ملخص: الكافيار من الأطعمة البحرية الفاخرة، وهو بيض أنواع مختلفة من سمك الحفش. وبالإضافة إلى طعمه اللذيذ، فإنه يمنح العديد من الفوائد الصحية؛ فهو غني بأحماض أوميغا 3 وفيتامين ب 12 والسيلينيوم. يمكن لهذه العناصر الغذائية أن تعزز صحة الدماغ والقلب والجلد والمناعة، فأحماض أوميغا 3 على سبيل المثال، تسهم في تحسين الحالة المزاجية، وتقليل مخاطر الاكتئاب، ودعم الخصوبة عند الذكور، وتقليل عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب. ومع ذلك، فإن معظم الدراسات حول الكافيار تستند إلى مستخلصات الكافيار وتجارب على الحيوانات، ما يستلزم إجراء المزيد من الأبحاث على البشر. ومع ذلك، يمكن الحصول على العديد من الفوائد الصحية التي يمنحها الكافيار من مصادر أقل تكلفة وأكثر توفراً، فلماذا هو باهظ الثمن؟ يُعزا ذلك إلى ندرة سمك الحفش الذي بات مهدداً بالانقراض، بالإضافة إلى أن إنتاجه يحتاج إلى عمالة ماهرة، بدءاً من استخراج البيض من سمك الحفش إلى عمليات التنظيف والتمليح والتعبئة الدقيقة. فضلاً عن أنه طبق لطالما ارتبط بفكرة الثراء والبذخ، ولا يزال الناس يعدُّونه كذلك.
الكافيار، فخامة الاسم تكفي، أليس كذلك؟ لطالما عُدّ الكافيار رمزاً للرفاهية والثراء وطبَقاً ميّز موائد كبار الشخصيات والملوك، وعلى الرغم من أنه يتمتّع بنكهة مميزة وخصائص غذائية لا يُستهان بها، فلا بُدّ من التساؤل، هل يمتلك يا تُرى ذلك الكم الهائل من الفوائد الذي يُبرر ثمنه الباهظ؟ لنكتشف في هذا المقال ماهية الكافيار وقيمته الغذائية وفوائده الصحية المحتملة، وفيما إذا كانت هذه الفوائد تتماشى مع تكلفته الباهظة أم لا.
ما هو الكافيار؟
الكافيار بأبسط التعريفات هو بيض سمك، لكن ليس أي نوع من السمك، وإنما سمك الحفش تحديداً، حيث تُزال كتلة البيض من الأسماك الناضجة، ثم تُمرَّر بعناية عبر شاشة شبكية دقيقة تفصل البيض وتزيل أيّ أجزاء أخرى من الأنسجة والدهون، ثم يُضاف الملح بنحو 4-6% من أجل الحفاظ على البيض وإبراز النكهة. ينبغي حفظ الكافيار الطازج في درجات حرارة تتراوح بين 0-7 درجات مئوية، وإلّا فسوف يفسد بسرعة، وغالباً ما تتم بسترته من أجل تخزينه على نحو أفضل.
ينبغي معرفة أن للحفش أنواعاً عديدة مثل بيلوغا (Beluga) وأوستروفا (Osetrova) وسيفروغا (Sevruga)، وبناءً على نوع السمك وحجم البيوض وطريقة المعالجة، يتم تصنيف الكافيار. على سبيل المثال، يكون البيض الذي يؤخذ من سمك البيلوغا كبير الحجم وذا لون أسود أو رمادي، أمّا بيض سمك أوستروفا فيكون أصغر حجماً وذا لون رمادي مخضّر أو بني، في حين أن بيض السيفروغا يكون أصغرها حجماً وذا لون أسود مخضر. وبالطبع، لكل نوع من البيوض نكهة مميزة وسعر مختلف.
أمّا أندر أنواع الكافيار فهو من البيض الذهبي للحفش المُسمى ستيرليت (Sterlet)، الذي ينمو في بحر قزوين، وقد كان هذا الكافيار من الأنواع المخصصة لمائدة قيصر روسيا، ثم كبار الشخصيات السوفييتية وغيرهم من الشخصيات الرفيعة. أمّا الأنواع الأقل جودة من هذا الكافيار، فتكون بيوضاً مكسورة أو غير ناضجة، أو قد يُباع بيض السلمون أو بيوض الأسماك الأخرى أحياناً تحت اسم الكافيار، وقد يُصبغ بيض الحبّار ويُباع على أنه كافيار أيضاً، لكنه ليس كذلك.
اقرأ أيضاً: 7 فوائد صحية للعناب تعرّف إليها
القيمة الغذائية للكافيار
تحتوي 100 غرام من الكافيار على ما يلي:
- سعرات حرارية: 264 سعرة حرارية
- بروتين: 24.6 غراماً
- إجمالي الدهون: 17.9 غراماً
- الكربوهيدرات: 4 غرامات
- حديد: 148.5% من المدخول اليومي الموصى به للبالغين الأصحاء الذكور، أو 66% من المدخول اليومي الموصى به للبالغات.
- سيلينيوم: 119% من المدخول اليومي الموصى به.
- فيتامين ب 12: 833% تقريباً من الكمية اليومية الموصى بها للبالغين.
- الحمض الدهني إيكوسابنتينويك (أحد أحماض أوميغا 3): 2.7 غرام، علماً أن المدخول اليومي الموصى به هو نحو 0.22 غرام.
- الحمض الدهني دوكوساهيكسانويك (أحد أحماض أوميغا 3): 3.8 غرامات، في حين أن المدخول اليومي الموصى به نحو 1-2.5 غرام.
بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الكافيار على كميات قليلة من الكالسيوم وبعض الفيتامينات مثل A، وD، وE. لكن ينبغي الإشارة إلى أن هذه المقادير توجد في 100 غرام من الكافيار، وهي كمية كبيرة عملياً، إذ غالباً ما يتم تقديم الكافيار بكميات أصغر من ذلك.
عموماً، يمكن القول إن 1-2 ملعقة كبيرة من الكافيار يومياً تكفي للحصول على الكثير من الفوائد. فحتى 28 غراماً منه تحتوي على 236% من الكمية اليومية الموصى بها من فيتامين ب 12، و 34% من الكمية الموصى بها من السيلينيوم، و19% من الكمية الموصى بها من الحديد.
اقرأ أيضاً: ما هي الفوائد الغذائية للكمأة وكيف تتشكل وما سبب ثمنها الباهظ؟
الفوائد الصحية للكافيار
يمنح الكافيار عدداً جيداً من الفوائد الصحية نظراً لمحتواه المرتفع من العناصر الغذائية، مثل:
تعزيز صحة القلب
ثبُت أن أحماض أوميغا 3 الدهنية تقلّل الالتهابات، وتخفِّض ضغط الدم، ومستويات الدهون الثلاثية في الدم وتزيد مستوى الكوليسترول الجيد (HDL)، كما تخفِّض خطر الإصابة بالسكتة الدماغية عن طريق منع تكتّل الصفائح الدموية. لكن وعلى الرغم من أن الكافيار غني بهذه الأحماض، فإن ثمة حاجة إلى المزيد من الدراسات التي توضّح العلاقة بين الكافيار وصحة القلب عند البشر.
دعم صحة الدماغ
تُعدّ أحماض أوميغا 3 إحدى المكونات الأساسية لأغشية الخلايا الدماغية التي تساعد على مكافحة الالتهابات، لذا قد يساعد الاستهلاك المنتظم للأطعمة الغنية بالأوميغا 3، مثل الكافيار، على دعم الوظائف الإدراكية، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض العصبية التنكسية مثل آلزهايمر، وتخفيف أعراض الاكتئاب والقلق.
تحسين صحة الجلد
عند إجراء تجارب مخبرية في أنابيب اختبار، تبين أن أحماض أوميغا 3 الموجودة في مستخلص الكافيار قد تحفّز الخلايا الجلدية الدهنية على إنتاج جزيء الأديبونكتين الذي يحسِّن عملية التئام الجروح في البشرة، ويكافح الالتهاب، ويعزّز تخليق الكولاجين، ما يقلِّل علامات شيخوخة الجلد.
كما تبين أن استخدام مستخلص الكافيار مع الريتينول ومضادات الأكسدة والببتيدات وغيرها من المواد النشطة يسهم حقاً في تحسين نعومة الجلد عند النساء المشاركات في التجارب، بالإضافة إلى تقليل جفافه والخطوط الدقيقة والتجاعيد، لكن من غير الواضح إن كان تناول مستخلص الكافيار بمفرده، دون المواد الأخرى، سيعطي التأثيرات نفسها. وهذا يعني مرة أخرى أن ثمة حاجة إلى المزيد من الدراسات لإثبات هذه الفوائد.
اقرأ أيضاً: ما هي البكتيريا المفيدة وأنواعها الملائمة للنظام الغذائي في المنطقة العربية؟
تعزيز صحة الجهاز المناعي
بسبب غناه بالسيلينيوم وأحماض أوميغا، فإن تناول الكافيار بانتظام قد يعزّز صحة جهاز المناعة؛ فالسيلينيوم يسهم في بدء الاستجابات المناعية وتنظيمها. وقد وُجِد أن نقص السيلينيوم يؤثّر سلباً في تنشيط الخلايا المناعية وتمايزها وقدرتها على التكاثر، كما يرتبط نقصه بتصلب الشرايين والتهاب المفاصل الروماتويدي والالتهابات الفيروسية.
علاوة على ذلك، وُجِد في التجارب التي أجريت على الحيوانات أن كلاً من الحمية الغذائية الغنية بالسيلينيوم ومكملات السيلينيوم فعّالٌ في التخفيف من حدة السرطان، لكن لا بُدّ من إجراء المزيد من الأبحاث للتأكد من هذه النتائج عند البشر. في حين أن أحماض أوميغا 3 تحسِّن وظيفة المناعة من خلال تعديل الاستجابات الالتهابية، وتعزيز نشاط الخلايا المناعية وتنظيمها، والتأثير في التعبير الجيني لتعزيز الالتهاب أو تقليله، ودعم عملية التمثيل الغذائي الخلوي للحصول على وظيفة مناعية مثالية.
بالإضافة إلى ذلك، فالكافيار غني بفيتامين ب12، الذي يؤدي دوراً مهماً في إنتاج خلايا الدم الحمراء والخلايا العصبية، ويدعم صحة العظام، ويعزز صحة العين، ويقلل خطر الإصابة بمرض الضمور البقعي (مرض يُصيب العين)، علاوة على أنه يحسّن الحالة المزاجية ويبطِئ التدهور المعرفي المرتبط بالتقدم بالعمر.
اقرأ أيضاً: ما تحتاج إلى معرفته حول القيمة الغذائية للعصائر الجاهزة والعناصر المخفية فيها
تحسين خصوبة الرجال
مرة أخرى وبسبب محتواه العالي من أوميغا 3، فقد يسهم الكافيار في تحسين الخصوبة عند الذكور؛ إذ يحتوي السائل المنوي على نسبة عالية من حمض الدوكوساهيكسانويك، وقد تبين أن نقص مستويات هذا الحمض في الجسم يرتبط بانخفاض جودة الحيوانات المنوية. وقد تبين أيضاً أن تناول الأطعمة المشتقة من الكافيار يسهم في تحسين عدد الحيوانات المنوية وقدرتها على الحركة والنجاة أطول فترة ممكنة عند الفئران، في حين أن تأثيرها في البشر لا يزال يحتاج إلى المزيد من الدراسات.
هل سعر الكافيار يتناسب مع فوائده؟
من وجهة نظر غذائية بحتة، يمكن الحصول على العديد من الفوائد الصحية المنسوبة إلى الكافيار من خلال أطعمة متاحة بسهولة وأقل تكلفة. على سبيل المثال، يمكن العثور على أحماض أوميغا 3 الدهنية من مصادر أقل تكلفة، مثل سمك السلمون (وبيضه) والسردين والعديد من الأسماك الدهنية. وأيضاً، على الرغم من أن الكافيار مصدر جيد للفيتامينات والمعادن، لكن يمكن أيضاً الحصول عليها من نظام غذائي صحي متوازن. إذاً، لماذا هو باهظ التكلفة؟
يُعزا ذلك إلى ندرة سمك الحفش البرية التي باتت مهددة بالانقراض بسبب الإفراط في الصيد، فضلاً عن الوقت الذي تستغرقه إناث سمك الحفش حتى تنضج (8-20 سنوات في بعض الحالات)، كما أن عمليات إنتاج الكافيار عالي الجودة تتطلب الكثير من العمالة الماهرة والالتزام بمعايير الجودة، بدءاً من استخراج البيض من سمك الحفش إلى عمليات التنظيف والتمليح والتعبئة الدقيقة. هذا دون أن ننسى رمزيته الثقافية ومكانته الفاخرة المرتبطة باستهلاكه، وخاصة في الأماكن الراقية.