ملخص: يُعدّ مؤشر كتلة الجسم (BMI) أداة شائعة لتقييم الوزن، لكن يتم توجيه انتقادات له بسبب عدم دقته في تحديد المخاطر الصحية الحقيقية، خاصة لقصوره في التمييز بين الكتلة العضلية والدهنية أو توزيع الدهون في الجسم؛ إذ يعتمد مؤشر كتلة الجسم على الوزن والطول فقط، ما يجعله غير كافٍ لتقييم الأشخاص الرياضيين أو كبار السن. حيث يسهم توزيع الدهون، خصوصاً في منطقة البطن، في تحديد مخاطر الإصابة بحالات صحية مثل أمراض القلب والسكري. لكن برز مؤخراً مؤشر استدارة الجسم (BRI) بديلاً محتملاً لأنه يأخذ في الاعتبار توزيع الدهون. وتشير دراسة حديثة إلى أنه قد يكون أدق في تحديد المخاطر الصحية. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكد من دقته وفاعليته بالنسبة للجميع.
سنوات طويلة، اعتمد الأطباء والباحثون على مؤشر كتلة الجسم (BMI) (Body Mass Index) باعتباره أداة رئيسية لتقييم الوزن وتحديد مخاطر الأمراض المرتبطة بالسمنة. حيث يُصنف الأفراد ضمن فئات مختلفة تتراوح ما بين نقص الوزن إلى السمنة المفرطة، بناءً على النتيجة. وعلى الرغم من سهولة استخدام مؤشر كتلة الجسم وانتشاره، فإن هذا المؤشر لا يعكس تكوين الجسم بدقة أو يستطيع تحديد المخاطر الصحية الحقيقية، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية وجود مؤشرات قياس أدق.
فبحسب دراسة جديدة، يمكن اعتبار مؤشر استدارة الجسم (Body roundness index) (BRI) أحد البدائل الواعدة، حيث يأخذ في الاعتبار توزيع الدهون في الجسم، وهو عامل حاسم في تحديد المخاطر الصحية. في هذا المقال، نتعرف إلى أوجه قصور مؤشر كتلة الجسم وكيف يمكن أن يتغلب مؤشر استدارة الجسم عليه.
اقرأ أيضاً: 2.2 مليار شخص يعانون السمنة والمرض ولكننا ما زلنا نستخدم معيار قياس خاطئاً
ما هي أوجه قصور مؤشر كتلة الجسم؟
يُحسب مؤشر كتلة الجسم بقسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر. وتكمن المشكلة الرئيسة في أن هذا المؤشر لا يُميّز بين الكتلة العضلية والدهنية؛ إذ قد يكون مؤشر كتلة جسم مرتفعاً لدى الشخص الرياضي ذي الكتلة العضلية الكبيرة، ما يصنفه ضمن فئة الوزن الزائد أو السمنة، حتى مع انخفاض نسبة الدهون في جسمه. بينما قد يقع مؤشر كتلة جسم لشخص ذي كتلة عضلية منخفضة ونسبة دهون عالية ضمن النطاق "الصحي"، ما يعكس صورة خاطئة عن حالته الصحية، ويجعل مؤشر كتلة الجسم أداة غير دقيقة لتقييم المخاطر الصحية الحقيقية، خاصة للأشخاص الرياضيين وكبار السن، وكذلك أصحاب الأصول العرقية المختلفة.
علاوة على ذلك، يتجاهل مؤشر كتلة الجسم توزيع الدهون في الجسم، حيث يرتبط التراكم المفرط للدهون في منطقة البطن، والمعروفة باسم "الدهون الحشوية"، ارتباطاً وثيقاً بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان، بغض النظر عن الوزن الإجمالي، ما يعني إذا كان لشخصين مؤشر كتلة الجسم نفسه فقد يكونا عرضة إلى مخاطر صحية مختلفة تماماً بناءً على توزيع الدهون في أجسامهما.
توضّح أخصائية التغذية، سما أسامة، في تصريحها إلى بوبيولار ساينس-العلوم للعموم، أنه قد لا يصلح استخدام مؤشر كتلة الجسم مع بعض الحالات، مثل الأشخاص الذين يزيد طولهم على 190 سم، أو النساء الحوامل، أو الأطفال؛ إذ يحتاجون إلى تطبيق معايير مختلفة في القياس.
على الجانب الآخر، يصفُ البعض هذا المؤشر بأنه أداة متحيزة، فالنساء لديهن أنسجة دهنية أكثر من الرجال، فضلاً عن أن بعض مقدمي الرعاية الصحية قد ينظرون إلى المرضى الذين يعانون السمنة على أنهم كسالى، وقد لا يضعون في الاعتبار أعراضاً معينة لدى هؤلاء المرضى قد تشير إلى مشكلات صحية خطرة، وبدلاً من ذلك ينصحونهم فقط بتناول الطعام الصحي وممارسة الرياضة.
اقرأ أيضاً: عن فشل الأيض: كيف يتكون "الكرش"؟
هل يُعدّ مؤشر استدارة الجسم بديلاً واعداً؟
ظهر مؤشر استدارة الجسم لول مرة عام 2013، حيث يعتمد على قياس محيط الخصر بالنسبة إلى الطول. تُتيح هذه الطريقة تقييم توزيع الدهون في الجسم بدقة أكبر، وخاصة تراكم الدهون في منطقة البطن، ما يُعدّ مؤشراً مهماً لمخاطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالسمنة، مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني واضطرابات الأيض.
وفي هذا السياق، كشفت دراسة علمية نشرتها دورية شبكة جاما المفتوحة (JAMA Network Open) مؤخراً أن ارتفاع مؤشر استدارة الجسم أو انخفاضه عن النطاق الطبيعي يرتبط بزيادة خطر الوفاة من الأسباب جميعها، حتى بعد الوضع في الاعتبار عوامل أخرى مثل العمر والجنس والعرق. وتوصل الباحثون إلى أنه يمكن اعتبار هذا المؤشر أداة أدق لقياس تكوين الجسم والتنبؤ بالمخاطر الصحية مقارنة بمؤشر كتلة الجسم.
حددت الدراسة نطاقات مؤشر استدارة الجسم وعلاقته بالمخاطر الصحية، وأوضحت النتائج وجود علاقة على شكل حرف U بين المؤشر والوفيات العامة، حيث ترتبط الحدود الأقل من 3.4 بزيادة خطر الوفاة بنسبة 25%، بينما ترتبط الحدود التي تبلغ 6.9 أو أكثر بزيادة خطر الوفاة بنسبة تقارب 49%.
وجد الباحثون أن نطاق مؤشر استدارة الجسم بين 4.5 و5.5، لم تظهر فيه مخاطر زيادة ملحوظة مقارنة بالنطاقات الأخرى. لذا، يمكن القول إن القيم التي تقع ضمن هذا النطاق تعد طبيعية.
اقرأ أيضاً: 10 نصائح سريعة وآمنة للتخلص من دهون البطن
لكن لا تزال هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث للتحقق من صحة النتائج ودقة المؤشر عبر مختلف الفئات السكانية قبل اعتماده بديلاً لمؤشر كتلة الجسم. على الجانب الآخر، قد تكون طريقة حساب مؤشر استدارة الجسم أكثر تعقيداً من مؤشر كتلة الجسم، ويحتاج إلى قياسات دقيقة لمحيط الخصر والورك، ما قد يصعب تحقيقه في بعض الأحيان، لكن يمكنك تجربة حساب مؤشر استدارة الجسم الخاص بك من خلال هذا الموقع.
من جانبها، توضّح أخصائية التغذية، سما أسامة، أهمية الاعتماد على قياسات أخرى بجانب مؤشر كتلة الجسم لتحديد وجود عوامل خطر صحية أم لا بطريقة أدق. وبصفة عامة، يمكن استخدام كل من المؤشرين معاً للحصول على صورة أشمل عن صحة الفرد، مع التركيز على أهمية استشارة الطبيب لتقييم الحالة الصحية، وتحديد الخطة العلاجية المناسبة، فالهدف هو تحسين صحة الأفراد وتقليل مخاطر الأمراض المزمنة، سواء كان ذلك من خلال قياس مؤشر كتلة الجسم أو مؤشر استدارة الجسم أو غيرهما من الأدوات، حيث يعتمد اختيار الأداة الأنسب على الحالة الفردية والأهداف الصحية.