ينفق البشر اليوم الكثير من المال على المكملات الغذائية معتقدين أنها تحسن الصحة وتحمي من الأمراض، لكن هذا الإنفاق مبالغ فيه مقارنة بالفائدة الحقيقية لهذه المنتجات، خاصة التجارية منها. في الحقيقة لا يحتاج الجميع إلى تناول الفيتامينات أو المكملات الغذائية، لكن يعاني البعض من نقص فيها، وما عليهم فعله هو تعويض النقص، أما الأشخاص السليمين فعليهم اتباع نظام غذائي غني بالفواكه والخضروات يوفر الفيتامينات والمعادن الأساسية.
لا تسمح للإعلانات بخداعك
المكملات الغذائية مصطلح واسع وشامل، يتضمن المنتجات التي تحتوي الفيتامينات والمعادن، سواء كان المنتج يحتوي عنصراً واحداً مثل فيتامين د، أم مجموعة من العناصر التي تشكل تركيبة متكاملة مناسبة لاحتياجات خاصة مثل المكملات الغذائية الخاصة بالحوامل أو كبار السن وغيرها.
يشتري الناس المكملات الغذائية بسبب حملات التسويق والإعلانات الواسعة الانتشار التي تروج لهذه المنتجات التجارية غالباً، وليس لحاجتهم لها، ودون الرجوع إلى الطبيب المختص، والذي هو الشخص الوحيد القادر على تقييم الحاجة الحقيقية لتناول أي نوع من المكملات الغذائية.
ينخدع المستهلكون بعبارات "التشجيع على الشراء" التي تنادي بها شركات التسويق، كأن تكتب على العبوات "مكمل غذائي يقي من الخرف" أو "مكمل غذائي يقلل خطر الإصابة بالأمراض القلبية". في الواقع قد تكون هذه العبارات تسويقية فقط ولا تملك التأثير الذي تنادي به.
من الأسباب الأخرى لانتشار ظاهرة تناول المكملات الغذائية دون رقيب، أنها تباع تجارياً دون وصفة طبية. لذلك يدعو الخبراء لوضع تنبيه على العبوات من قبيل: "لم تتأكد الجهات المسؤولة/ وزارة الصحة من هذه الفوائد" أو "هذا المنتج غير مخصص لتشخيص أي مرض أو علاجه أو الوقاية منه".
على الرغم من ذلك، لا يمكن نفي الفوائد الحقيقية للفيتامينات أو المعادن، لكن يجب إدراك حقيقة أن الجسم يأخذ حاجته منها ويتخلص من الفائض، لذا فإن أي إفراط في تناول المكملات الغذائية لا يقدم أي فائدة تذكر ولا يحمي من الأمراض ولا يحسن الصحة العامة للأشخاص الأصحاء. بل على العكس، قد تكون الكمية الزائدة منها سبباً للإصابة بالأمراض.
اقرأ أيضاً: أهم 3 أفكار تسويقية خاطئة يريدك قطاع المكملات الغذائية تصديقها
من يحتاج إلى المكملات الغذائية؟
يوفر النظام الغذائي المتكامل الكميات الكافية من العناصر الغذائية الأساسية والفيتامينات، لكن النباتيين لا يحصلون على ما يكفي من فيتامين ب 12 من الطعام، ويحتاجون عادة إلى مكملاته. كما أن كبار السن ومن لا يتعرض لضوء الشمس وقتاً كافياً لتركيب فيتامين د في الجسم. هذه بعض الأمثلة، لكن عموماً، وقبل تناول أي مكمل غذائي، ينصح بزيارة الطبيب وفحص الدم لتحديد نوع الفيتامينات والمعادن الناقصة ونسبة النقص فيها، ومن ثم اتباع نصائح الطبيب الغذائية أو شراء المكمل الغذائي الذي يوصي به لسد الفجوات الغذائية أو علاج نقص معين في حالات محددة.
المكملات الغذائية التي قد تحتاج إليها
من أبرز المكملات الغذائية التي قد نحتاج إليها:
- فيتامينات ما قبل الولادة التي تؤخذ قبل الحمل وخلاله، وتحتوي على حمض الفوليك للوقاية من عيوب الأنبوب العصبي، والحديد لدعم نقل الأوكسجين وتطور الجنين والمشيمة.
- فيتامين د الذي يشيع نقصه عند نحو 42% من الناس، بسبب صعوبة الحصول على ما يكفي منه من الطعام وحده، لأن الشمس هي مصدره الطبيعي الرئيسي، ونقصه يسبب سوء صحة العظام، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وغيرها.
- أحماض أوميغا 3 الضرورية لمن يتبع نظاماً غذائياً فقيراً بالأسماك الدهنية والمكسرات، إذ تساعد على خفض الدهون الثلاثية وتخفيف أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي.
- فيتامين ب 12 المهم لتكوين خلايا الدم الحمراء ووظيفة الأعصاب، وهو ضروري للنباتيين الذين لا يتناولون المنتجات الحيوانية أو لمن لديهم نقص مثبت.
- الحديد المهم لنقل الأوكسجين والنمو البدني والتطور العصبي. ويوصى به لمن يعانون نقص الحديد أو فقر الدم وللحوامل.
- المغنيزيوم المساعد في خفض ضغط الدم، وتحسين جودة النوم والمزاج، وتقليل مستويات السكر في الدم.
- الكالسيوم ضروري لصحة العظام على نحو أساسي، ويمكن الحصول على النسبة اللازمة منه من الغذاء، لكن مكملات الكالسيوم ضرورية للنساء بعد انقطاع الطمث.
اقرأ أيضاً: هل من المفيد حقاً تناول المكملات الغذائية؟
المكملات الغذائية التي قد لا نحتاج إليها
كثيرة هي المكملات الغذائية التي قد لا نحتاج إليها، على الرغم من انتشارها الواسع، وأبرزها:
المساحيق الخضراء
مساحيق الخضروات الخضراء باعتبارها بديلاً عن الخضروات الورقية، وتؤخذ لتعزيز الطاقة والأداء والهضم. لا ينصح الخبراء بتناولها لأنها غير مدعومة بالأبحاث العلمية الكافية التي تثبت فعاليتها.
البروبيوتيك
البروبيوتيك مهم جداً لتحسين الهضم، لذلك أصبحت مكملاته الغذائية ذات شعبية واسعة، لكن الأدلة العلمية لم تدعم قدراتها على علاج المشكلات التي يروج إليها مثل الإسهال والتهاب القولون التقرحي.
الكرياتين
تعد مونوهيدرات الكرياتين العادي مفيدة في تحسين الأداء البدني والقوة العضلية، ولها فوائد محتملة للدماغ والصحة العامة، وتنتشر منتجات منه تختلف بالتركيب الكيميائي، لكنها أغلى ويقال إن الجسم قادر على امتصاصها بطريقة أفضل، لكن لم يثبت أنها أكثر فعالية من مونوهيدرات الكرياتين العادي.
الكولاجين
توجد أنواع عديدة من الكولاجين يمتلك كل منها فائدة مختلفة، وهذا ما لا يعرفه كثير من الناس. يدعم أحد الأنواع صحة الجلد والعظام والأربطة، ويدعم نوع آخر الغضاريف، بينما يدعم نوع ثالث العضلات والشرايين والأعضاء، بالإضافة إلى فوائد أخرى تختلف حسب نوع الكولاجين.
تشيع مكملات الكولاجين بهدف تخفيف التجاعيد وزيادة مرونة الجلد لدى النساء وتقليل أعراض هشاشة العظام، لذلك يجب الانتباه لنوع الكولاجين حسب الغاية من تناوله. على الرغم من ذلك، يشير الخبراء إلى أن تناول الأطعمة الغنية بفيتامين سي هو الأفضل إذا كان الهدف من تناول الكولاجين تعزيز صحة البشرة.
مسحوق البروتين
يمكن للإنسان العادي الحصول على كمية البروتين اللازمة يومياً من الغذاء، ويحصل الرياضيون على ما يحتاجون إليه بزيادة نسبة البروتينات في الغذاء دون الحاجة إلى تناول مسحوق البروتين.
يعد تناول الفاصولياء والمكسرات والأسماك وبياض البيض والتوفو واللحوم الخالية من الدهون أفضل من تناول مسحوق البروتين، لكن بعض المختصين يرون أن مساحيق البروتين طريقة مناسبة للحصول على المزيد من البروتين عند مواجهة صعوبة في تناول كميات كبيرة من الغذاء، لكن مع التحقق من المكونات وتجنب المحلي "إريثريتول" على وجه الخصوص، لأنه قد يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والجلطات الدموية.
اقرأ أيضاً: ثلاثة أنواع من المكملات الغذائية عليك أن تتجنبها
في الواقع، إن تناول النظام الغذائي المتوازن يغني عن تناول أي نوع من المكملات الغذائية. أما من يعاني سوء التغذية أو لديه إصابة مرضية، فيجب عليه استشارة الطبيب لتحديد ما عليه تناوله لتعزيز صحته، وفيما عدا ذلك، غالباً لا حاجة لتناول المكملات الغذائية. كما ينصح بعض الخبراء مثل طبيب الأعصاب في مستشفى أندلسية في جدة، الدكتور عبد الرحيم الشهري، بتناول ملء الكف من المكسرات يومياً، فهي أفضل من المكملات الغذائية جميعها.
مِلءُ كفِّك مكسرات، يوميا، من أي نوع تحب، خيرٌ لك من كل المكملات الغذائية التي تجدها على رفوف الصيدليات.
نعم، بما فيها أوميجا ٣ وزيت كبد الحوت وفيتامينات ب، مالم ينصح بها طبيب يستند في نصيحته على دليل طبي أو فحص دم.
المكسرات من الأغذية الخارقة super foods.
على صغر حجمها… شاهد على إكس
— د.عبدالرحيم الشهري (@AAlshehriMD) May 4, 2024