الثدي المتضخم أو غير المسطح عند الرجال (التثدي الذكوري) مشكلة شائعة وكثيراً ما تسبب الإزعاج والضيق وقلة الثقة في النفس في بعض الأحيان. فما السبيل للتخلص منها؟ في الواقع، تتعلق طريقة التخلص منها بالسبب الذي أدّى إلى نشوئها في المقام الأول. لذا، سنخصص هذا المقال لتوضيح أسباب هذه الظاهرة، ومن ثَمَّ تحديد الطرق اللازمة للتخلص منها.
اقرأ أيضاً: إليك أبرز الحقائق حول إصابة الرجال بالتثدي وسرطان الثدي
ما هو التثدي عند الرجال؟
التثدي (Gynecomastia) هو تضخم أنسجة الثدي الغدية عند الذكور، ويحدث نتيجة خلل هرموني بين هرمون الإستروجين (الذي يعزز نمو أنسجة الثدي) والتستوستيرون (الذي يثبّطه)، ما يؤدي إلى زيادة في نمو أنسجة الثدي. ينبغي هنا التفريق بين هذا النوع من التثدي وبين التثدي الكاذب (Pseudogynecomastia)؛ وهو تضخم في منطقة الثدي ناتج في المقام الأول عن ترسب الدهون وزيادة حجم الأنسجة الدهنية وليست الأنسجة الغدية.
ما أسباب التثدي عند الذكور؟
في الحالة الطبيعية، ينتج جسم الرجل هرمون التستوستيرون الجنسي المسؤول عن كتلة العضلات وشعر الجسم على نحو رئيسي، في حين ينتج كميات قليلة من هرمون الإستروجين المسؤول عن بعض الصفات من بينها نمو الثديين. في حال ارتفعت مستويات هرمون الإستروجين مقارنة بالحالة الطبيعية أو انخفضت مستويات هرمون التستوستيرون مقارنة بهرمون الإستروجين، فإن أنسجة الثدي تتضخم. أمّا أهم الحالات التي تسبب هذه الاختلالات الهرمونية فهي:
التغيُّرات الهرمونية الطبيعية
قد تحدث طبيعياً عند الأطفال الرضع نتيجة تلقي بعض من هرمون الإستروجين من جسم الأم في أثناء الحمل، لكن غالباً ما يختفي بعد 2-3 أسابيع من الولادة. بالإضافة إلى ذلك، تسبب التغيُّرات الهرمونية التي تحدث في أثناء فترة البلوغ ظهور التثدي أحياناً، لكن غالباً ما يزول النسيج المتضخم عادة دون علاج خلال مدة 6 أشهر إلى عامين. ويذكر أيضاً أنه مع تقدم الرجال في العمر، تنخفض مستويات هرمون التستوستيرون غالباً، ما قد يسهم في التثدي.
تناول بعض الأدوية
قد تؤثّر بعض الأدوية في مستويات الهرمونات في الجسم على نحو يسهم في ظهور التثدي عند الذكور، ومنها:
- مضادات الأندروجينات المستخدمة في علاج تضخم البروستاتا وسرطان البروستاتا.
- الستيروئيدات والأندروجينات البنائية المستخدمة في علاج تأخر البلوغ لدى الذكور، وفقدان العضلات الناجم عن مرض آخر.
- بعض الأدوية المستخدمة في علاج اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
- بعض الأدوية المضادة للقلق.
- العقاقير الأفيونية المفعول المستخدمة في علاج الألم المزمن.
- بعض الأدوية المستخدمة في علاج الصرع.
- بعض مضادات الاكتئاب.
- بعض أنواع المضادات الحيوية.
- بعض أنواع أدوية القرحة المعدية المتاحة دون وصفة طبية؛ مثل الأوميبرازول والسميتيدين.
- العلاج الكيميائي لأمراض السرطان.
- بعض أنواع أدوية القلب مثل حاصرات قنوات الكالسيوم.
اقرأ أيضاً: إليك دليلاً شاملاً عن ارتفاع هرمون الحليب ومخاطره لدى النساء والرجال
وجود بعض الحالات الصحية
يمكن لبعض الحالات الصحية أن تسبب خللاً في التوازن الهرموني للجسم، ما قد يسبب حدوث التثدي الذكوري؛ مثل:
- قصور الغدد التناسلية الناجمة عن بعض الحالات المرضية مثل متلازمة كلاينفلتر أو قصور الغدة النخامية.
- الأورام السرطانية خصوصاً تلك التي تؤثّر في الغدد الكظرية أو الخصيتين.
- فرط نشاط الغدة الدرقية.
- الفشل الكلوي.
- أمراض الكبد.
- سوء التغذية، فعندما لا يحصل الجسم على ما يحتاج إليه من العناصر الغذائية، تنخفض مستويات التستوستيرون في الجسم في حين تظل مستويات الإستروجين على حالها.
نمط الحياة
قد يسبب النظام الغذائي المرتفع السعرات الحرارية مع عدم ممارسة الرياضة زيادة تراكم الدهون في الثدي، بالإضافة إلى أن زيادة الدهون في الجسم تسهم في خفض مستويات هرمون التستوستيرون عن طريق زيادة إنزيم الأروماتيز (إنزيم يحوِّل الهرمونات الذكرية إلى الإستروجين)؛ إذ إن الأنسجة الدهنية هي الأنسجة الرئيسية التي يتحول فيها هرمون التستوستيرون إلى هرمون الإستروجين بواسطة إنزيم الأروماتيز.
علاوة على أن الإفراط في تناول الكحول قد يتداخل مع وظائف الكبد والتمثيل الغذائي للهرمونات، ما يؤدي إلى زيادة مستويات هرمون الأستروجين. وقد تنتج هذه الحالة عن الاستخدام المكثّف لبعض المنتجات العشبية، مثل زيت شجرة الشاي أو زيت اللافندر، أو منتجات الرعاية الذاتية التي تحتوي على هذه الزيوت، وذلك بسبب احتوائها على بعض المُركّبات التي تحاكي هرمون الإستروجين.
بالإضافة إلى ذلك، تقول طبيبة الجراحة التجميلية والترميمية، سلمى الحمد، إن من أسباب انتشار التثدي عند الرجال في هذه الفترة، الهرمونات التي تُؤخذ في الأندية الرياضية، إذ كما ذُكِر آنفاً، تسهم الستيروئيدات البنائية المتناولة بهدف تعزيز الكتلة العضلية وتحسين الأداء الرياضي في التثدي.
اقرأ أيضاً: أبرز العلامات المنذرة بحدوث الصلع لدى الرجال والخيارات العلاجية المتاحة
كيفية التخلص من التثدي
ينبغي معرفة أن التثدي على الرغم من كونه مزعجاً فإنه لا يسبب عادةً أي أعراض خطيرة، لكن في حال الشك بوجود حالة صحية كامنة ما؛ مثل مشكلة في الخصيتين أو فرط نشاط الغدة الدرقية، فمن الأفضل زيارة الطبيب.
كما أن زيارة الطبيب تصبح ضرورية في حال وجود إفرازات من الحلمتين أو وجود كتلة في الثدي أو ألم كبير فيه. عموماً، قد تساعد الطرق التالية على معالجة التثدي أو تقليله، وذلك بناءً على السبب الذي أدّى إلى نشوئه، وتشمل:
تغييرات نمط الحياة والنظام الغذائي
قد يساعد خفض الوزن وتقليل الدهون الإجمالية في الجسم على تصغير حجم الثديين إلى حد ما، خصوصاً في حال كانت الحالة ناتجة عن الأنسجة الدهنية الزائدة (تثدي الرجل الكاذب). لذلك، يوصى باتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة.
ومن العناصر الغذائية المهمة في تعزيز إنتاج هرمون التستوستيرون هي البروتين وفيتامين د والزنك، أمّا الأطعمة التي تعزز إنتاج هرمون التستوستيرون فمنها صفار البيض والمحار والتونة. ويجب الإشارة إلى أن ثمة بعض الأطعمة التي تنتج موادَّ تحاكي هرمون الأستروجين في الجسم تُسمَّى الإستروجينات النباتية (Phytoestrogens). وعلى الرغم من أن تأثير هذه المواد في الجسم ما زال يحتاج إلى المزيد من الأبحاث، ولكن تقليل استهلاك الأطعمة التي تحتوي على الإستروجينات النباتية قد يساعد على تحسين نسبة هرموني التستوستيرون إلى الإستروجين. تُعدّ الصويا والبقوليات وجذر العرقسوس من أهم المصادر الشائعة للإستروجين النباتي.
بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية مدة لا تقل عن 150 دقيقة في الأسبوع، والجمع بين تمارين الكارديو مثل الجري أو السباحة أو ركوب الدراجات، مع تمارين القوة التي تساعد على بناء عضلات الصدر والكتفين والظهر. كما يُنصح بالامتناع عن استهلاك الكحول أو تقليله، مع تعلُّم استراتيجيات التعامل مع التوتر، والحرص على النوم مده لا تقل عن 7 ساعات في الليلة الواحدة.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة تكشف العلاقة بين دهون البطن والتدهور المعرفي لدى الرجال في منتصف العمر
العلاج الطبي غير الجراحي
يركّز نهج العلاج عموماً على معالجة السبب الجذري للحالة. فيما يلي بعض العلاجات غير الجراحية التي قد يوصي بها الطبيب:
- الأدوية: قد يصف الأطباء الأدوية المعتمدة لحالات أخرى ولكنها قد تكون فعّالة في علاج التثدي. من هذه الأدوية: رالوكسيفين (Raloxifene) وتاموكسيفين (Raloxifene)، وهي أدوية تُستخدم عادةً في علاج سرطان الثدي.
- تبديل الأدوية: إذا وُجِد شك في أن أحد الأدوية المتناولة يسبب التثدي، فقد يُغيّر الطبيب الدواء أو يعدّل الجرعة لتخفيف الأعراض.
- العلاج بالتستوستيرون: بالنسبة للأفراد الذين يعانون انخفاضاً في مستويات هرمون التستوستيرون عن الحدود الطبيعية، قد يوصي الطبيب بالعلاج ببدائل التستوستيرون من أجل تعزيز مستويات الهرمون. قد يكون العلاج على شكل حقن أو مواد هلامية جلدية (جل) أو لصاقات جلدية.
- علاج الحالات الصحية الأساسية: إذا كان التثدي ناتجاً عن مشكلات صحية أخرى، فإن علاج هذه الحالات مباشرة قد يقلل تضخم الثدي.
الجراحة
إن كان التثدي مزعجاً جداً ولم تنفع معه الحلول الأخرى، فثمة خياران جراحيان يمكن اللجوء إليهما في علاج هذه الحالة، وهما:
- شفط الدهون: يزيل هذا الإجراء الدهون الزائدة ولكن ليس أنسجة غدد الثدي نفسها. يُستخدم عادةً عندما يكون التثدي ناتجاً عن الرواسب الدهنية في المقام الأول.
- استئصال الثدي: تزيل الجراحة أنسجة غدد الثدي. يمكن إجراؤه باستخدام تقنيات طفيفة التوغل مع شقوق صغيرة ووقت تعافٍ أقل.