اتّبعت كورلي موريس الأنظمة الغذائية خلال معظم حياتها وهي بالغة، بعد أن بدأت باكتساب الوزن عندما كانت في المدرسة الثانوية، أمضت سنوات في فقدان ما بين 45 و90 كيلوغراماً ثم اكتساب الوزن نفسه مجدداً. وصل وزن موريس، البالغة من العمر 78 عاماً، إلى أعلى قيمة له عندما كانت في منتصف الأربعينيات من عمرها؛ إذ بلغ طولها 1.7 أمتار ووزنها 140 كيلوغراماً. تعاني موريس، المقيمة في مدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا الأميركية، من مرض السكري منذ أكثر من 40 عاماً.
ومثّل التحكّم في الوزن معركة خاسرة بالنسبة لها حتى وصف لها طبيبها دواء مرض السكري من النمط الثاني الذي يحمل اسم أوزمبيك (Ozempic) قبل 4 أشهر. ينتمي هذا الدواء إلى فئة جديدة من الأدوية تغيّر طريقة تفكير الأشخاص العاديين والخبراء الطبيين بالسمنة، الحالة الصحية التي يعاني منها نحو 4 من أصل كل 10 أشخاص يبلغون من العمر 60 عاماً أو أكثر في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: دراسة حديثة: هذا الصيام يخفض خطر الإصابة بالسكري
فئة جديدة من الأدوية
تشمل هذه الفئة الأدوية مثل ويغوفي (Wegovy)، وهو دواء لتخفيف الوزن يحتوي على المكونات نفسها وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على استخدامه في عام 2021، ودواء مونجارو (Mounjaro)، الذي حصل على الموافقة على أنه علاج لمرض السكري في عام 2022. (حصل أوزمبيك على الموافقة لعلاج مرض السكري في عام 2017). هناك العديد من الأدوية الأخرى قيد التطوير.
تخفف هذه الأدوية الشعور بالجوع وتولّد الإحساس بالشبع، وثبت أنها تساعد الأشخاص على تخفيف 15% أو أكثر من وزنهم وسطياً. قالت موريس التي فقدت 18 كيلوغراماً: "تزيل هذه الأدوية الرغبة بتناول الطعام بسرعة. لم أشعر بالجوع على الإطلاق وفقدت الوزن بسرعة".
لكن التأثير الطويل المدى لهذه الأدوية في كبار السن ليس مفهوماً بدقة. (يجب على المرضى استخدام هذه الأدوية دائماً أو المخاطرة باستعادة الوزن الذي فقدوه).
اقرأ أيضاً: متى يمكن أن يسبب السكر مرض السكري؟
مخاطر الأدوية الجديدة على كبار السن
هل ستساعد أدوية تخفيف الوزن على الوقاية من أمراض القلب والشرايين والأمراض المزمنة الأخرى لدى كبار السن الذين يعانون من السمنة؟ هل ستقلل معدلات الإعاقة وتعزز قدرة الأشخاص على الحركة وإدارة مهامهم اليومية؟ وهل ستحسّن حياة الأشخاص وتخفف شدة الأعراض المترافقة مع الأمراض المزمنة المرتبطة بالسمنة؟
لسوء الحظ، لم تتضمن التجارب السريرية لهذه الأدوية أعداداً كبيرة من الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، ما تسبب بنقص في البيانات المتاحة.
على الرغم من أن هذه الأدوية تبدو آمنة؛ إذ إن الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً هي الغثيان والإسهال والقيء والإمساك وآلام المعدة، يقول المدير المؤسس لمعهد السكري والسمنة والاستقلاب في كلية بيرلمان للطب في جامعة بنسلفانيا، ميتشل لازار: "وصلت هذه الأدوية إلى السوق منذ بضع سنوات فقط، وهناك حاجة إلى توخي الحذر حالياً".
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لمصابي السكري من النمط الثاني اتباع حمية الكيتو؟
كيف يتعامل الخبراء مع استخدام كبار السن لأدوية السمنة الجديدة بالنظر إلى أوجه عدم اليقين هذه؟
كما هو متوقع، الآراء والممارسات في هذا الموضوع متفاوتة. لكن ظهرت عدة أنماط بارزة في ما يقرب من 20 مقابلة أُجريت مع الخبراء.
الأول هو الإحباط بسبب الوصول المحدود إلى هذه الأدوية. قدرة كبار السن على الحصول على أدوية تخفيف الوزن الجديدة، التي يمكن أن تكلّف أكثر من 10 آلاف دولار في السنة، محدودة لأن برنامج الرعاية الطبية الأميركي (ميديكير) لا يغطّيها. مع ذلك، هناك استثناء. يغطي هذا البرنامج أوزمبيك ومونجارو إذا كان المريض الكبير السن مصاباً بمرض السكري، وذلك لأن برنامج التأمين الصحي هذا يغطي علاجات مرض السكري.
تقول اختصاصية أمراض الشيخوخة في جامعة بيتسبرغ، شونا ماتيلدا أسادزاندي، التي تقدّم الرعاية لموريس: "يجب أن يغطّي برنامج ميديكير هذه الأدوية". تضيف أسادزاندي قائلة إنها حاولت مؤخراً إقناع ممثل خطة الأفضلية في برنامج ميديكير بالسماح لمريض يعاني من ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول ويزداد وزنه بسرعة بتناول دواء ويغوفي.
تتذكّر أسادزاندي أنها قالت: "ما أفعله هو أني أنتظر حتى يرتفع ضغط دم هذا المريض لدرجة يمكن فيها تشخيصه بمرض السكري. أليس من المنطقي التدخل طبياً الآن؟" كان جواب الممثل هو: "لا، علينا اتباع القواعد".
في محاولة لتغيير ذلك، أعادت مجموعة من المشرّعين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة طرح قانون يحمل اسم قانون علاج السمنة والتخفيف منها (Treat and Reduce Obesity Act)، الذي سيفرض على برنامج ميديكير تغطية أدوية تخفيف الوزن. لكن هذا الاقتراح، الذي أُخذ في الاعتبار سابقاً، لم يحظ بالزخم الكافي وسط المخاوف بشأن التكاليف المحتملة الهائلة التي ستترتب على برنامج ميديكير بسببه.
اقرأ أيضاً: صحية ولذيذة: حلويات صديقة لمرضى السكري
تكاليف هائلة في قطاع الرعاية الصحية
وفقاً لتحليل حديث نُشر في مجلة نيو إنغلاند الطبية (The New England Journal of Medicine)، إذا تناول المستفيدون جميعهم الذين شُخّصوا بالسمنة أدوية سيماغلوتيد (وهي الفئة الجديدة السابقة الذكر من الأدوية) تحت الأسماء التجارية المختلفة، ستتجاوز التكاليف السنوية 13.5 مليار دولار. وإذا تناول كبار السن (وهي مجموعة أكبر بكثير من السكان) الذين يعانون من السمنة المفرطة والمشتركون في برنامج ميديكير هذه الأدوية، ستتجاوز التكلفة إجمالي الإنفاق على برنامج أدوية الجزء "دي" من برنامج ميديكير، الذي بلغ 145 مليار دولار في عام 2019.
فوجئت لوري ريتش البالغة من العمر 63 عاماً، من مدينة كانتون في ولاية ماساتشوستس الأميركية، بسياسات برنامج ميديكير، التي انطبقت عليها منذ أن تأهلت لتأمين الإعاقة الاجتماعي في ديسمبر/ كانون الأول 2022. قبل ذلك، تناولت ريتش دواءين لتخفيف الوزن مشمولين بتأمين خاص أحدهما ويغوفي، وفقدت ما يقرب من 19 كيلوغراماً. والآن، لم تعد ريتش قادرة على الحصول على ويغوفي، كما أنها استعادت 6 كيلوغرامات من الوزن.
قالت لي ريتش: "لم أغير نظامي الغذائي. والعامل الوحيد المختلف هو أن هناك إشارة ما في دماغي تحفّز شعور الجوع دائماً. أشعر بشعور مريع". تعلم ريتش أنه إذا ازداد وزنها، سترتفع تكاليف الرعاية الصحية المتطلبة كثيراً.
في حين أن الخبراء يعترفون بصعوبة القرارات السياسية التي يجب اتخاذها في المستقبل، فهم أعلنوا عن أنهم يتفقون على نطاق واسع على الفئة من كبار السن التي يجب أن تتناول هذه الأدوية.
عموماً، يوصى باستخدام الأدوية من قبل الأشخاص الذين يزيد مؤشر كتلة الجسم لديهم عن 30 (وهو تعريف منظمة الصحة العالمية للسمنة)، وأولئك الذين يبلغ مؤشر كتلة الجسم لديهم 27 أو أكثر ويعانون من حالة واحدة على الأقل مرتبطة بالسمنة، مثل السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع نسب الكوليسترول. لا توجد إرشادات تخص استخدام هذه الأدوية بالنسبة للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر. (يُحسب مؤشر كتلة الجسم من وزن الشخص وطوله).
لكن يقول مدير المركز الشامل لمرض السكري في النظام الصحي في جامعة ميامي، رودولفو غاليندو، إن هذه التوصيات إشكاليّة لأن مؤشر كتلة الجسم لا يعبّر بدقة عن نسب دهون الجسم لدى كبار السن، التي تعتبر أخطر سمات السمنة.
اقرأ أيضاً: ما الرياضات المُوصى بها لمرضى السكري وما أفضل الأوقات لممارستها؟
تحديد المخاطر المتعلقة بالسمنة
يقترح مدير إدارة الوزن في مؤسسة هنري فورد هيلث غير الربحية في ولاية ميشيغان (Henry Ford Health)، وهي عبارة عن نظام يضم 5 مستشفيات، دينِس كيريغان، أن يقيس الأطباء أيضاً محيط الخصر لدى المرضى الأكبر سناً لأن دهون البطن تعرضهم لخطر أكبر مقارنة بالدهون التي تتراكم في الوركين أو الأرداف. (بالنسبة للرجال، محيط الخصر الذي ينذر بالخطر يزيد على 101 سنتيمتراً، بينما بالنسبة للنساء، فهو يزيد على 88.9 سنتيمترات).
قالت عالمة طب السمنة في مستشفى ماساتشوستس العام، فاطمة ستانفورد، إن الأدوية الجديدة "أنسب للمرضى الأكبر سناً الذين ثبت سريرياً أنهم يعانون من السمنة"، وتتضمن الأدلة على ذلك ارتفاع نسبة الكوليسترول أو السكر في الدم، كما أن هذه الأدوية أنسب للأشخاص الذين يعانون من حالات صحية خطيرة مرتبطة بالسمنة مثل التهاب المفاصل التنكّسي أو الأمراض القلبية. فقدت ميريال برانش من مدينة بيريفيل في ولاية أركنساس التي تبلغ من العمر 73 عاماً 18 كيلوغراماً منذ بدء تناول دواء مونجارو قبل 3 أشهر، وتوقفت عن تناول 3 أدوية أخرى مع تحسّن صحتها. قالت لي برانش: "أشعر بشعور جيد جداً حيال نفسي".
وفقاً لطبيب برانش ومدير برنامج إدارة الوزن الطبي في جامعة أركنساس للعلوم الطبية، دينيش إيديم، يقل خطر وفاة البالغين المصابين بالسمنة بنسبة تصل إلى 15% عندما يفقدون الوزن.
مع ذلك، وفقاً لما يتفق عليه الخبراء، يجب ألا يوصى بتخفيف الوزن وحده لكبار السن، لأنه يرتبط بفقدان كتلة العضلات والدهون. بالإضافة إلى ذلك، يزداد معدل فقدان كتلة العضلات الذي يبدأ في وقت مبكر من الحياة مع التقدم في العمر، ما يسهم في ازدياد خطر السقوط والضعف وتراجع الوظائف وظهور الوهن.
يقدّر الباحثون أن نسبة كتلة العضلات المفقودة تصل إلى نحو 12% بين سن الستين والسبعين، وتصل هذه النسبة إلى 30% عند سن الثمانين. ويتفق الخبراء على أن الأطباء يجب أن يصفوا النشاطات البدنية لكبار السن الذين يفقدون الوزن للحفاظ على كتلة عضلاتهم، وتتضمن هذه التمارين الهوائية وتدريبات القوة.
قالت مديرة مركز الشيخوخة وصحة السكان في جامعة بيتسبرغ، آن نيومان: "من الضروري للغاية أن يحتوي النظام الغذائي لكبار السن الذين يتناولون أدوية تخفيف الوزن على ما يكفي من البروتين والكالسيوم للحفاظ على كتلة العظام والعضلات"، وذلك لأنهم يتناولون كميات أقل من الطعام.
قال المدير المشارك لمركز إدارة الوزن التابع لمركز ويك فورست بابتِست هيلث (Wake Forest Baptist Health)، جيمي أرد، إن المراقبة المستمرة للحالة الصحية لكبار السن الذين يعانون من آثار جانبية معديّة معوية ضرورية لضمان أن يحصلوا على كمية كافية من الطعام والماء.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن لمرضى السكري أن يصوموا شهر رمضان بشكل آمن؟
عموماً، يجب أن يهدف كبار السن لفقدان نحو نصف كيلوغرام إلى كيلوغرام واحد أسبوعياً، وذلك بالترافق مع الانتباه للنظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية المصاحبين لإدارة الدواء.
قال المدير الطبي للنظام في برنامج إدارة الوزن التابع لمؤسسة هنري فورد هيلث، سوكبريت سينغ: "ما يقلقني هو ما إذا كنا ندعم تغييرات في نمط الحياة ستسهم في الحفاظ على صحة المرضى فعلاً بمجرد وصف أدوية السمنة هذه لهم. الدواء وحده ليس كافياً، ويجب علينا التعامل مع السلوكيات".