هل تعلم أن النحلات العاملات يُرضعن صغار النحل؟ حسناً، إنه ليس بالمعنى الدقيق للكلمة، لكن للنحل فعلاً نسخته الخاصة من "حليب الأم" تنتجه العاملات لتغذية اليرقات الصغيرة في المرحلة الأولى من حياتها. ليس ذلك فحسب، بل إنه أيضاً يرفع من شأن إحدى يرقات نحل العسل العادية إلى مرتبة الملكة. إنه الغذاء الملكي الذي أثار بخصائصه الفريدة فضول الباحثين حول فوائده المحتملة، واستغل بعض المصنعين والموزعين هذه الخصائص في الترويج للتأثيرات الجيدة المفترضة لمنتجاتهم المصنعة منه، فما الذي يميز الغذاء الملكي عن عسل النحل العادي؟ وما حقيقة فوائده العلاجية؟
ما هو الغذاء الملكي؟
الغذاء الملكي هو مادة بروتينية تشبه الحليب، تنتجها النحلات العاملات من الغدد البلعومية السفلية، وتغذي بها اليرقات مدة 3 أيام، والملكة البالغة طوال حياتها. تكون عملية التغذية هذه مباشرة في أثناء الإفراز، أي لا يجري تخزينه، وهو ما يجعله فريداً من نوعه. ومع ذلك، يمكن في حالة خاصة وحيدة تجميعه، وهي عند اختيار يرقة وإطعامها بوفرة لتصبح ملكة. يمكن لأي يرقة أنثى أن تتحول إلى ملكة، وذلك فقط عندما تتغذى على الغذاء الملكي، لكن لا تستطيع هذه اليرقة استهلاك الغذاء كله، لذا تراكمه في خلايا الملكة (خلايا مخصصة ضمن خلية النحل)، ومنه يمكن حصاد الغذاء الملكي للاستهلاك البشري. عموماً، يعتبر الغذاء الملكي هو السبب الذي يساعد الملكات على العيش مدة تتراوح بين 5 و6 سنوات، في حين أن حياة النحلات العاملات لا تكاد تتجاوز 45 يوماً.
اقرأ أيضاً: كيف تكتشف العسل المغشوش؟ وما هي أضرار تناوله؟
مكونات الغذاء الملكي
- الماء 60-70%.
- البروتينات 12-15%، حيث يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية للإنسان جميعها.
- الكربوهيدرات 10-16%، وفي الغالب تتكون من الفركتوز والغلوكوز بنسب ثابتة ومماثلة لتلك الموجودة في العسل. ومع ذلك تقل هذه النسبة بكثير عن كمية السكر الكلية في العسل والتي تصل إلى 82%.
- الفيتامنيات، وخاصة فيتامين ب6 (البيروكسيدين)، وب5 (حمض البانتوثنيك)، لكنه يفتقر إلى فيتامينات "أ" و"د" و"ك" و"هـ" (أو "إي" E).
- المعادن النادرة وفقاً للترتيب التالي حسب الكمية تنازلياً (وهي كميات صغيرة للغاية): البوتاسيوم، والكالسيوم، والصوديوم، والزنك، والحديد، والنحاس والمنغنيز.
- أحماض أمينية حرة، خاصة البرولين والليسين بنسبة 2.3%.
بالإضافة إلى مركبات أخرى بنسب صغيرة.
هل يمتلك الغذاء الملكي فوائد علاجية؟
يجري حصاد الغذاء الملكي وبيعه باعتباره من المكملات الغذائية أو المنتجات الكريمية المفيدة للصحة العامة، نظراً لمحتواه من العناصر الغذائية. ومع ذلك فإن عدداً قليلاً من الأدلة البحثية يدعم الفوائد الصحية المحتملة له. ومن أهم استخداماته الممكنة:
تخفيف أعراض انقطاع الطمث
تعاني بعض النسوة من جفاف المهبل بعد انقطاع الطمث، لكن دراسة نشرتها دورية العلاجات التكميلية في الممارسة السريرية (Complementary Therapies in Clinical Practice) شملت 200 مريضة، أثبتت أن تناول النساء نحو 1000 ميليغرام من الغذاء الملكي يومياً مدة نحو 8 أسابيع، حسّن من أعراض انقطاع الطمث، بما فيها جفاف المهبل.
تخفيف أعراض متلازمة ما قبل الحيض
أفادت الدراسة التي نشرتها دورية العلاجات التكميلية في الطب (Complementary Therapies in Medicin)، أُجريت على نحو 110 طالبات جامعيات يعانين من متلازمة ما قبل الحيض، بأن استهلاكهن لنحو 1000 ميليغرام يومياً من غذاء ملكات النحل أو من دواء وهمي، تسبب بعد دورتين شهريتين في تراجع 50% من أعراض متلازمة ما قبل الحيض عند مستهلكات الغذاء الملكي مقارنة بأقل من 5% عند مستهلكات الداوء الوهمي.
إدارة مستويات الكوليسترول
يرتبط الكوليسترول بزيادة خطر الإصابة بتصلب الشرايين والنوبات القلبية والسكتة الدماغية. وقد أظهرت دراسة صغيرة أجريت على نحو 40 بالغاً يعاني ارتفاعاً بسيطاً في مستويات الكوليسترول، ونشرتها دورية علم الأحياء الصيدلاني (Pharmaceutical Biology)، أن تناول نحو 350 ميليغراماً من الغذاء الملكي يومياً مدة ثلاثة أشهر، قلّل مستويات الكوليسترول الضار والكوليسترول الكلي لديهم. في المقابل، لم تطرأ أي تغيرات في الكوليسترول الجيد أو الدهون الثلاثية أو وزن الجسم عند مجموعة الدواء الوهمي.
اقرأ أيضاً: تطوير لقاح جديد يمكن أن يخفض الكوليسترول السيئ
التئام الجروح وإصلاح الجلد
أشارت دراسة مخبرية نشرتها دورية الطب الحيوي والعلاج الدوائي (Biomedicine & Pharmacotherapy) إلى أن الغذاء الملكي يساعد على إصلاح الأنسجة التالفة وتقويتها، ما يسهم في شفائها على نحو أسرع وأقوى، من خلال تعزيز الإشارات التي تؤدي إلى زيادة إنتاج الكولاجين الذي يقوي الأنسجة، وتعزيز تكاثر الخلايا.
العناية بمرضى السرطان
توصل فريق من الباحثين الدوليين، بمشاركة سوزي سلامة من السودان ونزار إلياس من سوريا وعايدة عبد الواحد وهشام السيدي وأحمد سويلم من مصر، في دراسة نشرتها دورية المغذيات (Nutrients)، إلى أن الغذاء الملكي قد يحدّ من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي للسرطان، مثل التهاب الغشاء المخاطي الفموي وتقرحات الفم والنزيف. ومع ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات.
بالإضافة إلى ما سبق، يعتقد الباحثون أن الغذاء الملكي يفيد في علاج حالات مثل:
- الحساسية.
- السكري.
- تعزيز القوة البدنية عند الأشخاص فوق سن 65 عاماً.
- ضعف الإدراك.
- العيون الجافة.
- العقم.
- البدانة.
- هشاشة العظام.
الآثار الجانبية للغذاء الملكي
يوضح مختص الصحة العامة والعافية، الطبيب روبرت سيبر (Robert Saper)، أن الغذاء الملكي قد يرتبط ببعض الآثار الجانبية المحتملة، مثل:
- ردود فعل تحسسية، مثل التهاب الأنف التحسسي (حمى القش) ونوبات الربو والتهاب الجلد التماسي، خاصة لدى الذين يعانون حساسية لسعات النحل أو حبوب اللقاح، والحساسية البيئية، والربو التحسسي والإكزيما.
- مشكلات صحية مثل ألم في البطن وسعال وبراز دموي واضطراب في المعدة.
- إمكانية التفاعل مع بعض الأدوية، بما فيها مضاد التخثر الوارفارين ما قد يسبب النزف، والأدوية الخافضة لضغط الدم، والأدوية الهرمونية (يزيد مستويات هرمون الإستروجين)، وأدوية السكري؛ حيث يمكن أن يؤدي إلى انخفاض نسبة السكر في الدم بدرجة كبيرة.
اقرأ أيضاً: ما هي أفضل أنواع العسل؟ وكيف يمكن التمييز بينها؟
الجرعة الآمنة من الغذاء الملكي
لا يخضع الغذاء الملكي للتنظيم من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، أو أي هيئة تنظيمية، لكن الجرعة المستخدمة في معظم الدراسات السريرية تتراوح بين 1000-3000 ميليغرام يومياً، ولم يجري الإبلاغ عن أي إصابات في الكبد أو بتسمم الكبد في أي دراسة. كما حدثت ملاحظة فوائد عند استخدامه في جرعات يومية تتراوح بين 50 -300 ميليغرام، كما لوحظت الفوائد عندما وصلت الكمية إلى 6000 ميليغرام. عموماً، لا أحد ينصح باستخدام غذاء ملكات النحل في أثناء الحمل أو الرضاعة الطبيعية أو للأطفال.