابين بمتلازمة التمثيل الغذائي؟

تتضافر عدة عوامل في تطور متلازمة التمثيل الغذائي، لكن الباحثين حددوا مقاومة الإنسولين باعتبارها المسبب الرئيسي لها.

الإنسولين هو هرمون ينتجه البنكرياس لتنظيم دخول سكر الدم إلى الخلايا للحصول على الطاقة، لكن عندما لا تستشعر الخلايا الإنسولين فإنها لا تستطيع امتصاص سكر الدم بكفاءة، وهو ما يُعرف بمقاومة الإنسولين، لذا يفرز البنكرياس المزيد من الإنسولين لامتصاص كميات الغلوكوز المتزايدة في الدم، وهو ما يدعى بفرط الإنسولين في الدم. وعندما لا ينتج الجسم ما يكفي من الإنسولين لتنظيم نسبة سكر الدم، يحدث ارتفاع نسبة السكر في الدم ومرض السكري من النوع 2 أو مقدمات مرض السكري.

ترتبط بعض العوامل بزيادة خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين، وفي مقدمتها الخمول وقلّة النشاط البدني. تخزن العضلات الغلوكوز في خلاياها على شكل غليكوجين، لاستخدامه في حالة النشاط، لذا يزيد النشاط البدني حساسية هذه الخلايا للإنسولين، بالإضافة إلى أنه يبني العضلات، أي تزداد الخلايا التي يمكنها امتصاص الغلوكوز. في المقابل، تؤدي قلة النشاط البدني إلى تأثيرات معاكسة، وتسبب مقاومة الإنسولين.

علاوة على ذلك، يرتبط الخمول البدني بزيادة الوزن وتراكم الدهون في منطقة البطن والخصر على وجه التحديد، ونظراً إلى أن الدهون تفرز مواد تدعى السيتوكينات؛ وهي بروتينات صغيرة تؤدي دوراً حيوياً في تنظيم الاستجابة المناعية والتواصل بين الخلايا في الجسم، فإنها تقلل الحساسية للإنسولين. لذا، كلما زادت الدهون زاد معها خطر مقاومة الإنسولين.

بعبارات أخرى، في حال اتباع نمط حياة خامل، يزداد خطر الإصابة بالمضاعفات المرتبطة بمتلازمة التمثيل الغذائي.

اقرأ أيضاً: مقاومة الإنسولين: نذير الخطر سهل العلاج

تساعد نتائج هذه الدراسة على تطوير برامج إرشاد صحي أكثر تخصصاً وفعالية من خلال التركيز على العوامل التي حددها الباحثون، مثل مراحل تغيير السلوك ومستويات النشاط البدني، وبما يساعد الأفراد على تجاوز العقبات التي تحول دون ممارسة الرياضة وتبنّي عادات صحية.

المحتوى محمي