ما هو الفرق بين زراعة الأسنان الفورية والتقليدية؟ وأيهما أفضل؟

5 دقيقة
حقوق الصورة: shutterstock.com/NMK-Studio

أحدثت زراعة الأسنان ثورة في مجال طب الأسنان الترميمي، من خلال تقديم حل موثوق ودائم للأسنان المفقودة، لكن طريقة زرع الأسنان التقليدية تتطلب أسابيع وعدة أشهر قبل أن تتمكن من الابتسام بكل ثقة من جديد. في المقابل، تتوفر اليوم طريقة زرع الأسنان الفوري، أو ما يُعرف بزرعات اليوم الواحد، لكن لا تناسب هذه الطريقة الجميع، فما هو الفرق بين زراعة الأسنان الفورية والتقليدية؟ وأيهما أفضل؟

إن فهم الاختلافات بين هاتين الطريقتين يمكن أن يساعدك على اتخاذ قرار مستنير بشأن الخيار الأفضل لاحتياجات صحة الفم لديك.

ما هي زرعات الأسنان التقليدية؟

تُستخدم زراعة الأسنان لاستبدال الأسنان المفقودة، سواء بسبب التسوس أو الإصابة أو لأسباب أخرى، حيث توفّر حلاً مستقراً وطويل الأمد مقارنة بالعلاجات البديلة مثل أطقم الأسنان والجسور السنية، وتساعد على استعادة وظيفة الفم؛ مثل المضغ والعض والكلام، بالإضافة إلى تحسين مظهر الأسنان وجماليتها.

تعمل الزرعات عمل جذور اصطناعية يزرعها الطبيب في عظم الفك جراحياً، لتوفير الدعم والقاعدة الصلبة للأسنان البديلة، وتُصنع من مواد متوافقة حيوياً مثل التيتانيوم وأوكسيد الزركونيوم والذهب والكوبالت والمواد الخزفية.

تتكون الزرعة السنية من 3 أجزاء هي:

  • البرغي المعدني الذي يُزرع في عظم الفك.
  • أعمدة الدعم المعدنية، وهي عبارة عن امتداد معدني تُثبت فوق البرغي. 
  • تاج السن أو الجسر أو طقم الأسنان، والذي يوضع فوق الدعامة.

يحدد طبيب الأسنان عموماً خطة العلاج بعد تقييم صحة الفم، ومدى قابلية اللثة وعظم الفك لعملية الزرع. حيث يتضمن الإجراء الجراحي الخطوات التالية:

  1. إزالة الأسنان التالفة وجذور الأسنان في حال وجودها، تليها فترة شفاء تصل إلى نحو 3-4 شهور، للسماح للعظام واللثة بالشفاء تماماً قبل وضع الزرعة. 
  2. تطبيق التخدير الموضعي ثم إجراء شق صغير في اللثة في منطقة الزرع لحفر عظم الفك وغرس الزرعة السنية فيه. يليه تقطيب اللثة موقع الجراحة. تستمر هذه العملية ما بين 10-20 دقيقة. 
  3. السماح للزرعة بالاندماج في عظم الفك في عملية تُعرف بالتكامل العظمي، والتي قد تصل إلى عدة شهور. خلال هذه المدة، يمكن للمريض استخدام طقم أسنان مؤقت للسماح بتناول الطعام والتحدث بشكلٍ طبيعي مع الحفاظ على مظهر الابتسامة الكاملة، ريثما يحين موعد تركيب التاج الدائم.
  4. الكشف عن الزرعة بشق اللثة مرة ثانية، ثم ربط الدعامة بالبرغي، والتي تعمل كصلة وصل بين تاج السن الاصطناعي والبرغي.
  5. تركيب التاج أو السن الاصطناعي.

في حالات خاصة يؤدي طول مدة فقدان السن قبل تركيب الزرعة السنية إلى تدهور حالة عظم الفك، ما يستدعي إجراء عملية ترميم العظم (تطعيم العظم)، وهي عمل جراحي يتضمن وضع مادة عظمية جديدة، والتي يمكن أن تكون عظماً طبيعياً أو صناعياً أو موادَّ أخرى متوافقة حيوياً، لتحفيز النمو وإعادة بناء عظم الفك التالف أو الضعيف. وفي هذه الحالة لا بُدّ من الانتظار نحو 3 أشهر قبل وضع الزرعة السنية.

اقرأ أيضاً: زراعة الأسنان: حل دائم لمشكلة يجب ألّا تتجاهلها

مزايا زراعة الأسنان التقليدية

خلال العقود الماضية، أثبتت زراعة الأسنان التقليدية نجاحها، حيث قدّمت عدداً من المزايا، أهمها درجة استقرار ومتانة عالية وطويلة الأمد، حيث تسمح فترة الشفاء الطويلة بالتكامل العظمي القوي، وهي مناسبة لمعظم المرضى، بمن فيهم الذين يحتاجون إلى طعوم عظمية أو إجراءات تحضيرية أخرى.

سلبيات زراعة الأسنان التقليدية

ترتبط زراعة الأسنان التقليدية ببعض السلبيات، مثل:

  • يمكن أن تستغرق العملية بأكملها عدة أشهر، ما يتطلب زيارات متعددة لطبيب الأسنان.
  • قد يحتاج المريض إلى الخضوع لأكثر من إجراء جراحي.
  • نظراً إلى طول مدة الشفاء بعد خلع السن، فقد يتعرّض عظم الفك إلى التراجع والانكماش أو الانحسار، فيحتاج المريض إلى تطعيم للعظم.

الزراعة السنية الفورية

الزرعات السنية الفورية، أو ما يُعرف بزرعات اليوم الواحد، هي زرعات تسمح لك بمغادرة عيادة الأسنان بسن أو أسنان جديدة في اليوم نفسه. تتضمن العملية إجراء الزرع في جلسة واحدة مع خلع السن باستخدام تقنية التصوير عالية الجودة لإنشاء نموذج ثلاثي الأبعاد لفم المريض، بما يسمح بوضع عمود الزرعة بدقة من خلال عملية جراحية طفيفة التوغل ودون الحاجة إلى مواعيد متعددة، ثم التثبيت الفوري لتاج مؤقت أو جسر أو طقم أسنان في يوم وضع الغرسة نفسه، ما يسمح للمريض بمغادرة عيادة الأسنان بأسنان وظيفية بالكامل. خلال الِأشهر التالية، تستمر الزرعات في التكامل مع العظام، وبمجرد دمجها بالكامل، يستبدل الطبيب الترميم المؤقت بآخر دائم، مصمم خصيصاً ليتناسب مع أسنان المريض الطبيعية.

اقرأ أيضاً: هل يمكن لطبيب الأسنان أن يُنهي العلاج كلّه في جلسة واحدة؟

مزايا الزرعات السنية الفورية

لعل الفائدة الأولى التي يمكن ملاحظتها، والتي تدفع معظم المرضى إلى خيار الزرعات السنية الفورية هو أنه يمكن للمرضى الابتسام مباشرة بعد زيارة واحدة، حيث يغادر المريض العيادة بأسنان عاملة من الناحية الجمالية والوظيفة الفموية على الفور، ما يجعلها خياراً مناسباً لأولئك الذين لديهم جداول أعمال مزدحمة، والتزامات اجتماعية. عموماً، توفّر الزرعات السنية الفورية المزايا التالية:

  • الحفاظ على عظم الفك: تحافظ الزرعات السنية الفورية على عظم الفك سليماً مقارنة بالزرعات التقليدية، وتمنعه من التراجع. أشارت الدراسة المنشورة في المجلة الدولية للأشعة والعلاج الإشعاعي (International Journal of Radiology & Radiation Therapy)، إلى أن الميزة الرئيسية للزرعات الفورية عن الزرعات التقليدية، هي أنها تساعد في الحفاظ على ارتفاع وشكل حافة عظم الفك بعد خلع السن. إذ عادةً عندما يُخلع السن، يمكن أن يبدأ العظم المحيط بالتراجع والانكماش، ما يغيّر ارتفاع الحافة ومحيطها، لكن الزرعات الفورية، التي يتم وضعها بعد الخلع مباشرة، تمنع فقدان العظام هذا، وتحافظ على البنية الأصلية للحافة. ​كما أفادت الدراسة بأن وضع الزرعة مباشرة بعد خلع السن، إلى جانب تطعيم التجويف، يساعد في الحفاظ على عرض العظم.
  • المدة الزمنية: تستغرق الزرعات التقليدية مدة زمنية قد تصل حتى 9 أشهر للوصول إلى حالة شفاء تام لجرح الخلع، في المقابل لا توجد فترة شفاء في الزرعات الفورية، حيث توضع الزرعة مباشرة بعد الخلع.
  • الحفاظ على الأسنان بكامل وظيفتها وجماليتها: في حالة الزرعات الفورية، يضع طبيب الأسنان تاجاً مؤقتاً في يوم الزرعة نفسه، لذلك لن يضطر المريض أبداً إلى الاستغناء عن السن، أي سيغادر عيادة الأسنان بأسنان وظيفية وجمالية على الفور. أمّا في حالة الغرسات التقليدية، فثمة فترة شفاء قد يستخدم المريض فيها حلاً مؤقتاً مثل طقم أسنان قابل للإزالة أو لا شيء على الإطلاق حتى يركب الطبيب التاج النهائي بعد بضعة أشهر.
  • المخاطر: تتطلب زراعة الأسنان الفورية تدخلاً جراحياً أقل من الزرعات التقليدية، لذا فهي ترتبط بدرجة أقل من المخاطر مقارنة بالزرعات السنية التقليدية، إذ لا حاجة إلى حفر عظم الفك لوضع الغرسة، لأنها ستوضع في التجويف المفتوح الذي خلفه السن المخلوع.

اقرأ أيضاً: يسبب تلوث الدم: خرّاج الأسنان وعلاجه

سلبيات الزرعات السنية الفورية

على الرغم من النتائج الفورية والناجحة لعمليات الزرعات السنية الفورية، فإنها في الحقيقة لا تناسب الجميع، إذ تتطلب الزرعات الفورية توفر شروط محددة لدعم الوضع الفوري والضغط من السن الجديدة، كما أنها تزيد خطر حدوث مضاعفات مثل عدم تكامل العظم جيداً مع الغرسة.

مَن يستطيع استخدام الزرعات السنية الفورية؟

يجب أن تتوفر في المريض المؤهل لزراعة الأسنان الفورية الشروط التالية:

  • بنية عظم فك قوية؛ أي يمكنها التكامل مع الزرعة السنية، ولا تحتاج إلى ترقيع العظم.
  • كثافة عظام كافية لتوفير الدعم وتحمل الضغط من السن الجديدة.
  • غياب أي مرض في اللثة، أو عدوى في الأسنان.
  • سلامة العظم المحيط بموقع الزرعة السنية.

في المقابل لا يستطيع مَن يعاني مما يلي من الحصول على زرعات سنية فورية:

  • أمراض المناعة الذاتية.
  • المدخنون بكثرة.
  • سوء نظافة الفم.
  • الذين يعانون صرير الأسنان وأمراض اللثة.

مقارنة بين الزرعات السنية التقليدية والفورية

يعتمد الاختيار بين غرسات الأسنان التقليدية والفورية على عدة عوامل، بما في ذلك صحة الفم لدى المريض وجودة العظام والتفضيلات الشخصية. فيما يلي بعض الاعتبارات التي قد تساعد على تحديد الخيار الأفضل لك:

  • الزرعات التقليدية هي الأنسب للمرضى الذين يحتاجون إلى طعوم عظمية أو إجراءات تحضيرية أخرى.
  • الزرعات الفورية هي الأنسب في حال أراد المريض الحصول على حل سريع مع أقل عدد من الزيارات لعيادة طبيب الأسنان، والاستعادة الفورية لوظائف الأسنان وجماليتها، بشرط وجود عظم فك ذي كثافة ومتانة كافية.

عموماً، للطبيب الكلمة الفصل في تحديد مدى ملاءمة المريض لأحد خياري زراعة الأسنان دوناً عن الآخر.

 

المحتوى محمي