ما مدى تأثير داء السكري على الخصوبة والإنجاب عند الذكور والإناث؟

3 دقائق
ما مدى تأثير داء السكري على الخصوبة والإنجاب عند الذكور والإناث؟
حقوق الصورة: شترستوك

من المعروف أن مرض السكري يسبب طيفاً متنوعاً من الاضطرابات الهرمونية، على رأسها حدوث "مقاومة الأنسولين" والتي هي العامل الأساسي في تفاقم داء السكري إن لم يتم التعامل معها بالشكل الأمثل. ولا يقتصر تأثير هذه الاضطرابات الهرمونية على ذلك، إذ تم إثبات تأثير السكري على الخصوبة والصحة الإنجابية لدى كل من الرجال والنساء. 

تلعب الاضطرابات الهرمونية الناجمة عن داء السكري دوراً في تأخير غرس البيضة الملقحة في البطانة الرحمية أو حتى فشل في تعشيشها أساساً، الأمر الذي يعيق حدوث الحمل. كما يترافق مرض السكري مع ضعف جودة الحيوانات المنوية وتلف الحمض النووي، الأمر الذي يزيد من احتمال حدوث طفرات وتشوهات جنينية.

الآلية التي يؤثر فيها السكري على التوازن الهرموني

هل يمكن أن يخيل لك أن تغيرات واضطرابات الدورة الشهرية بما في ذلك انقطاع الطمث قد يكون سببه داء السكري؟ لداء السكري، سواء كان من النمط الأول أو من النمط الثاني، تأثيرات أيضية استقلابية تطال كلاً من محور الوطاء أو ما يُسمى "ما تحت المهاد"، إضافةً إلى الغدة النخامية والمبيض. وهذا ما يُفسر وجود علاقة بين هذا الداء وأمراض هذه المستويات الغدية، وعلى رأسها اضطرابات الدورة الشهرية والعواقب المترتبة على ذلك من نقص الخصوبة وغيرها.

اقرأ أيضاً: أمل جديد في علاج ضعف الخصوبة عند البشر

داء السكري والخصوبة عند الإناث

بالإضافة إلى الاضطرابات الهرمونية التي يحدثها داء السكري، يتسبب هذا الداء في حدوث حالة من الضعف المناعي، جاعلاً الجسم عرضة بشكل أكبر للإصابة بالإنتانات والالتهابات، سنذكر فيما يلي أهم تأثيرات السكري التي تطال جهاز التكاثر الأنثوي والخصوبة لديهن:

  • التهابات الجهاز البولي التناسلي: النساء المصابات بمرض السكري أكثر عرضة للإصابة بالالتهابات الحوضية والتي تؤدي إلى تلف الأعضاء التناسلية وخاصة أنبوبي فالوب.
  • الإجهاضات: يمكن أن تتسبب مستويات السكر المرتفعة في الجسم عند الحامل في حدوث الإجهاض أو حدوث عيوب خلقية في الجنين، حيث تؤدي زيادة نسبة الغلوكوز في الدم والتغذية المفرطة للجنين إلى الإصابة بالعملقة الجنينية.
  • انخفاض الرغبة الجنسية: تنخفض الرغبة الجنسية لدى معظم النساء المصابات بداء السكري نتيجة لحالة القلق والأرق والاكتئاب المرافقة لبعض المصابات بالسكري، كما تنخفض الرغبة عند البعض الآخر نتيجة لقلة التزليق المهبلي، الأمر الذي يجعل من عملية التلقيح مؤلمة وغير مريحة.
  • متلازمة المبيض متعدد الكيسات: ارتفعت معدلات انتشار البدانة مع الأنماط الغذائية غير الصحية وأنماط الحياة الحديثة، ما أدى إلى ازدياد أعداد المصابين بداء السكري في أعمار أصغر خلال سنوات الإنجاب. ترتبط البدانة بحدوث دورات طمثية غير منتظمة، كما أنها ترتبط بحدوث "متلازمة المبيض متعدد الكيسات"، وهو اضطراب استقلابي يتميز بارتفاع مستوى هرمون الأندروجين في الدم وظهور ما يزيد عن 12 كيس مبيضي، كما يحدث فيه دورات لا إباضية الأمر الذي يقلل من فرص حدوث الإخصاب.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تؤثر جيناتك على رغبتك في الزواج والإنجاب؟

داء السكري والخصوبة عند الذكور

وكما حال الخصوبة عند الإناث، يؤثر داء السكري على القدرة الإنجابية للذكور من خلال عدة مستويات، بعضها وعائي وبعضها هرموني ومنها النفسي حتّى! نذكر أبرزها:

  • الضعف الجنسي: يقلل مرض السكري من القدرة على الحفاظ على الانتصاب عند الرجال نظراً لأنه يؤثر على وظيفة الأوعية الدموية، ما يؤدي إلى تراجع القدرة الإنجابية. كما أن الضعف الجنسي قد ينجم عن القلق والتوتر والاكتئاب المرافق للسكري، وبهذا تكون آلية حدوثه نفسية وليست وعائية.
  • الأجسام المضادة للحيوانات المنوية: ينتج الجسم عند الإصابة بالسكري أجسام مضادة تهاجم الحيوانات المنوية وتقلل من أعدادها، الأمر الذي يُراجع  القدرة الإنجابية في نهاية المطاف.
  • انخفاض الرغبة الجنسية: نتيجة للإرهاق والتعب المرافقين للإصابة بالسكري.
  • انخفاض مستويات هرمون الذكورة "التستوستيرون".

اقرأ أيضاً: بين الخصوبة والرغبة: إليك فوائد الثوم على صحة الرجال

كيف يؤثر ضبط سكر الدم على تحسين الخصوبة؟

التغيرات المحدثة بواسطة داء السكري غالباً ما تكون عكوسة وقابلة للتراجع بعد ضبط سكر الدم، والخبر السار أنه لم يفت الأوان على البدء بحمية متوازنة وممارسة الرياضة المعتدلة إن كنت متردداً في أخذ الخطوة الأولى، إذ يمكن إدارة مرض السكري من خلال المراقبة المنتظمة لمستويات سكر الدم وتناول نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على الوزن ضمن المجال الطبيعي، كما يلعب التقليل من التوتر والقلق والإقلاع عن التدخين دوراً في تقليل "مقاومة الأنسولين" ما يحسن من حالة مريض السكري. ومن أبرز المضاعفات التي تتراجع بعد ضبط سكر الدم:

  • عودة الدورات الإباضية والتي تصبح أكثر انتظاماً.
  • تحسين صحة الأوعية الدموية الأمر الذي يحسن بدوره من الانتصاب عند الذكور.
  • زيادة مستويات هرمون التستوستيرون لدى الرجال.
  • عودة الرغبة الجنسية والدافع الجنسي.
  • التقليل من خطر حدوث الإجهاضات.
  • تقلل فرص الإصابة بالعملقة الجنينة، الأمر الذي يقلل بدوره من حاجة الطفل للعناية المركزة بعد الولادة.
  • تقليل مخاطر حدوث الاضطرابات والتشوهات الخلقية.
  • تقليل مخاطر ولادة طفل ميت أو موت الأطفال حديثي الولادة.

اقرأ أيضاً: أدوية تنظيم النسل للرجال؟ التجارب السريرية قد تبدأ هذا العام فعلاً

قد تكون هذه الخطوات الصحية لإدارة مرض السكري جديدة بالنسبة لك، ولكن لا تقلق فإنها لن تستغرق سوى بعض الوقت حتى تعتاد عليها، وبعد ذلك ستجدها جزءاً أساسياً من نظامك اليومي. وبالمقابل، لا يمكن أن ننكر أن نسب نجاح تحسين نمط الحياة يتضاعف بوجود شريك متفهم يشاركك التغيير هذا، لذلك قم بذلك مع الشريك وتذكرا دوماً الهدف وراء تحسين نمط الحياة، ألا وهو "الحفاظ على الصحة والسلامة الإنجابية".

المحتوى محمي