خصائص البكتيريا الزرقاء
البكتيريا الزرقاء أو الجراثيم الزرقاء، كانت تدعى الطحالب الزرقاء، أو الطحالب الخضراء المزرقّة، وهي كائنات حية بدائية النوى؛ أي لا تحتوي خلاياها نواة؛ لكنها تحتوي على أصبغة التركيب الضوئي كاليخضور الذي تستخدمه النباتات في عملية التركيب الضوئي، بالإضافة إلى الصباغ المزرق "الفيكوسيانين" (phycocyanin) الذي حصلت على اسمها منه.
بالإضافة إلى اليخضور والفيكوسيانين، تحتوي بعض الأنواع على الصباغ الأحمر "فيكوإريترين" (phycoerythrin)، فقد حصل البحر الأحمر على اسمه بسبب انتشار النوع الأحمر منها والمسمى أوسيلاتوريا.
أنواع الجراثيم الزرقاء عبارة عن وحيدات خلية أو تتكون من عدة خلايا متكتلة (مستعمرات)، أو تكون بشكل خيوط يمكن رؤيتها بالعين المجردة. وُجدت على كوكب الأرض منذ أكثر من 3.5 مليار سنة.
تتكاثر الجراثيم الزرقاء لاجنسياً إما عن طريق الانشطار الثنائي أو الانشطار المتعدد في الأشكال أحادية الخلية والمستعمرات، أو عن طريق التفتت وتشكيل الأبواغ في الأنواع الخيطية. في ظل ظروف مواتية، يمكن أن تتكاثر البكتيريا الزرقاء بمعدلات هائلة، فتنمو وتزدهر في المياه مسببةً ما يعرف بالانفجار الطحلبي.
أين توجد البكتيريا الزرقاء؟
تنتشر أنواع الجراثيم الزرقاء في بيئات عديدة، لكن غالباً ما تنمو في المياه العذبة. كما توجد بكثرة في موائل مثل برك المد والجزر والشعاب المرجانية؛ وتمثل بعض الأنواع جزءاً من عوالق المحيطات.
لا يقتصر وجودها في البيئات المائية فقط، بل توجد على اليابسة أيضاً، حيث تنمو بعض أنواعها في التربة حتى عمق 1 متر أو أكثر؛ كما أنها تنمو على الأسطح الرطبة من الصخور والأشجار.
يمكن العثور عليها في الينابيع الساخنة والبحيرات الباردة تحت 5 أمتار من الجليد، وعلى الأسطح السفلية للعديد من الصخور في الصحاري. غالباً ما تكون الجراثيم الزرقاء من بين أوائل المستعمرين للصخور العارية والتربة.
يتعايش بعض الأنواع مع الفطريات لتشكيل ما يعرف بالأشن، أو مع الطحالب أو النباتات؛ حيث تمد الجراثيم الزرقاء الكائنات الحية التي تتعايش معها بالمغذيات وخاصة النيتروجين، كونها تتميز باحتواء الكثير من أنواعها على حويصلات تثبت النيتروجين الجوي.
أنواع البكتيريا الزرقاء
للجراثيم الزرقاء أنواع عديدة، منها:
أوسيلاتوريا Oscillatoria
أحد الجراثيم الزرقاء الشائعة في بيئات المياه العذبة، بما في ذلك الينابيع الساخنة. هي عبارة عن خيوط غير متفرعة، تنمو منفردة أو بشكل حصائر متشابكة، يشير اسمها إلى حركتها المتذبذبة البطيئة والإيقاعية. تتكاثر عن طريق التفتت حيث تمتلك الأوسيلاتوريا خلايا مقعرة تُعرف بأقراص الفصل، تنفضل عندما تموت أقساماً من الخيوط.
جليوكابسا Gloeocapsa
من أنواع الجراثيم الزرقاء التي تتكون من خلايا مفردة أو مجتمعة محاطة بطبقات متحدة المركز من الصمغ. توجد على الصخور أو التربة الرطبة إلى حد كبير. بعضها يتعايش مع الفطريات مشكلاً الأشنات.
نوستوك Nostoc
خلاياه مرتبة في سلاسل شبيهة بالخرز تم تجميعها معاً في كتلة هلامية. يمكن العثور على كتل منه على التربة، أو تطفو في الماء الهادئ، بعضها يرى بالمجهر، أما التكتلات الكبيرة ترى بالعين المجردة. يتكاثر عن طريق التفتت. في موسم الجفاف، يشكل خلايا خاصة سميكة الجدران تسمى "الأكينيت" (akinete)، قادرة على تحمل الجفاف لفترات طويلة من الزمن، قد تصل إلى 70 عاماً، وتنمو منها خيوط جديدة عند عودة الرطوبة. لديه القدرة على تثبيت النيتروجين، ويُستخدم كمصدر غذائي في آسيا.
أهمية البكتيريا الزرقاء
كالطحالب، تعتبر الجراثيم الزرقاء القديمة أحد الأحياء المساهمة في إغناء كوكب الأرض بالأكسجين وتشكيل الغلاف الجوي للأرض، الذي سمح للحياة بالازدهار على الأرض، ومازالت تنشر الأوكسجين في الجو حتى الآن. بالإضافة إلى ذلك، كان لها دوراً كبيراً في وجود النباتات، إذ تقول إحدى الفرضيات أن الصانعات الخضراء، التي تقوم النباتات بالتركيب الضوئي عن طريقها، هي في الواقع جراثيم زرقاء تعيش داخل خلايا النبات.
تثبت الجراثيم الزرقاء أيضاً النيتروجين الجوي، وتحوله إلى النترات أو الأمونيا، وهي أشكال النيتروجين التي تحتاجها النباتات لنموها، ويجب أن تحصل عليها من التربة. لذلك تعتبر من أهم مزودات التربة بالأسمدة النيتروجينية، خاصةً في زراعة الأرز والفاصوليا، إذ تُزرع الجراثيم الزرقاء المثبتة للنيتروجين في حقول جنوب شرق آسيا، ما يلغي الحاجة إلى استخدام الأسمدة النيتروجينية.
يُستخدم بعض أنواعها كغذاء، على سبيل المثال "السبيرولينا" التي تحتوي على نسبة عالية من البروتين ويمكن زراعتها في الأحواض بسهولة تامة. تعتبرها البلدان الاستوائية جزءاً مهماً جداً من النظام الغذائي، ويُعتقد أن شعوب الأزتيك كانت تتناولها بانتظام؛ يتم تقديمها أيضاً في العديد من الأطباق الشرقية. وفي الولايات المتحدة الأميركية، تعتبر السبيرولينا كغذاء صحي يُباع في المتاجر كمسحوق مجفف أو في شكل أقراص.
من ناحية أخرى، تُنتج العديد من الأنواع الأخرى من الجراثيم الزرقاء مواد سامة للإنسان والحيوان، لذلك لا يوصى بجمعها وأكلها دون معرفة صحيحة بها. كما قد تسبب بعض أنواعها، مثل "لينجبيا" (Lyngbya) حالة من تهيج الجلد المعروفة باسم "حكة السباحين".