ماذا يفعل الالتهاب بالجسم؟

4 دقيقة
ماذا يفعل الالتهاب بالجسم؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Suriyawut Suriya

ملخص: الالتهاب هو آلية دفاع طبيعية في الجسم، ضرورية للشفاء والتعافي. ويحدث عندما يستجيب الجهاز المناعي لتهديدات مثل تلف الأنسجة أو الفيروسات أو المواد الغريبة، عن طريق إرسال الخلايا الالتهابية والسيتوكينات إلى المنطقة المصابة. تترافق هذه العملية بأعراض مثل الألم والاحمرار والتورم. وثمة نوعان من الالتهاب: حاد ومزمن. الالتهاب الحاد هو استجابة قصيرة المدى للإصابة أو العدوى، وفيه تتوسع الأوعية الدموية بما يسمح بزيادة تدفق الدم وهجرة الخلايا والبلعمة إلى منطقة الإصابة. من ناحية أخرى، يستمر الالتهاب المزمن عدة شهور أو سنوات ويمكن أن ينتج عن عدم القدرة على القضاء على سبب الالتهاب، أو اضطراب المناعة الذاتية. يرتبط الالتهاب المزمن بأمراض مختلفة، بما في ذلك السرطان وأمراض القلب والسكري والصدفية والروماتيزم، ولتقليله يجب اتباع نظام غذائي صحي غني بالأطعمة المضادة للالتهابات، وتجنب العادات غير الصحية، وإدارة التوتر وممارسة الرياضة بانتظام.

بينما قد تُثير الحمى لديك الخوف مما قد تشير إليه من مرض أو عدوى، فإنها في الحقيقة أحد أعراض الاستجابة الطبيعية في الجسم تُعرف بالالتهاب. ويُعدّ الالتهاب جزءاً من عملية الشفاء الطبيعية لدينا، فهو آلية دفاع في الجسم تحميه من الأذى، وتساعده على الشفاء والتعافي، على الرغم مما قد تسببه من ألم أو أعراض مزعجة.

ومع ذلك، ما قد نعتبره استجابة دفاعية في الجسم قد يكون أيضاً السبب الخفي للعديد من الأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب. فما هو الالتهاب؟ وكيف يمكن لهذه العملية الحيوية الأساسية أن تتحول من حليف وقائي إلى عدو مدمر داخل الجسم؟

اقرأ أيضاً: ما سر الفاعلية العالية للحرارة المرتفعة لدى المرضى في مقاومة الحالات الالتهابية؟

ما هو الالتهاب وكيف يعمل؟

الالتهاب هو المعركة التي يخوضها الجسم ضد كل ما يعتقد أنه خطر يهدد صحته؛ من تلف للأنسجة كما في الجروح والإصابات، إلى محاربة الفيروسات والأجسام والمواد الغريبة، فهو استجابة دفاعية يتحكم بها في المقام الأول الجهاز المناعي، إذ عندما تتعرض لالتواء في الكاحل أو لسعة نحلة أو جرح في إصبعك، يرسل الجهاز المناعي الخلايا الالتهابية والسيتوكينات (هي بروتينات تعمل كرسائل كيميائية لتنظيم الاستجابة المناعية والالتهابية وجذب المزيد من خلايا المناعة إلى موقع الإصابة). تحتجز الخلايا الالتهابية الميكروبات أو المواد الغريبة، وتبدأ عملية الشفاء. تترافق هذه العملية بأعراض مثل الألم أو الاحمرار في منطقة الإصابة.

وفي حالات العدوى، مثل الإنفلونزا أو نزلات البرد، تكون المعركة داخلية، ولا يمكن رؤية علاماتها.

أنواع الالتهاب

يمكن تصنيف الالتهاب إلى نوعين أساسيين:

1. الالتهاب الحاد: استجابة قصيرة المدى

يحدث الالتهاب الحاد لدى التعرّض لإصابة أو مادة سامة أو ميكروب أو جرح، ما يحفّز ردود فعل متعددة من الجهاز المناعي:

  • إطلاق المواد الكيميائية: تُطلق الخلايا التالفة والخلايا المناعية موادَّ كيميائية مثل الهيستامين والبروستاغلاندين، ما يتسبب في تمدد الأوعية الدموية وزيادة نفاذيتها.
  • زيادة تدفق الدم: يزيد توسع الأوعية الدموية من تدفق الدم إلى المنطقة المصابة، ما يتسبب في احمرار وسخونة الأنسجة. في المقابل، تزداد نفاذية الأوعية الدموية، ما يسمح للسوائل والبروتينات بالتسرب إلى الأنسجة المحيطة، ويؤدي إلى التورّم (الوذمة).
  • الهجرة الخلوية: تتحرك خلايا الدم البيضاء (مثل العدلات والبلعميات) إلى موقع الإصابة، وتلتصق بجدران الأوعية الدموية ثم تهاجر إلى الأنسجة التالفة.
  • البلعمة: تبتلع خلايا الدم البيضاء الميكروبات والأنسجة التالفة، وتطلق مواد كيميائية مثل السيتوكينات التي تعزز الاستجابة المناعية.
  • الشفاء: بعد القضاء على العامل الممرض، تبدأ الخلايا المناعية بإزالة الأنسجة التالفة.

تظهر علامات الالتهاب خلال ساعات، وقد تستمر حتى 6 أيام، وفقاً للمسبب وموقع الإصابة والعوامل الفردية. يترافق خلالها بأعراض مرئية، مثل:

  • الألم المتواصل في منطقة الإصابة، أو فقط لدى لمسها.
  • الاحمرار في منطقة الإصابة بسبب زيادة تدفق الدم إلى الشعيرات الدموية فيها.
  • فقدان الوظيفة، كما في فقدان حاسة الشم، أو تحريك المفصل.
  • التورّم والانتفاخ، وقد تتطور الحالة إلى وذمة في حال تراكم السوائل فيها.
  • ارتفاع درجة حرارة منطقة الإصابة.

وأعراض غير مرئية "التهاب صامت"، مثل:

  • التعب.
  • الضعف العام.
  • ارتفاع درجة الحرارة.

من الأمثلة عن الالتهاب الحاد:

  • التهاب الشعب الهوائية الحاد.
  • التهاب الزائدة الدودية.
  • ظفر القدم الناشب.
  • التهاب الحلق بسبب البرد أو الإنفلونزا.
  • صدمة أو جرح جسدي.

اقرأ أيضاً: لماذا تكون الجروح الناجمة عن الورق مؤلمة جداً؟

2. الالتهاب المزمن

يحدث الالتهاب المزمن عندما يستمر الجسم في إرسال الخلايا الالتهابية حتى عندما لا يوجد خطر حقيقي. يمكن أن يحدث ذلك بأحد الاحتمالين:

  • لا يستطيع الجسم التخلص من مسبب الالتهاب.
  • خلل في الجهاز المناعي يسبب مهاجمة الأنسجة السليمة عن طريق الخطأ، كما الحال في الصدفية، وهو ما يُعرف باضطرابات المناعة الذاتية.

قد يستمر الالتهاب المزمن عدة شهور وحتى سنوات، مع بعض فترات التحسن، وبعض الفترات التي قد تتفاقم فيها الأعراض.

يتطور الالتهاب المزمن في حال اتباع نمط حياة غير صحي، مثل التدخين، واتباع نظام غذائي سيئ، والإفراط في تناول الكحول، وزيادة الوزن، والتعرّض لمواد سامة، أو إذا كان الشخص:

  • يعاني الحساسية لمحفز خارجي مثل غبار الطلع.
  • يتعرض على نحو طويل الأمد وبكميات قليلة لمادة مهيجة، مثل مادة كيميائية صناعية.

ومن الأمثلة عن الأمراض المرتبطة بالالتهاب المزمن:

  • الربو.
  • القرحة الهضمية المزمنة.
  • مرض الدرن.
  • التهاب المفصل الروماتويدي.
  • التهاب اللثة.
  • التهاب القولون التقرحي ومرض كرون.
  • التهاب الجيوب الأنفية.
  • التهاب الكبد النشط.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • السرطان.
  • السكري.
  • أمراض القلب والأوعية الدموية.
  • مرض الانسداد الرئوي المزمن.
  • اضطرابات الصحة النفسية مثل القلق والاكتئاب.
  • التصلب اللويحي.

اقرأ أيضاً: أمراض المناعة الذاتية: عندما يبدأ جسمك بمحاربتك

كيف تقلل الالتهاب؟

في حين أن الالتهاب ضروري لتعافي الجسم وإصلاحه، فإن الالتهاب المزمن قد يعود بأخطار جسيمة على الصحة، ولا بُدّ من مكافحته. ولتقليل الالتهاب المزمن يمكن الالتزام بما يلي:

1. اتباع نظام غذائي صحي غني بمضادات الالتهاب ومضادات الأكسدة مثل الكاروتينات والبوليفينول وأحماض أوميغا 3 الدهنية. ويتضمن:

  • الطماطم.
  • زيت الزيتون.
  • الخضروات الورقية الخضراء، مثل السبانخ والكرنب واللفت.
  • المكسرات مثل اللوز والجوز.
  • الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل والتونة والسردين.
  • الحبوب الكاملة مثل الكينوا والخبز المصنوع من الحبوب الكاملة ودقيق الشوفان.
  • الفواكه مثل الفراولة والتوت الأزرق والبرتقال.
  • تجنب الأطعمة غير الصحية التي قد تسبب الالتهاب مثل الكربوهيدرات المكررة، التي توجد في الخبز الأبيض والمعجنات، والأطعمة المصنّعة، والمشروبات المحلاة بالسكر، واللحوم الحمراء، والكحول والتدخين.

2. إدارة التوتر: يؤدي التوتر المتكرر على فترات طويلة إلى تعريض الجسم لمستويات عالية من هرمون التوتر (الكورتيزول)، والذي يرتبط بالالتهاب، لذا قد تساعد بعض تمارين إرادة التوتر مثل اليوغا والتنفس العميق والتأمل على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر.

3. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام: قد تساعد ممارسة التمارين الرياضية على مقاومة الالتهاب المزمن من خلال عدة آليات:

  •  تحسين الاستجابة المناعية.
  • تقليل مستويات السيتوكينات الالتهابية.
  • زيادة إفراز الإندورفين، وهو من المواد المسؤولة عن تحسين المزاج والشعور بالسعادة وتقليل الشعور بالألم.
  • الحفاظ على وزن صحي، وتقليل الدهون التي ترتبط بزيادة الالتهابات.

4. الأدوية: يمكن استخدام الأدوية المضادة للالتهابات في علاج الحالات الالتهابية مثل الكورتيكوستيرويدات، والأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية المتاحة دون وصفة طبية، مثل الإيبوبروفين والنابروكسين. ومع ذلك، من الضروري استشارة الطبيب قبل البدء بتناول هذه الأدوية، لما قد تسببه من آثار جانبية محتملة.

المحتوى محمي