فوائد وأضرار استخدام زيت جوز الهند في الطعام

5 دقائق
زيت جوز الهند
shutterstock.com/ Africa Studio

في مقطع فيديو نُشر على موقع «يوتيوب» وانتشر على نطاق واسع الأسبوع الماضي، أطلق أحد أستاذة التغذية في جامعة هارفارد على زيت جوز الهند أسوأ تسمية يمكن أن تُطلق على أي شيء يؤكل: «سمٌّ نقي». يُعد هذا تحولاً كبيراً بالنسبة لإحدى المغذّيات التي صنّفها الكثيرون على أنها «طعام فائق».

الأطعمة التي من المفترض أن تكون لها فوائد صحية هائلة تصل إلى عناوين الأخبار طوال الوقت؛ لكن تصنيف الأطعمة على أنها إما جيدة أو سيئة -كما يفعل المسوّقون عندما يطلقون اسم «أطعمة فائقة» على أطعمة جديدة- ليس الطريقة المثلى لمقاربة مجال التغذية بالضرورة. في الحقيقة، فإن أي طعام كامل (غير معالج) تأكله سيكون مغذياً، والادعاء بأن بعض أنواع الطعام متفوقة على البعض الآخر هو مجرد تسويق.

تقول «ليزلي بونشي»؛ أخصائية الحميات وأخصائية التغذية الرياضية المرخّصة: «المنتجات الطازجة فائقة التغذية. لا يهم حقاً ما النوع الذي تبتاعه من المتجر، فكلّها مغذية». تضيف بونشي أن هذه المنتجات ستكون متفوقةً من الناحية التغذوية إن لم نقل عنها «فائقة».

فوائد وأضرار زيت جوز الهند

في الفيديو سابق الذكر؛ والذي نُشر باللغة الهولندية في الأصل وتُرجم لاحقاً بواسطة شركة «بزنس إنسايدر»، تطلق الباحثة من جامعة هارفارد لقب «السم النقي» على زيت جوز الهند وتأسف لحقيقة أن الكثيرين يزعمون أنه له فوائدَ صحيةً كثيرة على الرغم من عدم وجود دراسات تشير إلى هذا الزيت يفيد الجسم بشكلٍ أكبر من الزيوت الأخرى. في الواقع؛ تزعم هذه المُحاضرة أن زيت جوز الهند أسوأ من معظم الزيوت الأخرى.

هذا ليس بعيداً عن الحقيقة. حتى الآن، لا توجد دراسات تشير إلى أن زيت جوز الهند يوفر أية فائدة متفوقة مقارنة بالأطعمة الأخرى، وخاصةً الزيوت الأخرى. مع ذلك، ففي العقد الماضي، رُوّج لهذا الزيت على أنه واحد من «الدهون الصحية» (مقارنةً بالدهون الأخرى) التي يجب تناولها واستخدامها في الطهي كثيراً. تعرّضت هذه الادعاءات لأول ضربة كبيرة قبل عام عندما نشرت «جمعية القلب الأميركية» تقريراً يحذّر من مخاطر تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة غير الصحية. شمل التقرير زيت جوز الهند في قائمة لأكثر الدهون غير الصحية؛ مما أثار دهشة العديد من الأميركيين المهتمين بالصحة.

يرفع نسبة الكوليسترول الضار

لكن خبراء أبحاث التغذية كانوا يعرفون ذلك من قبل. أظهرت كل دراسة أجريت على زيت جوز الهند، قبل سنوات من رواجه، عدم وجود فائدة من استخدام هذا الزيت بدلاً من أي نوع آخر. في الواقع؛ بيّنت الكثير من الدراسات أن زيت جوز الهند يرفع مستويات «الكوليسترول إل دي إل» (البروتين الدهني منخفض الكثافة، أو «الكولسترول الضار») أكثر من أي دهون سائلة أخرى. من ناحية تركيبه، يتكون زيت جوز الهند من الدهون المشبعة بنسبة 90% تقريباً (وهذا هو سبب بقاءه صلباً في درجة حرارة الغرفة). وفقاً لـ «والتر ويليت» من جامعة هارفارد، فهذه نسبة أعلى بكثير من نسبة الدهون المشبعة في الزبدة (64%)، وفي دهن البقر وشحم الخنزير (40% لكليهما).

تشير الدراسات إلى أن تناول كميات كبيرة من الدهون المشبعة يرفع مستوى الكوليسترول الضار؛ وهو واحد من نوعين رئيسيين من البروتينات الدهنية (جزيئات شبيهة بالدهون) التي تساعد في نقل الكوليسترول في الجسم. النوع الآخر هو «الكولسترول أتش دي أل» (البروتين الدهني مرتفع الكثافة، أو «الكوليسترول الحميد»). بينما ينتقل الكولسترول الحميد إلى الكبد حيث تتم معالجته ويتم طرحه خارج الجسم، يتجمّع الكولسترول الضار في الشرايين؛ مما يساهم في تراكم اللويحات (وهي حالة معروفة باسم «تصلب الشرايين») الذي يتسبب بمرض الشريان التاجي.

لا شيء مما سبق يبشّر بالخير بالنسبة لزيت جوز الهند. فكيف إذاً وصل إلى قائمة الأطعمة الفائقة؟ وفقاً لمقال من عام 2017 نُشر في موقع «ستات»؛ نشر علماء من جامعة كولومبيا سلسلة من الأوراق البحثية في عام 2003 تُظهر أن الأحماض الدهنية ذات السلاسل متوسطة الطول (والموجودة بكثرة في زيت جوز الهند) تساعد البالغين على حرق الدهون؛ ولكن هنا تكمن الفكرة: يحتوي زيت جوز الهند على هذه الأحماض الدهنية بنسبة 14% فقط. لم يمنح الباحثون المشاركين في هذه الدراسات زيت جوز الهند حتى؛ بل أعطوهم منتجاً بتركيبة خاصة يحتوي على أحماض دهنية ذات سلال متوسطة الطول نقية بنسبة 100%. مع ذلك، فبعد وقت قصير من صدور الدراسات، اكتسب زيت جوز الهند سمعته كطعام فائق.

اقرأ أيضاً: نوبة وسكتة دماغية: إليك طرق خفض الكوليسترول والدهون الثلاثية

الأفوكادو والبروكلي (القرنبيط) واللفت وغيرها: ماهو «الطعام الفائق»؟

غالباً ما يُطلق على الأطعمة الفائقة هذا الاسم لأنها تحتوي على نسبة كبيرة من إحدى المغذّيات المفيدة بشكل خاص، أو لأنها تحتوي على نسب صغيرة من مجموعة واسعة من المغذّيات المفيدة. مع ذلك، فهذا لا يعني أنه لا يمكنك الحصول على هذه المغذّيات من أنواع أخرى من الأطعمة أيضاً. قلة من الأطعمة الموجودة تحتوي على بعض العناصر الغذائية الخاصة التي لا يمكن أن يحتوي عليها أي طعام آخر.

اقرأ أيضاً: ماذا تفعل بالجزء الأكثر فائدة من ثمرة الأفوكادو؟

في الواقع، فوفقاً لبونشي؛ لا يوجد نوع من الطعام يوفر لك كل المغذّيات المفيدة ومضادات الأكسدة والفيتامينات والمغذيات الدقيقة التي يحتاجها جسمك. تقول بونشي: «هناك استثناء واحد لهذه القاعدة؛ وهو حليب الثدي في الأشهر الـ 6 الأولى من العمر».

من الأفضل بكثير تناول مجموعة متنوعة من الأطعمة لزيادة مدخولك من المغذّيات، كما أنه لا ينبغي تفضيل نوع أو استثنائه. في الواقع؛ العديد من الدراسات الوبائية التي تبحث في الفوائد الصحية لزيت جوز الهند أُجريت على السكان الذين يتناولون ثمرة جوز الهند بالكامل، بدلاً من استخراج الزيت ومعالجته. كما أن هؤلاء قد تناولوا جوز الهند كجزء من نظام غذائي تقليدي يشمل القليل من الأطعمة المُعالجة (إذا شملها) والأطعمة الصحية في الغالب. بعبارة أخرى، إن تناول الآيس كريم النباتيّ الذي يحتوي على جوز الهند وقلي الخضار باستخدام هذا الزيت بدلاً من الزبدة أمر لا ضير فيه؛ ولكنه ليس صحياً في الواقع.

وفقًا لبونشي، فإن الشعبية المحيطة بالأطعمة الفائقة لها بعض المزايا. تعمل بونشي مع فريق «كانساس سيتي تشيفس» التابع لاتحاد كرة القدم الأميركي، وتقول: «سأفعل أي شيء لجعل أعضاء الفريق يتناولون المنتجات الطازجة». جرّبت بونشي أن تقدم لهم الـ «آسايي»؛ وهي وجبة خفيفة شهيرة تحتوي على عصير التوت المجمّد -الذي يُروّج له على أنه أحد الفواكه الفائقة- مع بعض الإضافات.

تقول بونشي: «ليس الأمر وكأن الآسايي يغني عن تناول الفاكهة الأخرى»، وتضيف: «لكن الحقيقة هي أنني حضّرت الآسايي وأضفت له القليل من المانغو والسبانخ، وتناوله أعضاء الفريق لأنهم اعتقدوا أن ذلك كان أمراً عصرياً ورائجاً». توضح بونشي أن الطعام المرتجل يمكن أن يكون مفيداً للغاية لصحتنا، لكن العديد من الأشخاص الذين لا يمكنهم استشارة اختصاصي التغذية دائماً يتناولون أوعيةً من الآسايي تحتوي على الكثير من الإضافات المقرمشة وحلوة الطعم؛ والتي قد يحول بعضها هذه الوجبة إلى حلوى مرتفعة السعرات الحرارية مقنّعة.

تقول بونشي: «إذا أدى تسويق الأطعمة الفائقة إلى زيادة استهلاك الأشخاص للفاكهة والخضروات بشكل عام بسبب استخدام كلمة 'فائق'، فسيكون ذلك رائعاً»، وتضيف: «لكن هذا لم يحدث. لا يزال لدينا الكثير من العمل للقيام به».

اقرأ أيضاً: هل تناول المزيد من الدهون يضر صحتنا؟

إذاً ما يجب عليّ أن آكل؟

إذا كان بإمكانك تجاهل الترويج المستمر الذي تقوم به شركات الأغذية ومسوّقي موضات الحميات، فإن اتباع نظام غذائي متنوع غني بالأطعمة الكاملة غير المُعالجة هو الخيار الأفضل.

تقول بونشي: «لجعل نظامك الغذائي فائقاً فعلاً؛ يجب عليك أن تتناول كميات كبيرة من الأطعمة المتنوّعة».

أما زيت جوز الهند، إنه بعيد كل البعد عن السّم. لم تُحدد أية دراسة مراجعة أو تقرير واسع النطاق أو دراسة حالة زيت جوز الهند كسبب للوفاة. مع ذلك، فإن تناول الدهون بكميات كبيرة بشكل مستمر قد لا يكون الخيار الأكثر صحية. فقط تذكر: تناول كل الأطعمة باعتدال.

اقرأ أيضاً: دهون صحية وغير صحية: دليلك لاختيار عناصر طبق اليوم

هذا المقال محمي بحقوق الملكية الدولية , إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يُعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

المحتوى محمي