اكتشف فريق من الباحثين من مستشفى ماساتشوستس العام بريغهام أن تناول لبن الزبادي بانتظام على المدى الطويل، قد يقلل خطر الإصابة بنوع معين من سرطان القولون والمستقيم، وذلك فقط عندما تحتوي الأورام على أحد أنواع بكتيريا البروبيوتيك المفيدة. ما قد يجعل من تأثير الزبادي على بكتيريا الأمعاء مفتاحاً للوقاية.
العلاقة بين البروبيوتيك وسرطان القولون والمستقيم
حسب منظمة الصحة العالمية، يُنهي سرطان القولون والمستقيم حياة ما يزيد على 900 ألف مريض كل عام حول العالم، وهو ثالث أكثر أنواع السرطانات شيوعاً في أنحاء العالم، ويشكل المصابون به نسبة 10% من المصابين بالسرطان جميعهم.
يمكن لعوامل، مثل الخمول والتدخين والسمنة والإفراط في استهلاك الكحول وتناول كميات كبيرة من اللحوم المصنعة وقلة تناول الفواكه والخضروات، أن تزيد خطر إصابة الشخص بسرطان القولون والمستقيم. وعلى العكس من ذلك، يرتبط اتباع نظام غذائي صحي غني بالألياف، يحتوي الكثير من الفواكه والخضروات الطازجة والحبوب الكاملة والكالسيوم ومنتجات الألبان بانخفاض خطر الإصابة به.
باتت العلاقة بين النظام الغذائي وبكتيريا الأمعاء وتطور السرطان معروفة جيداً. فالزبادي الغني بالبروبيوتيك يعزز صحة الأمعاء وجهاز المناعة، ويقلل مخاطر الإصابة بمرض السكري من النوع 2 وأمراض القلب والأوعية الدموية واضطرابات الجهاز الهضمي.
بالإضافة إلى ذلك، سلطت عدة أبحاث، تمت مراجعة بعضها عام 2022، الضوء على أهمية لبن الزبادي في خفض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم، ويعود السبب إلى أنه يحسن توازن ميكروبيوم الأمعاء ويقوي بطانة الأمعاء، وبالتالي يمنع البكتيريا الضارة من التسلل إلى الأنسجة، وزيادة الالتهابات التي تزيد بدورها خطر الإصابة بسرطان القولون.
اقرأ أيضاً: بحث من جامعة الشارقة يكشف عن نبات شائع في المنطقة العربية بقدرات علاجية لسرطان القولون
دراسة تسلّط الضوء على الزبادي باعتباره عامل وقاية محتملاً لسرطان القولون
مؤخراً، وجد الباحثون في دراسة منشورة في دورية "غوت ميكروبس" (Gut Microbes) أن تناول الزبادي مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بنوع محدد من سرطان القولون والمستقيم، وهو النوع الذي تحتوي أورامه على بكتيريا البيفيدوباكتيريوم (Bifidobacterium) المفيدة، وخاصة في القولون القريب.
أجرى الباحثون الدراسة على بيانات أكثر من 130 ألف مشارك في الولايات المتحدة الأميركية. تضمنت البيانات معلومات مفصلة عن النظام الغذائي وأسلوب الحياة والصحة للمشاركين على مدى عدة عقود، واستهلاكهم الأسبوعي والشهري للزبادي. بالإضافة إلى بيانات عن إصابتهم بسرطان القولون والمستقيم أو عدم إصابتهم به، مع عينات الأنسجة لحالات الإصابة المؤكدة.
في عينات الأنسجة، بحث علماء الأمراض عن بكتيريا "البيفيدوباكتيريوم"، وصنّفوا الأورام على أنها إيجابية للبكتيريا أو سلبية. كما نظرت الدراسة في موقع السرطان، وميزت بين سرطان القولون القريب والقولون البعيد والمستقيم. يحدث سرطان القولون القريب في الجانب الأيمن من القولون وقد تكون قابلية بقاء المصابين به على قيد الحياة أقل من المصابين بالسرطانات التي تحدث في القولون البعيد، والذي يقع في الجانب الأيسر.
بعد ذلك، درس الباحثون العلاقة بين الإصابة بالسرطان ووجود بكتيريا "البيفيدوباكتيريوم"، بالإضافة إلى عوامل مثل العمر والنشاط البدني والتدخين وتناول الكحول ووزن الجسم واستهلاك اللحوم الحمراء والمصنّعة وتناول الفيتامينات.
اقرأ أيضاً: دراسة: الملونات الصناعية قد تسبب سرطان القولون والمستقيم
في النتيجة، ومن بين العينات، عثر الباحثون على أورام إيجابية للبيفيدوباكتيريوم في 31% فقط من حالات سرطان القولون والمستقيم، وهذا يدل على أن تناول الزبادي مرتين أسبوعياً على الأقل على المدى الطويل يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم الإيجابي للبيفيدوباكتيريوم فقط، وخاصة في القولون القريب.
يرجح الباحثون أن الفوائد المحتملة للزبادي ترتبط بدورها في دعم وظيفة حاجز الأمعاء، وليس زيادة مستويات بكتيريا البيفيدوباكتيريوم في الأورام. على الرغم من ذلك، يوصي الباحثون بإجراء المزيد من الدراسات لتأكيد هذه العلاقة.
من جهة أخرى، لم يقلل تناول الزبادي خطر الإصابة بسرطان القولون والمستقيم السلبي للبيفيدوباكتيريوم. كما لم تركز الدراسة على أنواع البكتيريا المفيدة الأخرى الموجودة في الزبادي.
اقرأ أيضاً: هل يعد اللبن الزبادي صحياً فعلاً؟ تحقق من ذلك بنفسك
يُذكر أن البشر يتناولون لبن الزبادي منذ آلاف السنين، وقد اكتشفوا فوائده الكبيرة المعززة للصحة. فبالإضافة إلى تعزيز ميكروبيوم الأمعاء، يساعد الزبادي على تقليل الالتهابات، ويحتوي على الدهون الصحية ومجموعة من العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن التي تشكل عنصراً أساسياً في صحة الأمعاء. ومع ذلك، يُنصح بالابتعاد عن الزبادي الذي يحتوي المُنكّهات والسكر المضاف، والتي يمكن استبدالها بإضافة بعض التوت أو الموز أو أي فاكهة أخرى لتعزيز النكهة.