التنوع البيولوجي العالمي قضية غير معروفة بالنسبة للكثيرين، لكنها قد تفوق في الأهمية على المدى الطويل عدة قضايا أخرى مثل التضخم الاقتصادي أو التغيّر المناخي وغيرها، نظراً لاعتماد بقاء الحياة عامةً والجنس البشري خاصةً على التنوع البيولوجي للأحياء الموجودة على كوكبنا الأزرق. إليك أهم ما يجب معرفته عن التنوع البيولوجي في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: استخدام الأسمدة بذكاء يقلل انبعاثات الكربون في الزراعة
10 معلومات مهمة عن التنوع البيولوجي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم
يمكن تلخيص أهم ما يتعلق بالتنوع البيولوجي كما يلي:
1. الدراسات العربية في مجال التنوع البيولوجي أصبحت حاجة ملحة
يقول الدكتور عماد شرقاوي، الأستاذ المشارك في علم البيئة بجامعة ابن طفيل في المغرب، إن مئات الآلاف من الطيور المهاجرة التي كانت تنزل على المغرب كل عام غيّرت وجهتها في العقود القليلة الماضية، وانتشار الجفاف في المغرب منذ أكثر من أربع سنوات جعل الطيور تختار شمال إسبانيا أو جنوب فرنسا لقضاء الشتاء.
وهناك حاجة ملحة لزيادة الأبحاث الخاصة بالتنوع البيولوجي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فالصلة بين التغيّر المناخي والتنوع البيولوجي موجودة، لكن لا نعلم بعد آلية الارتباط نتيجة الارتباطات المعقدة لشبكة تنوع الأحياء والأنشطة البشرية المؤثرة في التغيّر المناخي.
ووفقاً للدكتور صابر بن مظفر (Sabir Bin Muzaffar)، الباحث البيئي في قسم البيولوجيا في جامعة الإمارات العربية المتحدة، تعد المناطق المحمية الحالية في الإمارات غير كافية لحماية السمات البيئية الرئيسية مثل غابات المانغروف والبحيرات الساحلية، وذلك تبعاً لدراسته المنشورة في دورية مارين بوليوشن بولتين (Marine Pollution Bulletin) عام 2021.
2. المناطق الساخنة عربياً
توجد في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عدة مناطق ساخنة، وهي مناطق تتميز بمستويات عالية من التنوع البيولوجي لكنها تعاني بالوقت ذاته من تهديدات خطيرة لفقدان موائل الأحياء الموجودة بها، ومن أهم النقاط الساخنة المعترف بها عالمياً:
- المنطقة الأناضولية - الإيرانية (Irano-Anatolian region).
- منطقة غابات البحر الأبيض المتوسط
- منطقة القرن الإفريقي.
تشكّل هذه المناطق الساخنة أكثر من ثُلث مساحة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتشمل أجزاء من المغرب ولبنان وفلسطين والعراق والجزائر وتونس وليبيا وجنوب غرب شبه الجزيرة العربية والقرن الإفريقي.
ووفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لعام 2015، هناك نحو 2476 نوعاً مهدداً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما في ذلك الثدييات والأسماك والطيور والرخويات والبرمائيات والزواحف وأنواع أخرى.
اقرأ أيضاً: أفضل 6 دول في الحفاظ على البيئة
3. الأنواع المعرضة للتهديد
تضم منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مناطق جافة وصحراوية مع العديد من الأنواع المتوطنة المهددة بالانقراض مثل:
- الغزال العربي.
- المها العربي.
- الجرذ قصير الذيل.
- الجربوع.
- الهامستر الذهبي.
- الوعل النوبي.
- الأيل الفارسي.
- غزال القرن النحيف.
وتُهدد الثدييات الكبيرة والمتوسطة الحجم بالانقراض بشكلٍ غير مباشر عن طريق القضاء على القوارض التي تتغذى عليها الثدييات بشكلٍ رئيسي، إذ تتم مكافحة القوارض كآفات أو تُدمَّر المستنقعات والموائل التي تستوطن بها.
4. أسباب تهديد التنوع الحيوي
يُهدد التنوع الحيوي البحري نتيجة القيام بالممارسات التالية:
- استخراج المياه.
- استخدام مبيدات الآفات الزراعية التي تتسرب لمياه الأنهار والبحيرات.
- الصيد الجائر.
- بناء السدود.
- إدخال الأنواع المائية الغريبة.
بينما يتعرض التنوع الحيوي البري للتهديد بسبب الممارسات التالية:
- النظام الزراعي المكثّف.
- تملح المياه الجوفية بسبب استخدام الأسمدة.
- الحد من موارد المياه العذبة.
- موت الكائنات الحية في التربة نتيجة الحرائق أو استخدام المبيدات.
- استصلاح الأراضي غير المدروس.
- الرعي الجائر.
- الصيد الجائر.
- قطع الأشجار والتوسع العمراني.
- التلوث الناجم عن الأنشطة البشرية.
5. غنى المنطقة العربية بالتنوع البيولوجي
وفقاً للمستشارة رجاء كساب، النائبة السابقة المغربية والناشطة الحقوقية، فالمنطقة العربية تعد من أغنى دول العالم من حيث التنوع البيولوجي، نظراً لموقعها الجغرافي الذي يضم المناخات المختلفة مثل المناخ الصحراوي وشبه الصحراوي والسهول والأراضي الرطبة والواحات والسهوب والبحار وغيرها، وكون المنطقة موطناً لأقدم الحضارات البشرية أدّى إلى انتشار العديد من الأنواع النباتية والحيوانية من موائلها الأصلية إلى موائل جديدة، ما زاد من تنوعها بشكلٍ تدريجي.
6. التنوع البيولوجي لا يعبّر فقط عن عدد الأحياء الموجودة على الأرض
دون التنوع البيولوجي، لن توجد حياة أخرى على الأرض، فهذا التنوع في أشكال الحياة يوفّر المياه النظيفة والأوكسجين والغذاء والكساء والأدوية والاعتدال المناخي وغيرها الكثير من الجوانب الأساسية والحرجة لاستمرار الحياة على كوكب الأرض، إذ يؤدي التدهور السريع للتنوع البيولوجي إلى الانحدار في دوامة الخطر المهدد لبقاء البشرية على كوكب الأرض.
اقرأ أيضاً: تعرّف إلى أسباب الانحسار السريع للصفيحات الجليدية
7. حقق التنوع البيولوجي عدة نقلات نوعية في تاريخ البشرية
يحمل كل نوع حي على هذا الكوكب مجموعة مميزة من الحلول للمشكلات البيولوجية، فبكتيريا الينابيع الساخنة في محمية يلوستون تنتج إنزيم البوليميراز الذي استُخدم ولا يزال يُستخدم في تقنية تفاعل البوليميراز المتسلسل التي أسهمت في مجالات الطب الشرعي والتشخيص ومشروع الجينوم البشري وتصميم اختبارات تشخيص كوفيد-19 واللقاحات الخاصة به.
وتُشتق ربع الأدوية الحديثة عالمياً من المركبات الفعّالة للنباتات الاستوائية، ونسبة 70% من جميع أدوية السرطان مصدرها منتجات طبيعية أو مستوحاة من الطبيعة.
8. التنوع البيولوجي يمكن أن يساعدنا على التكيّف مع تغيّر المناخ
تعتبر الأمم المتحدة التنوع البيولوجي "أقوى دفاع طبيعي ضد تغيّر المناخ"، إذ تمتص النُظم البيئية للأراضي والمحيطات نحو 60% من الانبعاثات التي يسببها الإنسان، فالطبيعة يمكنها تخزين هذه الكميات الهائلة من غاز ثاني أوكسيد الكربون.
9. انخفاض التنوع البيولوجي سيزيد نسبة الإصابة بالأمراض
يزيد تدمير الموائل الطبيعية من التفاعل بين البشر والحياة البرية، حيث يعمل التنوع البيولوجي كحاجز بين البشر والأمراض التي تنقلها الحيوانات، فالأنواع التي تميل إلى البقاء على قيد الحياة بعد قطع الأشجار والزراعة الجائرة والتعدين والأنشطة البشرية الأخرى، غالباً ما تكون من ناقلات الأمراض مثل الفئران والبعوض، وهذه الأحياء "الهاربة من موائلها" بسبب الأنشطة البشرية قادرة على نقل الأمراض إلى البشر.
ومن أشهر الأمثلة عن هذه الحالة؛ ارتفاع حالات الإصابة بمرض لايم في شمال شرق الولايات المتحدة الأميركية، فبوجود عدد أقل من الثدييات الحيوانية يبحث القراد بشكلٍ متزايد عن البشر كبديل للإصابة.
10. التنوع البيولوجي مهدد بشكلٍ خطير حالياً
يوجد في الوقت الحالي نحو مليون نوع مهدد بالانقراض، وهذا العدد أكثر من أي وقت آخر في التاريخ، حيث تختفي الأحياء بمعدل يزيد بـ 1000 مرة على المعتاد. وتبعاً لتقرير نشرته الأمم المتحدة عام 2019، غيّر البشر 75% من البيئة الأرضية للكوكب و40% من بيئته البحرية و50% من الجداول والأنهار.
وتعد مواردنا من المياه العذبة بمعظمها مكرّسة لإنتاج المحاصيل أو الثروة الحيوانية، ما يزيد استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة والوقود والمضادات الحيوية التي تلوث الأنهار والجداول والبحار والتربة.