منذ تصنيعها لأول مرة على يد الصيدلاني الإنجليزي توماس هنري عام 1794 حتى يومنا هذا، بقيت مسألة استهلاك المشروبات الغازية مثيرة للجدل. بين العديد من الدراسات التي حذّرت من استهلاكها وبين التوجهات الصحية للشركات المُصنّعة؛ ما حقيقة مكونات المشروبات الغازية وأضرارها؟ لنتعرف عليها في هذا المقال.
ما هي المشروبات الغازية؟
المشروبات الغازية هي فئة من المشروبات المنكَّهة والمحلّاة غير الكحولية أنتجها الأوروبيون بإيحاءٍ من مياه الينابيع الفوارة الطبيعية حول العالم ذات الفوائد الطبية والقيم العلاجية.
بقيت الطبيعة الفوارة للمياه لغزاً حتى اكتشف العالم الفلمنكي جان بابتيستا فان هيلمونت أنها تتضمن غازاً في إشارة إلى ثاني أوكسيد الكربون، وبذلك صنع المشروبات الغازية بخلط الماء مع غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يمنحها بريقاً وطعماً منعشاً ويحميها من التلف.
إلّا أن أول إنتاجٍ للمياه الغازية كان على يد الصيدلاني الإنجليزي توماس هنري، الذي صنعها باستخدام جهاز للكربنة عام 1794. وفي عام 1820، سمحت التحسينات في عمليات التصنيع بإنتاج كميات أكبر وإضافة الأملاح المعدنية والمنكهات مثل الزنجبيل والليمون.
اقرأ أيضاً: السكر يقتل: وجهُ السكر الأشدُ مرارة!
مكونات المشروبات الغازية
وفقاً لدراسة منشورة في دورية بيوميد للبحوث الدولية (BioMed Research International)، تحتوي المشروبات الغازية على المكونات التالية:
الماء
تحتوي المشروبات الغازية على الماء بنسبة 90%، بينما تحتوي المشروبات الغازية المخصصة للحميات على الماء بنسبة 99%. بشكلٍ عام، يجب أن تفي مياه المشروبات الغازية بالمعايير الفيزيائية والكيميائية والميكروبيولوجية لمياه الشرب وفقاً للمعايير الأوروبية ومعايير وكالة حماية البيئة الأميركية (EPA) ومعايير منظمة الصحة العالمية.
السكريات والمحليات
تحتوي المشروبات الغازية على السكريات بنسبة تتراوح بين 1-12%، ويمكن أن تكون من:
- محليات طبيعية: تحتوي على سعرات حرارية، بحيث ينتج عن كل غرام واحد منها 4 سعرات حرارية، وتضم:
- الفركتوز: على شكل شراب الذرة عالي الفركتوز (HFCS).
- الغلوكوز: على شكل نشاء الذرة.
- السكروز: يتحلل إلى غلوكوز وفركتوز.
- التريهالوز: يتكون من جزيئي غلوكوز، وذو حلاوة تعادل نحو 45% ضعف حلاوة السكروز.
- الإيزومالتوز: يمتاز بتحريره البطيء للطاقة، لذا يحافظ على مؤشر نسبة السكر في الدم منخفضاً، بالإضافة إلى أنه غير ضار بالأسنان.
- التاغاتوز: يتخمر بواسطة بكتيريا القولون، وقد يسبب انتفاخ البطن.
- مُحليات صناعية، تمنح طعماً حلواً لكنها تخلو من السعرات الحرارية، مثل:
- الأسبارتام (E951): يسمح باستخدام الأسبارتام في المشروبات الغازية بنحو 600 مليغرام/ لتر. وهو محلٍ صناعي أحلى من السكروز بـ 200 ضعف. يتحلل في الجهاز الهضمي إلى الميثانول (10%) وحمض الأسبارتيك (40%) والفينيل ألانين (50%)، ليبدأ استقلاب الميثانول في الكبد بعد تأكسده أولاً إلى الفورمالديهايد ليتحول بعد ذلك إلى حمض الفورميك. وبذلك قد يؤدي الأسبارتام دوراً مضاعفاً في الإصابة بالسرطان، أولاً عندما يوجد على شكل ميثانول الذي يُعرف بأنه مادة مُسرطنة، بالإضافة إلى الضرر المباشر للفورمالديهايد الذي يؤثّر مباشرةً في خلايا الكبد بصورة تضر بها. لذا من المرجح أن تدرج الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، الأسبارتام كمادة مسرطنة.
- أسيسلفام البوتاسيوم (E950): محلٍ صناعي مستقر حرارياً، أحلى من السكروز بنحو 200 ضعف.
- السكرالوز (E955): مُركّب مشتق من السكروز، لكنه أحلى منه بنحو 600 ضعف.
- السكرين (E954): أحلى من السكروز بنحو 300 ضعف، إلّا أن له مذاقاً معدنياً ومرّاً.
- الستيفوسيد (E960): محلٍ مشتق من أوراق نبات الستيفيا (Stevia rebaudiana Bertoni)، أحلى من السكروز بنحو 200 ضعفاً، عدة بلدان لا تسمح باستخدامه حتى الآن مثل فرنسا.
- ثوماتين (E957): أحلى من السكروز بنحو 2000 ضعف، وهو خليط من البروتينات المعزولة من فاكهة الكاتيف (Thaumatococcus daniellii Benth).
اقرأ أيضاً: المُحلّيات الصناعية لن تساعدك على إنقاص الوزن
ثاني أوكسيد الكربون
تتراوح كمية غاز ثاني أوكسد الكربون المستخدمة في عملية كربنة المشروبات الغازية ما بين 1.5-5 غرامات/ لتر، وهو المسؤول عن المذاق اللاذع والقوي للمشروبات الغازية.
منظمات الحموضة
تُستخدم منظمات الحموضة في المشروبات الغازية لسببين رئيسين هما:
- مقاومة نمو الميكروبات؛ من بكتيريا وفطور وخمائر، ما يساعد في الحفاظ على المشروبات لأطول فترة ممكنة.
- موازنة الحلاوة وتحسين الطعم.
ومن أهم الأحماض المستخدمة:
- حمض الستريك (E 330): وهو الحمض الطبيعي في الحمضيات، يمتاز بخصائصه المضادة للأكسدة بالإضافة إلى نكهته الخاصة.
- حمض الماليك (E 296): الحمض الطبيعي في التفاح.
- حمض الفوسفوريك (E 338): وهو الشكل المستخدم في الكولا.
الملونات
تُستخدم الملونات في المشروبات الغازية لعدة أسباب:
- جعل المنتج أكثر جاذبية من الناحية الجمالية.
- تصحيح الاختلافات الطبيعية في اللون، أو التغييرات التي تطرأ في أثناء المعالجة أو التخزين.
- الحفاظ على هوية المشروب الغازي التي يتم من خلالها التعرف عليه.
توجد ثلاثة أنواع أساسية من الألوان:
- الألوان الطبيعية: هي الألوان المستخلصة من النباتات والفواكه، وتتكون من:
- الكاروتينات: تمنح تدرجاً لونياً بين الأصفر والبرتقالي.
- الأنثوسيانين: يعطي مجموعة من الألوان بين الأحمر الفاتح والأرجواني.
- الألوان الاصطناعية: للحصول على ألوان مختلفة مثل الأزرق والأخضر والأحمر.
- الكراميل: يُصنّع لون الكراميل من خلال تعريض السكريات للأمونيا والكبريتات وبعض المواد الكيميائية الصناعية.
اقرأ أيضاً: دراسة: الملونات الصناعية قد تسبب سرطان القولون والمستقيم
النكهات
تُضاف المواد المنكَّهة المشتقة من مصادر طبيعية أو صناعية تلبيةً لأذواق المستهلكين.
المواد الحافظة
تُضاف المواد الحافظة إلى المشروبات الغازية لمنع نمو الميكروبات. بشكلٍ عام تعتمد أنواع المواد الحافظة الكيميائية التي يمكن استخدامها على الخصائص الكيميائية والفيزيائية لكلٍّ من المادة الحافظة والمشروبات الغازية، مثل درجة الحموضة ووجود الفيتامينات والتغليف وظروف التخزين. ومن أهم الأنواع المستخدمة:
- بنزوات (E210-E213).
- سوربات (E200-E203).
- ثنائي ميثيل دي كربونات (E242).
اقرأ أيضاً: ما تأثير المواد الحافظة؟ وما أضرارها وفوائدها في الأغذية؟
مكونات أخرى
بالإضافة إلى ما سبق، تحتوي المشروبات الغازية على مكونات نشطة مثل:
- التورين 3189 مليغراماً/ لتر، وهو حمض أميني غير أساسي.
- الكافيين 360-630 مليغراماً/ لتر.
- الغرويات مثل صمغ الغوار والبكتين والزانثان.
- الإينولين والمالتوديكسترين، وهي كربوهيدرات معقدة.
- مجموعة فيتامينات B.
- حمض الأسكوربك.
- الشوارد مثل الصوديوم والكلوريد والبوتاسيوم والكالسيوم.
أضرار المشروبات الغازية
بالإضافة إلى أن المشروبات الغازية تخلو من العناصر الغذائية الأساسية، فإنها استهلاكها بكميات كبيرة قد يحمل العديد من المضار للجسم وفقاً لمراكز مراقبة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة الأميركية (CDC)، بما في ذلك:
- زيادة الوزن.
- البدانة.
- السكري من النوع الثاني.
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- أمراض الكلى.
- مرض الكبد الدهني غير الكحولي.
- النقرس.
- تسوس الأسنان وتآكلها.
- السرطان.
- هشاشة العظام.
اقرأ أيضاً: 8 مخاطر صحية لاستهلاك المشروبات الغازية المحلاة ستجعلك تنسى متعة طعمها الحلو اللاذع
الخلاصة هي أنه مهما كان مذاق المشروبات الغازية ممتعاً ومنعشاً، إلّا أنها بمكوناتها قد تكون أكثر المشروبات الضارة. قد يساعدك معرفة المعلومات الغذائية هذه على اختيار تجنبها واختيار مشروبات أفضل لصحتك.