وفقاً للدكتور شكور حاجات، الباحث في مركز تغيّر المناخ وصحة الكوكب في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، تعد مصر صاحبة أعلى معدل وفيات مرتبط بزيادة درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 2590 حالة وفاة في العام، بينما تعد الجزائر والمغرب وليبيا ذات معدل وفيات أقل مرتبط بالحرارة، ونُشرت هذه النتيجة في دورية لانسيت عام 2023.
تؤثّر زيادة درجة الحرارة، خاصةً في الصيف، بشكلٍ كبير في الصحة العامة، لكن هناك عدة آليات تُمكّن جسم الإنسان من مقاومة الحرارة وضبط حرارة الجسم، إليك أبرز هذه الآليات وكيفية عملها.
ما الاضطرابات التي تُصيب الجسم في حال ارتفاع درجة حرارته بشكلٍ كبير؟
أهم الاضطرابات الصحية المرتبطة بزيادة درجة حرارة الجسم هي:
- تسرع القلب.
- ارتفاع احتمال إصابة الدماغ بالوذمات.
- زيادة احتمال الإصابة بالفشل الكلوي الحاد بسبب ضعف الدورة الدموية.
- تعرض الرئتين لخطر الإصابة بالضعف بسبب فرط التنفس المستمر.
بينما على المستوى الجزيئي، سيؤدي ارتفاع درجة حرارة الجسم فوق الـ 42 درجة مئوية إلى إضعاف تخليق الحمض النووي عن طريق تمسخ البروتين، وسيقود ذلك إلى تسمم الخلايا وضعف أداء الجهاز العصبي وفشل الأعضاء.
اقرأ أيضاً: ما أسباب حالة الوجه المتعرق وما علاجه؟
آليات التنظيم الحراري في جسم الإنسان
يُعرف التنظيم الحراري بأنه قدرة الكائن الحي على الحفاظ على درجة حرارة الجسم الأساسية، التي تبلغ 37 درجة مئوية عند الإنسان، وهي تلائم النشاط الفيزيولوجي الأمثل لأداء الوظائف الحيوية للجسم. يؤدي الوطاء الموجود بالدماغ دوراً مهماً في تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال عمله بمثابة "ترموستات"، أي منظم حرارة للجسم.
عند استشعار الوطاء لدرجة حرارة الجسم التي تزيد أو تقل على نطاق حراري معين، سيرسل إشارات إلى أجزاء مختلفة من الجسم مثل الجلد والغدد والأعضاء، وتستجيب هذه الأعضاء بآليات مختلفة لضبط حرارة الجسم، مثل تخفيض معدل الاستقلاب وغيرها، ومن أبرز الآليات التي يتبعها الجسم في حالة ارتفاع درجة حرارته ما يلي:
1. استجابة الأوعية الدموية في الجلد
تعمل الأوعية الدموية في الجلد على تقريب الدم من سطح الجلد لتبديد الحرارة والحفاظ على برودة الجسم، ويتحقق ذلك من خلال عملية توسع الأوعية الدموية في الجلد، ما يزيد من معدل دوران وتبريد الدم الموجود بالأجزاء الداخلية للجسم عند تماسه بسطح الجلد الذي يتم تبريده بدوره بعملية تبخر العرق، وهكذا يعمل جهاز الدوران على تبريد الجسم من خلال تدوير الدم وتبريده بشكلٍ مستمر. يُحفَّز توسع الأوعية الدموية السطحية ببعض الوسائط الكيميائية الحيوية مثل الأستيل كولين وأوكسيد النيتريك.
2. استجابة الغدد العرقية
يعتبر التعرق من الطرق الرئيسية التي ينظّم بها الجسم حرارته، إذ يؤدي إفراز العرق وتبخره على سطح الجلد إلى تبريد الجسم نظراً لأن تفاعل التبخر ماص للحرارة ومن المعروف بأن الماء يمتلك سعة حرارية عالية، وهذا يعني حاجته إلى كمية كبيرة من الطاقة الحرارية لتحويل كل غرام من الماء (العرق) إلى بخار ماء، ولكي يتم هذا التفاعل يمتصها العرق من حرارة الجسم ليتبخر. تنتشر الغدد العرقية المفرزة للعرق على كامل أجزاء الجلد، ما يجعل من آلية التعرق مثالية لتخفيض حرارة معظم أجزاء الجسم.
3. الاستجابة السلوكية
هي استجابة الشخص لارتفاع الحرارة التي تتضمن تغيرات سلوكية، مثل الاختباء في مكانٍ به ظل أو تهوية الجسم أو تشغيل مكيف الهواء والغوص في المياه، وغيرها من الطرق التي يخفف به الشخص من حرارة جسمه.
اقرأ أيضاً: كيف يحافظ جسم الإنسان على توازنه الداخلي وسلامة أعضائه؟
4. الآليات الفيزيائية لتخفيض حرارة الجسم
تنقسم الآليات الفيزيائية التي يخضع لها الجسم ليفقد الحرارة الفائضة إلى:
-
فقدان حرارة الجسم بالإشعاع
الإشعاع هو انتقال للحرارة بين الأجسام باستخدام أمواج إشعاعية مثل الأشعة تحت الحمراء. مثلاً، نحن نتلقى حرارة الشمس من خلال الإشعاع، ونفقد نحو 65% من حرارة أجسامنا من خلال إشعاعها للوسط الخارجي، فعندما نكون موجودين في غرفة أبرد من حرارة جسمنا بقليل، سيشع جسمنا حرارته للوسط المحيط.
-
فقدان حرارة الجسم بالتوصيل
ويُعرف التوصيل بأنه انتقال الحرارة بين جسمين متصلين بشكلٍ مباشر ببعضهما بعضاً، وأثر التبريد الذي نشعر به عندما نغوص في المسبح البارد في الطقس الحار سببه فقدان الحرارة بالتوصيل، ولا يمثّل فقدان الحرارة بالتوصيل سوى 2% من آليات فقدان حرارة الجسم.
-
فقدان حرارة الجسم بالحمل الحراري
وهي طريقة تعتمد على فقدان حرارة الجسم لصالح الهواء المحيط بالجلد، ويحدث فقدان الحرارة بالحمل الحراري بسبب حركة الهواء الساخن واستبداله بهواء أكثر برودة منه، والذي سيسخن بدوره وتحل مكانه كتلة هوائية أخرى، وتُنسب للحمل الحراري نسبة 10-15% من الحرارة التي يفقدها الجسم.
يمكن إضافة التبخر إلى هذه الآليات، لكن يمكن اعتباره آلية فيزيولوجية يتحكم بها الجسم من خلال إفرازه العرق، ثم يحدث بعدها التبخر بفعل الاستجابة الفيزيائية لإفراز العرق.
اقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك في التغلب على حرارة الصيف
كيف يتصرف الجسم في حالة البرودة؟
يتخذ الجسم في حالة وجوده في ظروف البرودة الخارجية عدة طرق لتدفئة الجسم مثل:
- تضيق الأوعية الدموية الجلدية لنقل الدم بعيداً عن سطح الجلد إلى الأوردة الأعمق في الجسم، ما يساعد على الحفاظ على الحرارة داخل الجسم.
- توليد الحرارة بفضل الأنشطة الاستقلابية في الأنسجة الدهنية البنية (BAT).
- انتصاب الشعيرات الموزعة على سطح الجلد، ما يزيد من الطبقة العازلة للهواء حول الجسم ويقلل من فقدان حرارة الجسم.
- الارتجاف أو الارتعاش، وهي تقلصات سريعة متذبذبة للعضلات الهيكلية.