قد نعيش لحظات جميلة أو نتعرف على أشخاص تركوا أثراً عظيماً في أنفسنا، فيقوم البعض بتخليد تلك اللحظات أو المشاعر أو الأشخاص عن طريق رسم وشم ما يذكّرهم بها على جسمهم. وعلى الرغم من تفاوت وجهات النظر حول الموضوع من الناحية الدينية والاجتماعية، فإن العلم واضح بهذا الخصوص، ويمكن أن يساعد الشخص الذي يعرف تفاصيل آلية رسم الوشم الآخرين عن طريق تقديم المعلومات الكافية والنصائح عن الموضوع ليتخذوا قرارهم المناسب بشكل واعٍ.
ما أسباب القيام بالوشم؟
تتنوع الأسباب التي يتم عمل الوشم من أجلها ومن أهمها ما يلي:
- اتباع بعض العادات القبلية التي تعبّر عن الانتماء لقبيلة معينة، أو علامة للبلوغ.
- تعبير بعض الوشوم عن السلطة في بعض الحضارات.
- استخدام الوشوم قديماً لوسم العبيد دليلاً لانتمائهم لسيد معين، وإعادتهم في حال هربوا.
- وشم بعض السجناء وأسرى الحرب لتمييزهم.
- العضوية في إحدى الجماعات.
- تعبيراً عن الحب والتقدير لشخص معين أو لتذكر حادثة معينة.
- لتغطية آثار الندبات وتجميل مناطق التشوهات.
ما التفسير العلمي لقيام الأشخاص بالوشم؟
تتكون عملية الوشم من بعض العناصر الأساسية وهي: الحبر والإبرة والجلد، ويتطلب إجراؤه مهارة عالية ودقة في العمل لعدم تشويه الشخص الخاضع للوشم، ويمكن تلخيص جوانب الوشم الأساسية كما يلي:
العملية
يقوم فنان الوشم بتحضير إبرة خاصة مركّبة على جهاز آلي، يقوم هذا الجهاز بالحركة العمودية لإدخال وإخراج الإبرة بسرعة 4000 حتى 10,000 مرة في الدقيقة، وذلك في سبيل إدخال جزيئات الحبر إلى طبقة من الجلد تدعى الأدمة، وهي طبقة لا تتجدد مثل الطبقات التي فوقها، وعند تجاوز طبقة الأدمة قد يظهر الوشم مشوهاً ومتمدداً بسبب انتشار الحبر في الطبقات العميقة من الجسم.
الأحبار المستخدمة
توجد أكثر من 200 مادة تلوين ومواد مضافة معروفة تستخدم لتركيب أحبار الوشم، وتُشتق معظمها من المعادن الثقيلة، بما في ذلك الأنتيمون والبريليوم والكروم والزرنيخ، بالإضافة إلى المواد الخافضة للتوتر السطحي وعوامل الربط والحشوات والمواد الحافظة.
تتكون الأحبار السوداء عادةً من أكاسيد الكربون، بينما الزرقاء مركّبة من أملاح النحاس أو أكاسيد الكوبالت، وقد يكون الحبر الأبيض مكوناً من ثاني أوكسيد التيتانيوم أو أوكسيد الزنك أو كربونات الرصاص، لكن تعتبر الأحبار السوداء خطرة صحياً، إذ قد تحتوي على مواد مسرطنة تدعى الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات (PAHs).
وقد تحتوي أصباغ أخرى على مواد ضارة مثل:
لذا يجب الحذر ومعرفة مكونات الحبر التي قد تسبب أضراراً وخيمة.
أسباب زوال الوشم
قد يزول الوشم لعدة أسباب ومنها ما يلي:
- موت الخلايا الليفية وتجددها ما يؤدي إلى تلاشي الوشم.
- تفاعل الأشعة فوق البنفسجية من الشمس مع جزيئات الصبغة، ما يؤدي لتفكيكها وترحيلها من خلال خلايا الدم البيضاء.
- الاحتكاك الدائم لمنطقة الوشم قد يسبب تبديده مع الوقت.
- اكتساب الوزن بشكل مفرط.
- العناية الصحية غير الكافية بالجلد أو وجود مرض أو حالة جلدية خاصة.
المخاطر الصحية للوشم
قد يحمل الوشم أعراضاً صحية متفاوتة من شخص إلى آخر، ويمكن تلخيصها كما يلي:
- وجود حساسية للحبر، حيث يتفاعل الجسم مع مكونات الحبر وينتج رد فعل تحسسياً تختلف حدته تبعاً لحساسية الشخص، ومن الممكن أن تصل الأعراض لحد السمية.
- إخفاء الوشم سرطاناً للجلد تحته، إذ يمكن للوشم أن يغطي تكون سرطان الجلد ويحجب إمكانية كشفه.
- تأثير الوشم سلباً على عملية التعرق، وذلك في حالة الوشوم الكبيرة الحجم.
- هناك احتمال أن يسبب الوشم التهاباً بالمكورات العقدية، ومن الممكن أن يكون الالتهاب خطيراً.
- تأثير بعض الوسوم على العمليات الطبية، فأحبار الوشم تحتوي موادَّ معدنية تؤثر على صور الرنين المغناطيسي وتؤثر على جودتها.
كيف يمكن الاعتناء بالوشم؟
يجب على الأشخاص الذين يقومون بوشم أن يعتنوا ببشرتهم، والغرض من ذلك ليس فقط الحفاظ على الوشم إنما الانتباه من حدوث عوارض صحية مرتبطة بالوشم نفسه، ومن أهم النصائح لفعل ذلك ما يلي:
- الحفاظ على نظافة المنطقة الموشومة، وتجنب الاحتكاك القوي بها في الفترة التي تلي الوشم.
- استخدام مرطب البشرة على المنطقة الموشومة والعناية بها.
- تجنب التعرض لأشعة الشمس وارتداء ملابس تغطي منطقة الوشم في الأسابيع الأولى بعد الوشم.
- تجنب السباحة في البحر أو برك السباحة وغيرها، لأن الوشم هو جرح مفتوح وقد يسبب حدوث التهاب أو تفاعل للأملاح في المياه مع مكونات الحبر وحدوث أعراض سلبية.
- تجنب ارتداء ملابس ضيقة تضغط على الوشم في الفترات الأولى.
- تجنب حك منطقة الوشم لأنها قد تسبب حدوث ندوب دائمة.
اقرأ أيضاً: علامَ يحتوي الوشم الذي يرسمه الناس على أجسادهم؟
عملية إزالة الوشم
توجد عدة حالات يندم فيها الشخص على عمل وشم، فيرغب في إزالته، لكن العملية ليست سهلة وتتطلب عدة جلسات مؤلمة من التعرض لليزر بواسطة جهاز خاص، والمميز بهذا الليزر هو أنه يعمل بشكل نبضات ضوئية تدوم لأجزاء من الثانية تقوم بتفتيت جزيئات الحبر، حيث تمتص جزيئات الحبر الطاقة الحرارية الناتجة عنه، لكي تستطيع الكريات البيضاء التهامها والتخلص منها.
ومن الممكن أن تظهر عند إزالة الوشم المضاعفات التالية:
- الالتهاب.
- ضعف التئام الجروح في المنطقة المزال الوشم منها.
- الحاجة إلى إجراء جراحة.
- قد يحدث تلون جلدي دائم.
- حدوث تندب غير مرغوب فيه يشوه الجلد.
وقد تكلف هذه العملية بشكل وسطي أكثر من 400 دولار، فهي من العمليات المكلفة مادياً.
اقرأ أيضاً: الأجهزة القابلة للارتداء تقيس مدى التعرُّض للأشعة لكن هل يمكنها وقايتنا من سرطان الجلد؟
حقائق متنوعة عن الوشم
هناك بعض الحقائق والمعلومات المهمة عن الوشم التي من الجيد معرفتها، ومنها ما يلي:
- لا يمكنك التبرع بالدم إلا بعد مضي 6 أشهر من القيام بالوشم أو ثقب الجسم، وذلك بحسب منظمة الصحة العالمية.
- الإيطاليون أكثر الشعوب امتلاكاً للوشوم، إذ تبلغ نسبة الأشخاص الذين لديهم وشم واحد على الأقل هناك نحو 58%.
- يمكن أن يبقى الوشم واضحاً لمدة 10 سنوات، ثم يفقد لونه تدريجياً.
- ينفق الأميركيون ما يقرب من 1.65 مليار دولار سنوياً على الوشم.
- يندم نحو 78% من الأشخاص الذين يقومون بالوشم على القيام به.
- يمكن وشم مقلة العين البيضاء بألوان مختلفة.
- يعود تاريخ أقدم جثة محفوظة تحتوي على وشم إلى نحو 5000 عام.
اقرأ أيضاً: الدليل الشامل للتعرف على كل ما يهمك عن الحساسية الجلدية
قد لا يكون الوشم أمراً سيئاً بحد ذاته إن أراد الشخص أن يحتفظ بذكرى معينة، لكن بعد الخوض في معرفة آثاره الصحية المختلفة، والمخاطر التي يتعرض لها الفرد عند القيام بوشم، قد يكون من الحكمة استبداله بالحنة أو ابتكار طريقة أخرى للتعبير عن النفس والالتزام الدائم، وتفادي حدوث خطر محتمل قد يدوم مدى الحياة.