ملخص: شهدت الولاية الشمالية في السودان تفشياً كبيراً لالتهاب الجلد البكتيري، المعروف محلياً بـ"أبو الصميغ"، حيث أصيب 260 شخصاً. ينتقل المرض عن طريق ملامسة الشخص المصاب، ومشاركة الأدوات الشخصية. وتزيد حالات جلدية أخرى مثل الإكزيما وجفاف الجلد وضعف المناعة، خطر الإصابة بهذا الالتهاب. يُعزى انتشار هذا المرض إلى عوامل بيئية واجتماعية، مثل الفيضانات، والظروف الصحية المتردية، والاكتظاظ السكاني. يُصيب المرض الجلد مسبباً طفحاً وتورماً، ويمكن أن يتطور إلى تقرحات مليئة بالصديد أو خراجات عميقة. يُعالج التهاب الجلد باستخدام مضادات حيوية موضعية وفموية، وفقاً لشدة الحالة. ويُنصح باتباع علاجات داعمة مثل الكمادات الباردة والضمادات. للوقاية من العدوى، تُوصي وزارة الصحة السودانية بالنظافة الشخصية، وتجنب ملامسة المصابين، واستخدام ملابس واقية، إلى جانب تعزيز المناعة بالغذاء المتوازن وممارسة الرياضة.
شهدت الولاية الشمالية في السودان مؤخراً تفشياً واسعاً لمرض التهاب الجلد البكتيري، المعروف محلياً باسم "أبو الصميغ"، أسفر عن إصابة 260 شخصاً. أثار هذا المرض الجلدي سريع العدوى والانتشار قلقاً كبيراً بين السكان والسلطات الصحية على حد سواء. حيث يواجه السودان العديد من التحديات التي تعوق جهود السيطرة على هذه العدوى، من أهمها مقاومة المضادات الحيوية التي تزيد صعوبة علاج العدوى البكتيرية، وتطيل فترة العلاج، إلى جانب افتقار السودان إلى البنية التحتية الصحية والطبية الضرورية لعلاج الحالات المتقدمة ما يصعب السيطرة على انتشار الأمراض الجلدية البكتيرية، ويرفع معدلات الوفيات بين المرضى المصابين بالتهاب الجلد البكتيري في المناطق النائية.
اقرأ أيضاً: ما هي الأمراض الجلدية التي قد نُصاب بها في المسابح أو البحر؟
ما هو التهاب الجلد البكتيري؟
يُعدّ التهاب الجلد البكتيري (Bacterial Dermatitis) عدوى جلدية يمكن أن تظهر على الوجه أو الظهر أو اليدين أو الساقين، وتسبب تورماً وحمى وطفحاً جلدياً أحمر مصحوباً بحكة شديدة وألم، وقد يتطور إلى قرحات جلدية مليئة بالصديد، ويمكن أن تتفاقم العدوى إلى خراجات عميقة إذا لم تُعالج بالطريقة الصحيحة؛،ما يزيد خطر حدوث مضاعفات خطيرة مثل التسمم الدموي.
وينتقل المرض بصفة أساسية من خلال ملامسة الجلد المصاب، واستخدام الأدوات الشخصية للمصابين. ويزيد سوء النظافة الشخصية، وضعف المناعة خطر الإصابة به، ويُعدّ الأطفال دون 15 عاماً أكثر عرضة للإصابة به بسبب ضعف مناعتهم. إلى جانب ذلك، يُعدّ الأشخاص المصابون بالإكزيما أكثر عرضة للإصابة بالتهابات الجلد البكتيرية بسبب ضعف حاجز الجلد، بالإضافة إلى مَن يعانون جفاف الجلد، حيث يمكن أن يتشقق، ويمثّل نقاطاً لدخول البكتيريا.
ما هي أبرز أنواع هذه العدوى؟ وما هي العوامل التي تزيد انتشارها؟
تحدث هذه العدوى غالباً بسبب بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية (Staphylococcus aureus)، أو العقديات (Streptococcus pyogenes). ويشير استشاري الأمراض الجلدية، محمد عثمان طه، إلى أن من بين هذه الأمراض الجلدية البكتيرية المتفشية، مرض القوباء البكتيري (Impetigo)، ويوضّح أنه يتخذ عدة أشكال، منها نوع يُعرف باسم "القوباء المتقشرة" (Crusted Impetigo)، ويتسم بوجود جرح مع طبقة صفراء تشبه العسل، ولهذا السبب يُسمَّى أحياناً بـ"قشرة العسل" (Honey Crust). ويُضيف أن هناك نوعاً آخرَ يُعرف باسم "القوباء الفقاعية" (Bullous Impetigo)، حيث تظهر فقاقيع على الجلد. أمّا في الحالات الأكثر خطورة فقد يتسبب في حدوث جروح عميقة، وفي هذه الحالة يُعرف المرض باسم الإكثيمة (Ecthyma).
تشيع هذه العدوى في البيئات الرطبة والمكتظة، حيث أسهمت الأوضاع البيئية والاجتماعية الناتجة عن الفيضانات والنزاعات في انتشار هذه العدوى في السودان. تؤدي الفيضانات إلى تلوث المياه وزيادة عدد الحشرات، ما يزيد فرص انتقال العدوى، خاصة مع وجود التجمعات البشرية الكبيرة وازدحام عدد كبير من الأشخاص في المنازل. يفيد طه بأن الأعراض تظهر عادة في غضون يومين إلى ثلاثة أيام، أو قد تستغرق أسبوعاً بعد انتقال البكتيريا، ويشير إلى أن البكتيريا تُصيب بسهولة الأشخاص الذين يعانون حساسية تجاه لدغات البعوض والحشرات، لأنهم يكونون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى بسبب الطفح الجلدي الناتج من هذه اللدغات.
اقرأ أيضاً: بالصور: كيف تُميّز الأنماط الثلاثة للقوباء الجلدية؟
ما هي طرق العلاج المتاحة لالتهاب الجلد البكتيري؟
يعتمد التشخيص على الفحص السريري والاختبارات المعملية، مثل عمل زرع للجلد أو الصديد لتحديد نوع البكتيريا المسببة للعدوى. لكن في البيئات التي تعاني انعدام الخدمات الصحية مثل بعض المناطق في السودان، يُشخَّص المرض غالباً استناداً إلى الأعراض الظاهرة.
ويُعالج التهاب الجلد البكتيري بحسب شدة الحالة، ويتضمن عادة استخدام المضادات الحيوية الفموية والموضعية وتشمل:
- المضادات الحيوية الموضعية: تُستخدم الكريمات والمراهم التي تحتوي على مضادات حيوية مثل ميوبيروسين (Mupirocin) لعلاج المناطق المصابة مباشرة. وقد تُستخدم الكورتيكوستيرويدات الموضعية لتخفيف الالتهاب والحكة، لكن يجب استخدامها بحذر وتحت إشراف طبي.
- المضادات الحيوية الفموية: في الحالات الشديدة، أو عندما يكون العلاج الموضعي غير كافٍ، يمكن استخدام مضادات حيوية فموية مثل أموكسيسيلين (Amoxicillin)، أو كليندامايسين (Clindamycin).
- العلاجات الداعمة: وتتضمن، وضع كمادات باردة لتخفيف الحكة والالتهاب، أو استخدام الضمادات الرطبة في الحالات الشديدة؛ لتقليل الالتهاب وتسريع الشفاء. إلى جانب العناية الشخصية، وتنظيف الأماكن المصابة بالماء الدافئ والصابون، أو بمحلول ملحي معقم، وتجنب حك أماكن التقرح لمنع انتشار العدوى إلى أماكن أخرى في الجسم. كذلك، يُنصح بارتداء ملابس نظيفة وتهوية الأماكن المصابة لتسريع عملية الشفاء. ويُفضل عزل الأشخاص المصابين عن الآخرين حتى يتم شفاؤهم تماماً لتقليل فرص انتقال العدوى.
اقرأ أيضاً: 11 طريقة بسيطة لتخفيف الحكة والألم الناجمين عن لدغات البعوض
ما هي الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للوقاية؟
يمكن تقليل خطر الإصابة بالتهاب الجلد البكتيري من خلال اتباع الاستراتيجيات الوقائية، وتشمل السيطرة على الحشرات، واستخدام المياه النظيفة، تتضمن الإرشادات الأخرى:
- الحفاظ على النظافة الشخصية: توصي وزارة الصحة السودانية بضرورة غسل اليدين بانتظام، مدة لا تقل عن 20 ثانية، خاصة بعد ملامسة الأسطح المشتركة أو الأشخاص المصابين، واستخدام المطهرات الموضعية لتجنب انتشار العدوى. بالإضافة إلى الاستحمام اليومي باستخدام صابون مضاد للبكتيريا للمساعدة على إزالة الجراثيم من الجلد ومنع العدوى، وتجنب ملامسة المصابين، أو مشاركة الأدوات الشخصية مثل المناشف، وأمواس الحلاقة.
- علاج مشكلات الجلد الأخرى: تجنب خدش الجلد، مع ضرورة علاج الجروح والحالات الجلدية الأخرى، لتقليل خطر الإصابة بالتهاب الجلد البكتيري.
- تعزيز المناعة: يعزز تناول غذاء متوازن يحتوي على الفيتامينات والمعادن الضرورية جهاز المناعة. كذلك، تساعد ممارسة الرياضة بانتظام على تقوية جهاز المناعة والوقاية من الأمراض.
- ارتداء الملابس الواقية والتعقيم: ارتداء ملابس واقية عند التعامل مع المصابين، أو عند الوجود في أماكن مزدحمة قد تكون ملوثة، والحرص على تعقيم الأدوات والأسطح المشتركة بانتظام باستخدام مطهرات فعّالة.