تمكن المهندسون في مختبرات سانديا الوطنية في نيو مكسيكو من إعادة تغذية شبكة الطاقة الكهربية بقاعدة سانديا-كيرتلاند الجوية بالكهرباء، باستخدام نوع جديد من أنظمة توليد الطاقة لبضع ساعات في 12 أبريل/ نيسان. أظهر هذا الدليل البسيط لإثبات المفهوم، والذي تم الإعلان عنه في وقت سابق من هذا الشهر، للفريق أن نظامهم الذي كانوا يعملون عليه منذ عام 2007، مستقر، ويمكن التحكم فيه ومزامنته جيداً مع شبكة الطاقة.
يقوم النظام الجديد، والذي يزعم الفريق أنه أكثر كفاءة من أنظمة توليد الطاقة الحالية، على عملية الديناميكا الحرارية الموصوفة من خلال دورة برايتون ذات الحلقة المغلقة، ويعمل بشكل مشابه للمحرك النفاث. تعمل معظم المحركات النفاثة اعتماداً على دورة برايتون المفتوحة، حيث يتم إدخال الهواء المحيط وضغطه في المحرك، ثم يُسخن بالوقود، فيتمدد وينطلق خلال التوربينات ويديرها. يمكن نقل الطاقة الميكانيكية للتوربين بعد ذلك إلى مولدة لإنتاج الكهرباء أو لتوليد قوة دفعٍ نفّاث كما هو الحال في الطائرات.
دورات برايتون
يقول المهندس الميكانيكي في مختبرات سانديا الوطنية والذي عمل على هذا المشروع، دارين فليمنج: «في السنوات الماضية، كنا نولد الكهرباء ونخزنها في بنوك حمولة مقاومة، إنها أشبه بفرنٍ ضخم يحول الكهرباء إلى حرارة. كانت القدرة على إعادة تغذية الكهرباء إلى شبكة الطاقة هي النتيجة الرئيسية لهذا البرنامج».
ولكن ما هي عمليات المحرك التي تنطوي عليها دورات برايتون؟ يقول المهندس الميكانيكي في سانديا والذي شارك في الاختبار، لوجان راب، في هذا الصدد: «تخيل أنك أخذت أنبوباً وقمت بتوصيل منفذ عوادم الغاز الناتجة من التوربين إلى الضاغط مرة أخرى بواسطته، مع الحفاظ على مائع التشغيل ضمن حلقة مغلقة. هذه هي دورة برايتون المغلقة. إنها تحتوي على نفس الضاغط والتوربينات، وتتم فيها نفس عمليات تبادل الحرارة، لكن مائع التشغيل يبقى دائماً داخل الأنابيب».
اقرأ أيضاً كيف يمكن لتوليد الطاقة من توربينات المد والجزر أن يساهم في تقليل الانبعاثات؟
يمكن أن يعمل هذا النظام مع مجموعة متنوعة من الغازات مثل الهواء والهيليوم والنتروجين. استخدم فريق سانديا ثاني أوكسيد الكربون في حالته فوق الحرجة، حيث يكون في حالة متوسطة بين الغاز والسائل. يقول راب: «يتمتع هذا الشكل من ثاني أوكسيد الكربون بكثافة عالية جداً، ولكن يمكن تمديده لينطلق خلال التوربين مثل الغاز. وبذلك قمنا بتقليل مقدار الطاقة اللازمة لضغط الغاز نظراً لكثافته العالية، ما سمح لنا بزيادة كفاءة تحويل الحرارة إلى كهرباء».
يتم توليد الكهرباء التي تشغل معظم التقنيات الحديثة من خلال دورة رانكين القائمة على البخار. يُستخدم وقودٌ، مثل الفحم، لتسخين المياه وتحويلها إلى بخارٍ يتم توجيهه بعد ذلك عبر التوربينات التي تقوم بتحويل الطاقة الميكانيكية إلى طاقة كهربائية. لكن كفاءة تحويل الحرارة إلى كهرباء في هذا النظام تبلغ نحو 33% فقط كما يقول فليمنج. ويضيف موضحاً: «استخدمنا ثاني أوكسيد الكربون بحالته فوق الحرجة، عند ضغط يزيد على 1.070 رطلاً لكل بوصة مربعة وحرارة أعلى عن 31 درجة مئوية. في مثل هذه الظروف، لن تصل كثافة الماء إلا إلى 70%، لذلك يمنحنا النظام الجديد كفاءة أكبر في تحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية». أي سيكون النظام قادراً على توليد طاقةٍ أكبر باستخدام كمية وقود أقل مقارنة بنظام البخار.
يشير راب أيضاً إلى أن تقنيتهم مستقلة عن مصادر الحرارة، لذلك ليس بالضرورة أن تقترن بالوقود الأحفوري. يقول راب: «كانت هناك مقترحات لاستخدام الغاز الطبيعي أو الفحم في نظامنا، لكن قسم الطاقة النووية في وزارة الطاقة هو من قدم لنا التمويل اللازم، لذلك نعمل على ربط النظام بمفاعل نووي متقدم. لقد اختبرنا النظام أيضاً مع الأبراج الشمسية، والتي تعتمد على المرايا لتركيز أشعة الشمس لتسخين برج مركزي، وقد نجح إلى حد كبير في هذا المجال».
اقرأ أيضاً: ما هي كمية الطاقة التي يمكن توليدها دون أن نفقد السيطرة؟
كما يحقق الفريق فيما إذا كان بوسعهم المزاوجة بين هذه التقنية واستخلاص الحرارة المهدورة، حيث يفكرون بالتقاط الحرارة من مداخن عوادم مصانع الصلب والإسمنت لتشغيل دورة برايتون الخاصة بالنظام.
استخدم الفريق في أثناء اختبار النظام سخاناً كهربائياً كمصدر للطاقة لتشغيل دورة برايتون، وقاموا بتكييف أجزاء من أنظمة تحكم إلكترونية متقدمة- تُستخدم في الأصل لتنظيم طاقة المصاعد- في الآلة التي استخدموها لتنظيم وتغذية الكهرباء من نظامهم الخاص إلى الشبكة في أثناء الاختبار. على الرغم من أن الاختبار قد استهلك طاقة أكبر من الطاقة التي أعادوها إلى الشبكة، فإن فليمنج يقول إنها مجرد طريقة لاختبار النظام أثناء العمل.
كجزء من الخطوات التالية، يخطط الفريق لاختبار النظام عند مستويات طاقة وحرارة أعلى وعند سرعات أعلى للتوربينات. وفقاً لقوانين الديناميكا الحرارية، فإن زيادة هذه العوامل، من الناحية النظرية، ستسمح للنظام بتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة كهربائية بكفاءة أعلى. تراوحت كفاءة تحويل الحرارة إلى كهرباء في الاختبار الأخير من 35 إلى 40%، لكن راب يعتقد أن بوسعهم رفعها إلى 50% بعد إجراء بعض التحسينات. بالإضافة إلى ذلك، يتطلع الفريق خلال العام المقبل إلى تطوير بعض أنظمة الدعم الجديدة اللازمة لمثل هذا النظام، مثل الأختام والمحامل المغناطيسية.