هل هناك شيء عليك تذكّره؟ لا تكتبه باستخدام لوحة مفاتيح، بل اكتبه بيدك. هذا ما تشير إليه دراسة جديدة نُشرت في مجلة آفاق في علم النفس (Frontiers in Psychology)؛ إذ توصل مؤلفاها إلى أن "تطبيق حركات الكتابة باليد على أنها استراتيجية للتعلم يحفّز عدداً أكبر من مناطق الدماغ، ما يؤدي إلى تشكيل شبكة اتصال عصبية أعقد". بتعبير آخر، تساعدك الكتابة باليد على تذكر المعلومات أكثر من الكتابة على لوحة المفاتيح.
طلب مؤلفا الدراسة، وهما الباحثان في علم النفس في الجامعة النرويجية للعلوم والتكنولوجيا، فريدريكوس رود فان دير ويل وأودري فان دير مير، من 36 طالباً أن يكتبوا مجموعة متنوعة من الكلمات التي اختيرت عشوائياً من لعبة الصور (Pictionary) إما باستخدام قلم رقمي وإما لوحة مفاتيح، كل ذلك في أثناء ارتداء مجموعة من أجهزة الاستشعار ذات الـ 256 قناة على رؤوسهم.
راقب كل من فان دير ويل وفان دير مير المشاركين لتحديد طريقة الكتابة التي ترتبط بتشكّل القدر الأكبر من الوصلات العصبية بين جانبي الدماغ، وهي ظاهرة ثبت ارتباطها بالتعلم والذاكرة. على الرغم من صغر حجم العينة، فإن النتائج "بينت أن الاتصال العصبي المرتبط بالكتابة اليدوية أكبر من نظيره الناجم عن الكتابة على لوحة المفاتيح، ما يشير إلى أن النشاطين يعتمدان على عمليات معرفية مختلفة".
يبدو ذلك منطقياً بالنسبة لي؛ إذ إنني أستطيع الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح دون النظر إليها، أو دون حتى التفكير في أنني أكتب. لكن الكتابة باستخدام قلم تتطلب الانتباه. التمييز بين النشاطين ذو مغزى، وهو تمييز له تأثير في جهود أي شخص يحاول التعلّم. ترّكز الدراسة الجديدة على أن هذا لا يعني أنه يجب التخلي عن استخدام لوحة المفاتيح تماماً؛ إذ إنها مجرد أداة مخصصة لأداء وظائف مختلفة. مع ذلك، هناك فرق واضح بين تأثير الكتابة بالقلم والكتابة باليد في القدرة على تذكّر الكلمات التي تُسجّل. بما أنك أصبحت تعلم أنك قادر على الاستفادة من هذا التأثير، سنقدّم لك نصيحة مهمة.
استخدام الكتابة اليدوية لتذكّر المعلومات
بدأت مؤخراً بتدوين الملاحظات بالكتابة عند قراءة الكتب أو الأوراق البحثية بقصد التعلم منها. أنا أستخدم جهاز حبر إلكتروني لوحي يحمل اسم "ريماركبل" (Remarkable)، ولكن لا ضير في استخدام ورقة أو دفتر ملاحظات أو دفتر رقمي أو حتى جهاز آيباد مع قلم. تذكّر، تضمّنت الدراسة الجديدة جهازاً لوحياً وقلماً، ما يعني أن حركة الكتابة باليد هي التي تساعد على تقوية الذاكرة، وليس غياب الشاشات. لذلك، إذا كان الهدف من تدوين الملاحظات هو تذكّر المعلومات فيها، دوّن هذه الملاحظات يدوياً. حالة الاستخدام الأكثر بديهية هنا هي تدوين الملاحظات في أثناء الدروس. ولكن يمكنك الحصول على فوائد الكتابة اليدوية حتى لو لم تكن طالباً.
تدوين الملاحظات باليد في أثناء الاجتماعات
هل تحضر الاجتماعات على نحو منتظم؟ خذ في الاعتبار عدم استخدام كمبيوترك المحمول وتدوين الملاحظات يدوياً. قد لا تتمكن من تدوين المعلومات بالسرعة نفسها بهذه الطريقة، ولكنك ستتذكر النقاط الرئيسية من الاجتماع بوضوح أكبر. وأيضاً، ستحصل على فائدة إضافية لأن الحفاظ على التواصل البصري أسهل بكثير عندما لا تكون مضطراً للنظر إلى جهاز الكمبيوتر باستمرار للكتابة. لاحظتُ أن هذه الطريقة فعالة حتى في الاجتماعات على الإنترنت؛ إذ إني أضع الجهاز اللوحي بيني وبين جهاز الكمبيوتر، ما يتيح لي تدوين الملاحظات في أثناء المحادثة. لا يساعدني ذلك على تذكر المعلومات فحسب، بل يجنبني التشويش على المحادثة لأني أصدر الضوضاء عندما أنقر على لوحة المفاتيح. وهذا مفيد للجميع.
استخدام برامج الإنتاجية الورقية
أنا أبتعد كثيراً عن موضوع البحث هنا، ولكن إذا كانت كتابة المعلومات باليد بدلاً من كتابتها باستخدام لوحة المفاتيح تساعدك على تحسين الذاكرة، فربما عليك استبدال برنامج الإنتاجية بالقلم والورقة أو بنظام رقمي يسمح لك بالكتابة باليد. أنصحك بهذا على وجه الخصوص إذا كنت تعد قوائم المهام وتطبيقات التقويم على نحو متكرر ثم تنسى استخدامها. قد تساعدك كتابة المعلومات يدوياً على التذكر بطريقة لا تحصل عليها باستخدام التطبيقات.
استخدام لوحة المفاتيح للأغراض التي تتطلب العجلة
أكدت الدراسة أن لوحة المفاتيح هي أداة مفيدة؛ إذ قال المؤلفان في فقرة الاستنتاجات إن الكتابة باليد تتطلب تحكماً حركياً دقيقاً في الأصابع وتجبر الطلاب على الانتباه إلى ما يفعلونه. من ناحية أخرى، تتطلب الكتابة باستخدام لوحة المفاتيح حركات ميكانيكية ومتكررة تستبدل الانتباه بالسرعة.
هناك حالات ملائمة لاستخدام لوحة المفاتيح للكتابة. فعلى سبيل المثال، أنا كتبت هذا المقال باستخدام لوحة مفاتيح. ليست العبرة من الدراسة أن الكتابة باليد أفضل بحد ذاتها، بل أن فعل الكتابة اليدوية نفسه يمكن أن يساعد على تذكّر المعلومات. تذكّر ذلك وحاول أن تكتب بيدك في الحالات التي لا تفعل ذلك فيها عادة. قد تتفاجأ بالنتائج.