الأنسولين هو هرمون يصنعه البنكرياس، يسمح للخلايا بامتصاص واستخدام الغلوكوز. وفي الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الأنسولين، تكون الخلايا غير قادرة على استخدام الأنسولين بشكلٍ فعال. في هذا المقال، نلقي نظرةً على الفهم الحالي لمقاومة الأنسولين ونوضح دورها كعامل خطر للإصابة بمرض السكري والحالات الأخرى، كما نصف أيضاً علامات وأعراض مقاومة الأنسولين وطرق تجنبها.
ما معنى مقاومة الأنسولين؟
عندما لا تستطيع الخلايا امتصاص الغلوكوز، تتراكم مستويات هذا السكر في الدم، وإذا كانت مستويات الغلوكوز أو السكر في الدم أعلى من المعتاد ولكنها ليست عاليةً بما يكفي للإشارة إلى مرض السكري؛ يشير الأطباء إلى هذا على أنه «مقدمات السكري».
غالباً ما تحدث مقدمات السكري عند الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الأنسولين العالية؛ إذ يعاني حوالي 1 من كل 3 أشخاص في الولايات المتحدة وحدها من مقدمات السكري؛ وفقاً للأرقام الصادرة عن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
تحدث مقاومة الأنسولين عندما يقلل الغلوكوز الزائد في الدم من قدرة الخلايا على امتصاص واستخدام سكر الدم للحصول على الطاقة؛ وهذا يزيد من خطر الإصابة بمقدمات السكري، وفي النهاية؛ داء السكري من النوع الثاني. وإذا كان البنكرياس قادراً على إنتاج ما يكفي من الأنسولين للتغلب على معدل الامتصاص المنخفض، فمن غير المرجح أن يتطور مرض السكري، وسيظل غلوكوز الدم ضمن النطاق الصحي.
أما لدى الشخص المصاب فعلياً بمقدمات السكري، يعمل البنكرياس بجهدٍ متزايد لإفراز ما يكفي من الأنسولين للتغلب على مقاومة الجسم والحفاظ على المستويات المنخفضة من السكر في الدم. وبمرور الوقت؛ تبدأ قدرة البنكرياس على إفراز الأنسولين في الانخفاض؛ مما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثانية، لذا تظل مقاومة الأنسولين سمةً رئيسية لمرض السكري من النوع الثاني.
اقرأ أيضاً: مرض السكري: دليلك للتعرق عليه والوقاية منه
أعراض مقاومة الأنسولين
لا تظهر أعراض مقاومة الأنسولين عادةً حتى يتطور مرض السكري؛ إذ أفاد مركز السيطرة على الأمراض أن 90% من الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري لا يدركون أن لديهم هذه الحالة.
يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين أيضاً إلى المشكلات الصحية التالية:
- «الشواك الأسود»: يمكن أن تتطور حالة الجلد هذه لدى الأشخاص الذين يعانون من مقاومة الأنسولين؛ إذ يعتقد بعض الخبراء أن تراكم الأنسولين داخل خلايا الجلد قد يتسبب في الإصابة بالشواك الأسود؛ وهي عبارةٌ عن بقعاً داكنة تتشكل على الفخذ والإبطين والجزء الخلفي من الرقبة. لا يوجد علاج لهذه الحالة؛ ولكن إذا تسببت حالة أخرى في ذلك، فقد يساعد العلاج في استعادة لون البشرة الطبيعي.
- متلازمة تكيّس المبايض: يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين إلى تفاقم أعراض متلازمة تكيس المبايض؛ والتي يمكن أن تشمل دورات الحيض غير المنتظَمة والعقم والفترات التي تسبب الألم.
يربط الأطباء أيضاً بين المستويات المرتفعة من الأنسولين في الدم وزيادة خطر الإصابة بأمراض الأوعية الدموية؛ مثل أمراض القلب، حتى بدون وجود مرض السكري.
إذا كنت مصاباً بمقدمات السكري، فمن المهم أن تراجع طبيبك باستمرار؛ حيث سيقوم بشكلٍ روتيني بمراقبة نسبة السكر في الدم أو الهيموغلوبين حتى يتمكن من التعرف على ما إذا كنت قد أُصبت بمرض السكري، وإذا لم تكن لديك أعراضٌ واضحة؛ يمكن للطبيب عادةً اكتشاف مقدمات السكري أو مرض السكري من خلال الاختبارات المخبرية.
على الرغم من أن الأطباء لا يختبرون عادةً مقاومة الأنسولين؛ إلا أنّ الاختبار الأكثر دقة هو مشبك الأنسولين لسكر الدم؛ والذي يُستخدم لأغراض البحث.
أعراض مقاومة الأنسولين عند النساء
غالباً ما تعاني النساء المصابات بمقاومة الأنسولين من أعراضٍ قليلةٍ -إن وُجدت-، وعندما يفعلن، فإنّ تلك الأعراض لا تختلف عن تلك التي تعاني منها أي امرأة أخرى مصابة بهذه الحالة، وقد تشمل الأعراض ما يلي:
- الرغبة الشديدة في تناول الحلويات والأطعمة المالحة.
- سواد الجلد في الفخذ أو الإبط أو خلف الرقبة.
- الإعياء.
- كثرة أو زيادة التبول.
- زيادة الجوع أو العطش.
- إحساس بوخز في اليدين والقدمين.
إذا كنتِ تعانين من هذه الأعراض، فمن المحتمل أن يطلب طبيبك إجراء اختبارات الدم لمعرفة مدى تعامل جسمك مع السكر، وتشمل هذه اختبارات مستوى الغلوكوز الصائم واختبارات تحمّل الغلوكوز.
أسباب مقاومة الأنسولين
تساهم العديد من العوامل في مقاومة الأنسولين، ويُعتقد أن أحدها هو زيادة مستويات الدهون في الدم؛ إذ تشير العديد من الدراسات إلى أن الكميات الكبيرة من الأحماض الدهنية الحرّة في الدم تتسبب في توقف الخلايا عن الاستجابة بشكلٍ صحيح للأنسولين.
السبب الرئيسي لارتفاع الأحماض الدهنية الحرة هو تناول الكثير من السعرات الحرارية وحمل الدهون الزائدة في الجسم. في الواقع؛ يرتبط الإفراط في تناول الطعام وزيادة الوزن والسمنة ارتباطاً وثيقاً بمقاومة الأنسولين.
قد تطلق الدهون الحشوية؛ وهي دهون البطن الخطيرة التي تتراكم حول أعضائك، العديد من الأحماض الدهنية الحرة في الدم، بالإضافة إلى الهرمونات الالتهابية التي تزيد من مقاومة الأنسولين، وعلى الرغم من أن هذه الحالة أكثر شيوعاً بين أولئك الذين يعانون من زيادة الوزن؛ إلا أن الأشخاص ذوي الوزن المنخفض أو الطبيعي يكونون عرضةً للإصابة كذلك.
تشمل الأسباب المحتمَلة الأخرى لمقاومة الأنسولين ما يلي:
- الفركتوز: تم ربط تناول الفركتوز العالي -من السكر المضاف وليس الفاكهة- بمقاومة الأنسولين في كل من الجرذان والبشر.
- الالتهابات: قد تؤدي زيادة الإجهاد التأكسدي والالتهابات في جسمك إلى هذه الحالة.
- الخمول: يزيد النشاط البدني من حساسية الأنسولين، بينما يؤدي عدم النشاط إلى مقاومة الأنسولين.
- جراثيم الأمعاء: تشير الدلائل إلى أن اضطراب البيئة البكتيرية في أمعائك يمكن أن يسبب التهاباً يؤدي إلى تفاقم مقاومة الأنسولين ومشاكل التمثيل الغذائي الأخرى.
علاوةً على ذلك؛ قد تكون العوامل الجينية والاجتماعية المختلفة من العوامل المساهمة؛ إذ تتعرض الشعوب السوداء والإسبانية والآسيوية لخطرٍ كبيرٍ بشكلٍ خاص.
اقرأ أيضاً: الأنسولين الذكي: مفتاح العلاج الثوري لمرض السكري
علاج مقاومة الأنسولين
من السهل جداً تقليل مقاومة الأنسولين وعلاجها، ومن المثير للاهتمام أنه يمكنك غالباً عكس هذه الحالة تماماً عن طريق تغيير نمط حياتك بالطرق التالية:
- ممارسه الرياضة: قد يكون النشاط البدني هو أسهل طريقة لتحسين حساسية الأنسولين؛ إذ تكون آثاره فوريةً تقريباً.
- خسارة دهون البطن: من الضروري استهداف الدهون التي تتراكم حول أعضائك الرئيسية عن طريق التمارين وغيرها من الأساليب.
- الكف عن التدخين: يمكن أن يسبب تدخين التبغ مقاومة الأنسولين، لذلك يجب أن يساعد الإقلاع عن التدخين في التخلص من الحالة.
- التقليل من تناول السكر: حاول تقليل تناول السكريات المضافة - خاصةً من المشروبات المحلاة بالسكر.
- الأكل جيداً: تناول نظاماً غذائياً يعتمد في الغالب على الأطعمة الكاملة غير المصنّعة، وأضف المكسرات والأسماك الدهنية.
- تناول أحماض أوميغا -3 الدهنية: قد تقلل هذه الدهون من مقاومة الأنسولين، وكذلك تقلل الدهون الثلاثية في الدم.
- تناول المكملات: قد يعزز البربرين حساسية الأنسولين ويقلل من نسبة السكر في الدم، كما قد تكون مكملات المغنيزيوم مفيدةً أيضاً.
- النوم جيداً: تشير بعض الأدلة إلى أن قلة النوم تسبب مقاومة الأنسولين، لذا فإن تحسين نوعية النوم يجب أن يساعد على تخفيف الحالة.
- الحد من التوتر: حاول إدارة مستويات التوتر لديك إذا شعرت بالارتباك بسهولة. قد يكون التأمل مفيداً بشكلٍ خاص.
- التبرع بالدم: ترتبط المستويات العالية من الحديد في الدم بمقاومة الأنسولين، وبالنسبة للرجال وللنساء. لذا؛ قد يؤدي التبرع بالدم إلى تحسين حساسية الأنسولين.
- الصوم المتقطع: قد يؤدي اتباع نمط الأكل هذا إلى تحسين حساسية الأنسولين لديك.
يُصادف أن معظم العادات في هذه القائمة مرتبطة أيضاً بالصحة الجيدة ككل والعمر الطويل والحماية من الأمراض، ومع ذلك، فمن الأفضل استشارة مقدم الرعاية الصحية الخاص بك بشأن الخيارات المتاحة لك؛ إذ يمكن أن تكون العلاجات الطبية المختلفة فعالةً أيضاً.
رجيم مقاومة الأنسولين
عندما يتعلق الأمر بالوقاية من مرض السكري أو حتى مقاومة الأنسولين، يمكن لنظامك الغذائي أن يحدث فرقاً كبيراً. وإذا كنت مصاباً بالفعل، فقد يساعدك تغيير النظام الغذائي على إدارة الإصابة بشكلٍ أفضل.
يحافظ المزيج الصحيح من الأطعمة على الأنسولين وسكر الدم تحت السيطرة. عندما تكون لديك مقاومة للأنسولين، فإن هذا التوازن يخرج عن السيطرة؛ إذ يصعب على جسمك حرق الأطعمة للحصول على الطاقة، وعندما يتراكم الكثير من السكر في مجرى الدم، فقد تكون في طريقك للإصابة بمقدمات السكري أو السكري من النوع الثاني
لا تحتاج إلى أطعمة خاصة للنظام الغذائي المقاوم للأنسولين. باختصار؛ كل ما عليك هو أكل كميات أقل من الدهون غير الصحية والسكر واللحوم والنشويات المصنعة والمزيد من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة والأسماك والدواجن الخالية من الدهون؛ لكن قد يكون من الصعب تغيير العادات، لذا ضع في اعتبارك بعض النصائح البسيطة قبل أن تبدأ.
اتبع عاداتٍ صحيةً
لن يساعدك اتباع نظام غذائي قاسٍ؛ بل يتعلق الأمر بتغيير نهجك في الطعام. تقدّم ببطء وابنِ عادات جديدة يمكن أن تصبح دائمة؛ ربما يمكنك البدء بشرب كمياتٍ أقل من المشروبات الغازية السكرية، أو الإقلاع عنها كلياً.
لا تفوت وجبات الطعام
قد تعتقد أن تفويت وجبة ما يعني سعرات حراريةً أقل وفقداناً أكبر للوزن؛ هذا فقط يجعل مستويات الأنسولين والسكر في الدم تتأرجح صعوداً وهبوطاً، ويمكن أن يؤدي إلى زيادة دهون البطن؛ مما يجعل جسمك أكثر عرضةً لمقاومة الأنسولين كما ذكرنا أعلاه.
ركز على السعرات الحرارية والجودة
لا توجد إجابات واضحة حاسمة للجدل حول أفضل مزيج من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون. أفضل رهان هو مراقبة إجمالي السعرات الحرارية الخاصة بك وجعلها ذات قيمة، لذا تخطى الأرز الأبيض واستخدم الحبوب الكاملة بدلاً عن ذلك.
اقرأ أيضاً: انخفاض السكر في الدم: دليلك للأعراض والأسباب والعلاج
نوّع في وجباتك
لا يوجد طعام سحري من شأنه إصلاح كل شيء، لذا عليك تنويع ما تأكله. عندما يكون لديك الخيار، اختر الطعام الذي يحتوي على المزيد من الفيتامينات والمعادن والألياف.
ما الذي يجب عليك أكله؟
عند تحديد الوجبات والوجبات الخفيفة بينها، إليك ما تهدف إليه.
الكثير من الخضار: تناول الخضروات ذات الأوراق الخضراء الداكنة؛ مثل السبانخ، فهي منخفضة الكربوهيدرات والسعرات الحرارية، ومليئة بالعناصر الغذائية، لذلك يمكنك أن تأكل بقدر ما تريد.
الخضروات الطازجة هي الأفضل دوماً، فإذا تم تجميدها أو تعليبها؛ تأكد من عدم وجود دهون أو ملح أو سكر مضاف، واحترس من الخضروات النشوية؛ مثل البطاطس والبازلاء والذرة، فلديها المزيد من الكربوهيدرات، لذلك عاملها مثل الحبوب، ولا تبالغ في تناولها.
الكثير من الفاكهة: مليئة بالفيتامينات والمعادن والألياف، فهي خيار رائع آخر. وبإمكانك إضافة التوت إلى الزبادي العادي الخالي من الدسم لتحويله إلى حلوى.
مرةً أخرى؛ الطازج هو الأفضل. تأكد من تجنب الفواكه المعلبة مع إضافة القطر، وتذكر أن الفواكه تعد من الأغذية الغنية بالكربوهيدرات.
احصل على نسبة عالية من الألياف: عندما تأكل أكثر من 50 غراماً من الألياف يومياً، فهذا يساعد على موازنة نسبة السكر في الدم. اللوز والفاصوليا السوداء والبروكلي والعدس ودقيق الشوفان كلها أغذية غنية بالألياف.
الكربوهيدرات المحدودة: يمكنك أن تأكل الكربوهيدرات؛ لكن قلل منها واختر بحكمة. اختر الكربوهيدرات في الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والفول ومنتجات الألبان قليلة الدسم بدلاً عن الأطعمة المصنّعة؛ مثل الخبز الأبيض والمعكرونة، والحبوب الكاملة التي لم يتم تحويلها إلى دقيق أفضل. لذلك في وجبة الإفطار، اختر الشوفان على الخبز المحمص.
البروتين الخالي من الدهون: يجب عليك التأكد من الحصول على ما يكفي من البروتين؛ ولكن ليس عندما يكون محمّلاً بالدهون. قلّل من لحم البقر والضأن واللحوم الحمراء بشكلٍ عام والتزم بمصادر البروتين الأخرى مثل اللحوم البيضاء؛ كالدجاج والأسماك، والأجبان قليلة الدسم والفول والعدس.
الدهون الصحية: يمكن أن يؤدي استبدال الدهون المشبعة والدهون غير الصحية بأخرى صحية إلى تقليل مقاومة الأنسولين؛ وهذا يعني تقليل اللحوم ومنتجات الألبان كاملة الدسم والزبدة والمزيد من زيوت الزيتون وعباد الشمس والسمسم.
ما الذي يجب الحد منه أو تجنبه؟
ابذل قصارى جهدك للابتعاد عن:
الأطعمة المصنّعة: التي غالباً ما تحتوي على السكر والدهون والملح، وإذا كانت متوفرة في علب وصناديق وأغلفة أخرى، فمن المحتمَل أن تكون قد تمت معالجتها.
الدهون المشبعة والمتحولة: يمكن أن تعزز مقاومة الأنسولين، وتأتي هذه العناصر بشكلٍ أساسي من الأغذية ذات المصادر الحيوانية؛ مثل اللحوم والجبن، وكذلك الأطعمة المقلية في زيوت مهدرجة جزئياً.
المشروبات المحلاة: مثل الصودا ومشروبات الفاكهة والشاي المثلج؛ والتي يمكن أن تزيد من وزنك؛ وبالتالي من احتمال إصابتك بمقاومة الأنسولين.