يمكن أن يعد البصل الخط الدفاعي الأول لكلٍّ من أمراض هشاشة العظام وارتفاع ضغط الدم والالتهابات الميكروبية، بما يحتويه من مكوناتٍ وعناصر غذائيّةٍ تساعد على التخفيف من حدّة هذه الأمراض ومنعها من التطور. هذا ما أثبتته إحدى الدراسات التي نُشرت في دورية "آينيغينتا" (Ingenta). ولكن، للبصل أيضاً تأثيرات سلبيةٌ أخرى، فما هي المكونات المعززة للصحة في البصل؟ وما الآثار السلبية الناتجة عنها؟
مكونات البصل: قوة الشفاء
للبصل سواء كان أحمر أو أصفر أو أبيض، قوّة شفاءٍ تكمن بما يحتويه من مكوّناتٍ غذائية ذات خصائص مضادةٍ للأمراض. فعلى سبيل المثال، يعدّ البصل غنيّاً بالمركبات والأحماض الفينولية والفلافونويد (مثل الفيستين والكيرسيتين)، وحمض الأسكوربيك (فيتامين سي)، والمركبات الكبريتية المسؤولة عن لونه ونكهته ورائحته. تمنحه هذه المركبات مزايا صحية وخصائص مضادة للبكتيريا والأكسدة، ومن فوائده:
محاربة السرطان
وفقاً لدراسة أجراها فريق بحث دولي، ونشرت في دورية "إيه سي إس" (ACS Publications)، تساعد المستويات العالية من الكيرسيتين والأنثوسيانين في البصل على مقاومة السرطان، من خلال تنشيط المسارات الحيوية التي تقتل الخلايا السرطانية نفسها بها، والحدّ من قدرتها على التكاثر بجعل البيئة غير مواتية لنمو الخلايا السرطانية.
تعزيز صحة القلب
بالإضافة لدور مركب الكيرسيتين، أثبتت أبحاث وتجارب مختبر الفيزيولوجيا المرضية للقلب والأوعية الدموية في جامعة كويو الوطنية ومعهد البحوث الطبية والبيولوجية التجريبية في الأرجنتين، في الدراسة التي نُشرت في دورية "ساينس دايركت" (ScienceDirect)، أن مركبات الكبريت العضوية الموجودة في البصل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية؛ كارتفاع ضغط الدم وتصلّب الشرايين، والنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وذلك من خلال خصائصها المضادة للالتهاب والأكسدة، وقدرتها على خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL)، فتمنع التصاق وتراصّ الصفيحات الدموية فوق بعضها، وبالتالي تمنع تشكيل الخثرات والتجلّطات المسببة للنوبات القلبية.
تنظيم مستويات سكر الدم
تلعب المركبات البولفينولية عامةً والموجودة بالبصل بشكل خاص كالكيرسيتين، ومركب (ميتيل السيستايين الكبريتي) دوراً مهماً في التحكم بنسبة السكر في الدم، وفقاً لدراسة أجراها قسم طب الجهاز التنفسي والرعاية الحرجة بجامعة هواتشونغ للعلوم والتكنولوجيا الصينية، والتي نُشرت في دورية "هينداوي" (Hindawi).
تعزيز الجهاز الهضمي
يحتوي البصل على الإنولين وهو أحد الألياف المهمة في تحسين ميكروبيوم الأمعاء، حيث يشكل غذاءً للبكتيريا المفيدة فيها، فيحافظ على مستويات جيدةٍ للبكتيريا المفيدة. علاوة على ذلك، يحتوي البصل أيضاً على (الأوليجوفركتوز)؛ وهو من السكريات القابلة للذوبان التي تحمي من الإصابة بالإسهال والقرحة المعدية، وفقاً لدراسة دولية تم نشرها في دورية "تايلور وفرانسيس أون لاين" (Taylor and Francis Online).
الحفاظ على صحة العظام
تسبب بعض المواد كالليكوترين والبروستاجلاندين والهيستامين أمراض هشاشة العظام والتهاب المفاصل الروماتويدي، إلا أن الكيرسيتين، الموجود في البصل، وفقاً للدراسة السابقة، يعيق نشاطها الالتهابي، ويحمي من الإصابة بها ويساعد في علاج أمراض الهيكل العظمي.
تقوية الجهاز المناعي
يتميز البصل بغناه بمعدن السيلينيوم، والذي يحفّز وينظم الوظائف والاستجابة المناعية، كما أثبتت الدراسة التي نُشرت في دورية "وايلي أون لاين لايبرري" (Wiley Online Library). ففي حال حدوث نقصٍ في السيلينيوم، تبدأ الخلايا المناعية بالتكاثر غير الفعال والضار، وتختلّ وظائفها في إنتاج البروتينات الضرورية ونقل الكالسيوم، لذلك يساعد البصل على تنظيم عمل الجهاز المناعي.
مكافحة شيخوخة البشرة
مع التقدم بالعمر تزداد نسبة الجذور الحرة التي تهاجم الحمض النووي للخلايا وتُحدِث الأضرار فيها، ما ينتج عنه الشيخوخة المبكرة للبشرة. إلا أنّ المواد المضادة للأكسدة في البصل توقف التفاعل التسلسلي للجذور الحرة وتمنعها من إصابة الخلايا، فتحمي البشرة وتمنحها النضارة. من هذه المركبات: فيتامين أ، وفيتامين سي، وفيتامين هـ، والمواد الفينولية مثل الكيرسيتين. هذا ما أثبتته دراسة أجراها فريق باحثي جامعة كيونغ بوغ الكورية ونُشرت في دورية "ساينس الكورية" (Koreascience).
اقرأ أيضاً: الحواس قد تجعل البصل والتفاح لا يختلفان عن بعضهما كثيراً
القيمة الغذائية للبصل
على الرّغم من النكهة الغنية التي يضيفها البصل للطعام، سواء في الطبخ أو السلطات، إلا أنه غذاءٌ قليل السعرات الحرارية، وخالٍ من الدهون والكوليسترول، ومصدرٌ للعديد من العناصر الغذائية الضرورية من فيتامينات ومعادن، إذ يضم كل 100 غرام من البصل ما يلي:
- 40 سعرة حرارية.
- 0.1 غراماً دهون كلية.
- 1.7 غراماً ألياف غذائية.
- 4 ميلليغراماً معدن الصوديوم.
- 146 ميلليغراماً معدن البوتاسيوم.
- 9.3 غراماً كربوهيدرات كلية.
- 1.1 غراماً بروتين.
- 23 ميلليغراماً كالسيوم.
- 7.4 ميلليغراماً فيتامين سي.
- 0.2 ميلليغراماً حديد.
- 0.120 ميلليغراماً فيتامين ب6.
- 10 ميلليغراماً مغنيزيوم.
اقرأ أيضاً: لماذا لا أستطيع أكل البصل أو الثوم مرة أخرى؟
الآثار الجانبية للبصل على الصحة
بالإضافة لرائحة الفم الكريهة، يتسبب تناول البصل بكمياتٍ كبيرةٍ إلى الإصابة ببعض المشاكل الصحية مثل:
القولون العصبي
لا يعدّ النظام الغذائي سبباً في الإصابة بالقولون العصبي، لكن يحفّز البصل من ظهور أعراضه. أثبتت دراسة لفريق من الباحثين السويديين حول تأثير النظام الغذائي على القولون العصبي، ونُشرت في دورية ساينس دايركت، أن البصل يحتوي كربوهيدراتٍ قصيرة السلسلة وغير قابلة للهضم وبطيئة الامتصاص تدعى "فودماب" (FODMAP) بنسبٍ عاليةٍ، تسبب تهيج القولون العصبي.
الحساسية
تسبب مركبات ثنائي كبريتيد الديليل وبروتين نقل الدهون ردّ فعلٍ تحسسّي لدى البعض، يظهر على شكل ربو وسيلان واحتقانٍ في الأنف واحمرار العينين وتهيّجٍ وطفحٍ جلديٍّ. هذا ما أثبتته دراسة أجراها فريق طبي في قسم الأحياء الدقيقة والمناعة في المجلس الهندي للبحوث الطبية، ونُشرت في المكتبة الوطنية الأميركية للطب.
تهيّج العيون
الميزة الأساسية للبصل هي إثارة الدموع وتهيج العيون، وذلك لاحتواء البصل على مستقلبٍ كبريتيٍّ متطايرٍ مسيلٍ للدموع، يستخدمه لمقاومة الميكروبات والتخلّص من الحيوانات. وفقاً لدراسة أجراها فريق بحث من جامعة أوهايو في الولايات المتحدة الأميركية، ونُشرت في المكتبة الوطنية الأميركية للطب، يؤدي تقطيع البصل إلى تمزق الأنسجة وتشكل سلسلة تفاعلاتٍ إنزيميةٍ ينتج عنها بخار هو العامل المسيل للدموع.
اقرأ أيضاً: هل يشعرنا البكاء حقاً بالارتياح؟
الحموضة المعدية
تنتج الحموضة المعدية نتيجة ارتخاء العضلة العاصرة للمريء، والتي تفصل بين المعدة والمريء، فتعود محتويات المعدة وعصارتها الحامضية الهاضمة إلى المريء مسببةً الإحساس بالحرقة. أظهرت بعض الدراسات أن البصل يسبب استرخاء تلك العضلة ما ينتج عنه الإصابة بالحرقة المعدية، وفقاً لدراسة نُشرت في المكتبة الوطنية الأميركية للطب.
التداخلات الدوائية
للبصل تأثيرٌ مضادٌ للتّخثر، فبينما قد يساعد في الحماية من تكوين جلطاتٍ دمويّةٍ، إلا أنه قد يتداخل مع بعض الأدوية المضادة للتخثر مثل الوارفارين ويزيد من احتمال الإصابة بنزيف دموي، كما أثبتت الدراسة التي أجراها باحثون من قسم علم الأوبئة/ أبحاث الرعاية الصحية بجامعة ليمبورغ في هولندا، والتي نشرت في الدورية البريطانية للصيدلة السريرية.
إذاً، تعد إضافة قطعة من البصل إلى شطيرة الهمبرغر إضافة غنيةً بالنكهة والقيمة الغذائية والفوائد الصحية، لكن ربما عليك إعادة التفكير مرّةً أخرى فيما لو كنت تمتلك جهازاً هضميّاً حساساً.