مع ذوبان التربة الصقيعية في القطب الشمالي، فهي تطلق أنواعاً جديدة كلياً من الكائنات الحية التي يمكن أن يدرسها العلماء، والتي قد يكون بعضها خطيراً. بيتمان/غيتي إميدجيز
إهداء هذه المقالة
هذه الميزة مخصصة للمشتركين يمكنهم مشاركة المواضيع بحد اقصى 10 مواد من كافة مواقع مجرة
على الرغم من أن هذه القصة تبدو وكأنها مستمدة من نص فيلم حول نهاية العالم، لكن علماء الأحياء تمكنوا من إعادة الموتى إلى الحياة. في دراسة نُشرت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 على الإنترنت ولم تخضع لمراجعة الأقران، تمكن علماء الفيروسات البيئيين من إعادة إحياء 13 من مسببات الأمراض التي تصيب الأميبا والمحتجزة في عمق التربة الصقيعية في سيبيريا. كمنت هذه الفيروسات في الجليد لآلاف السنين، ويقدّر أن عمر أصغر فيروس منها يصل إلى 27 ألف سنة، وأن عمر أقدمها هو 48500 سنة، ما يجعل هذا الأخير أقدم فيروس تتم إعادة تنشيطه في التاريخ. مخزون استثنائي من الفيروسات في…
هذا المقال يحتوي معلومات مدققة علمياً لن تجدها في أي مكان آخر
على الرغم من أن هذه القصة تبدو وكأنها مستمدة من نص فيلم حول نهاية العالم، لكن علماء الأحياء تمكنوا من إعادة الموتى إلى الحياة. في دراسة نُشرت في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 على الإنترنت ولم تخضع لمراجعة الأقران، تمكن علماء الفيروسات البيئيين من إعادة إحياء 13 من مسببات الأمراض التي تصيب الأميبا والمحتجزة في عمق التربة الصقيعية في سيبيريا. كمنت هذه الفيروسات في الجليد لآلاف السنين، ويقدّر أن عمر أصغر فيروس منها يصل إلى 27 ألف سنة، وأن عمر أقدمها هو 48500 سنة، ما يجعل هذا الأخير أقدم فيروس تتم إعادة تنشيطه في التاريخ.
مخزون استثنائي من الفيروسات في القطب الشمالي
هذه ليست المرة الأولى التي يتلاعب فيها العلماء بأشكال الحياة الميتة. سمعنا العديد من القصص عن الفواكه التي تبلغ من العمر 32 ألف سنة والبكتيريا التي يبلغ عمرها 101.5 مليون سنة والتي وجدت في قاع المحيط. يقول أستاذ علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية في جامعة إيكس مرسيليا في فرنسا والمؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة، جان ميشيل كلافيري (Jean Michel Claverie): "قلت لنفسي إنه إذا تمكّن العلماء من إعادة إحياء نبتة ما، يجب أن نتمكن أيضاً من إعادة إحياء فيروس لأن الجسيمات الفيروسية خاملة كيميائياً". يعتقد أن القطب الشمالي يحتوي على مخزون استثنائي من الفيروسات المحتجزة تحت طبقات الجليد العديدة.
قام كلافيري وزملاؤه باستخراج الفيروسات القديمة التي تصيب الأميبا من قبل من خلال عزلها من عينات التربة الصقيعية في المختبر. ولكن رغب هؤلاء لاحقاً بإثبات أن هناك خطراً حقيقياً لعودة الأمراض المعدية التي انتشرت قبل العصر الجليدي في عالم تزداد درجة الحرارة فيه بشكل كبير. (قبل هذه الدراسة، تم نشر تقريرين علميين فقط عن الفيروسات المتجمّدة، وهي تخص نوعين يحملان اسم فيروسات بيثو والفيروسات اللينة، والتي ظلّت قادرة على التسبب بالأمراض بعد 30 ألف سنة).
هل ستعود الفيروسات المسببة للأمراض من تحت الجليد؟
قام مؤلفو الدراسة بإحياء 13 نوعاً من الفيروسات غير الموثقة من قبل والمأخوذة من 7 عينات مختلفة من التربة الصقيعية في سيبيريا. تم إيجاد الفيروس الأقدم في قاع بحيرة متجمّدة، بينما كانت الفيروسات الأخرى موجودة في أماكن مثل معدة ماموث صوفي وأمعاء ذئب رهيب منقرض. تنتمي الفيروسات إلى عائلات تصيب الأميبا مثل فيروسات بيثو وفيروسات باندورا وفيروسات ميغا وفيروسات باك مان. اختبر الباحثون قدرة هذه الفيروسات على التسبب بالأمراض من خلال تعريض الأميبا لها، ووجدوا أنها لا تزال خبيثة.
على الرغم من أن الباحثين اختبروا قدرة الفيروسات التي تصيب الأميبا على التسبب بالأمراض فقط، يقول كلافيري إنه اكتشف مع زملائه عدداً قليلاً فقط من العوامل الممرضة التي توجد في التربة الصقيعية، بما في ذلك تلك التي يمكن أن تستهدف الحيوانات والبشر. يقول رئيس قسم علم الفيروسات وعلم اللقاحات في جامعة كونيتيكت، باولو فيراردي (Paulo Verardi)، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة: "قد يكون الاكتشاف الأكثر إثارة للاهتمام في هذه الدراسة هو أن عملية إحياء الفيروسات القديمة التي توجد في التربة الصقيعية الذائبة أسهل مما كان يعتقد من قبل".
لا شك في أن إحياء فيروس متجمّد ومُمرض قد يتسبب بالأمراض لدى البشر هو أمر مقلق، ويتمثل أحد أسباب ذلك في ذوبان الجليد في القطب الشمالي. تذوب الطبقة العليا "النشطة" من التربة الصقيعية لفترة قصيرة خلال فصل الصيف، وتُطلق الميكروبات تحت الأرضية بانتظام إلى الوسط الخارجي. مع ذلك، يقول كلافيري إن احتمال دخول الفيروسات القديمة إلى جسم مضيف مناسب منخفض لأنها تتحلل فور إطلاقها إلى الوسط الخارجي ومع تعرّضها للحرارة والأمواج فوق البنفسجية والأوكسجين، تسبب التغيّر المناخي بارتفاع معدل ذوبان التربة الصقيعية، ما يسبب بدوره في ذوبان الطبقات الأكثر عمقاً من الجليد وارتفاع احتمال إطلاق المزيد من الفيروسات القديمة.
التغير المناخي وتفشي الأمراض في الدائرة القطبية الشمالية
أسهم ارتفاع درجات الحرارة أيضاً في ازدياد عدد الأشخاص الذين يعيشون في السهول الجليدية. يتم إجراء عمليات التعدين والحفر بشكل مستمر في سيبيريا، والتي تعتبر منطقة غنية بالنفط. وقد تتسبب هذه العمليات في إطلاق الفيروسات القديمة إلى الوسط الخارجي. يقول كلافيري إنه مع انتقال المزيد من الأشخاص للعيش في هذه المناطق، يزداد احتمال انتقال الفيروسات الخطيرة إليهم. على سبيل المثال، توفي صبي يبلغ من العمر 12 عاماً في عام 2016 بسبب تفشي مرض الجمرة الخبيثة في الدائرة القطبية الشمالية، وأرجعت السلطات الروسية هذا التفشي إلى تحرر أبواغ تتجاوز أعمارها 100 عام من جيف حيوانات الرنة التي ارتفعت درجة حرارتها.
لا شك في أن إحياء فيروس متجمّد ومُمرض قد يتسبب بالأمراض لدى البشر هو أمر مقلق. ويتمثل أحد أسباب ذلك في ذوبان الجليد في القطب الشمالي. نظراً لأن دول العالم لا تزال تعاني من جائحة كوفيد-19، يشعر الكثيرون بالقلق، وهذا أمر مبرر.
واستجابة لنشر الدراسة الجديدة، أعرب بعض المستخدمين على موقع تويتر عن مخاوفهم من أن هذه الجهود البحثية قد تتسبب ببدء جائحة مميتة أخرى قد تكون أسوأ من جائحة فيروس أتش 1 إن 1 وحتى جائحة فيروس كورونا. مع ذلك، يقول الأستاذ الفخري للأمراض المعدية في كلية الطب في جامعة كاليفورنيا في إيرفاين، مايكل بوكماير (Michael Buchmeier)، والذي لم يشارك في الدراسة الجديدة: "لا توجد أي أدلة في هذه الدراسة تشير إلى أن هذه الفيروسات قد تصيب الإنسان". يضيف بوكماير قائلاً إنه "من غير المرجح" أن تتسبب العوامل الممرضة المعاد إحياؤها في هذه الدراسة في جائحة مستقبلية. ويتمثل السيناريو الأسوأ في أن تصيب هذه الفيروسات أنواعاً أخرى من الأوليات بخلاف الأميبا.
يعتقد فيراردي أن احتمال أن يتسبب فيروس قطبي قديم بجائحة جديدة منخفض للغاية، ولكنه ليس معدوماً. مع ذلك، يحذّر فيراردي قائلاً إن عودة بعض هذه الكائنات إلى الحياة "تبدو حتمية".
أثارت احتمالية أن يتسبب التغيّر المناخي في ذوبان الطبقات الأكثر عمقاً من التربة الصقيعية قلق بعض علماء الفيروسات الآخرين أيضاً. يجد الأستاذ المساعد للطب والأمراض المعدية في جامعة القاهرة في مصر، محمد كامل، والذي أجرى أبحاثه الخاصة حول تأثير التغيّر المناخي في نشاط العوامل المُعدية، بأنه يجب التعامل مع احتمالية عودة مسببات الأمراض القديمة المخزّنة في الجليد كمصدر خطر حقيقي.
يقول كامل: "لا شك في أن هذه المسألة هي مصدر للقلق، إذ إنها يمكن أن تتسبب في أوبئة كبيرة أو حتى جائحات إذا لم يتم احتواء الفيروسات ومراقبتها بحذر". يتمثل أحد أسباب خطورة هذه المسألة في أن الأنواع المكروبية الجديدة قد تتمتع بأنماط وراثية غير معروفة ليس لدينا أي لقاحات لمقاومتها. من المحتمل أن السلالات القديمة التي تم حفظها لآلاف السنين تكيّفت بطريقة تجعلها أكثر مقاومة بكثير للظروف المتطرفة.
حالياً، كن مطمئناً تماماً من عدم وجود أي فيروس سيبيريّ غريب يصيب الحيوانات أو البشر. بالإضافة إلى ذلك، كن متأكداً من أن البشر لا يتحولون إلى أموات أحياء كما استنتجت إحدى وسائل الإعلام من الدراسة الجديدة. بدلاً من ذلك، فإن الاحتمال الأكثر ترجيحاً هو أن خطر بدء جائحة أخرى (مهما كانت صغيرة) قد يشجع علماء الفيروسات على تخصيص المزيد من الوقت لتتبع الفيروسات التي يتم إطلاقها من التربة الصقيعية، بالإضافة إلى الفيروسات الحية الموجود في أماكن مخفية أخرى.
نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك، استمرار استخدامك للموقع يعني موافقتك على ذلك. سياسة الخصوصيةأوافقX
Privacy & Cookies Policy
Privacy Overview
This website uses cookies to improve your experience while you navigate through the website. Out of these cookies, the cookies that are categorized as necessary are stored on your browser as they are essential for the working of basic functionalities of the website. We also use third-party cookies that help us analyze and understand how you use this website. These cookies will be stored in your browser only with your consent. You also have the option to opt-out of these cookies. But opting out of some of these cookies may have an effect on your browsing experience.
Necessary cookies are absolutely essential for the website to function properly. This category only includes cookies that ensures basic functionalities and security features of the website. These cookies do not store any personal information.
Any cookies that may not be particularly necessary for the website to function and is used specifically to collect user personal data via analytics, ads, other embedded contents are termed as non-necessary cookies. It is mandatory to procure user consent prior to running these cookies on your website.