ما الرياضات المُوصى بها لمرضى السكري وما أفضل الأوقات لممارستها؟

ما الرياضات المُوصى بها لمرضى السكري وما أوقات ممارستها الأفضل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ goffkein.pro
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

فوائد الحركة البدنية وممارسة التمارين الرياضية غنية عن الذِّكر، إلا أنها تكون مصدراً للقلق عند مرضى السكري حيث تكثر التساؤلات وتنبثق إشارات الاستفهام في أذهانهم حول كيفية تأقلم أجسامهم مع الرياضة والطريقة التي تؤثّر فيها على إصابتهم بداء السكري، ما قد يكون مربكاً لهم ومثبطاً، فيؤجلون فكرة البدء بتضمين الرياضة في نظام حياتهم إلى المستقبل البعيد.

ولكن بمجرد أن تبدأ بفهم التأثيرات الإيجابية للرياضة على الحالة العامة لداء السكري ودورها في بناء مستقبل أكثر صحة، ستجد أن إشارات الاستفهام تختفي تدريجياً ولن تكون قادراً عندئذ أن تفوّت تلك الدقائق المنعشة من ممارسة الرياضة.

اقرأ أيضاً: هل الكيتو مناسب لمرضى السكري من النوع الأول؟

فوائد ممارسة التمارين الرياضية عند مرضى السكري

وجدت دراسة نُشرت في دورية مايو كلينيك بروسيدنغز (Mayo Clinic Proceedings)، أن التمارين الرياضية المنتظمة تقلل من اعتماد المصابين بداء السكري النمط 2 على الأدوية الخافضة للسكر والإنسولين. ودعمت ذلك دراسة أخرى نشرت في دورية ذا لانسيت (The Lancet) والتي بيّنت الدور المهم للنشاط البدني المنتظم في عكس اضطراب تحمل السكر والذي يكون عادةً المرحلة الأخيرة قبل الإصابة بالسكري بشكل صريح. ومن أبرز الفوائد الأخرى التي تحققها ممارسة الرياضة عند مرضى السكري نذكر:

  • مساعدة الجسم على استخدام الإنسولين بشكل أفضل من خلال زيادة الحساسية للإنسولين.
  • الحفاظ على ضغط الدم ضمن المستويات الطبيعية، فكلما كان ضغط الدم مرتفعاً كان المريض في خطر أكبر للإصابة بمضاعفات السكري.
  • تحسين مستوى كوليسترول الدم والذي بدوره يقي من حدوث أمراض القلب والأوعية.
  • الحفاظ على وزن صحي وتقليل الدهون الحشوية، والتي تعتبر عاملاً رئيسياً في تطوير مقاومة الإنسولين، إذ تنتج الدهون الحشوية مجموعة من العوامل الكيميائية والهرمونات التي تنقص من حساسية الإنسولين.
  • منح الشعور بطاقة عالية إذ تُغرق الرياضة الدماغ بهرمون الإندورفين العصبي، والذي يرفع مستوى الطاقة ويحسّن الحالة المزاجية ويقلل التوتر.
  • المساعدة على النوم بشكلٍ عميق.
  • تحسين صحة المفاصل وزيادة مرونة العضلات والأربطة وخاصةً في ظل حدوث الضمور العضلي في بعض حالات السكري.

ما أفضل وقت لممارسة الرياضة عند مرضى السكري؟

توصلت آخر الأبحاث في تأثير الرياضة على داء السكري إلى أن وقت ممارسة التمرين يؤدي دوراً لا يقل أهمية عن نوعية التمرين بحد ذاته. ففي دراسة نُشرت في دورية ديابيتولوجيا (Diabetologia)، تبين أن ممارسة الرياضة في فترة ما بعد الظهر أو المساء تقلل من حدوث مقاومة الإنسولين بشكل أكبر مقارنة بممارستها في فترة ما قبل الظهر أو الصباح الباكر.

اقرأ أيضاً: كم يمكن لمريض السكري أن يتناول يومياً من الخبز؟

كان الفارق مدهشاً، حيث حسّنت ممارسة الرياضة مساءً من مقاومة الإنسولين بنسبة 25%، في الوقت الذي لم تتجاوز نسبة التحسن هذه 18% عند مرضى السكري ممن مارسوا الرياضة صباحاً. كما توصلت الدراسة إلى أن ممارسة الرياضة مساءً وخاصةً بعد 3 ساعات من تناول الطعام كان لها دور كبير في تقليل تراكم الشحوم في الكبد، وتحسين مستوى سكر الدم طوال اليوم.

أفضل التمارين الرياضية التي تحفّز حرق السكر عند مرضى السكري

في الحديث عن أفضل التمارين الرياضية لمرضى السكري، يتعلق الأمر بالعثور على ما يناسب كل شخص، حيث يعتبر ذلك المعيار الأهم، ففي النهاية يرغب مرضى السكري بإيجاد تمارين يستمتعون بها وتناسب وقتهم لكي يضمنوا التزامهم بها.

من جهة أخرى، يُنصح بالقيام بمزيج من تمارين الحرق وتمارين المقاومة التي تعزز بدورها حرق سكر الدم وتقوي العضلات، ما يساعد على زيادة حرق العضلات للغلوكوز حتى في أوقات الراحة.

تعتبر تمارين الحرق، وهي كل نشاط بدني يرفع من معدل ضربات القلب، الأكثر فاعلية في حرق السكر والأفضل لصحة القلب، الأمر الذي يعتبر مهماً في ظل وجود خطر لحدوث المضاعفات القلبية عند مرضى السكري أكثر من أي فئة أخرى.

كما تحسّن تمارين المقاومة متوسطة الشدة، مثل رفع الأثقال، من استخدام الإنسولين، وتفسير ذلك يعود إلى أن 70-80% من غلوكوز الدم تستقطبه العضلات، فكلما انخفضت الكتلة العضلية قل استقطاب الغلوكوز إلى العضلات وارتفعت مستوياته في مجرى الدم، وبذلك يُحسّن بناء كتلة عضلية جيدة ويخفّض مستوى سكر الدم وينظّم إفراز الإنسولين.

وليس بالضرورة أن ترتبط ممارسة التمرين بالاشتراك في صالة التدريب، إذ يمكن للمشي بين الفواصل الإعلانية أثناء مشاهدة التلفاز أو صعود الدرج ونزوله عوضاً عن استخدام المصعد أو ركوب الدراجة عوضاً عن ركوب وسائل النقل العامة طوال الوقت وحتى البستنة، أن يحقق الفوائد الإيجابية المرجوة.

ومع ذلك، يبقى المشي السريع والمنتظم أحد أهم التمارين الرياضية لمرضى السكري وغيرهم وأكثرها أماناً وأقلها ارتباطاً بالمضاعفات والإصابات التي قد تحدث عند البعض، مثل نوب نقص سكر الدم أو إصابات القدم.

اقرأ أيضاً: ما فوائد الصيام المتقطع لمرضى السكري؟

ما مدة المشي أو التمرين اليومية التي تحقق النتائج المثلى عند مريض السكري؟

عند ممارسة أي تمرين حرق معتدل الشدة مثل المشي، يتسارع النبض القلبي ويزداد قوة، وتستهلك العضلات غلوكوز الدم، ما يؤدي إلى خفض مستوى سكر الدم. وتتحقق هذه النتائج عند ممارسة 150 دقيقة من النشاط البدني معتدل الشدة في الأسبوع، ومن الناحية المثالية، توزع هذه المدة على 3 أيام، أي المشي لمدة 45-50 دقيقة في اليوم الواحد.

من النصائح الذهبية التي تقدم لمرضى السكري “البدء بشكل تدريجي” للسماح للجسم بالتكيّف مع متغيرات حرق الطاقة، ويمكن لمرضى السكري أن يبدؤوا بـ 75 دقيقة من المشي أسبوعياً وزيادتها تدريجياً وصولاً إلى 150 دقيقة في الأسبوع والمحافظة على هذا الهدف الأسبوعي.

ومن المهم التنويه بأن الآثار السلبية للمبالغة والإفراط في ممارسة التمارين تفوق فوائدها، إذ ترفع ممارسة التمارين المكثّفة بشكل مفرط من سكر الدم، ويعود ذلك إلى زيادة إفراز الجسم لهرمونات التوتر كالكورتيزول، ذات التأثير المعاكس للإنسولين.

هل يمكن أن نقول إن ممارسة الرياضة تُشفي من داء السكري؟

ممارسة التمارين الرياضية لا تُشفي من داء السكري، فالسكري مرض غدي متعدد المستويات يتأثر بالعاملين الوراثي والبيئي، إلا أن ممارسة الرياضة بانتظام عند الأشخاص المؤهلين جينياً للإصابة تنقص بشكلٍ كبير من خطر حدوث الإصابة الصريحة وتقي بذلك من حدوثها.

ومع ذلك، تقلل ممارسة الرياضة من مضاعفات داء السكري عند المصابين به بشكلٍ كبير، وحتّى قد تمنع من حدوثها بشكلٍ تام أو تؤخر من ظهورها بالحد الأدنى. من جهة أخرى، يقلل الالتزام بممارسة التمارين الرياضية الحاجة لاستخدام جرعات عالية من الإنسولين والأدوية الخافضة للسكر الفموية، والذي بدوره يُحسّن الإنذار على المدى البعيد.

اقرأ أيضاً: نصائح أخصائيي التغذية لتحسين نوعية النظام الغذائي الخاص بمرضى السكري

ختاماً، ينبغي التخطيط لممارسة الرياضة بعناية مع مقدم الرعاية الصحة الخاص بالمريض، وإرفاق ذلك بنظام غذائي وعلاجي مناسبين يمنعان حدوث نوب فرط سكر الدم أو نقصه، ومن المفيد للغاية أن يعاير المرضى سكر الدم قبل التمرين وأثنائه بهدف مراقبة وفهم الطريقة التي تتبدل فيها مستويات السكر مع التمرين.