تأتي معظم الفيتامينات والمعادن التي نحتاجها من الطعام الذي نتناوله، وعندما ينقص أحدها من الغذاء بشكل مستمر، سيعاني الجسم من مشاكل هضمية أو جلدية أو عصبية أو حتى الإصابة بالخرف. فإن كنت تعاني من ضيق التنفس والتعب وبالكاد تستطيع التركيز، عليك التوقف لمراجعة نظامك الغذائي، فربما تعاني من أعراض نقص فيتامين ب 12.
فيتامين ب 12
هو أحد أكثر الفيتامينات تعقيداً في بنيته الكيميائية، إذ يدخل في تركيبه أيون معدن الكوبالت؛ لذا يُطلق على مجموعة المركبات الكيميائية المشابهة بالوظيفة لفيتامين ب 12 بـ (الكوبالامين)، مثل ميثيل كوبالامين وسيانو كوبالامين وهيدروكسي كوبالامين.
يوجد فيتامين ب 12 بشكل طبيعي في الأغذية كاللحوم ومنتجات الألبان، أو يُصنع مخبرياً ويضاف إلى الأغذية لتدعيمها كما في الحليب المدعم، ويمكن أن يتوفر كمكمّل غذائي بأحد أشكال الكوبالامين الكيميائية، ويُتناول عن طريق الفم أو على شكل حقن.
طبيعياً، يوجد فيتامين ب 12 مرتبطاً بالبروتين، ويفككه حمض الهيدروكلوريك والإنزيمات في المعدة إلى الشكل الحر. لدى وصوله إلى الأمعاء، يتحد فيتامين ب 12 مع بروتين يدعى العامل الداخلي ما يسهل من عملية امتصاصه. أما مكملات فيتامين ب 12 فتحتوي على فيتامين ب 12 بالشكل الحر مباشرة، وبكميات تزيد عن الكمية الموصى بها، لذا يكون امتصاصها أسهل.
الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين ب 12 لكل من الرجال والنساء فوق عمر 14 عاماً هي 2.4 ميكروغراماً في اليوم. تزداد الكمية للنساء الحوامل إلى 2.6 ميكروغراماً، وللمرضعات إلى 2.8 ميكروغراماً.
اقرأ أيضاً: تعرف على أنواع الفيتامينات الأساسية: ما أهميتها ومن أين يمكن الحصول عليها؟
أهمية فيتامين ب 12
تحتاج جميع خلايا الجسم إمداداً ثابتاً من فيتامين ب 12، حيث يؤثر على 5 مجالات رئيسية في الجسم، وهي:
- تخليق الحمض النووي: يؤثر فيتامين ب 12 بالتعاون مع حمض الفوليك على عمل الإنزيم المسؤول عن تحويل الحمض الأميني (الهوموسيستين) إلى الحمض الأميني (الميثيونين). بدوره يؤثر الميثيونين على عملية تخليق الحمض النووي "الدنا" (DNA) و"الرنا" (RNA)، بالتالي، يلعب فيتامين ب 12 دوراً مهماً في انقسام الخلايا وتكوين كريات الدم.
- عمليات الاستقلاب لتوليد الطاقة: تحتوي الميتوكوندريا، وهي محطات توليد الطاقة في الجسم، على فيتامين ب 12 بالشكل أدينوسيل كوبالامين. يعمل الكوبالامين على تحطيم حمض الميثيل مالونيك الضار ضمن دورة حمض الستريك؛ وهي عملية استقلابية مهمة لتوليد الطاقة.
- حماية ألياف الأعصاب في الجهاز العصبي، لدوره في تكوين أغلفة الميالين المغلفة للألياف.
- تخليق الهرمونات والناقلات العصبية، ما قد يكون سبباً في تأثير فيتامين ب 12 على الحالة المزاجية والنفسية.
- إزالة السموم، مثل حمض الهوموسيستين، وهو أحد مسببات تلف الشرايين وتجلط الدم في الأوعية الدموية، وكذلك السيانيد وبعض الجذور مثل أكسيد النتريك.
يعد فيتامين ب 12 واحداً من الفيتامينات المنحلة بالماء؛ ما يعني قدرته على الانتقال مع الدم. يخزن الجسم فيتامين ب 12 لنحو 4 أعوام في الكبد، ويتراوح المخزون بين 2-4 آلاف ميكروغرام، وهو ما يمكن أن يمد الجسم بالحد الأدنى من احتياجاته اليومية (1 ميكروغرام) لمدة تصل نظرياً إلى 10 سنوات، لذا قد تستغرق آثار نقص فيتامين ب 12 عشر سنوات حتى تظهر. ولكن في حال حدوث نقص فيتامين ب 12 ستبدأ سلسلة من الأعراض الصحية بالظهور تدريجياً.
مراحل نقص فيتامين ب 12
قد يعاني الفرد من نقص فيتامين ب 12 ولكن تتوقف شدة الأعراض وحدتها على مرحلة النقص ومستواه، إذ يحدث نقص فيتامين ب 12 على المراحل التالية:
- انخفاض مستوى فيتامين ب 12 في مصل الدم.
- استنفاد الخلايا لمخزون الكبد من فيتامين ب 12، وفي هذه المرحلة تبدأ الأعراض الأولية بالظهور كالمشاكل النفسية والاكتئاب والوهن العام والتهابات الفم وغيرها.
- ضعف نشاط التمثيل الغذائي: عندما يصل فيتامين ب 12 إلى أدنى مستوياته، يطال التأثير العمليات الحيوية في الجسم، مثل تخليق الحمض النووي، ويتبعه تدهوراً عاماً في الصحة والأداء.
- مرحلة الأعراض السريرية، وهي الأشد خطورة والتي قد يكون لا رجعة فيها، فقد تسبب تلف الأعصاب أو حتى الموت، كما في حال مرض فقر الدم الخبيث.
اقرأ أيضاً: 13 نصيحة طبية من منظمة الصحة العالمية لتجعل حياتك أفضل وصحية أكثر
أسباب نقص فيتامين ب 12
السبب الرئيسي لنقص فيتامين ب 12 هو سوء امتصاصه في الجسم، ويمكن تصنيف أسباب نقص الفيتامين عامة إلى ما يلي:
- النظام الغذائي: تعدّ اللحوم والأسماك والدواجن مصدراً رئيسياً لفيتامين ب 12، لذا، فإن النباتيين هم الأكثر عرضة للإصابة بنقص فيتامين ب 12 وانخفاض مستوياته في الدم.
- سوء الامتصاص: وغالباً ما يحدث سوء الامتصاص نتيجة حالة مرضية، مثل مرض فقر الدم الخبيث، والذي يهاجم فيه جهاز المناعة خلايا الأمعاء ويتلفها، فلا يكون لبروتين العامل الداخلي وجود. في هذه الحالة ليس من المجدي تناول جرعات عالية من مكملات فيتامين ب 12، لعدم قدرة الجسم على امتصاصها. بالإضافة إلى اضطرابات الجهاز الهضمي الأخرى مثل داء كرون أو الداء الزلاقي.
- انخفاض حموضة المعدة نتيجة التقدم بالعمر، أو بسبب بعض الأدوية مثل أدوية القرحة الهضمية أو حاصرات H2 أو مضادات الحموضة، وذلك لدور حمض الهيدروكلوريك في تحرير الفيتامين، ما ينتج عنه بطء تحرر الفيتامين وانخفاض الكمية المحررة منه والقابلة للامتصاص.
اقرأ أيضاً: عقار أوريبلكس: لتعويض نقص فيتامين ب واستخدامات أخرى
أعراض نقص فيتامين ب 12
نظراً للدور المهم الذي يلعبه فيتامين ب 12 في الجسم، فإن نقصه يتسبب بمشاكل متعددة ومتفاوتة في مستوى خطورتها؛ إذ نلحظ بشكل رئيسي تراجع نشاط التفاعلات الإنزيمية التي يتدخل فيتامين ب 12 في عمل إنزيماتها، لذا ترتفع نسبة كل من حمضي الهوموسيستين، والميثيل مالونيك (MMA) في الدم، وقد يُستخدم تحري نسبتهما في الدم لتشخيص الإصابة بنقص فيتامين ب 12. من أهم أعراض نقص فيتامين ب 12:
فقر الدم الضخم الأرومات
وفيه يُنتج نخاع العظم كريات دم حمراء كبيرة غير طبيعية وغير ناضجة (أرومات ضخمة). يؤثر نقص فيتامين ب 12 على عمل الإنزيم الذي يحوّل رباعي الهيدروفولات إلى حمض الفوليك الضروري لعملية تخليق الحمض النووي، وبالتالي تُنتج الخلايا السلفية في نخاع العظم خلايا دم في وقت أبكر من الخلايا الأخرى، وتتشكل كريات دم حمراء كبيرة وغير ناضجة، قد لا تتمكن من الخروج من نخاع العظام لدخول مجرى الدم وتوصيل الأكسجين. ومن أهم أعراض فقر الدم الأرومات المرافق لنقص فيتامين ب 12 ما يلي:
- شحوب الجلد واصفراره.
- ضيق التنفس.
- الدوار.
- اضطراب ضربات القلب.
- تعب عام وضعف العضلات.
- مشاكل هضمية كالإسهال والغثيان وفقدان الشهية واحمرار اللسان.
- فقدان الوزن.
- تضخم الكبد.
أعراض عصبية
تحدث معظم الأعراض العصبية لنقص فيتامين ب 12 بشكل تدريجي، ويمكن إيجازها بما يلي:
- تنميل مع وخز في القدمين واليدين.
- صعوبة المشي.
- فقدان الذاكرة والارتباك.
- تغيرات مزاجية.
- الخرف.
أعراض الجهاز الهضمي
تتمثل بألم اللسان، وفقدان الشهية، والإمساك. على الرغم من عدم إدراك الآلية التي يتسبب بها نقص فيتامين ب 12 بهذه الأعراض، إلا أنها قد ترتبط بحالات التهاب المعدة والتدمير التدريجي لبطانة المعدة.
اقرأ أيضاً: تعرف على الأعراض الغريبة لنقص الفيتامينات
قد يصاب الفرد بنقص فيتامين ب 12 لسنوات قبل أن يدرك ما يعانيه جسمه، فعلى الرغم من أن التغذية السليمة تقلل من مخاطر نقص الفيتامين، إلا أنها ليست ضماناً لحصولك على احتياجاتك، إذاً لا ضير من زيارة الطبيب للتأكد من الحالة الصحية.