يحدُث مع التقدم في العمر، وتحديداً عند الوصول إلى مرحلة الخمسينات من العمر، العديد من التغيرات في الجسم؛ مثل الانخفاض التدريجي في كتلة العضلات والعظام وتباطؤ عملية التمثيل الغذائي. ومع ذلك، وعلى الرغم من أن الشيخوخة أمر طبيعي ولا مفر منه؛ فإن الفرد يستطيع من خلال تبني بعض العادات الإيجابية وتطبيق بعض النصائح أن يعزز الشيخوخة الصحية، والهدف الأساسي هو زيادة عدد السنوات التي يقضيها في صحة جيدة ونشاط. وإليك أهم النصائح للحفاظ على صحتك بعد سن الخمسين.
اقرأ أيضاً: إشارات تحذيرية: كيف تعرف عندما تحتاج إلى تعديل نظامك الغذائي وخطتك الرياضية بعد عمر الأربعين؟
نصائح للاهتمام بالصحة بعد سن الخمسين
ثمة العديد من العوامل التي تؤثر في الشيخوخة الصحية؛ مثل النظام الغذائي، والنشاط البدني، والتاريخ الطبي، والعوامل الوراثية، ونمط الحياة، والقدرة على الوصول إلى الرعاية الطبية. ويمكن القول إن أهم عامل يساعد على ضمان شيخوخة صحية هو اتباع نظام غذائي صحي؛ إذ يقلل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وفقدان العضلات المرتبط بالعمر، وضعف العظام، وسوء التغذية، وحالتي نقص الوزن الشديد أو زيادته. وإليك، في الفقرة التالية، كل ما تحتاج معرفته عن الأطعمة التي يجب التركيز عليها في فترة الخمسينيات.
اقرأ أيضاً: ما يجب أن تعرفه عن متلازمة مريض باركنسون وكيفية التعامل معه على المدى الطويل
الاهتمام بالنظام الغذائي
لمساعدة جسمك على التقدم في السن على نحو جيد بعد الخمسين، ينبغي إجراء بعض التغييرات على النظام الغذائي الذي تتبعه؛ إذ عليك اتباع نظام غذائي متوازن والحرص على تناول الأطعمة الكاملة قليلة المعالجة؛ مثل الحبوب الكاملة والفاكهة والخضروات الطازجة والبروتينات الخالية من الدهون والدهون الصحية، والحدّ من تناول الأطعمة فائقة المعالجة أو الغنية بالسعرات الحرارية والملح والدهون المشبعة وقليلة المحتوى بالألياف والفيتامينات والمعادن.
علاوة على ذلك، ينبغي الحرص على تناول الخضار في كل وجبة وشرب ما يكفي من الماء، وتناول ما يكفي من مضادات الأكسدة التي تعمل على تحييد الجذور الحرة، تلك الذرات أو الجزيئات شديدة التفاعل التي تؤدي إلى الاجهاد التاكسدي في حال تراكمت داخل الجسم؛ والإجهاد التاكسدي هو أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في الشيخوخة والأمراض المزمنة.
لذلك، ينبغي الحرص على تناول مضادات الأكسدة؛ مثل فيتامين E وA و C والزنك والنحاس والسيلينيوم. أما أفضل المصادر الغذائية الغنية بمضادات الأكسدة، هي الفاكهة والخضروات والمكسرات والبذور والفاكهة والشوكولاتة الداكنة والقهوة والشاي. وإليك بالإضافة إلى ما ذُكر، أهم التوصيات الخاصة بالنظام الغذائي بعد الخمسين:
- تناول ما يكفي من البروتين: يساعد البروتين على بناء كتلة العضلات والحفاظ عليها، وهو أمر أساسي لضمان الحصول على نمط حياة نشط، وتمثيل غذائي قوي، وجهاز مناعي قوي. ينبغي على الأشخاص بعد الخمسين تناول نحو 1.2-2 غرام لكل كيلوغرام من وزن الجسم يومياً. تشمل الأطعمة الغنية بالبروتين اللحوم والدواجن والأسماك والبيض.
- تناول ما يكفي من الألياف: يجب أن يحرص من يبلغ الخمسين على تناول كمية كافية من الألياف؛ إذ تبلغ الكمية الموصى بتناولها يوميا بنحو 25 غراماً للنساء و38 غراماً للرجال. تشمل الأطعمة الغنية بالألياف الخضروات والفاكهة والحبوب الكاملة؛ مثل الشوفان والأرز البني والشعير والفاصوليا والعدس.
اقرأ أيضاً: كيف تقوّي ظهرك بعد سن الأربعين؟
- تناول ما يكفي من فيتامين D: مهم لصحة العظام والمناعة، وترتبط المستويات المنخفضة منه بالاكتئاب، وسوء صحة القلب، وهشاشة العظام، وداء السكري، وتفاقم خطر تدهور القدرات العقلية. يمكن الحصول عليه من التعرض لأشعة الشمس، أو من بعض الأطعمة؛ مثل منتجات الألبان والفطر وصفار البيض والأسماك الدهنية. لكن ونظراً لأن المصادر الغذائية محدودة المحتوى بهذا الفيتامين، فمن الأفضل عموماً تناول مكملات فيتامين D بمقدار 600 وحدة يومياً أو أكثر بعد سن الـ 50، وقد يوصي الطبيب بجرعات أعلى بناء على الاحتياجات الشخصية والموقع الجغرافي. يذكر أنه لا ينبغي تناول المكملات الغذائية دون استشارة الطبيب.
- تناول ما يكفي من أحماض أوميغا 3: ترتبط الأنظمة الغذائية الغنية بأحماض أوميغا بانخفاض معدلات التدهور العقلي والأمراض العصبية؛ مثل مرض ألزهايمر والخرف، بالإضافة إلى أن هذه الأحماض تحسِّن صحة الدماغ والقلب والجلد. عموماً، تكثر الأحماض الدهنية في الأسماك الدهنية والمكسرات والبذور والزيوت. لكن تبقى الأسماك الدهنية هي المصدر الأساسي لأوميغا 3 المرتبط بمعظم الفوائد الصحية؛ لذلك وفي حال كنت لا تتناول الأسماك الدهنية بمعدل 2-3 مرات أسبوعياً، فينبغي التحدث مع أخصائي الرعاية الصحية بشأن تناول مكملات أوميغا 3.
- تناول ما يكفي من فيتامين B 12: يؤدي فيتامين B 12 دوراً أساسياً في استقلاب الطاقة وإنتاج خلايا الدم الحمراء وإصلاح الحمض النووي. لكن وبما أن قدرة الجسم تنخفض بعد سن الخمسين على امتصاص هذا الفيتامين، يصبح من المهم الحرص على تناول ما يكفي من مصادره الغذائية. يوجد في الأطعمة الحيوانية؛ مثل اللحوم والدواجن والأسماك والبيض ومنتجات الألبان. لذلك، يكون الأشخاص النباتيون أكثر عرضة لخطر انخفاض مستويات هذا الفيتامين. قد يوصي الطبيب بتناول مكمل فيتامين B 12 في حال وجود عوز به، أو في حال اتباع نظام غذائي نباتي، أو المعاناة من فقر الدم أو حالات طبية أخرى تقلِّل امتصاص هذا الفيتامين؛ مثل داء كرون أو بعض اضطرابات الهضمية.
ممارسة الرياضة
لم يفت الأوان حتى تتبنى عادات صحية جديدة، ولن يفوت الأوان قَطّ مهما بلغ الإنسان من العمر، فلا فرق بين دماغ إنسان عمره 18 عاماً وآخر يبلغ من العمر 100 عام، وفقاً لمديرة قسم الأوعية الدموية الدماغية في جامعة جونز هوبكنز الطبية (Johns Hopkins Medicine)، الطبيبة أرجي هيليس (Argye Hillis).
لذلك، يمكنك البدء الآن بعادة صحية جديدة مثل ممارسة الرياضة. في الواقع، يمكن للتمارين الرياضية أن تقلِّل خطر الإصابة بأمراض القلب، وداء السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وبعض أنواع السرطان. علاوة على أنها تعد أحد أفضل الحلول التي يمكنك تنفيذها للوقاية من الخَرَف والتغيرات المعرفية الأخرى. لذلك، استشر طبيبك، وابدأ بممارسة نشاط بدني متوسط الشدة مدة 30 دقيقة على الأقل معظم أيام الأسبوع.
اقرأ أيضاً: كيف تبني كتلة عضلية بعد سن الأربعين؟
الحصول على قسط كاف من النوم
تؤثر قلة النوم في الذاكرة والعواطف والوزن وحتى في المظهر، وكلما تقدم الإنسان في العمر، صعُب عليه الاستغراق في النوم أو الاستمرار فيه؛ لكنه ما زال يحتاج إلى القدر نفسه من الساعات الموصى به (7 ساعات على الأقل ليلياً). ومع ذلك، غالباً ما ينشأ معظم مشكلات النوم عند التقدم في السن نتيجة الشخير أو الآثار الجانبية للأدوية، أو بعض الحالات الطبية الأساسية؛ مثل الارتجاع الحمضي والاكتئاب ومشكلات البروستات؛ بالتالي تعد معالجة هذه المشكلات مع الطبيب بداية جيدة للحصول على قسط كاف من النوم. بالاضافة إلى أهمية توفير مساحة هادئة للنوم مع تقليل الضوضاء والأضواء وحرارة الجو، والذهاب إلى النوم والاستيقاظ في الموعد نفسه يومياً، وممارسة تقنيات الاسترخاء التي من شأنها أن تساعد على النوم بعمق.
اقرأ أيضاً: لماذا يشيع الإعياء بين كبار السن؟
إجراء الفحوصات الطبية الدورية
من المهم إجراء فحوصات طبية بصورة منتظمة ودورية للتقصي عن الأمراض التي تصبح أكثر شيوعاً مع التقدم بالعمر، وإليك قائمة بالفحوصات الطبية التي يجب إجراؤها بعد سن الخمسين:
- فحص الأسنان وتقييم مخاطر هشاشة العظام سنوياً.
- تقييم مخاطر أمراض القلب وفحص ضغط الدم وفحص سرطان الأمعاء وذلك مرة واحدة كل سنتين.
- تصوير الثدي (إناث) بالأشعة السينية للكشف عن سرطان الثدي مرة كل سنتين.
- تقييم مخاطر داء السكري واختبار صحة العين مرة كل 3 سنوات.
- اختبارات الكوليسترول والدهون مرة كل 5 سنوات.
- اختبارات فحص عنق الرحم (إناث) مرة كل 5 سنوات.
- اختبارات سرطان الجلد والبروستات وتقييم مخاطر الاكتئاب وفحص السمع على فترات منتظمة.
تحدث مع طبيبك حول الاختبارات التي تحتاج القيام بها بناءً على تاريخك الطبي العائلي ووضعك الصحي الحالي.
اقرأ أيضاً: ما الفحوص والاختبارات الطبية التي يجب إجراؤها في سن الـ 30 والـ 40 والـ 50 وما بعد؟
الاهتمام بالصحة النفسية
لا تقل الصحة النفسية أهمية عن الصحة الجسدية، وعلى الأشخاص الذين بدؤوا هذه الحقبة من حياتهم النظر بإيجابية إلى المرحلة التي وصلوها، وعدم افتراض أنه بمجرد إتمام الخمسين عاماً، فإن الجسم سيفقد صحته أو طاقته أو حيويته؛ بل إن الكثير من الأشخاص يعيشون في هذه المرحلة حياة مُرضية نشطة وصحية أكثر مما كانوا قبلاً.
لذلك، حاوِل التركيز على النواحي الإيجابية من الحياة بدل السلبية، وحاوِل التعبير عن مشاعرك خصوصاً عند المرور بتغيرات حياتية صعبة، فقمع المشاعر لن يؤدي إلا إلى التوتر والغضب والاستياء والاكتئاب. لذلك، فكر في زيادة النشاط الاجتماعي والتحدُّث إلى صديق موثوق، أو تدوين اليوميات، أو البحث عن مجموعة دعم اجتماعي، أو تعلم استراتيجيات إدارة التوتر مثل التأمل أو اليوغا، أو بالطبع استشارة مختص في الصحة النفسية في حال واجهت مشكلة لا تستطيع التعامل معها.
علاوة على ذلك، ينبغي معرفة أن التقدم في السن لا يعني عدم القدرة على الاستمتاع بالحياة؛ بل قد يعني امتلاك الوقت والقدرة على التركيز على ما كنت تريد تنفيذه سابقاً؛ مثل الهوايات القديمة، والأنشطة التي تستمع بها، وقضاء المزيد بعض الوقت مع العائلة والأصدقاء.
يمكن القول إن النصائح الأخيرة التي يمكن أن تسهم في البقاء بصحة جيدة بعد سن الخمسين، التي لا تقل أهمية عما سبق، هي الإقلاع عن التدخين، والحدّ من المشروبات الكحولية، والحفاظ على الوزن في حدود طبيعية، والحرص على تنظيف الأسنان يومياً.