دراسة جديدة تكشف علاقة بين التعرّض لمواد البناء والإصابة بسرطان الرئة

3 دقيقة
دراسة جديدة تكشف علاقة بين التعرّض لمواد البناء والإصابة بسرطان الرئة
تش إم أيه إس كلغوا هي سفينة حربية شراعية أسترالية معدلة من فئة السفن النهرية المعروفة أحياناً باسم فئة الخلجان، أطلقت في سبتمبر 1945 وخرجت من الخدمة في أبريل 1954. البحرية الملكية الأسترالية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

اكتشف الباحثون في دراسة جديدة من جامعة أوكسفورد وجامعة أديليد أن التعرض إلى الأسبست أدى إلى ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الرئة المرتبط بالأسبست بين جنود البحرية البريطانية والأسترالية. تقدّر هذه الدراسة التي نُشرت بتاريخ 14 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في مجلة ساينتفيك ريبورتس (Scientific Reports) أن نسبة سرطانات الرئة المرتبطة بالتعرض إلى الأسبست المحمول في السفن بلغت 27% بين جنود البحرية الأسترالية و12% بين الجنود البحرية البريطانية.

التعرض إلى السم

نتائج الدراسة الجديدة هي تذكير بالحاجة المستمرة إلى الحماية من التعرض إلى الغبار الضار المحمول جواً والمواد الخطرة الأخرى المنبعثة من المصادر مثل حُفر الحرق السامة (وهي مناطق واسعة تُحرق فيها أطنان من النفايات (مثل القمامة والبلاستيك والدهانات والمذيبات والذخائر والنفايات الطبية والبشرية في الهواء الطلق)).

وفقاً لوزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية؛ أبلغ نحو 300 ألف من المحاربين القدامى في الولايات المتحدة عن تعرضهم إلى التلوث من حفر الحرق منذ أوائل العقد الأول من القرن الجاري. تشمل الملوثات الكيميائية التي انبعثت من هذه الحفر المركبات العضوية المتطايرة المرتبطة بالسرطان وأمراض الكلى وتلف الجهاز العصبي.

اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: المواد الكيميائية الأبدية التي نتعرض لها يومياً ترفع معدلات الإصابة بالسرطان

وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن في أغسطس/آب 2022 على قانون تشريعي يحمل اسم “قانون باكت” أو “الوعد بمعالجة مشكلة السموم الشاملة” (Promise to Address Comprehensive Toxics) محولاً إياه إلى قانون حكومي، وهو يهدف إلى معالجة المخاوف الصحية المتعلقة بحفر الحرق.

ما تزال الأمراض المرتبطة بالتعرض إلى الأسبست موجودة، على الرغم من أن هذه المادة هي مادة مسرطنة معروفة. استُخدم الأسبست في تصنيع العديد من مواد البناء بسبب متانته ومرونته وخصائصه المقاومة للكهرباء والحرارة. يمكن أن يؤدي استنشاق الأسبست إلى الإصابة بورم المتوسطة وسرطان الرئة وحالة غير سرطانية تحمل اسم “داء الأسبست”. وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض ومنع انتشارها؛ يموت نحو 1,290 أميركياً سنوياً لأسباب مرتبطة بالأسبست.

تطبق السلطات الأسترالية حالياً حظراً ورقابة صارمة على المواد التي تحتوي الأسبست، وهي تشكل خطراً على بعض العمال. يشير تقرير سجل نيو ساوث ويلز لمرض الغبار (أو تغبّر الرئة) لعام 2021-2022 إلى توثيق 142 حالة تليّف و111 حالة وفاة مرتبطة بهذا المرض.

لم يُمنع استخدام الأسبست في الولايات المتحدة تماماً. اقترحت وكالة حماية البيئة الأميركية فرض حظر جديد على هذه المادة في أبريل/نيسان 2022؛ ولكن لم تتُخذ الإجراءات النهائية المتعلقة به بعد.

خطر تعرض أعلى بين البحّارين

جمع الباحثون في الدراسة الجديدة بيانات تعود إلى 30,085 محارباً قديماً بريطانياً وأسترالياً خدموا خلال خمسينيات القرن الماضي وستينياته. كانت المواد التي تحتوي الأسبست موجودة في سفن البحرية البريطانية والأسترالية خلال هذه الفترة الزمنية. اكتشف العلماء في دراسات سابقة أُجريت على 3 مجموعات (واحدة أسترالية واثنتين بريطانيتين) شاركت أيضاً في الدراسة الجديدة أن الزيادة في معدلات الإصابة بسرطان الرئة لا يمكن أن تُعزى إلى التعرض إلى الإشعاع الناجم عن التجارب النووية. استخدم الفريق نتائج دراسة منفصلة أجريت على المحاربين القدامى الأستراليين في الحرب الكورية لمقارنتها بنتائج الدراسة الجديدة.

ولاحظ الفريق أن معدل الإصابة بورم المتوسطة مرتفع بين أفراد البحرية في المجموعات الأربع. لم يكن معدل الإصابة بهذا المرض ذا أهمية إحصائية بين البحارين الذين حاربوا في الحرب الكورية. كانت معدّلات الإصابة بسرطان الرئة بين البريطانيين والأستراليين الذين شاركوا في التجارب النووية مرتفعة أيضاً.

بالإضافة إلى ذلك، كانت معدلات الإصابة بالأمراض الرئوية وأمراض القلب متقاربة بين أفراد البحرية والجيش. يشير ذلك إلى أن التدخين لم يتسبب بارتفاع معدل الإصابة بسرطان الرئة بين البحارين.

اقرأ أيضاً: ما سر ارتفاع نسب الإصابة بالسرطان في مرحلة الشباب لدول الشرق الأوسط؟

قال الطبيب في جامعة أديليد والمؤلف المشارك للدراسة الجديدة، ريتشارد غَن، في بيان صحفي: “لاحظنا أن معدل الإصابة بسرطان الرئة كان أعلى عموماً بين أفراد البحرية مقارنة بأفراد القوات المسلحة الآخرين، وفي حين أن التدخين هو السبب الأهم لسرطان الرئة، من غير المرجح أن يكون ارتفاع معدل التدخين في البحرية هو سبب الزيادة في معدل الإصابة.

على الرغم من عدم توافر قياسات فعلية لمستويات الأسبست المحمول جواً في تلك الفترة وصعوبة تقدير هذه المستويات، خلصنا إلى أن ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الرئة لدى البحارة نتج على الأرجح عن التعرض إلى الأسبست على متن السفن”.

يدعم الارتفاع في معدل الوفيات الناجمة عن الأسبست بين البحارة استنتاجات الفريق. ويعتقد المؤلفون أن العلماء يقللون تقدير آثار التعرض إلى الأسبست على الأرجح، ما لم يُؤخذ سرطان الرئة في الاعتبار جنباً إلى جنب مع ورم المتوسطة وداء الأسبست.

اقرا أيضاً: ما العلاقة بين صبغات الشعر ومخاطر الإصابة بالسرطان والوفاة؟

قال غن: “على الرغم من أن التدخين يتسبب بأغلبية حالات سرطان الرئة، هناك عوامل أخرى مثل الأسبست يمكن أن تسهم في نسب الإصابة بالسرطان بين السكان المعرضين لهذه المادة. بالإضافة إلى ذلك، نعلم من الدراسات السابقة أن المزيج بين التدخين والتعرض إلى الأسبست يزيد خطر الإصابة بسرطان الرئة أكثر، ومن المحتمل أن هذا التأثير التفاعلي أسهم في الزيادة الملحوظة لمعدلات سرطان الرئة”.