كيف أثرت الحياة في أماكن معزولة على النظام الغذائي للذئاب؟

2 دقائق
كيف أثرت الحياة في أماكن معزولة على النظام الغذائي للذئاب؟
تستهلك ذئاب ألاسكا الساحلية ثعالب البحر كجزء من نظامها الغذائي المرن؛ لكن لذلك عواقب بيئية واسعة النطاق. ديبوزيت فوتوز.

تتذكر عالمة الأحياء البرية في قسم الأسماك والألعاب في ألاسكا، غريتشن روفلر (Gretchen Roffler) عندما رأت 3 ذئاب تتجول بالقرب من الواجهة البحرية في متنزه ومحمية كاتماي الوطنية في ألاسكا، وكيف اختفت بين الصخور فجأة. عندما ظهرت مجدداً، كانت تمسك بين أنيابها بثعلب الماء (الذي يُعرف أيضاً بالقضاعة البحرية) وتتجاذبه فيما بينها وتمزقه إلى أشلاء وكأنها تلعب لعبة شد الحبل كما تصفها روفلر.

راقبت روفلر وزملاؤها عن كثب هذا المشهد الذي جرى في يونيو/حزيران عام 2021، وحرصت على توثيق أدق تفاصيله لأنها تعتقد أنه من النادر مشاهدة ذئاب تفترس ثعلب البحر.

اجتماع للمرة الأولى بين الذئاب وثعالب البحر

كانت ثعالب البحر تعيش في ألاسكا في الماضي واختفت منها في عام 1830؛ ولكن أُعيد إدخالها خلال العقود القليلة الماضية ونمت أعدادها بنجاح إلى حد كبير. ونتيجةً لذلك؛ تعيش ثعالب البحر والذئاب الآن في البيئة نفسها لأول مرة حسب السجل العلمي الحديث، ولهذا الاجتماع التاريخي بين المفترس والفريسة عواقب مهمة، لا سيما بالنسبة إلى الغزلان في المنطقة.

اقرأ أيضاً: لماذا تعوي الكلاب مثل الذئاب؟

يعتقد العلماء أن أعداد الذئاب تعتمد على توافر الفرائس من الحيوانات ذات الحوافر مثل الغزلان والأيائل؛ ولكن علماء آخرين مثل روفلر اكتشفوا أن الذئاب الساحلية في ألاسكا أصبحت تتغذى على الثدييات البحرية في كثير من الأحيان. لقد درست روفلر برفقة زملائها فضلات الذئاب في جزيرة بليزانت بالقرب من حديقة غليشر باي الوطنية ووجدوا أن الذئاب المحلية قد غيرت نظامها الغذائي بالكامل تقريباً من الغزلان إلى ثعالب البحر.

تقول روفلر إن وفرة ثعالب البحر كمصدر للغذاء أسهمت في الحفاظ على أعداد الذئاب عند مستويات مرتفعة جداً لدرجة أنها قضت تماماً على الغزلان في المنطقة بدلاً من تركها وشأنها.

تغييرات على النظام الغذائي للذئاب

تمكنت روفلر وزملاؤها من فهم التغييرات التي طرأت على النظام الغذائي للذئاب من خلال تتبع تحركاتها والحيوانات التي تفترسها من خلال تركيب أطواق تتبع (GPS) لها بالإضافة إلى فحص عينات البراز والشعر التي تم جمعها بين عاميّ 2015 و2021.

ويُظهر البحث أن ثعالب البحر عادت أولاً إلى المنطقة المجاورة لجزيرة بليزانت خلال أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وتلتها الذئاب في عام 2013، ثم شهدت أعداد الغزلان انخفاضاً حاداً في عام 2015، وبحلول عام 2016 أصبح النظام الغذائي للذئاب يعتمد بشكل أساسي على ثعالب البحر.

اقرأ أيضاً: لنحرص على حمايتها: كيف يمكن أن تؤثر القنادس والذئاب على الأنظمة البيئية؟

في حين أنه من الممكن توقّع أن تتغذى الذئاب على ثعالب البحر في بعض الأحيان؛ لكن روفلر فوجئت بأن بمقدورها تغيير نظامها الغذائي كلياً والمحافظة على أعدادها على في جزيرة صغيرة خالية من الغزلان. وتوضح روفلر: "افترضنا في البداية أن الذئاب ستأكل ما تبقى من الغزلان وتستنزف أعدادها ثم ستنقرض الذئاب أو تغادر الجزيرة".

يريد العلماء معرفة مدى شيوع هذا النوع من تغيير النظام الغذائي في أماكن أخرى على طول الساحل حيث ازدهرت أعداد ثعالب البحر أيضاً، ومعرفة كيف تعلمت الذئاب اصطياد ثعالب البحر بالإضافة إلى ذلك، وما إذا كان من الممكن أن ينتشر هذا السلوك بين مجموعات الذئاب المختلفة.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تلقي الضوء على العلاقة بين مورثات الذئاب القديمة وأصل الكلاب

وتقول روفلر إنه من السابق لأوانه حتى الآن التنبؤ بما إذا كان اعتماد الذئاب على ثعالب البحر كمصدر غذائي رئيسي لها سيؤثر سلباً في أعداد الغزلان في مناطق أخرى كما حدث في جزيرة بليزانت؛ لكنها تعتقد أن هذا لن يحدث إلا في الجزر الصغيرة المعزولة حيث يمكن للذئاب الوصول إلى ثعالب البحر بسهولة.

وتقول عالمة حفظ الأحياء في مؤسسة رين كوست للحفاظ على البيئة (Raincoast Conservation) وغير المشاركة في الدراسة، كريس داريمونت، إن هذا النوع من البحث يساعدنا على فهم كيفية تغير النظام البيئي، وبالإضافة إلى ذلك يعطينا لمحة عن النظام البيئي في الماضي قبل أن يقضي الصيادون على ثعالب البحر من خلال دراسة تعافيها.

المحتوى محمي