دراسة جديدة: الرجال مختلفون عن النساء في النوم والساعة البيولوجية ومعدل الأيض

4 دقيقة
دراسة جديدة: الرجال مختلفون عن النساء في النوم والساعة البيولوجية ومعدل الأيض
حقوق الصورة: بوبيولار ساينس العربية. تصميم: مهدي أفشكو.
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

وضّحت مراجعة منشورة في دورية مراجعات طب النوم (Sleep Medicine Reviews) عام 2024، بعض الفروق الدقيقة في أنماط النوم وإيقاعات الساعة البيولوجية بين الرجال والنساء، وكيفية تأثير هذه الاختلافات في عملية التمثيل الغذائي لديهم، كما اقترحت بناءً على نتائجها أن يؤخذ الجنس البيولوجي للشخص بعين الاعتبار عند محاولة علاج الاضطرابات المرتبطة بالنوم والتمثيل الغذائي وإيقاعات الساعة البيولوجية. فما الاختلافات التي وجدها الباحثون؟

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف البروتين المسؤول عن تسريع التعافي بعد التمارين الرياضية

الاختلافات في دورات النوم بين الذكور والإناث

وجد الباحثون عدة اختلافات دقيقة في جودة النوم والاضطرابات المرتبطة به بين الرجال والنساء؛ إذ توصلوا إلى ما يلي:

  • تنام النساء عموماً أكثر من الرجال (في بيئة المختبر)؛ حيث يقضين نحو 8 دقائق أكثر من الرجال في مرحلة نوم حركة العين غير السريعة، كما تدخل النساء مرحلة نوم حركة العين السريعة التي تتميز بنشاط دماغي مرتفع وأحلام، في وقتٍ أبكر من الرجال.
  • تميلُ النساء إلى تقييم نومهن على أنه أقل جودة مقارنة بجودة نوم الرجال، كما يسجّلن تقلبات في نوعية النوم على مدى الشهر بما يتوافق مع تغيرات الدورة الشهرية. ومن المعلوم أن انخفاض جودة النوم يرتبط باضطرابات القلق والاكتئاب، وهي أكثر انتشاراً لدى النساء.
  • النساء أكثر عرضة للإصابة بالأرق ومتلازمة تململ الساقين، وأكثر عرضة بـ 4 مرات للإصابة باضطرابات الأكل المرتبط بالنوم (الأكل المتكرر ليلاً) مقارنة بالرجال. في المقابل، يكون الرجال أكثر عرضة بـ 3 مرات للإصابة بانقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم.

الاختلافات في إيقاعات الساعة البيولوجية

إيقاعات الساعة البيولوجية هي دورات مدتها 24 ساعة تسبب تغيرات جسدية ونفسية وسلوكية على مدار اليوم؛ إذ تتحكم بعمليات فيزيولوجية مختلفة، مثل دورات النوم والاستيقاظ وإنتاج الهرمونات والتمثيل الغذائي، وهي تستجيب غالباً للضوء والظلام في البيئة. وعلى ما يبدو، تعمل الساعات البيولوجية على نحو مختلف بناءً على الجنس؛ إذ لاحظ الباحثون الفروق التالية:

  • إفراز الميلاتونين: يُفرَز الميلاتونين، وهو هرمون مهم لتنظيم إيقاعات الساعة البيولوجية والنوم، في وقت مبكر عند النساء مقارنة بالرجال.
  • درجة حرارة الجسم الأساسية: عادة ما تكون درجة حرارة الجسم في أعلى مستوياتها قبل النوم وفي أدنى مستوياتها قبل ساعات قليلة من الاستيقاظ، وقد وجد أنها تصل إلى ذروتها في وقتٍ أبكر عند النساء مقارنة بالرجال.
  • مواعيد النوم والاستيقاظ والراحة: تشعر النساء بالرغبة في النوم مبكراً مقارنة بالرجال، في حين يميلُ الرجال إلى التأخر في النوم والاستيقاظ. يمكن أن يؤدي هذا الفرق إلى اختلاف التوقيت الاجتماعي، إذ تكون الساعات البيولوجية للرجال غير متزامنة مع المتطلبات الاجتماعية مثل العمل. بالإضافة إلى ذلك، عادةً ما يمتلك الرجال أنماط نوم واستيقاظ أقل اتساقاً على أساس يومي مقارنة بالنساء. بكلمات أخرى، لا تكون مواعيد نومهم واستيقاظهم مستقرة أو قابلة للتنبؤ بها يوماً بعد يوم.
  • اضطرابات الساعة البيولوجية الداخلية: تكون إيقاعات الساعة البيولوجية الداخلية للنساء أقصر قليلاً من نظيراتها لدى الرجال بنحو 6 دقائق. بعبارات أبسط، تعمل أجساد النساء وفق دورة أسرع قليلاً من أجساد الرجال، ويكون الاختلال بين ساعة الجسم البيولوجية المركزية ودورة النوم والاستيقاظ عند النساء أكبر بنحو 5 مرات مقارنة بالرجال.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: التدخين قد يؤدي إلى زيادة دهون البطن الخطيرة

وعلى الرغم من أن 6 دقائق من الاختلال بين الساعة الداخلية والمؤثرات البيئية الخارجية قد تبدو وقتاً قصيراً، لكنها ليست قليلة الأهمية، فقط تخيل لو كانت ساعة يدك تعمل باستمرار على نحو أسرع أو أبطأ بـ 6 دقائق يومياً على مدار الأيام والأسابيع والأشهر. قد يؤدي هذا الاختلاف مع مرور الوقت إلى اختلال كبير بين الساعة البيولوجية الداخلية والإشارات البيئية الخارجية مثل الضوء والظلام. في الواقع، ارتبطت اضطرابات إيقاعات الساعة البيولوجية بمشكلات صحية عديدة مثل اضطرابات النوم والمزاج وضعف الوظيفة الإدراكية، وحتى الاختلافات الطفيفة في فترات الساعة البيولوجية قد يكون لها آثار كبيرة على الصحة العامة والرفاهية.

الاختلافات في التمثيل الغذائي

وجد الباحثون عدة اختلافات بين الذكور والإناث فيما يتعلق بسلوك الأكل واضطراباته، وذلك على النحو التالي:

  • الاختلافات في استجابة الدماغ لصور الطعام بعد الحرمان من النوم: أظهرت النساء نشاطاً دماغياً أعلى بكثير في الشبكات العصبية الدماغية المرتبطة بالعمليات المعرفية (صُنع القرار) والعاطفية، وذلك استجابة لصور الطعام بعد الحرمان من النوم مقارنة بالرجال. وعلى وجه الخصوص، أظهرت النساء نشاطاً دماغياً أعلى بمقدار 1.5 مرة في المنطقة الجوفية، التي تشارك في معالجة المشاعر وتكوين الذاكرة وتنظيم السلوك، عند مشاهدة صور الطعام الحلو.
  • الاختلاف في سلوك الأكل استجابةً لقلة النوم: على الرغم من زيادة نشاط الدماغ لدى النساء، يميلُ الرجال إلى الإفراط في تناول الطعام أكثر من النساء استجابةً للحرمان من النوم.
  • العمل الليلي والمخاطر الأيضية: يتعرض كلٌ من الرجال والنساء الذين يعملون في نوبات ليلية إلى خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني، ولكن يكون هذا الخطر أكثر وضوحاً عند الرجال. في المقابل، تكون النساء العاملات في المناوبات الليلية معرضات على نحو خاص للأكل العاطفي، حيث تعاني نحو 66% منهن من هذه الظاهرة، كما أنهن أكثر عرضة بنسبة 1.5 مرة تقريباً لزيادة الوزن أو السمنة مقارنة بالنساء العاملات في المناوبات النهارية.

الاختلافات بين الجنسين فيما يتعلق بعلاجات النوم واضطرابات الساعة البيولوجية

 تشير الأدلة إلى أن النساء والرجال قد يستجيبون على نحو مختلف لعلاجات النوم واضطرابات الساعة البيولوجية. على سبيل المثال، يكون فقدان الوزن أكثر نجاحاً في علاج انقطاع التنفس الانسدادي في أثناء النوم عند النساء مقارنة بالرجال، كما قد تحتاج النساء إلى جرعة أقل تركيزاً من بعض أدوية الأرق مقارنة بالجرعة التي يتطلبها الرجال، وذلك لمنع النعاس المستمر في صباح اليوم التالي عند الإناث.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف علاقة الميكروبات بنكهة الشاي

يمكن القول إن فهم هذه الاختلافات الخاصة بالجنس في أنماط النوم وإيقاعات الساعة البيولوجية وتأثيرها في عملية التمثيل الغذائي أمر بالغ الأهمية لتعزيز إجراءات الرعاية الصحية المصممة خصيصاً لتلبية الاحتياجات الفريدة للأفراد، ما يساعد على تحسين فاعلية العلاج وتعزيز احتمالية تحقيق نتائج إيجابية فيما يتعلق باضطرابات النوم والتمثيل الغذائي.