ما هي المدن الإسفنجية التي توفّر وقاية من الفيضانات ومياه الشرب؟

3 دقيقة
كيف تسهم المدن الإسفنجية في الوقاية من الفيضانات؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Makhh
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

شهدت إمارة دبي يوم الثلاثاء 18 أبريل/ نيسان 2024 فيضاناً بعد هطول مطري شديد، وتعاني العديد من البلدان حول العالم من الفيضانات كل عام، ويُقدَّر عدد الأشخاص المعرضين لخطر الفيضانات عالمياً بنحو 1.8 مليار شخص. لهذا السبب طوّرت دول كالصين طريقة لتحمي مدنها من الفيضانات، وتُدعى المدن الإسفنجية، فما هذه المدن وكيف يمكن أن تسهم في الحماية من الفيضانات؟

اقرأ أيضاً: 15 طريقة تساعدك على تحصين منزلك من الفيضانات

ما هي المدن الإسفنجية؟

هي مدن تحتوي على عناصر قادرة على امتصاص كميات كبيرة من المياه المتساقطة من الأمطار مع السماح لها بالتسرب لاحقاً بشكلٍ بطيء إلى طبقات الأرض الأدنى منها بالترشيح، إلى أن تصل إلى المياه الجوفية، وذلك على عكس المدن الكتيمة التي تحتوي على الإسفلت الذي لا يسمح بارتشاح المياه وبالتالي يسبب حدوث الطوفان.

تسمح المدن الإسفنجية بعد ارتشاح المياه منها باستخراج المياه من الأرض من خلال الآبار الجوفية، حيث يمكن معالجة هذه المياه بسهولة واستخدامها لتزويد المدينة بالمياه.

اقتُرِح مفهوم “المدينة الإسفنجية” أول مرة عام 2000 من قِبل مهندس معماري صيني يُدعى يو كونغجيان، وتُعدّ الصين من الدول المتفوقة في تصميم المدن الإسفنجية وبنائها، حيث اختارت الحكومة الصينية 16 مدينة إسفنجية تجريبية عام 2016 في سبيل تنفيذ استراتيجيات مبتكرة لإدارة المياه والحماية من الآثار الكارثية المترتبة على المدن بعد التعرض للفيضانات.

اقرأ أيضاً: كيف تحدث الفيضانات المفاجئة وكيف يمكن درء مخاطرها؟

ما فوائد المدن الإسفنجية؟

يمكن للمدن الإسفنجية أن تفيد في معالجة عدة مشكلات تواجه المدن حول العالم ومن أبرزها ما يلي:

  • حماية البشر من الآثار الضارة للفيضانات

يمكن للفيضانات أن تسبب خسائر في الأرواح والممتلكات مثل السيارات والمحلات التجارية والأكشاك وغيرها، ويُعدّ التغيّر المناخي من أبرز أسباب ازدياد تواتر الفيضانات في العقود الأخيرة في مختلف أنحاء العالم، لذا تُعدّ المدن الإسفنجية خياراً حديثاً يقي من أضرار الفيضانات ويحافظ على حياة سكان المدن وممتلكاتهم في أوقات الكوارث

على الرغم من أن المدن الإسفنجية قد لا تقي بشكلٍ تام من الفيضان، لكنها تخفف بشكلٍ كبير من أضراره المدمرة، فبدل أن يصل ارتفاع المياه إلى متر سيبقى ارتفاع المياه 20 سنتيمتراً فقط على سبيل المثال.

  • توفير مياه الشرب في أوقات الجفاف

تعاني العديد من المدن قلة المياه، وتستخدم البلديات في كثير من الأحيان المياه الجوفية مصدراً أساسياً لمياه الشرب، وعند هطول الأمطار تمتصُّ الأرض المياه وتُصفِّيها بشكلٍ طبيعي عن طريق التربة والمرور بطبقات الأرض، بعدها يمكن استخراج المياه الجوفية عن طريق حفر الآبار الجوفية في الأرض وضخ المياه منها، بعدها تُجمع المياه وتُعالَج ثم تُوزَّع على المنازل والمرافق العامة. 

بعد تضخم المدن والتوسع العمراني، لم تعد كميات المياه الجوفية كافية لتغطي الاحتياجات المتزايدة للمياه، كما قلّل استخدام الأسفلت والأرصفة والأسطح الكتيمة في الساحات ومواقف السيارات غير النافذة للمياه من المياه الجوفية، إذ لا تسمح بامتصاص المياه إلى الأرض، وبالتالي تكون كمية مياه الشرب أقل.

  • منع تلوث الأنهار والمسطحات المائية

بعد هطول الأمطار الغزيرة، تتوجَّه مياه الأمطار إلى قنوات الصرف الصحي الملوثة التي تصب في البحيرات أو الأنهار والبحار بعد معالجتها، لكن في حالات الأمطار الكثيفة، لا تستطيع محطات معالجة مياه الصرف الصحي أن تستوعب الفائض، ما يؤدي في الكثير من الأحيان إلى تصريف هذه المياه دون معالجة في الأنهار، ما يزيد من التلوث البيئي للموارد المائية السطحية كالأنهار والبحيرات. 

  • دعم التنوع البيولوجي والحفاظ على الأحياء المائية والبرية

تؤذي الفيضانات الكائنات الحية المائية من خلال التلوث أو من خلال انتقال الأسماك والكائنات النهرية إلى مناطق برية تزول منها المياه بعد فترة، ما يؤدي إلى نفوق هذه الكائنات، وفي الوقت ذاته ستنفق الحيوانات البرية كالقطط والكلاب والقوارض التي تؤدي دوراً مهماً في التوازن البيئي والتنوع البيولوجي بعد الفيضان، بالإضافة إلى الأشجار والنباتات المزروعة التي ستتلَف بسبب الغرق، لذا تسهم المدن الإسفنجية في الحفاظ على هذه الأحياء وتقيها من الفيضان.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن تكون الكوارث الطبيعية مفتعلة؟ ومَن المسؤول عن ضررها الهائل؟

ما مكونات المدن الإسفنجية؟

تحتاج المدن الإسفنجية إلى العناصر التالية:

  • مساحات كبيرة في المدينة تحتوي على حدائق خضراء مفتوحة ومتجاورة.
  • ممرات مائية مترابطة وقنوات وبرك يمكنها احتجاز المياه وتصفيتها بشكلٍ طبيعي.
  • استخدام أنواع مختلفة من التصاميم المسامية التي تسمح بنفوذ المياه من خلالها بدلاً من الخرسانة الكتيمة المستخدمة في بناء الأرصفة.
  • بناء الخزانات الأرضية القابلة للرشح وتوزيعها في مناطق مختلفة من المدينة.
  • بناء الحدائق الإسفنجية، وهي مساحات مائية تحتوي على نباتات وتربة نفوذة تسمح بتخزين المياه على السطح لوقت قليل قبل أن ترشح إلى الطبقات الجوفية لتُستخدم كمياه للشرب.

اقرأ أيضاً: لماذا نشهد زيادة القدرة التدميرية لفيضانات المناطق الجبلية؟

بالإضافة للفوائد العديدة التي تحققها المدن الإسفنجية مثل درء خطر الفيضانات وتأمين كمية وافرة من مياه الشرب لسكان المدن، فهي توفّر مظاهر جمالية خضراء تزيد من الرفاهية في تصميم المدن وتجعل من شكلها أكثر قبولاً من الشكل التقليدي للمدن التي تحتوي على مبانٍ حجرية فقط.