أصبح الكركم أجدد الإضافات إلى وصفة الصحة والعافية وذلك بعد انتشار الكثير من العناوين عن نجاحه المحتمل في تخفيف الحساسية والوقاية من السرطان وتحسين صحة القلب وعكس التدهور المعرفي عند كبار السن، إضافة إلى دوره في علاج الاكتئاب وزيادة طول العمر.
ولكن كما الحال مع أي مكمل غذائي، فإن الفصل بين الضجيج والحقيقة ليس بالأمر السهل، حيث إن الادعاءات جميعها حول الكركم تحمل شيئاً من المبالغة، فما الحقيقة إذاً؟
اقرأ أيضاً: أفضل 7 مكملات غذائية لإنقاص الوزن
للكركمين فائدة مضادة للالتهاب مُثبتة
يشكّل الكركم جزءاً مهماً من طب الأيورفيدا، وهو علاج هندي تقليدي، وشق الكركم خلال العقد الماضي طريقه للخروج من خزانة التوابل وأخذ مكانه في صيدلية المنزل.
يُعرف الكركم، وهو بهار ذو لون أصفر برتقالي مميز يُستخلص من جذور الكركم، بكونه يحتوي على أكثر من 100 مُركّب مختلف، ومع ذلك فإن معظم فوائده الصحية المُثبتة ترتبط بمُركّب الكركمين. ولهذه المُركّبات الفينولية تأثيرات مضادة للأكسدة تجعلها فعّالة في مكافحة الالتهاب والقضاء على الجذور الحرة.
وكما هو معروف، يرتبط ارتفاع مستوى الجذور الحرة في الدم بشكلٍ وثيق بزيادة الإصابة بالالتهاب وبأمراض القلب والسرطان، إلّا أنه للحصول على فوائد الكركم ينبغي ألّا تقل الجرعة اليومية منه عن 1000 ملغ في اليوم، والتي تعتبر جرعة كبيرة نسبياً مقارنة بباقي المكملات الغذائية.
والمشكلة التي تلاحق الكركمين هي أن هذا المُركّب يتمتع بتوافر حيوي سيئ، والتوافر الحيوي هو المعدل الذي يمتصُّ به الجسم مادة ما، ما يجعل من المستحيل تقريباً الحصول على تركيزات كافية من الكركمين في الدم من خلال المكملات الغذائية التي تُؤخذ عن طريق الفم وحدها.
من جهة أخرى، تبين أن الجمع بين الكركمين والبيبرين الموجود في الفلفل الأسود يعزز امتصاص الكركمين عند الفئران، ولكن ينبغي إثبات ما إذا كان هذا يحقق أيَّ فوائد لدى البشر.
ما حقيقة فوائد الكركمين إذاً؟
يعمل الكركم بالفعل مضاداً للالتهابات؛ حيث توجد مجموعة واسعة من الفوائد الصحية التي أثبتت فائدتها عند الحيوانات فقط ولم تحظَ بالبحث الكافي، والتي لا يمكن تعميم حتمية فائدتها عند البشر ومنها نذكر التالي:
اقرأ أيضاً: احذر تقسيم أقراص الدواء دون استشارة طبية لهذه الأسباب
الكركمين يساعد على إعادة تأهيل العضلات
في عالم الرياضة، اكتسب الكركمين سمعة طيبة كعامل مساعد في إعادة تأهيل العضلات أو تسريع شفائها نظراً لدوره الكابح للالتهاب، إلّا أن تحقيق ذلك يتطلب نسباً عالية من الكركمين، وبالتالي لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به لمعالجة مشكلة امتصاص الكركمين، والآمال معلقة على تعبئة الكركمين في دهون عالية الامتصاص بحيث يدخل المزيد منها إلى الجسم.
الكركمين يعالج السرطان والاكتئاب والخرف
أدّى التقدم في تقنيات توصيل الأدوية في الآونة الأخيرة إلى استكشاف أنظمة الجسيمات النانوية كوسيلة لإيصال جرعات عالية من الكركمين إلى الأورام عند الفئران، والذي بدوره يساعد على إبطاء عجلة نمو الورم نتيجة محاربة الجذور الحرة وتقليل الالتهاب وعمليات الأكسدة وتقليل تحور الحمض النووي للخلايا، وهي عوامل تؤدي دوراً مهماً في تسريع تطور الأورام.
من جهة أخرى، يُعتقد أن الكركمين يمتلك خصائص تجعله قادراً على استعادة مستويات السيروتونين في أدمغة المرضى المصابين بالاكتئاب، الأمر الذي يعتبر محطة مهمة للغاية. ومع ارتباط الالتهاب بالعديد من الحالات الصحية المعرفية مثل الخرف، فقد سعى بعض الأبحاث إلى فهم ما إذا كان الكركم يمكن أن يفيد في تحسين وظائف الدماغ، إلاّ أنه من غير الواضح ما إذا كان للكركم أيُّ تأثير.
تأثير الكركمين مسكناً للألم وتقليل الآثار الجانبية للعلاج الشعاعي
على الرغم من الافتقار إلى الأبحاث التي تظهر فوائده على البشر، تسوَّق مكملات الكركمين على أنها تُسكن الألم بطرقٍ طبيعية. ومع ذلك لم يثبت أن مكملات الكركم كانت ذات تأثير تسكين واضح للألم، وتبقى فائدتها متواضعة مقارنة بالعلاج الوهمي.
وبشكلٍ مثير للاهتمام، يُعتقد أن مكملات الكركم -عندما تُستخدم في سوائل الغرغرة الفموية- فإنها تكون قادرة على تقليل الآثار الجانبية السلبية للعلاج الإشعاعي لدى الأشخاص المصابين بسرطان الرأس والرقبة، وكغيره مما ذكر سابقاً يحتاج هذا التأثير إلى المزيد من الأبحاث لكي يثبت ويعمم.
لمَ لا يمكن تعميم هذه النتائج على البشر؟
لا يمكن تعميم نتائج الأبحاث التي أجريت على الحيوانات على البشر، وذلك نتيجة بعض المتغيرات البيولوجية، وتغير التوافر الحيوي للكركمين بين كلٍّ من البشر والحيوانات.
اقرأ أيضاً: ما مخاطر أدوية تخفيف الوزن الرائجة؟
فعلى سبيل المثال، يتطلب الأمر غراماً واحداً من الكركمين لإحداث تأثيرات تُترجم على أنها إيجابية وصحية للفئران، إلّا أنه من غير الواضح ما إذا كان الشيء نفسه ينطبق على البشر. ناهيك عن أنه إذا أجريت هذه الدراسة على البشر، لكان على الشخص الذي يزن 70 كيلوغراماً في المتوسط استهلاك أكثر من كيلوغرامين من الكركم يومياً في أثناء التجربة، وهو أمر مستحيل وينطوي حتماً على بعض المخاطر الصحية التي ينبغي التريث في دراستها.